morad عضو بلاتيني
عدد الرسائل : 156 العمر : 46 تاريخ التسجيل : 03/03/2008
| موضوع: رسائل لم تكتب لها ( نزار قباني ) الأحد أبريل 27, 2008 9:00 am | |
| رسائل لم تكتب لها .. مزقيها.. كتبي الفارغة الجوفاء إن تستلميها.. والعنيني .. والعنيها كاذبا كنت .. وحبي لك دعوى أدعيها إنني أكتب للهو.. فلا تعتقدي ما جاء فيها فأنا - كاتبها المهووس - لا أذكره ما جاء فيها .. اقذفيها .. اقذفي تلك الرسالات .. بسل المهملات واحذري.. أن تقعي في الشرك المخبوء بين الكلمات فأنا نفسي لا أدرك معنى كلماتي فكري تغلي.. ولا بد لطوفان ظنوني من قناة أرسم الحرف كما يمشي مريض في سبات فإذا سودت في الليل تلال الصفحات فلأن الحرف، هذا الحرف جزء من حياتي ولأني رحلة سوداء في موج الدواة أتلفيها .. وادفني كل رسالاتي بأحشاء الوقود واحذري أن تخطئي.. أن تقرئي يوما بريدي فأنا نفسي لا أذكر ما يحوي بريدي!.. وكتاباتي، وأفكاري، وزعمي، ووعودي، لم تكن شيئا ، فحبي لك جزء من شرودي فأنا أكتب كالسكران لا أدري اتجاهي وحدودي أتلهي بك، بالكلمة ، تمتص وريدي فحياتي كلها.. شوق إلى حرف جديد ووجود الحرف من أبسط حاجات وجودي هل عرفت الآن ما معنى بريدي؟ حبيبتي 1961 شؤون صغيرة تمر بها أنت .. دون التفات تساوي لدي حياتي جميع حياتي.. حوادث .. قد لا تثير اهتمامك أعمر منها قصور وأحيا عليها شهور وأغزل منها حكايا كثيرة وألف سماء.. وألف جزيرة.. شؤون .. شؤونك تلك الصغيرة فحين تدخن أجثو أمامك كقطتك الطيبة وكلي أمان ألاحق مزهوة معجبة خيوط الدخان توزعها في زوايا المكان دوائر.. دوائر وترحل في آخر الليل عني كنجم، كطيب مهاجر وتتركني يا صديق حياتي لرائحة التبغ والذكريات وأبقي أنا .. في صقيع انفرادي وزادي أنا .. كل زادي حطام السجائر وصحن .. يضم رمادا يضم رمادي.. *** وحين أكون مريضة وتحمل أزهارك الغالية صديقي.. إلي وتجعل بين يديك يدي يعود لي اللون والعافية وتلتصق الشمس في وجنتي وأبكي .. وأبكي.. بغير إرادة وأنت ترد غطائي علي وتجعل رأسي فوق الوسادة.. تمنيت كل التمني صديقي .. لو أني أظل .. أظل عليلة لتسأل عني لتحمل لي كل يوم ورودا جميلة.. وإن رن في بيتنا الهاتف إليه أطير أنا .. يا صديقي الأثير بفرحة طفل صغير بشوق سنونوة شاردة وأحتضن الآلة الجامدة وأعصر أسلاكها الباردة وأنتظر الصوت .. صوتك يهمي علي دفيئا .. مليئا .. قوي كصوت نبي كصوت وارتطام النجوم كصوت سقوط الحلي وأبكي .. وأبكي .. لأنك فكرت في لأنك من شرفات الغيوب هتفت إلي.. *** ويوم أجيء إليك لكي أستعير كتاب لأزعم أني أتيت لكي أستعير كتاب تمد أصابعك المتعبة إلى المكتبة.. وأبقي أنا .. في ضباب الضباب كأني سؤال بغير جواب.. أحدق فيك وفي المكتبة كما تفعل القطة الطيبة تراك اكتشفت؟ تراك عرفت؟ بأني جئت لغير الكتاب وأني لست سوى كاذبة .. وأمضى سريعا إلى مخدعي أضم الكتاب إلى أضلعي كأني حملت الوجود معي وأشعل ضوئي .. وأسدل حولي الستور وأنبش بين السطور .. وخلف السطور وأعدو وراء الفواصل .. أعدو وراء نقاط تدور ورأسي يدور .. كأني عصفورة جائعة تفتش عن فضلات البذور لعلك .. يا .. يا صديقي الأثير تركت بإحدى الزوايا .. عبارة حب قصيرة .. جنينة شوق صغيرة لعلك بين الصحائف خبأت شيا سلاما صغيرا .. يعيد السلام إليا .. *** وحين نكون معا في الطريق وتأخذ - من غير قصد - ذراعي أحسن أنا يا صديق .. بشيء عميق بشيء يشابه طعم الحريق على مرفقي .. وأرفع كفي نحو السماء لتجعل دربي بغير انتهاء وأبكي .. وأبكي بغير انقطاع لكي يستمر ضياعي وحين أعود مساء إلى غرفتي وأنزع عن كتفي الرداء أحس - وما أنت في غرفتي - بأن يديك تلفان في رحمة مرفقي وأبقي لأعبد يا مرهقي مكان أصابعك الدافئات على كم فستاني الأزرق .. وأبكي .. وأبكي .. بغير انقطاع كأن ذراعي ليست ذراعي.. | |
|
مصطفى الإسماعيلي عضو ذهبي
عدد الرسائل : 71 العمر : 36 تاريخ التسجيل : 29/09/2007
| موضوع: رد: رسائل لم تكتب لها ( نزار قباني ) الأحد أبريل 27, 2008 7:47 pm | |
| قصيدة رائع للشاعر العظيم نزار | |
|