تدمير المكتبات جريمة ضد الذاكرة الإنسانية

جهود مكتبة معهد الدراسات الإسماعيلية في سياق التاريخ الحديث والوسيط

تسبب العقدان الماضيان بسلب و تخريب المكتبات, الممتدة من بغداد إلى مزار الشريف و من كابول إلى ساراييفو. و لكن مثل هذه الأعمال غير مقيدة بالفترة الحديثة. إن التاريخ مفعم بهذه الأعمال, و يستطيع الإنسان أن يرى أمثلة هائلة من الماضي, مثل إحراق المكتبة الشهيرة في الاسكندرية و تدمير المجموعات الطبية في فلورنسا أعقبه إثر احتلال المدينة على يد الملك الفرنسي تشارلز الثامن. يعتبر تدمير المكتبات في مصر ))]الفاطمية ]في القرن الحادي عشر وإحراق المكتبة في [t))]آلموت [/url]من قبل المغول عام 1256م مثالين ضمن السياق الخاص للتاريخ الإسماعيلي. لقد استغرق العمل بعض الثواني لتدمير سنوات من العمل للجمع والمقارنة والتصنيف والتبويب والحفظ. على المرء أن يفكر بمثل هذه اللحظات من الحزن و الخسارة دون أن يكتئب. وعليه أن يستمد الوحي من أولئك الذين يستمرون في الصراع ضد النـزاعات, يقضون ساعات طويلة في إنقاذ المواد التي تخربت بفعل الماء أو النار, يطوفون العالم بالأفلام المصغرة و النسخ التي ربما أعدت منذ عدة سنوات, مبوبين و مصنفين المواد مرة أخرى, بشكل جديد.

تدمير المكتبات جريمة ضد الذاكرة الإنسانية

إن تدمير المكتبات و المجموعات لا يعتبر فقط تدميراً للتراث الفكري للمجتمع, بل شيء أعظم, شيء عميق وخطر كامن هنا. عندما حصل المؤرخ الفارسي الجويني, في القرن الثالث عشر, على أذن من الحاكم المغولي في أن يسلم مكتبة آلموت إلى اللهب, كان هذا أكثر من مجرد عمل وحشي تخريبي للنصوص والمخطوطات الإسماعيلية, وبالفعل, كان هذا العمل جزءاً من الإستراتيجية الأوسع, لأن الجويني يكتب أنه يجب أن لا يبقى أي اسماعيلي على قيد الحياة,حتى أصغر الأطفال. يقول آر. ستيفن هومفريس, الباحث في التاريخ الإسماعيلي, إن تدمير المواد والمخطوطات ليس أقل من محاولة لمحو الذاكرة التاريخية؛ وبرأيه, إن هذا العمل "تدمير للذاكرة الثقافية" و "جريمة ضد الذاكرة الإنسانية والهوية الشخصية". هكذا. يطالب أولئك المخربون لأعمال الفن أو الشعر أو الموسيقى بتخريب كل روح في المجتمع. لم ينجح المغول في تدمير المجتمع الإسماعيلي, ولا في تدمير تراثه الفكري. لأن, بعد مرور سبعة قرون, بدأ المفكرون باكتشاف نصوص إسماعيلية أصلية. ربما كانت هذه النصوص كنتيجة "للاكتشافات الجديدة" وكانت قابليتها للبحث بحيث أُسست جمعية البحث الإسلامية (عام 1933) والجمعية الإسماعيلية (عام 1946) في بومباي على يد الإمام الإسماعيلي الثامن والأربعين, السير سلطان محمد شاه, الآغا خان الثالث, بهدف تعزيز الدراسة النقدية والمستقلة للإسماعيلية. ولذلك وبهذه الطريقة يجب أن ينظر إلى هذه المعاهد الحديثة على أنها سلسلة متصلة لمراكز التعليم في العصر الفاطمي وآلموت, و يدخل معهد الدراسات الإسماعيلية و مكتبته ضمن هذا السياق التاريخي الأوسع.

تاريخ مكتبة المعهد

أسست مكتبة معهد الدراسات الإسماعيلية عام 1979, بعد حوالي سنتين من تأسيس المعهد. في البداية, تضمنت المجموعة تقريباً 300 مجلد, وهي بشكل أساسي مراجع حول الدراسات الإسماعيلية و الإسلامية التي اعتبرت أساسية في الدراسات الأكاديمية. وفي الوقت المناسب, مع بداية برامج التعليم و البحث, توسعت هذه المجموعة لتشمل ترجمات و مطبوعات هامة للمصادر الأولية الأساسية, بالإضافة إلى الدراسات والمقالات مع ترتيب موسع للمواد, وفوق ذلك, بدأت الاشتراكات في المنشورات الدورية و المجلات حول الدراسات الإسلامية. منذ البداية, لم تطلب المكتبة بناء مجموعة شاملة للدراسات الإسلامية (أنجزت المكتبة البريطانية ومكتبة مدرسة الدراسات الإفريقية والشرقية مسبقاً هذا الدور في لندن), و لكنها هدفت إلى تطوير المصدر الأساسي لكل المواد المتعلقة بالدراسات الإسماعيلية. وكانت النتيجة الأكثر أهمية هي أن المخطوطات الإسماعيلية (بالعربية والفارسية والكجراتية و الخوجية) الموجودة في مجموعات المجتمع الإسماعيلي, بومباي, والجمعية الإسماعيلية, كراتشي, قد أرسلت إلى لندن. وفي هذا المجال, بينما وُثِقّت مساهمة فلاديمير إيفانوف بجمع هذه المخطوطات, لم يُعتَرف على عمل تشوتو لاخاني, سومبي, الهند. بالإضافة, بُدئ بمشروع تحديد الهوية وجمع المقالات التي تظهر حول مواضيع متعلقة بالإسماعيلية في المجلات و المنشورات الغربية, تم الحصول على هذه المواضيع من جامعات متنوعة, كما طُورت خطة تصنيف و تخصيص للمواد, و نُشرت قائمتان من المخطوطات العربية من مجموعة المعهد

.

معالم أكثر حداثة في التطور المستمر للمكتبة

إلى جانب العمل المستمرعلى تحديد الهوية, وجمع وفهرسة المواد المطبوعة, تم تحويل معظم النصوص الإسماعيلية إلى أفلام صغيرة موثقة, لكي تُحفظ المخطوطات الأصلية. لقد تم نشر قائمتين من المخطوطات العربية, إحداهما كُرست إلى المجموعة الخاصة الشهيرة لآخر الباحثين الإسماعيليين البهرة, الدكتور زاهد علي, و التي منحتها عائلته إلى المعهد عام 1997. و في ذات الوقت تقريباً, بدأت المكتبة بتحديد وجمع المواد السمعية-البصرية كجزء من مهمتها, و الآن يعتبر هذا العمل جانباً هاماً من تطوير المجموعة. وفي السنوات القليلة الماضية, مُنحت المكتبة عدداً من المجموعات المنتمية إلى التاريخ الحديث للمجتمع الإسماعيلي. عام 1998, مُنحت مجموعة كاملة مشهورة, نصية و مرئية, من الدكتور شيرالي اليديتا, من كراتشي, بينما منح السيد أميرالاي مامداني ,عام 2000, من أطلنطا, مجموعته الفريدة من الأفلام الأصلية, والشرائح والصور الفوتوغرافية. وعام 2002, تسلمت المكتبة المجموعة المتضمنة كلا المواد النصية و المرئية من السيد سلطانلي نازيرالي. وفي السنة الماضية, مُنحت إلى المكتبة, مجموعة من الكتب تعود إلى البروفسورة أنيماري سكيميل, تتعلق بجوانب من الثقافة المسلمة- الهندية,من البروفسور علي أساني كأحياء لذكراها.

مستقبل مكتبة المعهد على ضوء التقنيات الجديدة

منذ عدة سنوات مضت كانت بطاقة تبويب المواضيع في المكتبة آلية. ولكن بدون شك, أحدث وجود الإنترنت ثورة في سرعة وصولنا إلى المعلومات,كما توجد فوائد هامة يمكن أن تستمد من التقنيات الجديدة. و قد أُخِذ بعين الاعتبار عدد من المشاريع, التي تشمل البيانات الأساسية و الرقمية الموجودة مباشرة على الانترنت. ومع ذلك، لابد من بعض التحذيرات عندما نريد أن نستخدم التقنيات الحديثة. إن كتب كل من نيكولسون بيكر المجلد المزدوج و الكسيندر ستيل مستقبل الماضي تتناول الجانب الأسود للتغيير التقني, وإن مكتبة معهد الدراسات الإسماعيلية على علم بهذه الدراسة.

يبقى الكثير من العمل لُينجز

حتى الآن لابد أن تجمع و تكتشف مواد أساسية هامة. على سبيل المثال, يصعب الحصول على بعض الكتب المطبوعة عن البدايات الأولى للقرنين الثامن عشر والتاسع عشر و التي تنتمي إلى الإسماعيلية, وتوجد عدة ثغرات في المجلات التي نشرتها المؤسسات الإسماعيلية في النصف الأول من القرن العشرين. فإلى جانب الاهتمام بالماضي من أجل تصنيف و تبويب المواد النصية و غير النصية المنتمية إلى التاريخ الإسماعيلي, إلا أن من أكثر التحديات الهامة التي واجهت المعهد هي أرشفة و حفظ الحاضر. إننا نعاصر أجمل فترة في التاريخ الإسماعيلي ,و لكن لسوء الحظ, نرى ما يحدث اليوم, ومع مرور كل لحظة, أسرع من أن يحفظ. بالنسبة لتطوير مجموعة المكتبة,فإن الحاضر مهم بقدر الماضي. ولو أن الوثائق لم تحفظ و توثق على يد الطائفة اليهودية في القرنين العاشر والحادي عشر والتي تعود إلى حياتهم اليومية في مصر, لكانت المعلومات حول المجتمعات وكيف عاش السكان أثناء الفترات الفاطمية قد ضاعت. خدمت هذه الوثائق كأساس هام لدى غوتين في دراسة مجلده المتنوع العظيم و الملقب بالمجتمع المتوسط. وكذلك، إذا لم نحفظ ما يحدث في المجتمع الإسماعيلي العالمي, سواءٌ في إيشكاشيم أو ليشبونه أو سيتل أو شيترال أو نوتينجهام أو موانزا أو سيدني أو سيدفور أو ريد دير أو سلمية أو مشهد أو كيسومو أو إيسن أو كابول, أو مابتو, فإن أجيال المستقبل لن يكون لديها أية فكرة حول التاريخ الإسماعيلي في القرنين العشرين والحادي والعشرين, فإن أجزاء صغيرة من المعلومات سوف تستمد من مصادر غير معتمدة وتزود كأساس للتاريخ الإسماعيلي.

الموضوع كله منقول من معهد الدراسات الاسماعيلية
شكرا للاطلاع والتعليق

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد
أخي الروحي
مشاركة رائعة جدا
وشكرا على جهودك في المنتدى

كم هو فظيع هذا التدمي المرعب للمكتبات والمخطوطات الاسماعيلية
وجريمة ضد الانسانية جمعاء
مشاركة رائعة ومعلومات جيدة
مشكور اخي حيدرة

جريمة ضد الذاكرة الإنسانية
اقل مايمكن ان توصف به
مشكورين جميعا

[/center]

اي كلام يليق بهذه الجريمة البشعة ضد الذاكرة الانسانية
واي علم افتقدته الانسانية
مشكورين اخوتي

شكرا اخت سماح لاعادة الموضوع للواجهة للاهمية

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد

يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم
والله متم نوره ولو كره الكافرون
والشكر لحاضر امام

مؤسف جدا هذا التدمير
مشكور اخ حيدره

اعادة قراءة واعادة للواجهة

اقتباس :: دمير المكتبات جريمة ضد الذاكرة الإنسانية

صدقت

من ابشع الجرائم //تد مير المكتبات///

» تكافؤ الصداقة الإنسانية
» الأعمال الإنسانية في الإسلام
» مؤسسة FOCUS للمساعدة الإنسانية/شبكة آغاخان للتنمية
» جريمة التزوير
» أدلة على جريمة الحب