مقدمة:
هناك العديد من الأمراض المشتركة التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان والعكس. ومن تلك الأمراض ما هو بكتيري أو فيروسي أو طفيلي. وداء الحويصلات المائية أحد الأمراض الطفيلية والذي ينتقل من آكلات اللحوم إلى الإنسان والحيوانات آكلات العشب, وينشأ هذا المرض من تكون حويصلات مائية مختلفة الحجم في الأحشاء الداخلية خاصة الكبد والرئتين لكل من الإنسان والحيوان ولذا يعرف هذا المرض باسم الأكياس المائية أو أكياس العطش أو المرض العدري وتتوقف خطورة المرض على عدد وحجم ومكان تلك الأكياس فقد تؤدى إلى خطورة بالغة على حياة الإنسان المصاب بالإضافة إلى ما يسببه هذا المرض من خسائر اقتصادية في مجال الثروة الحيوانية. وقد دلت أحد الاستبيانات في السنوات الأخيرة عن ارتفاع معدل الإصابة بهذا المرض في الإنسان في جمهورية مصر العربية وخاصة لأن خطورته تكمن في أن اكتشافه لا يكون إلا بالصدفة المحضة وذلك أثناء الفحوص الإشعاعية أو الجراحات المختلفة.
المسبب :
هو الطور اليرقي لجنس المشوكات " الاكينوكوسEchinococcosis " في الأحشاء الداخلية للإنسان والحيوان, وجنس المشوكات هو أحد الديدان الشريطية التي تصيب الأمعاء الدقيقة لآكلات اللحوم. ويوجد أربعة أنواع من جنس المشوكة هي المشوك الحبيبية E.granulosus والمشوكة المتعدد المساكن E.multilocularis والمشوكة قليلة الفواصل والمشوكة فوجيل E.vogeli .
العائل:
دورة حياة ديدان المشوكات " الاكينوكوس" دورة مركبة حيث تحتاج إلى عائلين هما العائل النهائي والعائل الوسيط.
العائل النهائي: حيث تعيش الأطوار البالغة للديدان المشوكة في أمعاء آكلات اللحوم وتشمل ( الكلاب-الثعالب-الفهود-الأسود-الضباع وابن آوى).
العائل الوسيط : حيث يوجد الطور اليرقي " الحويصلات المائية" في الأحشاء الداخلية لعدد كبير من الثدييات وتشمل (الأغنام - الماعز - الإبل - الأبقار- الجاموس - الخيول- الحمير - الإنسان - الخنازير وكذلك الأرانب البرية).
طريقة العدوى :
تتم عدوى العائل الوسيط بابتلاع البويضات التي تخرج مع براز العائل النهائي وذلك عن طريق تلوث الغذاء أو ماء الشرب بتلك البويضات. وبفعل العصارات المعدية والمعوية يتخلص الجنين من الجدار الخارجي للبويضة وبواسطة بعض إفرازات ذلك الجنين يقوم باختراق جدار الأمعاء حيث يحمل سلبيا من خلال أحد الأوردة الصغيرة أو الأوعية الليمفاوية إلى الكبد أو الرئتين أو المخ و باقي أجزاء الجسم. وفور وصول الجنين للمقر النهائي فأنه ينمو إلى الطور اليرقي ويبدأ في تكوين الرؤوس الأولية داخل تلك الأكياس المائية ويحتاج ذلك إلى عدة شهور حيث تسمى باليرقة الكيسية المخصبة. وبعض تلك اليرقات تكون عقيمة حيث لا تكون رؤوس أولية داخلها.
أما عدوى العائل النهائي فتتم بواسطة ابتلاع تلك اليرقات المخصبة حيث تخرج الرؤوس الأولية من الحويصلة في الأمعاء بفعل الببسين في المعدة وتغير الرقم الايدروجينى في الأمعاء وتبدأ في النمو لتصل إلى الطور البالغ للديدان (ناضجة جنسيا) بعد حوالي 4-6 أسابيع من حدوث العدوى.
الوصف المورفولوجي للحويصلات المائية:
هي عبارة عن أكياس مائية لها جدار سميك يتكون من طبقتين، الخارجية منها غير خلوية والطبقة الداخلية (الطبقة الجنينية) خلوية حيث تقوم بتكوين الرؤوس الأولية بواسطة التبرعم اللاجنسي ويتزايد عدد الرؤوس الأولية وحجم الحويصلة بزيادة عمرها ، ويتراوح حجم تلك الحويصلات من حجم الليمونة إلى حجم البرتقالة أو حتى رأس الجنين أو كرة القدم ويحتاج ذلك إلى فترة طويلة قد تصل لعدة سنوات.
وبائية المرض:
تعتمد وبائية المرض على تفاعل عوامل عديدة تربط بين العائل النهائي والعائل الوسيط والبيئة الخارجية التي تعيش فيها البويضات الحية، ومن تلك العوامل:
أ- عدد الديدان البالغة التي يأويها العائل النهائي :
قد تصل تلك الديدان إلى عدة آلاف في العائل الواحد بينما تحتوى الفلقة الواحدة من الدودة البالغة على 200-800 بويضة، وبحساب معدل نمو الدودة فإن فلقة واحدة تفرز كل حوالي 14 يوم. وعلى الرغم من وجود درجات متفاوتة من المناعة الطبيعية لدى الكلاب إلا أن وجود هذا التزاحم في الحيوان الواحد قد يؤدى إلى إصابة العديد من العوائل الوسيطة.
ب- الفلقات والبويضات في البيئة الخارجية:
تحت الظروف المواتية يمكن لتلك الفلقات أن تبقى نشطة لعدة أيام بعد خروجها مع البراز فتقوم بعمل انقباضات و ارتخاءات متواترة تساعد على إخراج البويضات كما تعمل تلك الحركات على انتشار الفلقات إلى مسافات كبيرة بعيدة عن مكان نزولها. كما يحدث تبعثر للبويضات لمسافات كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة، وذلك عن طريق الذباب والطيور والنمل والهواء, ويتراوح عمر البويضات من ثلاثة أيام إلى سنة واحدة، وذلك في الظروف البيئية المناسبة حيث تعتمد أساسا على درجة الحرارة والرطوبة, فبينما تتحمل البويضات مدى واسع من درجات الحرارة (-30°م إلى 38° م)، فإنها لا تتحمل الجفاف لفترة قصيرة.
ج- الطور اليرقي داخل العائل الوسيط:
تعتمد العدوى للعائل الوسيط يعتمد على عدد البويضات وحيويتها وكذلك فإن العدد النهائى الذى يستقر داخله يعتمد على المقاومة الطبيعية والمكتسية لديه. وهذا يعتمد على عمر العائل وجنسه وحالته الصحية والفسيولوجية. أما المناعة المكتسية فلم تكن هناك دراسات مستفيضة على أثارها فى حالة داء المشوكات أو الحويصلات المائية.
الأعراض المرضية للحويصلات المائية في الإنسان والحيوان:
قد يسكن المرض داخل جسم الإنسان أو الحيوان لفترة طويلة دون وجود أعراض مرضية تدل على الإصابة ولكنها في حالة تزايد الأكياس المائية أو كبر حجمها فقد تؤدى إلى بعض الأعراض منها :
1- ضيق في التنفس والتهابات رئوية خطيرة إذا وجدت في الرئتين.
2- ضمور في خلايا الكبد واضطراب في الهضم إذا وجدت في الكبد.
3- إذا وجدت في الأمعاء فأنها تسبب آلاما مبرحة وقد تؤدى إلى انسدادها.
4- أعراض عصبية وتشنجات في حالة وجودها في المخ.
كما أنها تؤدى إلى الوفاة في حالة انفجار الكيس المائي أو في حالة تأثيرها على أحد المراكز الحيوية في المخ.
الآثار الاقتصادية للمرض عند الإنسان:
1- فقدان الدخل والإنتاج بسبب الغياب عن العمل أو عدم القدرة على تأدية العمل بالصورة المرضية .
2- الخسائر والتبعات الاجتماعية التي تنجم عن العجز أو الوفاة.
3- الأجور الطبية والجراحية وتكاليف الإقامة بالمستشفيات والعلاج.
تشخيص المرض في الإنسان :
أولا - التشخيص الطفيلي للمرض:
1- المعلومات الإكلينيكية التي تقدمها فحص الأشعة والموجات فوق الصوتية والتصوير الطبقي للأعضاء
الداخلية.
2- الفحص المجهري للبصاق في حالات العدوى الرئوية حيث انه قد يحدث انفجار تلقائي للحويصلات فتخرج
الرؤوس الأولية منه.
3- فحص المواد التي يحصل عليها جراحيا بعد الاستئصال الكلى للحويصلة وتحاشى بذل الحويصلة أو أخذ
عينة من جدار الحويصلة حتى لا يؤدى ذلك إلى انتشار المرض أو حدوث تفاعلات مفاجئة.
4- الدراسة النسيجية وتفاصيل الشكل الداخلي للحويصلة وذلك للتفريق بين يرقات الديدان الشريطية الأخرى.
5- فحص حيوية الحويصلة وذلك عن طريق فحص السائل الداخلي وما إذا كان به تجبن أو تكلس وفحص
حركة الرؤوس الأولية وكذلك قدرتها على التكيس للخارج في المحاليل الصناعية كذلك عن طريق عمل
عدوى معملية للكلاب بتلك الرؤوس.
ثانيا- التشخيص المناعي للمرض:
ذلك للبحث عن وجود أجسام مضادة لتلك الحويصلات في مصل المصابين وذلك بآي من الاختبارات الآتية:
1- اختبار تلزن الكرات الحمراء الغير مباشر ( IHA)
2- الاختبار المناعي المفلور غير المباشر(IIF)
3- اختبار تلزن حبيبات لاتكس (LA)
4- اختبار الخمائر الممتصة المناعي " اليزا" (ELISA)، وقد أثبتت تلك الاختبارات حساسية عالية في
اكتشاف الأجسام المضادة السابحة في مصل المرضى.
5- اختبار الحقن في الجلد (كازوني): ويعتبر أقل كفاءة من السابقين حيث أنه قد يعطى تفاعلات إيجابية كاذبة
مع أشخاص مصابين بأمراض طفيلية أخرى.
المقاومة:
أولا- إجراءات المكافحة التي توجه للوقاية من عدوى الكلاب بداء المشوكات :
تشمل إجراءات المكافحة :
1- ذبح الماشية بطريقة آمنة في منشآت الذبح الكبيرة وكذلك في المجتمعات الريفية على أن يكون هناك سور
مناسب حول مكان الذبح يمنع وصول الكلاب إليه حتى بعد انتهاء عملية الذبح.
2- منع الذبح غير القانوني في المناطق الريفية.
3- التخلص الآمن من فضلات الذبائح سواء بالحرق أو الدفن.
4- التخلص من الجثث الميتة للحيوانات بالحرق أو الدفن في حفر عميقة حتى لا تصل إليها الكلاب.
ثانيا- إجراءات للسيطرة على الكلاب :
تشمل هذه الإجراءات :
1- تسجيل الكلاب وذلك عن طريق الترقيم والوشم.
2- إبادة الكلاب الغير مرغوب فيها أو الضالة.
3- السيطرة على الكلاب في المناطق الموجود بها المجازر حيث ينبغي استبعاد الكلاب من المناطق المتاخمة
للمجازر.
4- تعقيم إناث الكلاب وذلك لاستقرار تعداد الكلاب.
5- تطبيق اللوائح الدولية لحركة الكلاب والتي يحذر فيها استيراد الكلاب من مناطق تتوطن فيها ديدان
المشوكة.
ثالثا -العلاج الكيميائي للكلاب المصابة:
ويتم ذلك باستخدام عقاقير ذات فاعلية ضد تلك الديدان مثل برازيكونتيل أو ميبندازول. ووضع الكلاب تحت السيطرة خلال فترة العلاج والتخلص من برازها أولا بأول بالحرق وذلك لحدوث إسهال شديد في الفترة الأولى من العلاج يؤدى إلى خروج عدد كبير من البويضات مرة واحدة إلى البيئة.
رابعا - التثقيف الصحي والتوعية:
لابد من الاهتمام بالتثقيف الصحي خاصة في المناطق الريفية ولدى الأشخاص المتعاملين مباشرة مع الكلاب، وكذلك أخذ الاحتياطات اللازمة في المعامل والمستشفيات والعيادات البيطرية.