قراءة عن "حميد الدين الكرماني –الفكر الإسماعيلي في عصر الحاكم

الأفكار و العقائد
ربما يسأل المرء هنا ما هي فائدة أفكار الكرماني للقارئ المعاصر؟ العديد من القضايا التي عالجها الكرماني
دائمة الأهمية وتلقى اهتمام أي شخص مهتم بالفلسفة الإسلامية أو علم اللاهوت و بشكل خاص فيما يتعلق بأسئلة
الإيمان والسلطة الدينية وعلوم ماوراء الطبيعة.
أول هذه القضايا هو مبدأ "العبادتين". يقول الكرماني أن الإيمان الحقيقي وفقاً للعقيدة الإسماعيلية هو مزيج من
العلم والعمل. يجب أن يكون هناك توازن بين الظاهر والباطن فيما يتعلق بالطقوس الظاهرية للشريعة أو القانون
الإسلامي والعلم أو المعرفة الباطنية لله. لا يمكن أن يتجسد الإيمان بالعمل أو الطقوس لوحدها بل يجب أن
يتضمن السمة الفكرية أيضاً. ممارسة الطقوس والتزام الشريعة يجب أن تُكَمّل من خلال فهم تلك القوانين
. والطقوس 23
الموضوع الثاني الذي يكتب حوله الكرماني مطولاً والذي يناسب القارئ الإسماعيلي المعاصر هو دور الإمام
الحاضر. يقول الكرماني أن المؤمنين مجبرون أن يعرفوا ويفهموا الله. معرفة الله يجب أن تشكل جزءاً من
الإيمان الديني الحقيقي.
يستوجب هذا الطرح السؤال التالي: هل جميع المؤمنين قادرين فكرياً على فهم الله و إدراك مصادر مثل القرآن
والنصوص الفلسفية واللاهوتية المتنوعة؟ ألا يجعل هذا من الإيمان - والذي هو حاجة لكل فرد- محصوراً
بالمفكرين فقط؟ إذا كان هذا صحيحاً ربما وجدنا أن على الكرماني أن يعيد تعريف الإيمان على أسس موضوعية
. محضة تضع جميع المؤمنين في منزلة ليعرفوا الله فالدين ليس امتيازًا للمتعلمين وحدهم 24
بدلاً عن ذلك فإن هذا يشكل أساس فكرة الكرماني عن أن الإمام الحي ضروري آمفسر وصائن للرسالة المقدسة
التي أوحي بها إلى النبي محمد. عمل الداعي مباشرة بتوجيه من الإمام في توضيح هذه الرسالة والمبادئ التي
تحتويها إلى المؤمنين بصيغة فكرية خالصة لكنها سهلة الفهم. وإلا إذا كيف تنتقل المعرفة من الله العليم للمؤمنين
به والذين لا يستطيعون معرفته وفهمه مباشرة والذين يُحتم عليهم واجبهم الديني أن يفهموا هذه المبادئ الأساسية
في العقيدة؟
يشرح ووكر فلسفة الكرماني آخذاً بعين الإعتبار الحاجة لإمام حي:
"في غياب أي من الرسول الأخير أو المسيح المنتظر يُطالِب العقل بوصول الروح الإنسانية للمعرفة التي تحتاجها للإنعتاق
والوصول للكمال النهائي. إذا لم تستطع الروح سلوك طريقها الخاص للوصول لله لأن تلك المعرفة غير متوفرة لها لكونها
بشر فإن من فضائل الله تعيين مُرشِد للروح. إن من نعم الله الحكيم أن يعين شخصاً في هذا العالم يستطيع الوصول له،
. يلهمه بالفيض ويجعله معلماً وهادياً للروح والتي سوف تصل الكمال" 25
من المهم عندما ننظر للكرماني الذي أضحى عالماً بجهده وعمله أن نضع بالحسبان أن عمله ارتبط بشكل وثيق
بالإمامة وبالإمام الحاكم بأمر الله. كان الكرماني يكتب بتكليف من الإمام غالباً لجمهور محدد أو ليعالج قضية
معينة. يشير ووآر بأن الكرماني لم يكن ببساطة "عالماً مستقلاً مُطلقاً العنان لميوله الشخصية للمعرفة لكنه
بالأحرى آان خادماً ملتزماً تجاه قضية هامة... لقد خدم غرضاً معيناً من أجل نفسه من جهة ومن جهة أخرى من
أجل الدعوة التي دعمها" 26 . آان يكتب لمنفعة الدعاة الآخرين ليعالج في بعض الأحيان قضايا عن تفسير العقيدة
والتي ظهرت بشكل خاص في الفترة الأخيرة من إمامة الإمام الحاكم. كان غرضه من هذه الكتابات أن يوضح
التفسير الصحيح للدين وهذا هو الشيء الذي كان قد أرّق الكرماني عميقاً. آان يكتب ليُذَآِّرَ المؤمن بالحاجة إلى
التوازن والإعتدال بين وجهي الدين الظاهري والباطني إذ كان من الواضح أن زيادة التأآيد على وجه دون الآخر
بات يشكل تهديداً. فقد كانت بعض آتاباته موجهة بشكل خاص لهؤلاء الذين استخدموا هذه النقطة وبدؤوا يصفون
الإسماعيليين "بالمتطرفين" متهمين إياهم برفض الشريعة وممارسة دين باطني مجرد.
فوق آل ذلك فقد كانت مهمة الكرماني، آفرد في الدعوة، أن يعلم الآخرين إذ كان يتصرف مباشرة تحت
توجيهات إمام الزمان. عمل مع معاصريه من الدعاة على تثقيف الجماعات حول قضايا عقلانية هامة. "بفضل
جهود [الكرماني] سادت درجة معقولة من الوحدة و استعيد تماسك الدعوة." 27 . يقول الداعي الطيبي إدريس عنه:
"أتى هو [الكرماني] كمطر غزير لمرعى الماشية بعد أن كان قاحلاً. بفضل شرحه تلاشى الظلام الدامس وبفضل علمه
. الواضح ونور الهداية أضحت رفعة الإمام جليةً"

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد
أخي الروحيّ الغالي رئيس
مساهمة مميّزة...
جهدٌ طيّب....
بارككم المولى

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
يا الله يا محمدوعلى آل محمد
موضوع قيم ومهم وذي أهمية
شكرا على أمل المزيد
تحياتي