رحيل الفنان السوري أسعد الجابر عن 62 عاما بعد صراع مرير مع المرض

14 نيسان , 2011

الرقة-سانا

نعت الأوساط الفنية والثقافية في سورية الفنان أسعد الجابر الذي توفى صباح اليوم في مسقط رأسه في مدينته الرقة بعد صراع مرير مع المرض.

وشيع أهالي محافظة الرقة جثمان الجابر الذي أصيب باحتشاء دماغي منذ أربع سنوات أقعده الفراش إلى مثواه الأخير في مقبرة تل البيعة.

والفنان أسعد الجابر من مواليد الرقة عام 1949 وبدأ مشواره الفني مبكرا بالغناء والعمل في المسرح إعدادا وتمثيلا وأثناء انتقاله إلى دمشق توجه للتمثيل فقد كان التمثيل حلم حياته كما يقول وله عشرات الأعمال الدرامية والسهرات التلفزيونية إضافة لعديد من الأعمال الاذاعية.

ولد الجابر في بيئة بسيطة حيث كان العمل في مجال الفن شبه مجهول بالنسبة إليها لكنه كان موهوبا بالفطرة حيث غنى الأغاني التراثية الفراتية التي لاقت استحسان من يسمعه.

وفي بداياته أيضا كان للفنان الراحل تجارب في المسرح حيث اشتغل مسرحيات عدة في الرقة إخراجا وإعدادا وتمثيلا وكانت من نوع المسرح الشعبي الذي يطرح قضايا وهموم الناس البسطاء.

ثم ما لبث الفنان الجابر أن انتقل إلى دمشق بعد تشجيع الفنان دريد لحام له حين كان يعرض إحدى مسرحياته في الرقة فغنى أغنية تريد تروح وتنسانا التي لاقت نجاحا متميزا ما دفعه لتسجيل مجموعة من الأغنيات المتلاحقة مثل تذكريني إضافة إلى أغنية جنة جنة سورية يا وطنا التي كونت حضورا لافتا وتغييرا في مسيرة حياته الفنية.

وبعد أن تطورت علاقة الفنان الجابر بالوسط الفني تعرف على كبار الممثلين واستطاع توثيق أواصر الصداقة معهم فاتجه للتمثيل الذي طالما اعتبره هوايته الأولى والمفضلة فكان أول أدواره على شاشة التلفزيون مع المخرج سالم الكردي بعدة مسلسلات ومنها خلف الجدران للكاتب هاني السعدي.

وتتالت الأعمال الدرامية التي احتضنت الفنان الجابر ولاسيما التي تدور في البادية أو الصحراء ولاسيما أنه نجح في أداء اللهجة وأتقنها وعرف دقائقها ومصطلحاتها لكونه عايشها على أرض الواقع إضافة إلى موهبته الفطرية على مستوى التمثيل والغناء.

وإضافة إلى عدد كبير من الأعمال الدرامية التي حقق فيها الفنان الراحل حضورا مميزا فقد شارك في عدد من الأفلام السينمائية والسهرات التلفزيونية.

ولم تبتعد الشخصية النبيلة التي كونها الفنان الجابر في أعماله الفنية عن شخصيته الحقيقية فقد كان صاحب قلب قريب من نفوس جمهوره ومحبيه يؤيده في ذلك مزاجه الرائق والمرح وحسه الإنساني العفوي والصادق

بسم الله الرحمن الرحيم
يا عالي مدد
أخي الروحي الغالي أ.ليث
ندعوالله سبحانه وتعالى أن يشمل المرحوم أسعد الجابر بالرحمة وخير العاقبة
ولكّل من أضاف لبنة في بناء الوطن كي يزداد عزّة ومنعة
ولكم بالسعادة والبقاء
بارككم المولى

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد
أخي الروحي الغالي أ. ليث
أخوتي الروحيّين الغوالي
تقبّلوا منّا هذه الإضافة نقلاً وفي الموضوع نفسه

فقد الوسط الفني السوري منذ أيام الفنان أسعد الجابر بعد رحلة في الغناء والدراما زادت على ربع قرن، وقد عرفت الفنان الراحل عن كثب من خلال عدة لقاءات، وكانت تبدو عليه سمات الجدية، وكنت استشف حزنا خبيئا، يحاول أن يخفيه لكن لايحتاج من يقف أمامه إلى جهد ليكتشفه.
ومع ذلك كان صاحب نكتة، لا يدعه زملاؤه يغادر مبنى التلفزيون دون أن يلقي إحداها وأغلبها كانت حوادث واقعية طريفة مع زملائه الفنانين.‏
وكانت مشكلته في ابتعاده عن الأضواء الإعلامية، وعدم السعي إليها من جانبه، وقد أقنعته ذات مرة بحوار صحفي فوافق بعد تردد دام عدة أشهر و نشر الحوار على صفحات جريدة الثورة في 13 شباط 2002.‏
والشيء بالشيء يذكر كانت صحيفة الثورة أول وسيلة إعلامية تذكر اسم الفنان أسعد، وذلك من خلال خبر عن تسجيل أول أغنية له، وكان اسمه آنذاك أسعد شوكت، قبل أن يغير نسبته إلى الجابر بناء على اقتراح من فؤاد بلاط.‏
وقد مثل الفنان أسعد الجابر الأغنية الفراتية، وجال بها في عدد من الأقطار العربية وأماكن تواجد المغتربين العرب، كما شارك في المهرجانات المحلية والعربية، ولم يرغب الفنان أسعد الجابر في استهلاك نفسه في الملاهي الليلة، مما أوقعه في بعض الضيق المادي، لكن ذكر لي أنه ليس نادما على ابتعاده عن الأندية الليلة، وعوض عن ذلك اشتراكه بعدد من الأعمال الدرامية.‏
ولم يكن أسعد الجابر دخيلا على الدراما فقد كانت الدراما ملعبه الفني الأول، وبدأت رحلته مع الفن عندما كان هاويا للتمثيل على مسرح الرقة، في وقت كانت فيه المحافظة شبه مقطوعة عن الثقافة والفن، وقد مثل وأخرج عدة مسرحيات محلية وعربية عالمية بالتعاون مع بعض الشباب الهواة كان مفهوم الفن عندهم يقوم على الحماس والجهود الفردية.‏
وأسس مع بعض الشباب فرقة مسرحية متنقلة تعرض أعمالها في القرى والأرياف، ويبدو أن الفكرة أعجبت مؤسسة حوض الفرات و اقتنعت بها فتبنتها، وأصبحت مدير المسرح الجوال فيها.‏
وإضافة إلى عمله في المسرح كان يغني في المناسبات
لكنه لم يعط للغناء أهمية لأن كل همه كان منصبا على المسرح.‏
وبعد رحلة طويلة في الرقة أتى إلى دمشق للعمل، وعن فرصة العمل في دمشق قال الفنان أسعد الجابر:كنت أزور دمشق بين فترة و أخرى بحثا ً عن فرصة فلا أجدها، وذات مرة جاء الفنان دريد لحام إلى الرقة ليعرض مسرحية (كاسك يا وطن) وجلست معه في لقاء خاص وكان معنا في الجلسة الفنان إلياس كرم قبل أن يكون وكنا قد عملنا أغنية كتبها طلال جنيد بعنوان (تروح وتنسانا) وأسمعتها للفنان دريد لحام، فأعجب بها وقال: أنا مستعد أن أنتج لك كاسيتاً على حسابي في أستوديو شمرا.‏
وأخذت كلامه بجدية وجئت إلى دمشق ودخلنا الأستوديو لتسجيل الأغنية وكان محمد الماغوط موجودا ً فسمع الأغنية وشجعني على أدائها، وبعد تسجيل الأغنية قال لي دريد لحام: أنا عملت ما هو مطلوب مني، وسجلت لك الأغنية والآن عليك أن تشق طريقك بنفسك.‏
وهنا كانت الرحلة الأصعب في مسيرة الفنان، وعانى كثيرا قبل أن يلتقي في نقابة الفنانين فؤاد بلاط مدير عام الهيئة العامة للإذاعة و التلفزيون ويقدم نفسه كمطرب فأخذه إلى مكتبه في التلفزيون تعال معي و أخذني معه إلى مكتبه واستمع إلى الأغنية ثم قال تعال غداً.‏
ويقول الفنان أسعد: في اليوم التالي جئت إلى مكتبه وكان فيه عدد من الفنانين و أذكر منهم رياض نعسان أغا وجميل ولاية ووليد توفيق، واسمعهم الشريط وعندما سمعوه أجمعوا على انه لون جميل ومميز، وتم وضع الأغنية في برنامج (ما يطلبه الجمهور) ومنذ ذلك الحين بدأت الاحتراف.‏
وتابع الفنان الراحل حديثه قائلا: يبدو أن الناس أحبت هذا اللون الذي كنت أؤديه و لاسيما أن قلة آنذاك كانوا يجيدونه، وكنت أغني هذا اللون قبل انتشار الأغنية الخليجية والعراقية وقبل ظهور كاظم الساهر، وقد دعيت من الجاليات العربية الموجودة في أوروبا فسافرت في جولة فنية طويلة زرت خلالها معظم الدول الأوروبية الشرقية والغربية مثل ايطاليا واليونان ورومانيا وبلغاريا لكن التواجد الواسع كان في فرنسا وبريطانيا، كما زرت عددا من الدول العربية.‏
وعندما سألت الفنان الراحل عن سبب عدم تبدل أحواله كثيرا ً بعد الاحتراف قال: كنت ولا أزال فنانا ً ملتزما ً بصوته وآدابه, وأعتبر نفسي حامل رسالة. لأنني جئت محملا بهموم الأرض و البسطاء , ولذلك بقيت كما أنا لم أتغير ولم تغير بي المدينة شيئا، لا أزال الإنسان الريفي المتمسك بجذوره وأرضه وأقول: إن الفن أصالة والأصالة انتماء.‏
وقد اقترح على بعضهم تغير اللون الذي أغنيه فقلت لهم (أنا طير ضمن سرب، إذا خرجت منه أتوه
وإذا خلعت ثوبي أبرد).‏
كانت مشكلة الفنان أسعد الجابر أنه مقل في أعماله الغنائية، لأنه كما قال يحسب ألف حساب قبل أن يقدم جديدا، ويستشير المثقفين، فالمسألة عنده مسألة إحساس وليس الكم، لكنه يعتبر نفسه مقصرا وظالما لنفسه.‏
وقد اتجه إلى الدراما، وكان دخوله عليها نابعا من حالة تسكن في داخله كما قال، ومن الأعمال التي شارك في التمثل بها قانون الغاب، المحكوم، خلف الجدران، خان الحرير، الثريا، الرحيل على الوجه الآخر، الظل والنور.‏
وعندما داهمه المرض عاد إلى الأرض التي ولد عليها وشهدت صباه وفتوته
وظل صابرا على آلامه حتى وافاه الأجل المحتوم.‏

» رحيل الشاعر السوري الكبير علي الجندي
» وفاة الفنان ناجي جبر "أبو عنتر" عن 64 عاما بعد معاناة مع السرطان
» مقتل الفنان المسرحي السوري لاوند هاجو في منزله وحرق جثته
» (رحيل الشاعر و الباحث الآثري و التاريخي السوري الشاب:حسين نصر جبر)
» ما وراء صراع الحضارات