الأطباء والصيادلة يؤكدون: خطورة إضافة "البندول" إلى اللحوم في المطابخ والواقع يؤكد الواقعة
علق عدد من الأطباء الاستشاريين والصيادلة على موضوع إضافة حبوب البندول إلى اللحوم في المطابخ بهدف سرعة انضاج اللحم واجمعوا أن هذه الطريقة ممارسة خاطئة وغير مقبولة بتاتاً تحت أي مسوغ إلا أنهم أشاروا إلى أن التسمم بمركب الاسيتامينوفين الموجود في عقار البندول يؤدي إلى فشل كبدي وكلوي حاد، وكان بعض الأطباء قد نشروا تقريراً يفيد بأن وضع البندول في الطبيخ يؤدي إلى "سرطنته"، إلا أن الأطباء والصيادلة أكدوا أنه لا توجد أبحاث في هذا الموضوع تثبت أو تنفي ما ذكر وقالوا بأنه يجب التعامل مع أي مادة مجهولة على أنها غير مأمونة إلى أن تثبت سلامتها وليس التعامل معها على أنها مأمونة واستخدامها إلى أن تظهر لها آثار سمية.
وعند سؤال الدكتور عبدالرحمن عبدالله الحسيني استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد لدى الأطفال عن استعمال عقار البندول في طهي الطعام قال إن تناول مركب الاسيتامينوفين (acetaminophen) الموجود في عقار البنادول بكمية كبيرة يعتبر أحد الأسباب الرئيسة لاعتلال وظائف الكبد وقد يؤدي إلى فشل الكبد والوفاة في الكبار والأطفال على حد سواء. كما أنه قد ثبت طبياً أن تناول عقار البنادول يومياً بالجرعة المناسبة لعمر الطفل، قد يؤدي إلى فشل الكبد إذا استخدم البنادول لمدة طويلة. إذاً فإن كمية ومدة تناول البنادول يعتبران عنصرين مهمين في تحديد الإصابة باعتلال وظائف الكبد. لما سبق ذكره فإني أرى أن استعمال عقار البنادول أثناء طهي الطعام ممارسة خاطئة وغير مقبولة بتاتاً تحت أي مسوغ.
وقالت الدكتورة فخر زهير الايوبي، ماجستير صيدلة الاكلينيكية مشرفة مركز معلومات الأدوية والسموم بمستشفى الملك خالد الجامعي انه مما لا شك فيه أن استخدام البنادول (Panadol) في تجهيز الوجبات الغذائية (مثل الكبسة ومشتقاتها) بغية سرعة نضوجها خاصة مع لحم الحاشي قد انتشر في الآونة الأخيرة، الأمر الذي أقلق المختصين في المهن الصحية.
وبالرجوع إلى المراجع والمصادر الطبية تبين لنا أن البنادول مادة كيميائية دوائية يستخدم لآلام الصداع وارتفاع درجة الحرارة، وحينما تستخدم هذه المادة كمادة مساعدة في نضوج الطعام فهي تمر بمرحلتين: الأولى يتم تعرضه لدرجة حرارة مرتفعة جداً أثناء التحضير ويتحول إلى مركب كيميائي يبدو أنه ضار ولكن لم يتم التحقق منه علمياً لم يتم حتى الآن اختباره ومعرفة أضراره على صحة المستهلك وأما المرحلة الثانية بعد أن يصل إلى الامعاء مع الطعام يتحول أثناء ذلك داخل الجسم إلى مستحضر كيميائي أثبتت الدراسات العلمية ضرره على كل من الكبد والكلى بتفاوت الجرعات التي يتعرض لها الشخص.
لذلك فإنني أحذر من استخدام هذا المستحضر الكيميائي الضار في البيوت في تجهيز الطعام وكذلك المطاعم والمطابخ وفي نفس الوقت فإنني أوصي الباحثين بالقيام ببحث علمي لمعرفة تأثير هذا المستحضر الكيميائي وكذلك نواتج استقلابه وتكسره على جسم الإنسان مع الأخذ بعين الاعتبار منع مثل هذا التصرف بكل الوسائل الممكنة.
وعند سؤالها هل هناك مواد أخرى قد تستخدم لسرعة انضاج اللحم؟ أجابت كان يستخدم الاسبرين لنفس الغرض في السابق، كما أن هناك معتقدات أن الأناناس والشاي الخشن تسرع في عملية انضاج اللحم أثناء الطهي إلا أنها أشارت إلى أن أضرار هذه المواد ليس بمثل أضرار المواد الكيميائية واستخدامها لمثل هذا الهدف يمكن تجربته عملياً أثناء الطبخ.
وقال الدكتور الحسن بن محمد القعود استشاري مساعد طب الأسرة إن كانت ظاهرة وضع حبوب البندول موجودة في مطاعمنا فتلك مصيبة ولا بد من تضافر جهود أمانة مدينة الرياض ممثلة في إدارة صحة البيئة التي فتحت أبوابها لكل ما فيه مصلحة للفرد والمجتمع وما يهمنا مشاركة الجميع في التصدي لهذا الموضوع الصحي عن طريق البحث والمشاركة العلمية من جميع ذوي الاختصاص سواء الأطباء أو الصيادلة وأن لا تورد معلومة إلا بالتأكد من مصادرها ومدى وجود دليل وبرهان علمي على صحة المعلومة.
وعلق الدكتور القعود على ما نشر في "الرياض" عن هذا الموضوع وأن البندول يسبب تكسر البروتين والدهون وانه مادة مسرطنة عند إضافتها للحم، قال أتمنى من صاحب الرأي لو كان بالأولى إثبات ذلك من مرجع علمي بدلاً من وضع المستهلك تحت دائرة الشك.
أما بخصوص سرطنته فلا يوجد أي دراسة علمية بخصوص هذا الموضوع تنفي أو تثبت ولكن نحتاج أولاً إلى:
1- عمل دراسات محلية للتحقيق في هذا الموضوع.
2- البحث عن دراسات عالمية بحثت عن هذا الموضوع.
3- مشاركة جميع الأطراف المعنية بخصوص هذه المشكلة.
وقال القعود كنت أتمنى لو شكلت لجنة علمية لبحث هذا الموضوع عملياً استناداً على النتائج المتوخاة وعرضها مستقبلاً، وأضاف إن صدقت معلومة إضافة البندول إلى اللحوم أثناء الطهي بغض النظر عن الكمية التي تضاف مع اللحم فهو أمر لا أخلاقي لم نتعوده من الشارع السعودي وأخلاقيات المسلم فهي تدل على ضعف الوازع الديني لدى صاحب المنشأة الغذائية "فمن غشنا فليس منا" والمستهلك هو المستهدف؟؟
وقال الدكتور خالد الظفر طبيب بيطري إن عقار البندول (الباراسيتمول) يضاف بهدف انضاج اللحم ولكن لم يرد ما يشير إلى أن هناك مطابخ ومطاعم تضيفه، حيث إن الجهات الرقابية حريصة أشد الحرص على سلامة وصحة المستهلك وتطبق العقوبات على المحلات المخالفة حسب ما تنص عليه اللوائح والأنظمة.
وقال الدكتور عبدالله المرزوقي طبيب مقيم باطنة ان حبوب البنادول (اسيتامينوفين) تستخدم كمسكن للألم وخافض للحرارة ومتوفر بالأسواق بأسعار زهيدة حتى يتمكن الجميع من الحصول عليها وقت الحاجة ولكن للأسف بعض المطابخ تستخدمها في سرعة انضاج اللحم وفي ذلك لها آثار جانبية على الصحة العامة، ويسبب التسمم بمادة الاسيتامينوفين فشلاً كبدياً وكلوياً حاداً وذلك لأن الكبد هي مكان إزالة أكثر السموم من الجسم وتحويلها إلى مواد غير ضارة تفرز عن طريق المرارة أو عن طريق الكلى وتختلف استجابة المريض للعلاج حسب سرعة التدخل العلاجي وكمية الجرعة المأخوذة وعمر المريض وحالة الكبد من اعتلال مؤقت إلى فشل كبدي عافانا الله وإياكم.
وقال الدكتور عاطف عثمان استشاري أمراض الكبد بمجمع الرياض الطبي ان التأثير على الكلى من خواص Benzoquinon والتأثير السام على خلايا الكبد أيضاً من خواص Benzoquinon والكبد يعادل هذه المادة بـ glutathione وما هو موجود بالكبد من مادة الجلوتاثيون محدود ويحتاج أن يتجدد باستمرار وإذا لم يحدث هذا التجدد تدمر مادة Benzoquinon الخلايا الكبدية وأيضاً خلايا الكلى.
وقال الصيدلي خالد بن سالم الخنبشي (ماجستير سموم) مدير مركز أبحاث الصيدلة والسموم بمستشفى الملك خالد الجامعي
ان حبوب البنادول تحتوي على مركب كيميائي Paracetamol وهو مركب حلقي له خواص علاجية في تسكين الالم وتخفيف الحرارة وهو من اكثر المركبات شيوعا واستخداما لمختلف الفئات العمرية.
وتتمثل السمية لهذا المركب بشكل رئيس على جهازين مهمين بالجسم هما الكليتين والكبد.
تأثيره على الكليتين يحدث في الجرعات الاعتيادية وهذا التأثير للاسف تأثير تراكمي يستمر مع استخدام مركب Paracetamol وهنا نوجه كلمة للجميع بعدم استخدام اي علاجات او مسكنات إلا في الضرورة فقط.
اما تأثيره على الكبد فلا يحدث في الجرعات الاعتيادية بل في الجرعات العالية جداً والتي تتجاوز 140ملجم/كجم وهذا يحدث في حالات التسمم بطريقة الخطأ او العمد بمستحضرات هذا المركب وتأثيره هنا يكون شديد السمية وقد يصاب المريض في هذه الحالة بفشل كبدي حاد قد يودي بحياته خلال ايام، واضاف انه حسب علمي فإن الكميات المستخدمة ليست كميات كبيرة فالمعدل هو استخدام حبتين الى 3حبات لكل ذبيحة لحم وهذا يعني ان السمية التي نعرفها على الكبد غير واردة لان 3حبات تعادل 1.5جرام فقط والذبيحة الواحدة ستوزع على مجموعة كبيرة من المستهلكين قد تفوق 20شخصا.
اما الاثر على الكلى فلن يكون كبيرا اذا كان تعرض الإنسان لاكل المطابخ التي تستخدم البنادول محدودة وعلى فترات متباعدة ولكنه وارد بقوة اذا تناول الإنسان غذاء ملوثا بالبنادول بشكل يومي ومستمر، وقال الخنبشي اود توضيح مبدأ مهم في علم السموم يعرفه كل الخبراء في هذا المجال وهو التعامل مع اي مادة مجهولة على انها غير مأمونة الى ان تثبت سلامتها وليس التعامل معها على انها مأمونة واستخدامها الى ان تظهر لها آثار سمية وضحايا ثم نبدأ بمنعها.
اذا تأملنا مركب Paracetamol من تركيبه الكيميائي فإن هذه المادة لديها قابلية للتحول الى جذر حر "Benzoquinon derivative" فيتكون الجذر الحر بكميات كبيرة ويبدأ بتحطيم خلايا الكبد بشكل متسارع الى ان يدمر الكبد تماماً.
استعمال البنادول في الطعام وان كان بكميات بسيطة فإنه لا يعني استبعاد احتمال تكون هذه الجذور الحرة وهي مواد ذات قدرة عالية على تحطيم الانسجة الخلوية ولها خواص مسرطنة - لان كميات البنادول وان كانت صغيرة الا انه لا يوجد اي ميكانيكية للتحكم في نواتج تفاعلها كما هو الحال في الجسم الحي. واذا عرفنا ان البنادول يصل الى درجة الانصهار عند درجة حرارة 170درجة مئوية وحرارة الطبخ قد تتجاوز هذه الدرجة فإن فرصة تكون هذه الجذور الحرة وارد بقوة.
واضاف ان فرصة تكون الجذور الحرة واردة بقوة، والمشاهد من خلال مقابلتي مع بعض الطهاة ان هناك تحولاً واضحاً في خواص اللحم مع استخدام البنادول، فهو يعطي نتائج غير عادية ويصبح اللحم القاسي في منتهى الطراوة مع تحسن واضح في المذاق. وهذا التحول الكبير في خواص اللحم يشير الى وجود تفاعل كيميائي اثر على الروابط البيبتيدية (الامينية) في اللحم او في تركيب الانسجة نفسها. وعلينا قبل الجزم بذلك معرفة ما اذا كان هذا التفاعل مأموناً اي مجرد تكسير جزئي للروابط البيبتيدية (كالذي يحدث عند رش اللحم بالخل قبل طهيه) ام انه تكسير للانسجة نفسها بسبب انطلاق سلسلة ضخمة من تفاعلات الجذور الحرة وهنا مكمن الخطر.
والجذور الحرة هي مواد مؤكسدة شديدة التفاعل والجسم يعمل في توازن بين مجموعتين من المركبات هي الجذور الحرة والتي تقود عمليات الهدم والاتلاف للاغشية الخلوية وغيرها ومضادات الاكسدة والتي تقود عمليات الترميم والبناء وابطال مفعول الجذور الحرة ومنع نشاطها الضار بالجسم والمواد المؤكسدة والجذور الحرة هي المواد المسرطنة في نهاية المطاف.
علينا ان نعود الى القاعدة في علم السموم وهي اعتبار المجهول غير مأمون الى ان يثبت العكس.
والوقوف على حقيقة الموضوع تتطلب دراسة علمية وتحليل مدى وجود المواد السامة في اللحوم المطبوخة بالبنادول ونحن في مستشفى الملك خالد الجامعي نمتلك مختبراً خاصاً لعلم السموم تشرف عليه مباشرة ادارة الخدمات الصيدلية ولدينا امكانيات متقدمة تمكننا من اجراء هذا البحث العلمي اذا توفر التمويل الكافي لذلك.