الإمام محمد الباقرعليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
يا الله يامحمد ياعلي
هذه نسخة منقحة لمقال نشر أصلاً في موسوعة الحضارة الإسلامية في القرون الوسطى، مجلد 1، صفحة 409-411، تح. جوريف و. ميري روتلج (نيويورك-لندن، 2006).
أرزينا ر لالاني وإليكم السيرة الذاتية لها ثم ندخل إلى صلب الموضوع
شكرا لتفهمكم

السيرة الذاتية

تلقت أرزينا ر لالاني شهادة الدكتوراه عام 1988 من قسم الدراسات العربية والشرق أوسطية في جامعة أدنبرة. وكانت قد حصلت على منحة كباحثة زائرة في المعهد (1999-2000)، وهي حالياً باحثة مساعدة في معهد الدراسات الإسماعيلية في لندن. وباعتبارها متخصصة في الأدب العربي القديم والوسيط، فهي تركز على الجوانب المتعددة الأبعاد للفكر الشيعي. وكان عملها الفكر الشيعي المبكر: تعاليم الإمام محمد الباقر(لندن،2000) قد حاز على جوائز أدبية قيّمة في كل من لندن و إيران. وبعد مراجعات دقيقة وترجمات إلى عدة لغات، أصبح العمل الآن متوفراً في طبعة من غلاف ورقي (لندن،2004). وإن كتابها القادم درجات الامتياز هو عمل بلغتين عن مخطوط بالعربية حول القيادة في الإسلام من زمن الفاطميين، كتاب إثبات الإمامة لأحمد النيسابوري.

وكمساهمة منتظمة في عدة مقالات موسوعية وكعضو في هيئة تحرير القرآن: موسوعة، تقوم الدكتورة لالاني حالياً بدراسة فصل حول المنظورات التفسيرية للقيادة في الإسلام ترتكز على نطاق واسع من التفاسير من مدارس فكرية متنوعة في الإسلام.

تمتلك د.لالاني خبرة تعليمية واسعة ومتنوعة. لقد درَست مسبقاً أدب الحديث في كلية الدراسات الشرقية، جامعة كامبردج، وخدمت كمستشارة في اللغة العربية في جامعة ديمونتفورت وتحاضر عن الدراسات الشيعية في معهد الدراسات الإسماعيلية. لقد ترشحت ضمن دوائر انتخابية مختلفة في الجماعة وقد ترأست ونظمت كوادر في مؤتمرات وطنية ودولية من بينها BRISMES, MESA, و WOCMES وكرئيسة لندوة الدراسات الشيعية (نيسان،2004) فهي مستمرة في إنشاء الشبكات وتشجيع الفرص للباحثين في هذا المجال ليشاركوها فوائد البحث وتطوراته.

وسندخل في صلب الموضوع فورا
تحياتي

الإمام محمد الباقر عليه السلام

كان أبو جعفر محمد بن علي أحد أكثر المسلمين علماً في عصره. لقد قام بدور محوري في تاريخ الإسلام المبكر بصفته مصدراً لتفسير القرآن، وسنة النبي (الحديث)، وفي كل الأمور التي تتعلق بالمناسك والطقوس وممارسات الدين. ينحدر الإمام الباقر الذي ولد في المدينة سنة 57 هجرية/677 ميلادية، من نسب رفيع المستوى حيث أن جديه هما الحسن والحسين أحفاد النبي. لقد اشتهر في الأوساط العامة بالباقر، وهو اختصار لباقر العلم، ويعني "الشخص الذي يتبحرُ في العلم لعامة الناس"؛ وهذا يبين خبرته الواسعة في إخراج المعرفة إلى النور، وهي مهمة أداها بالفعل. ثمة تباينات عديدة في الروايات التي تخص وفاته، وتحصرها من 114 هـ/ 732 م وحتى 126 هـ/ 744 م. وعلى كلٍ فالتواريخ التي جاء بها الواقدي (117هـ/735 م) و ابن الخياط (118هـ/736 م) تبدو أكثر واقعية، آخذين بعين الاعتبار الروايات الواردة عند الطبري عن وفاته أثناء ثورة أخيه غير الشقيق زيد بن علي.

تصف المصادر السنية والشيعية الإمام الباقر أنه عالم بارز. فقد اشتهر بين الفقهاء الأوائل. وتظهر أحاديثه في كتب الحديث الرئيسية، وهو مصدر لكتابات الطبري التاريخية والتفسيرية. وإنَّ أقوال الإمام الباقر تقتبسها الحلقات الصوفية أيضا. يُنظر إلى الإمام الباقر في التقاليد الشيعية (الإثني عشرية والإسماعيلية) على أنه مؤسس العلوم الدينية والفقهية التي تطورت فيما بعد تحت عناية ابنه وخليفته الإمام جعفر الصادق. كما اعتمدت التعاليم الزيدية أيضا بقوةٍ على الإمام الباقر من خلال تلميذه أبي الجارود.

عاش الإمام الباقر خلال مرحلة تاريخية عندما كانت العقائد الدينية في مركز الحياة الفكري والسياسي للمجتمع. كانت نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني في الإسلام فترات حاسمة لتأسيس الدراسات المرتبطة بالقرآن؛ وتتضمن تفسير القرآن الذي يعتمدُ بدوره على مجموع أفعال وأقوال النبي محمد. واصلت المدينة حيث استقر الإمام الباقر دورها في أن تكون مركز التعليم الديني بعد عهد النبي، وحدث في هذه الفترة التاريخية الفاصلة أن أدى الإمام الباقر دوراً رائعاً وهاماً.

قبل ولادة الإمام الباقر ببضعة عقود من الزمن فقط حلت بجده الإمام الحسين بن علي، وحاشيته مأساة كربلاء. ومع ذلك فقد قام الإمام الباقر بحلول نهاية حياته بإعطاء شيعته لا هوية متميزة مع نظرية محكمة عن الإمامة فحسب، وإنما أسس أيضاً مدرسة فقهية منفصلة، مذهب أهل البيت، والذي حدّدَ بشكل جلي آراء حول وجوه عديدة من الفقه. كان هذا في زمن ظهور النقاشات والاختلافات الأولى في المجتمع حول من له الحق في الحكم. حدثت نقاشات في الأصول الدينية حول جوانب القيادة والإمامة، مثل المفاهيم التي تتعلق بالإيمان والإسلام و العلم والعمل و القضاء و القدر؛ والكثير من هذه المناقشات كان لها صبغة سياسية خفية. وسعت الحركات والجماعات الدينية والفلسفية والخوارج والمرجئة والقدرية والكيسانية والزيدية لإيجاد أجوبة خاصة بهم للأسئلة الصعبة. ولم تبتعد الشيعة الإمامية التابعة للإمام الباقر من هذه القضايا بل طرحت أجوبتها الخاصة.

فمن بين عدة مجموعات متنافسة قدم الإمام الباقر عقيدة متماسكة بالإمامة استنادا إلى القرآن الكريم والحديث النبوي. ركز الإمام الباقر على الإمامة الوراثية في كل عصر، لأن الكثيرين اعتبروا أن الإمامة مسألة سياسية حصراً تعتمد على إجماع الناس أو علي الإمامة المأخوذة بالقوة. إحدى الحجج القوية التي أتت في صالح مدرسة الإمام الباقر إيمانها بأن النبي قد عين بشكل صريح الإمام علي بصفته خليفة له بالنص الجلي؛ وهذا يعني أن سلطة الإمام لا تعتمد لا على الانتخاب البشري ولا على (بيعة) الناس. وهكذا صارت فإن صفة الوراثة بالنص نقطة جوهرية في عقيدة الإمام الباقر؛ ووضعت حدا للكثيرين من الذين ادّعَوا أن الحصول على النص هو عبارة عن تصريح بالقيادة

بالإضافة إلى ذلك، ومن وجهة نظر الإمام الباقر، يُمنح الإمام العلم بالوراثة وذلك نتيجة للنص الذي منح له. لذلك اقتصرت المعرفة الحقيقية على الإمام من عائلة النبي وليس لجميع أفراد العائلة، وبالتأكيد ليست لجميع أفراد المجتمع. وهكذا فإن التقليد الكامل للجماعة لم يعد مقبولاً كمصدر للتشريع؛ إنما فقط تقاليد الأئمة وما يقره الإمام من تقاليد النبي. إن منهج مدرسة الإمام الباقر تجاه مفهوم الغالبية من أصحاب النبي قد غير القاعدة القانونية الشيعية، وبهذا وضعت الأسس الأولى لمدرسة فقهية متميزة: مذهب أهل البيت. انبثقت أسس التشريع وأصول الدين الشيعية وطورت نفسها ضمن دائرة أتباع الإمام الباقر. بالإضافة إلى نقل هذا النوع الرسمي من المعرفة، قام الإمام الباقر بدور المرشد الروحي لأتباعه بتعليمهم المعرفة التجريبية. وهذا واضح من خلال مفهوم النور في نظريته عن الإمامة، المتجسدة في الجانب الباطني لمعرفة الإمام والذي يحرك جوهر الحكمة.

وللتوسع

قراءات إضافية

الأمين، محسن بن عبد الكريم. أعيان الشيعة. دمشق، 1935-1961.

الكليني، محمد بن يعقوب. الأصول من الكافي. طهران، 1388/1968.

أبو نعيم، أحمد الأصفهاني. حلية الولاية مجلد 3. القاهرة، 1932-1938.

أمير-موزي، ماجستير. المرشد القدسي في الفكر الشيعي المبكر, ترجمة. دافيد سترايت. ألباني، ن ي، 1994.

فان أرندونك ، سي، نواب الإمامة الزيدية في اليمن. ليدن، 1960.

اليعقوبي، أحمد بن ابن واضح. تاريخ، المجلد 2. بيروت، ن.د.

هودغسن، م.جي. س. "كيف تحولت الشيعة المبكرة إلى طائفة؟" جاوس 75 (1955): 1-13.

ابن هجر العسقلاني، أحمد بن تهذيب التهذيب، مجلد 9. حيدر أباد، 1325-1327/1907-1909.

ابن سعد، محمد، الطبقات، تحقيق. إي. ساتشو و أل. ليدن، 1905-1940.

جفري، س.، حسين م. أصول وبدايات تطور الشيعة في الإسلام، بيروت، 1979.

كوهلرغ، إيتان. العقيدة والفقه لدى الشيعة الإمامية. بريطانية العظمى، 1991.

المصدر نفسه "محمد بن علي" في دائرة المعارف الإسلامية 2، مجلد 7، 397-400.

لالاني، أرزينا ر. الفكر الشيعي المبكر: تعاليم الإمام محمد الباقر. لندن، 2000.

مادلنغ، ويلفرد. الإمام القاسم بن إبراهيم والعقيدة الزيدية. برلين، 1965

الباقر، أبي جعفر محمد. EIR المجلد الثالث، ص 725-6.

المرادي. أمالي أحمد بن عيسى. الفهرسة العربية، أمبروسيانا، ميلان، هـ. 135.

القاضي النعمان، أبو حنيفة. دعائم الإسلام، المجلد الثاني، تح. أ. أ. أ. فيضي. القاهرة، 1950و 1960. (انظر أيضاً ترجمة

إسماعيل ك بوناوالا، دعائم الإسلام، أكسفورد، المملكة المتحدة، 2002)

المصدر نفسه شهر الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار، المجلد الثالث. تح. محمد الحسيني الجلالي. قُم/ 1409-1412/ 1988-1992.

القمي، علي بن إبراهيم. التفسير. المجلد الثاني. النجف، 1386/1966.

الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير. تاريخ الرسل والملوك. تاريخ، تح. م. ج. حويه. ليدن، 1879/ 1901.

المصدر نفسه جامع البيان في تأويل القرآن (القاهرة، 1945).

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
يا الله يامحمد ياعلي
الإخ الروحي الصقر المحترم
نشكر متابعتكم المستمرة
ونشكر سويا المصدر
معهد الدراسات الإسماعيلية
تحياتي الخالصة

هذا الكتاب من روائع اصدرات المعهد من يقراه يعشقه لمادته العلمية