دعاء يوم الأربعاء لمولانا أمير المؤمنين الامام المعز لدين الله عليه وعلى آله أفضل الصلوات وأتم التسليمات...
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله المتعالي عن الكيفية ، المتجالّ عن الماهية ، المرتفع عن الأينية ، المتقدس عن الحيثية ، المتمجد عن المثلية ، المتسامي عن أن يجنس بجنس ، أو يكون بكون ، أو يرى بعضه ، أو يومي إليه ، تعالى عن التشبيه ، المنزه عن أن يضاف إليه شيء يوجد في البرية من النفي والإثبات ، والأسماء والصفات. فهو كما قال باب الرحمة الربانية ، وينبوع الحكمة الإلهية ، علي ابن أبي طالب صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده: لا يعبر عن الله بتعبير المخلوقين ، كما لا يحد بتحديد المحدودين.
وكما قال مولانا جعفر بن محمد صلوات الله عليه يوما وقد سمع رجلا يقول: الله أكبر. فقال عليه السلام: مما ذا ويلك! فقال الرجل: من كل شيء. فقال عليه السلام: إذا حددته ، والله أكبر من أن يحد أو يوصف. لا ينعت بالأشباح ، ولا يقرن بالأرواح ، ولا بالحدود والنواحي. تعالى عن أن يحس ، أو يمس ، أو يدرك بعقد ضمير وإحاطة تفكير. وما كان من أي التشبيه ، فمراده بها أولياؤه الذين هم صفاته العليا ، وأسمائه الحسنى ، وإلا لم يصح عقد التوحيد ، ولا يبين الازدواج من التجريد ، كما قال الله تعالى: (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين) ، وقال تعالى: (وذروا الذين يلحدون في اسمائه) ، و (وهل تعلم له سمیا).
جل عن العيون أن تبصره ، وعن الأوهام أن تخطره ، وعن الحجب أن تستره ، وعن الأزمنة أن تغيره ، وعن الأمكنة أن تعتوره. وتعالى عن الأضداد والأنداد ، والصواحب والأولاد ، والأشكال والأعداد ، وعن فعل الفساد ، وإخلاف الميعاد ، والتكليف بما يعجز عنه العباد. خالق كل منعوت ، ومدبر كل موقوت ، ومفجر الأنهار ، ومخرج الثمار ، ومنبت الأشجار ، حيث يقول عز من قائل: (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين). فأتقن ما برأ ، وأحكم ما ذرأ ، على اختلاف الأجناس والغرائز ، وتفرق الأشباح والنحائز. فله الحمد أولا وآخرا ، وبدءا وعاقبة ، وفي كل وقت ، وعلى كل حال ، عدد ما أنشأ ، وملء ما أبدأ ، بلا نهاية ، كما هو أهله ومستحقه.
اللهم صل على الأسماء الحسنى ، والأمثال العليا ، والكلمات التامات العظمى ، وعلى خلفائك الروحانيين ، وسفرائك النفسانيين ، واوليائك الجسمانيين ، قرناء السبع المثاني ، وتأويل الحوامیم السبع ، وضياء الأيام السبعة. و صل یا رب على أنبيائك المرسلين ، وعبادك الصالحين ، صلاة يشرف بها مقامهم ، ويعظم بها إكرامهم.
وصل اللهم على نجيك موسى بن عمران من أولاد لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الذي شرفته وكرمته ، وعطلت به ظاهر شريعة إبراهيم ، وصيرته ثالث أولي العزم من الرسل ورابع النطقاء. وجعلته بابك ومحرابك ، وبيت نورك ، والسبب بينك وبين خلقك إلى انقضاء دوره. فبلغ ، وأعذر ، وهدى ، وأنذر. فكذبه الأكثرون ، وضاده المفترون ، كالعجل ، والسامري ، وقارون ، وغيرهم من الفراعنة الملاعين ، كما قلت عز ذكرك: (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون) ، كما حكيت عن الضد قوله: قال فرعون: (إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لغائظون). وقال موسى: (رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي).
اللهم صل على بابه ووصيه هارون ، وخليفته يوشع بن نون من أولاد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، وعلى أئمة دوره الستة: فنحاس بن العيزار بن هارون بن عمران ، وهو الذي يقال له الخضر ، وإلياس بن يسياس بن فنحاس ، وداود بن أنشى من أولاد يهودا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، وسليمان بن داود ، وأشعيا بن أمضيا الذي يقال له ذو الكفل من أولاد داود ، وعزير بن شرویا من أولاد فنحاس.
اللهم واخصص محمدا المبعوث المنتجب ، ورسولك المقرب ، القائم بأمرك ، والداعي إلى نورك على حين فترة من الرسل ، ودروس من العمل ، واختلاف من الملل ، وضلالة من السبل ، وطموس من العلم ، وذهاب من الفهم. فأنقذت به من أطاع من العباد ، ودللت به على الرشاد ، وقمعت به أهل المنكر والفساد. فجاهد بنفسه مشكورا ، وتوفيته مغفورا. ولم تقبضه حتى افترضت الصلاة عليه. فقلت سبحانك: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). اللهم اجعل نوامي الصلاة الحنيفة ، وتوالي البركات المنيفة ، وعواطف الرحمة الشريفة عليه أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ، واخصصه بالمقام المحمود ، والحوض المورود ، والمنزل المشهود.
وصل اللهم على آله الغر المصابيح والشم المراجيح ، تراجمة كتابك ، ومتأولي خطابك الذي (لا يمسه إلا المطهرون) ، ولا يعرفه إلا الربانيون ، كما صليت وباركت وسلمت وتحييت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وصل یا رب على القائم بالحق ، الناطق بالصدق ، ?اشف الغماء والفتن ، وحاسم الضلالة والإحن ، صلاة بلا نهاية ولا حد ، ولا إحصاء ولا عد. يسر له العسير ، وافتح له اليسير ، (انك على كل شئ قدير).
اللهم بنورك الذي أتممت به الكلمات وأقمت به السماوات ، وبالقلم والنون ، و (الفلك المشحون) ، (و) بـ (الطور) ، (وكتاب مسطور) ، و بـ (البيت المعمور والسقف المرفوع) ، والمهاد الموضوع ، وبمواقع النجوم ، (وإنه لقسم لو تعلمون عظیم) ، وبسفر موسى وما فيه ، والإنجيل وما يحويه ، وبالزبور القويم والإنجيل والقرآن الحكيم ?ن لنا معاذا وجارا ، واجعل الجنة لنا قرارا و دارا ، وأجرنا من شر السلاطين الأباطيل ، وأعذنا من شر الشياطين الأضاليل ، ومن كيد الشيطان الرجيم وعنوده ، ومن همزه ولمزه ونفثه ، ومن شر كل ذي شر ، وأخرجنا من مهامه التحيير ، ولجج ظلم البحور ، ولا تجعلنا ممن (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون). فإنك قلت وقولك الحق المبين ، وأنت أصدق القائلين. ومن كان أعمى ، فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا.
اللهم وارزقنا عافية الأبدان ، وسلامة الإيمان ، والفوز بالجنان. (جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون). (ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون). (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا). (وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا). (وقيل بعدا للقوم الظالمين).
آمنت بالله وحده وكفرت بالجبت والطاغوت ، واستمسكت (بالعروۃ الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم). اللهم إنا نسألك سؤال ملح ، لا يمل من دعاء ربه ، ويتضرع إليك ضراعة غريق ، يرجوك لكشف كربه ، ونبتهل إليك ابتهال تائب من ذنبه ، فإن كنت كتبتنا من رحمتك بعداء ، فامح الشقاء عنا ، وحولنا سعداء ، واصرف عنا السوء والفحشاء والجهد والبلاء ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبث ، وأنت سميع الدعاء. اللهم لا تجعلنا ممن يعتاض بالنعم نقما ، ولا بالراحة ألما ، وهب لنا يقينا صادقا نسكن إليه ، ونعتمد في جميع الأمور عليه ، وعجل من الهموم خلاصنا ، وأبن في الأكرمين اختصاصنا ، واستعملنا بما علمتنا ، ومتعنا بما رزقتنا ، وهب لنا توبة نصوحا ، وعملا نجيحا ، وأمنا فسيحا ، وقومنا بنورك المبين ، واجعلنا مع الذين أنعمت (عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا).
اللهم إنا نعتقد أن ما في العوالم من عدل وعقل ، وحكمة وفضل ، وإعطاء خير ، وكشف ضر ، فأنت وليه ومعطيه ، وما فيها من ضد ذلك ، فبأمور تنطق عن فضلك وعدلك ورحمتك وحكمتك ، فلك الحمد بلا نهاية. اللهم إنك ترى مواضعنا ومكاننا ، وإحاطة المحاوج والمخاوف بنا ، وأنت خير مدعو ، وأكرم مرجو ، ومرغوب إليه. نسألك أن تلبسنا من أياديك ما يؤمننا من المخاوف ، ويصحبنا من اللطائف ما تبلغنا به المألوف ، والأمن من الخوف ، وما أنت أعلم به وأقدر عليه منا. واعرج بنفوسنا إلى جوارك ، وأصعدها إلى ملكوت القدس من دارك ، وألحقنا بأولياءك الأطياب الأبرار ، الأتقياء الأخيار ، إنك جواد غفار.
اللهم رب الرعود القواصف ، والرياح العواصف ، والبروق الخواطف ، منشئ السحاب ، ومالك الرقاب ، ذا المنن العظام ، والأيادي الجسام ، اسقنا سقيا وادعة واسعة نافعة ، غيثا هنيئا مريعا ، تحيي به البلاد وتغيث به العباد ، وتجعله بلاغا للحاضر والباد. اللهم وأنزل من السماء ماء طهورا مسبل درورا ، تحيي به بلدة ميتا ، وتسقيه أنعاما وأناسي كثيرا. اللهم اسقنا المطر ، وأعطنا الظفر ، واحشرنا مع من نظر وفكر واعتبر ، وانصرنا على من ألحد وكفر ، واجعلنا من صالحي البشر ، ومن إذا ابتلي صبر ، وإذا أنعم عليه شكر ، وأدرر المطر حتى تمتليء الحفر ، وتنبت الشجر.
هؤلاء عبادك يشكون إليك شدة الحال ، وسوء الإمحال ، وشعث البال ، وذهاب الخف ، وجفاف الزرع والضرع. وقد ب?ی الصغير ، وضرع الكبير ، وذاب الشحم ، ودق العظم ، وارتفعت الشكوى لتكاثف البلوى. فارحم اللهم حنين الحانّة ، وأنين الآنّة ، وأتح عليهم ريحا جرارة ، وسحابا درارة ، تضحك منها الأرض ، ذات الطول والعرض. اللهم اصرف شدة المطر عن بيوت المدر إلى الأودية ومنابت الشجر ، إنك سميع الدعاء ، فعال لما تشاء. والحمد لله رب العالمين ، وصلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين ، وعلى وصيه وابن عمه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ، وعلى فاطمة الزهراء ، وعلى الأئمة من نجلهما الغر الميامين ، وسلامه وتحياته.