محمد عزوز عضو جديد
عدد الرسائل : 3 تاريخ التسجيل : 19/11/2007
| موضوع: آخ ياربي ـ قصة قصيرة الإثنين فبراير 25, 2008 8:38 pm | |
| آخ ياربي ...
قصة : محمد عزوز
مائتا ليرة ياربي .. هذه هي المرة الأولى التي يعطيني فيها واحد من هذا العالم مائتي ليرة ..
إنه يقول :
ـ هذه لك ياسمر ..
لا..لا .. هو ليس أي واحد ، ليس غريباً ، إنه خالي الذي أحسه كبيراً جداً .. أنا أعرف أنه يحمل شهادة كبيرة ، ويعمل مسؤولاً في الدولة .. نعم إنه مسؤول وإلا لم يعطوه سيارة ..
لاأذكر أنني زرت بيته في المدينة القريبة رغم أن أمي تقول أنها اصطحبتني مرة ، أصر على الإنكار .. ولكن أمي لاتكذب ، ربما كان ذلك عندما كنت في سن لاتسمح بالتذكر ..
لقد قال لي قبل قليل أنه سيأخذني بسيارته إلى بيتهم الكبير ، وهناك سأرى أشياء جميلة ، آرائك فاخرة ، تحف ثمينة ، مطبخ عامر بالأواني الجميلة المزخرفة ..
وخزني الألم الضاغط في بطتي ساقي اللتين سلخت طبقة الجلد فيهما بسبب الحرق ، أطلقت آهة :
ـ آخ ياربي ..
ثم كتمتها عندما تذكرت أن خالي قد يزعل إن أنا صرخت ثانية ، وقد يؤلمه رأسه فيغادر فوراً ، ولعله يتأخر في العودة إلينا ، وتتأخر أكياس الحلويات والفواكه ... لقد سمعته يشكو لأمي من صداع يصيبه دائماً ويجبره على النوم والإعتكاف ..
ـ آخ .. ياربي ..
لماذا لايشتري لنا والدي مثل هذه الأشياء ..؟ ثم أنه لايفعل شيئاً سوى الجلوس ، ويمضي أيامه في التسكع والثرثرة ومجالسة النساء .. أذكر أن خالي توسط له مرة عند أحد المدراء فعينه في أحد معامل المدينة ، عمل لعدة أشهر ، ثم فجأة قرر أن يعود بنا إلى القرية ، وعندما احتجت أمي قال لها :
ـ يريدون أن يستولوا على البيت والأرض .. لن أسمح لهم ..
جاء بنا .. ومنعهم من هذا الإستيلاء المزعوم ، لكنه رفض أي فرصة عمل أخرى سوى حراسة البيت والأرض والثرثرة .. وعندما اقترح خالي ثانية عليه أن يعمل سائقاً في مكتب لأحد أصدقائه ،أجابه :
ـ أنا لاأعمل أجيراً عند الناس ..
وكبت خالي ضيقه ، اكمد لونه ، لقد كان يحبنا ويحب أمي ، فصمت ، واكتفى بزياراته القصيرة والمتباعدة لنا .
خالي يستعد للمغادرة ، أراه يسوي هندامه ، يقول لأمي :
ـ الدواء .. لاتهملوا الدواء .. ستشفى قريباً .. الحروق سطحية .. هل تريدون شيئاً ..؟
ـ نريد سلامتك ياأخي ..
انحنى صوبي ، قبلني ، حاولت أن أنهض إليه ، وخزني الألم فتراجعت ..
ـ آخ ياربي ..
أخذت أتملى الورقة النقدية ، إنها حمراء جديدة لم يمسسها أحد قبلنا ، لعل خالي أحضرها من معمل المصاري ..!! كم أتمنى لو تتاح لي الفرجة على هذا المعمل الذي يطبع كل تلك المصاري ، لقد رأيت أكداساً منها في التلفزيون ..
قال أنها لي ، لي وحدي ، ولكن ماذا سأشتري بها ..؟
سمعت صوت محرك السيارة التي انطلقت مسرعة ، عاد والدي بعد مرافقة خالي لأمتار قليلة خارج الباب ، تفقد الأكياس المركونة جانباً ، أعرفه إنه يحب الحلوى ، لعله شم رائحتها ، سال لعابه لمرآها ، رأيته يحاول أن يزدرده ..
رآني أتأمل المائتي ليرة ، اقترب مني ..
ـ ماذا تريدين أن تفعلي بها ، يجب أن نشتري لك دواءاً ، هذه المراهم التي ندهن بها ساقيك غالية الثمن ..
ـ آخ ياربي ..
كنت أتمنى قبل أن يخطفها من يدي أن يتركها معي حتى الغد ، أريد أن أعدد الأشياء التي أستطيع شراءها بها ، فقط أريد أن أعددها حتى أمل ، وسأعطيها له أو لأمي في الصباح ليشتروا لي دواء ..
تعالى صراخي ، هذا المرهم اللعين يحرق ساقي ، وبريق المائتي ليرة وهو يدسها في جيبه يحرقني هو الآخر ...
سلمية في 13/5/2007 | |
|
فرح شيت مشرف عام
عدد الرسائل : 2380 العمر : 40 Localisation : syria - Salamieh زهرة البنفسج قلبي تاريخ التسجيل : 02/08/2007
| موضوع: رد: آخ ياربي ـ قصة قصيرة الإثنين فبراير 25, 2008 9:51 pm | |
| الأخ الكريم محمد يسرنا تواجدك معنا وشكرا لهذه القصة الرقيقة نتمى وننتظر المزيد من المشاركات دمت بخير
| |
|