الأطفال ...والمهارات اللغوية عندهم .. تشكيلها وتقويتها

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد

اللغة هي الوسيلة الأساسية للتواصل الإنساني.. فمن خلالها يستطيع الإنسان أن يعبر عن رغباته وحاجاته وأفكاره وإن ينقلها للآخرين، وهي في الوقت نفسه وسيلة أساسية للإنسان ليفهم المؤثرات التي تحيط به، فاللغة ليست قدرة فحسب
بل هي مهارة معقدة تشترك فيها جوانب فيزيولوجية عضوية مع الجوانب الاجتماعية التي تحيط بالفرد لتكوّن هذا الكل المعقد أو المركب.. ومن أجل تسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع المهم تحدّث الدكتور فايز الحاج أستاذ الصحة النفسية بجامعة دمشق وعضو مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل.‏

عدة مهارات..‏

استهل الدكتور الحاج حديثه بالقول: إن الإنسان لاتوجد عنده مهارة لغوية واحدة وإنما هناك عدة مهارات لغوية كمهارات النطق والكلام والتعبير والتخاطب والقراءة والكتابة مضيفا أن المهارة اللغوية أمر يهم الآباء والأمهات والمعلمين وكل من له صفة تربوية من اجل تنمية هذه المهارة وتقويتها.‏
أما العوامل التي تتحكم أو تتدخل في تكوين هذه المهارات اللغوية أوضح الحاج أنها تتمحور في تكوينها على جانبين أساسيين الجانب الأول وهو الجانب الشخصي الذي يتمثل في اشتراك مجموعة من الأجهزة العضوية التي تساهم في تشكيل اللغة وهذه الأجهزة هي الجهاز العقلي والجهاز التنفسي والجهاز العضلي، أما الجانب الثاني وهو الجانب الاجتماعي، فالوظيفة الأساسية للغة هي تواصل الفرد مع المجتمع الذي يحيط به ويعيش فيه فالوسط أو المحيط الاجتماعي هو الذي يعطي اللغة الصورة التي تظهر عليها ويصبغها بألوان متعددة تتباين باختلاف اللغات بحسب المجتمع الذي ينتمي إليه الفرد ويمده بمفردات منطوقة من هذا المجتمع أو ذاك، مشيرا إلى أن القدرة اللغوية والمهارات اللغوية هي استعداد فطري موروث ثم يأتي دور المجتمع والبيئة في إكساب اللغة.‏

تبدأ في المرحلة الجنينية..‏

أما عن العلاقة بين العمر الزمني والنمو اللغوي عند الطفل بين الحاج أن الاستجابة اللغوية تبدأ في مرحلة زمنية مبكرة جداً حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن الجنين في بطن أمه يبدي استجابة لبعض الأصوات وبخاصة صوت الأم وعندما يولد تولد معه القدرة على النطق وفهم الكلام ويعتمد الطفل في الأشهر الأولى على السمع ثم تتطور قدرته على النطق حيث يبتسم ويصدر أصواتاً في عمر 12 أسبوعاً لمجرد الحديث معه ويلتفت نحو من يتكلم في عمر 16 أسبوعا اما في عمر 6 أشهر فتظهر المناغاة وفي عمر8 أشهر يردد الطفل بعض المقاطع اللغوية وفي عمر 12 شهرا يقول با..با.ما.ما وفي عمر 18 شهرا ينطق من 3 إلى 5 كلمات وفي عمر 30 شهرا ينطق جملة مع زيادة عدد المفردات اللغوية،وفي عمر 3 سنوات ينطق نطقا واضحا.. مضيفا أن هناك فروقاً فردية بين الأطفال من حيث النمو اللغوي والمهارة اللغوية وإن الأطفال يتفاوتون فيما بينهم من حيث نمو القدرة اللغوية وتطورها وقد يتأخر بعض الأطفال عما سلف ثم يستأنف الطفل تطوره اللغوي بشكل طبيعي، أما إذا تأخر كثيرا فلابد من تحويله إلى العيادات الخاصة بعيوب النطق.‏

التأخر اللغوي..‏

وأشار الحاج إلى أن هناك أسباباً رئيسية تقف وراء التأخر اللغوي من أهمها نقص القدرة السمعية أو ضعف حاسة السمع ونقص القدرة العقلية، فكلما زاد التأخر العقلي زاد التأخر اللغوي وقلت فرص تدريب الطفل وتنمية مهاراته اللغوية وأيضا هناك الأسباب الأسرية النفسية كالمبالغة في تدليل الطفل أو القسوة عليه والمشاحنات المستمرة بين الأبوين والتمييز بين الأبناء أو ظهور مولود جديد.‏
وأضاف الحاج انه يجب تحويل الطفل إلى العيادات الخاصة بعيوب النطق اللغوي إذا لم يظهر أي محاولة للكلام حتى عمر سنتين أو إذا كان كلامه غير مفهوم أو اظهر عدم المبالاة في النطق بالأحرف الساكنة بعد عمر 3 سنوات وكذلك عدم النطق بالجمل أو تأخر ظهور الأصوات لما بعد السنة من العمر، وإذا كان هناك الكثير من استبدال الأصوات السهلة بأصعب بعد عمر 5 سنوات وإذا تناقصت كمية المفردات اللغوية بدلاً من أن تزداد من عمر 7سنوات وإذا غلب على كلام الطفل الأحرف الصوتية بعد عمر سنة وإذا كان الصوت على سوية واحدة أو عال بشدة أو ضعيف أو غير مسموع.‏

دور الأسرة..‏

وقدم الحاج نصائح عامة لأسر الاطفال الذين يعانون من مشاكل في النطق والكلام من خلال النظر إلى الطفل بطريقة طبيعية وهو يتكلم وعدم إدارة الوجه أو الظهر له والإصغاء والإنصات إلى حديثه وعدم الالتفات إلى الطريقة التي يتحدث بها والصبر والسماح له أن يكمل حديثه دون مقاطعة وان تخصص الأسرة بعض الوقت في الحديث مع الطفل المصاب وخاصة أن تحاول توفير الجو الهادئ في المنزل وان تجعله يشعر أنها تقدره وتستمتع بالوقت معه وان تقدم له أنموذجاً للحديث الهادئ وان تغلق التلفزيون أو الراديو عند تناول الطعام وينبغي ألا تصحح الأخطاء اللغوية للطفل بشكل دائم ومباشر وعدم مطالبته التحدث بسرعة.‏
وأوضح الحاج أن اللغة ليست قدرة واحدة فحسب بل هي مهارات لغوية معقدة من أهمها مهارة القراءة التي تلعب الأسرة دورا كبيرا وأساسيا في تنميتها، حيث توجد كثير من العوامل داخل الأسرة تؤثر في تنمية ميول الطفل نحو القراءة كمستوى تعليم الآباء والأمهات ومدى اهتمام الأسرة بتحصيل الطفل ومتابعة دراسته ومدى توفير الكتب والقصص والمجلات والمكتبة المنزلية وطرق استثمار أوقات الفراغ وتوافر وسائل التواصل في البيت من تلفزيون وراديو وحاسب آلي، وكذلك إتاحة الفرص أمام الطفل وتشجيعه للتعبير عن ميوله ورغباته وخبراته اليومية التي يواجهها في الحياة من حوله والتعليق عليها ومناقشتها معه وأيضا الاستفادة بما تقدمه وسائل الإعلام اليومية من برامج للأطفال في تنمية ميول ومهارات متنوعة لدى الطفل بالإضافة إلى توسيع مدركاتهم وتوثيق الصلة بينهم وبين الكتاب، وأيضا أن يقوم الوالدان بقراءة بعض القصص المسلية والمشوقة لأطفالهم بما يتناسب مع أعمارهم وتشجيعهم على اقتناء القصص والكتب والمجلات وزيارة المكتبات العامة ومعارض الكتب وإنشاء مكتبة صغيرة في المنزل تشبع حاجات الطفل وميوله القرائية، فالبيئة اللغوية والشفافية الأسرية وسلوك الوالدين نحو القراءة يعتبر أنموذجاً يحرص الأطفال على الاقتداء به و يساعد على إثراء خبرات الأطفال وتنمية المهارات اللغوية لديهم.‏

دور المدرسة..‏

وأما عن دور المدرسة في تنمية وزرع الميول القرائية قال الحاج: إن المدرسة لا تبدأ من نقطة الصفر وإنما تبدأ من حيث انتهت إليه الأسرة لما لها من دور ايجابي فعال في تنمية الميول القرائية لدى الأطفال بما تقدمه من مناهج وطرائق تدريس وتوفير المادة العلمية المشوقة للقراءة، كما ان للمعلم دوراً في تنمية الميول القرائية عند الاطفال كونه القدوة، ما يتطلب منه إظهار ذلك من خلال سلوكه اليومي الطبيعي واتاحة الفرصة أمام التلاميذ لكي يعبروا عما قرؤوه سواء بالمنافسة أم تشجيعهم على التعبير عن قراءاتهم في صور رمزية أو «درامية تمثيلية» وتنفيذ الأنشطة التي يمارسها الأطفال في المكتبة من خلال جماعة أصدقاء المكتبة وجماعة أصدقاء الكتاب وانشطة مكتبات الفصول «الصفوف» ومعارض بيع الكتب داخل المدرسة في المناسبات المختلفة واجراء المسابقات واعادة دور مجلة الحائط المدرسية وعمل الملصقات بعنوان قراءات وعرض صور أو تصوير عناوين الكتب أو اغلفتها أو مقتطفات منها وان يكون المعلم على دراية بمواد القراءة المتوافرة والمناسبة لأعمار الاطفال ومصادر الحصول عليها حتى يستطيع ان يوجه الاطفال ويشوقهم الى الجوانب الممتعة في هذه القراءات، وينبغي للمعلم ان يشارك الاطفال في بعض خبراته كأن يقرأ لهم بعض مايعجبه حتى يتذوقوا المعنى اللغوي والأسلوب الادبي وان يستعرض بعض القصص أو الكتب الجديدة ومن ثم يقوم بالتعليق عليها.‏
ويمكن للمعلم أن ينمي قدرات التلاميذ القرائية من خلال قراءة موضوع أو قصة ثم التوقف عند نقطة مثيرة لحفز فضول التلاميذ ودفعهم الى مواصلة قراءتها ويجب على المكتبة المدرسية أن تفعّل إعارة الكتب والقصص للأطفال لكي يتمكنوا من قراءتها في المنزل، كما يجب على المعلم التعرف على ميول الاطفال و جمع معلومات عن هواياتهم المتنوعة وميولهم خارج المدرسة والبرامج التي يفضلونها لكي يتخذ منها مؤشرات يعتمد عليها في توجيه الاطفال نحو القراءة التي تتناسب مع ميولهم من اجل إشباع هذه الميول من جهة وتنمية المهارات اللغوية القرائية بشكل مشوق وممتع ومفيد.‏

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
يا الله يا محمد ياعلي
الأخ الروحي الغالي سقراط المحترم
موضوع هام ومفصلي وقيم
من الضروري التركيز ومحاولة التفاعل
كل الحب والإحترام
تحياتي الطيبة

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد
أخوتي الروحيّين الغوالي
زهراء
مهنّد
متابعة جميلة ...
حضور ...رائع
بارككم المولى

جهود ثمينة نتمناها ومن الجميع ....

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد
أخي الروحيّ الغالي علي نور الدين
بارككم المولى

» الأطفال...... تنمية الخيال والإبداع عندهم
» البرمجة اللغوية العصبية
» روائع في البرمجة اللغوية العصبية
» تنمية الأطفال ......
» ترشيد مصروف الأطفال!!