التحرش الجنسي بالأطفال وباء مدمر ينتهك براءتهم.. رغم تعدد المواثيق العربية والدولية التي تؤكد على حماية الطفل إلا أن الأرقام إلى ازدياد
دمشق .. شام برس من خلدون عليا
حين يتخلى الإنسان عن إنسانيته وتكون النفس البشرية رهينة بيد الغريزة الحيوانية وتلعب الأزمات النفسية والاجتماعية دور الدافع والمحرك لفعل لا أخلاقي عندها تظهر الجريمة بأبشع أشكالها وتكون الضحية أطفال بعمر الورد كل ذنبهم أنهم وقعوا بين يدي وحوش ضاعت عندهم القواعد الأخلاقية والإنسانية أو أثرت فيهم الأمراض النفسية والاجتماعية من أجل إشباع رغباتهم الجنسية الشاذة عبر استغلال براءة الأطفال وجهلهم الأمر الذي يؤدي إلى ضياع ملامح طفولتهم عبر أيادي ملوثة تكفلت بتدمير عالمهم البريء وقتلت فيه ملامح الطهر والنقاء .
إنه التحرش الجنسي بالأطفال والذي بات وباء ً مستعصيا ً ومدمرا ً أخذ يطرق أبواب المجتمعات العربية ومنها مجتمعنا السوري بشدة في الآونة الأخيرة كنتيجة طبيعية لما يزرعه عصر العولمة والفضائيات الرخيصة التي تثير الشهوات وتشجع على ارتكاب الخطيئة .
وعلى الرغم من أن الاهتمام بحقوق الطفل بدأ منذ عام 1923 عبر إعلان جنيف ومنذ ذلك التاريخ والمواثيق الدولية تتوالى لحماية حقوق الطفل بشتى أنواعها إلا أن المواثيق التي تحمي الطفل من التحرش الجنسي توقفت حتى إعلان وثيقة ستوكهولم عام 1996 والتي قضت بأهمية التحرك لوضع حد للاستغلال والإساءة الجنسية التي يتعرض لها الأطفال على أن يشمل التحرك المستوى المحلي الوطني والإقليمي والدولي كما صدر في عام 2000 البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في الدعارة والصور الخليعة، الذي اعتُمد وعُرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 263 الدورة الرابعة والخمسون المؤرخ في عام 2000 ودخل حيز التنفيذ في عام 2002 كما اتخذ مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة التي عقدت في عمان عام 2001 قرارًا بتبني "الإطار العربي لحقوق الطفل" وبدأت حينها استعدادات لعقد مؤتمر حول الطفولة كان من المقرر انعقاده في سبتمبر 2001 لكنه تأجل لأجل غير مسمى كما صدر في سبتمبر عام 2001 وتحت عنوان "عالم جدير بالأطفال" مشروع نص الوثيقة الصادر عن الجلسة الأولى للجنة التحضيرية للجلسة الخاصة للجمعية العمومية للأمم المتحدة لمتابعة قمة الطفل، وقد ورد في المادة 49 منه: "ولا بد من وضع نهاية للاعتداء الجنسي على الأطفال ولاستغلالهم، ولا بد من القيام على وجه السرعة، وعلى أوفى نحو ممكن، بتنفيذ خطة العمل التي اعتمدها المؤتمر العالمي لمكافحة الاستغلال الجنسي التجاري للأطفال، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق ببيع الأطفال، وبغاء الأطفال، والمواد الإباحية عن الأطفال" وفي عام 2001 أيضا ً انعقد الاجتماع العالمي الثاني بشأن تجارة استغلال الأطفال جنسيًّا في يوكوهاما باليابان، وهو ما عرف بـ"تعهد يوكوهاما العالمي 2001" وعلى الرغم من صدور كل هذه القرارات والاتفاقيات العالمية إلا أن التحرش الجنسي بالأطفال قد ازدادت نسبته وشمل فئات مختلفة من المجتمع ومع أن الأرقام الحقيقية ما زالت غائبة إلا أن بعض الإحصائيات التي قامت بها إحدى الجمعيات الأهلية في سوريا تؤكد على أن ما بين 25 إلى 30 % من الأطفال يتعرضون للعنف بمختلف أشكاله و لانتهاك لحقوقهم والاعتداء عليهم وقد بلغت نسبة الأطفال الذين يتعرضون لاعتداء جنسي مابين 5 إلى 10 %
شام برس من خلال متابعتها لهذا الموضوع فقد فتحت الباب على مصراعيه لتحليل هذا النوع من العنف ضد الأطفال من خلال أمثلة واقعية على الاعتداء الجنسي ضد الأطفال و الاستعانة برأيي المحللين الاجتماعين والطب النفسي دون إغفال الجانب القانوني .
أمثلة واقعية على جرائم التحرش الجنسي بالأطفال :
في حماه : كان الطفل ( أ . أ ) مواليد 1995 يعمل في محل بخ وتصويج سيارات ودراجات نارية وبعد انتهاء عمله ذهب إلى منزله ولم يمض على وجوده في المنزل سوى وقت قليل حتى حضر إليه ( ع . ع ) مواليد 1980 على متن دراجة نارية ذات عجلتين وطلب منه مرافقته من أجل بخ دراجة نارية في منزله وبالفعل ركب خلفه وعندما وصلا إلى المنزل أخبره بأن الدراجة موجودة على السطح وبالفعل صعد الاثنان إلى السطح وهناك قام ( ع . ع ) بإجبار ( أ . أ ) على خلع ملابسه ثم قام هو بخلع ملابسه وأقدم على إجراء الفعل المنافي للحشمة بـ ( أ . أ ) ولكن دون أن يغتصبه اغتصابا ً كاملا ً وبعدها تركه ينصرف بعد أن هدده بالقتل إن أخبر أحدا ً أو قام بإبلاغ الشرطة إلا أن ( أ . أ ) قام بإبلاغ الشرطة والتي ألقت القبض عليه بعد أن توارى عن الأنظار لثلاثة أشهر وبالتحقيق معه اعترف بما نسب إليه كما تبين أنه من أصحاب السوابق في التحرش الجنسي بالأطفال وبعدها تمت إحالته إلى القضاء لينال جزاءه العادل .
في دمشق : بينما كانت الطفلة ( س . و ) ذات العشر سنوات ذاهبة لشراء بعض الحاجيات من المحل التجاري القريب من منزلهم بناء ً على طلب والدتها فوجئت بالشاب ( ص . ز ) والذي اقترب منها وأخبرها بأنه صديق والدها وأنه أرسله من أجل اصطحابها معه كونه يريدها بشيء مهم ورغم تردد الطفلة ( س . و ) في الذهاب معه إلا أنها وافقت وامتثلت لرغبته الشديدة وإصراره على أنه مكلف من والدها بذلك وبعد أن قطع بها مسافة أدخلها إلى إحدى الأبنية وهنا بدأت الطفلة تقول له بأن ليس هذا هو مكتب والدها إلا أن نيته توضحت عندما صعد بها إلى استراحة الدرج وقام بخلع ثيابه ومن ثم خلع ثياب الطفلة وقضى شهوته منها وفي هذه الأثناء كانت الطفلة تستغيث حتى سمع استغاثتها أحد المارين والذي شاهد المنظر المروع وتمكن من الإمساك بـ ( ص . ز ) وسلمه للشرطة .
في حلب : بعد أن توفي والده بقي الشاب ( ر . ج ) يعيش مع والدته و شقيقته ( ن . ج ) والتي تبلغ من العمر 12 عاما ً وفي أحد الأيام دخل إلى ( ر . ج ) إلى الحمام ومن قضى وقتا ً حتى طلب من شقيقته أن تحضر له ملابسه وبالفعل أحضرت له ملابسه وإن دخلت إلى الحمام حتى طلب منها أن تنظف له ظهره وهنا ثارت غرائزه الحيوانية تجاه شقيقته حيث أقفل الباب وقام بممارسة الجنس معها رغم رفضها وهددها بالقتل إن أخبرت والدتها إلا أن ( ن . ج ) قام بإخبار والدتها والتي تقدمت بشكوى ضد ابنها حيث تم إلقاء القبض عليه واعترف بفعلته أمام الشرطة .
الخبير الاجتماعي : وللتعرف عن الأسباب والدوافع الاجتماعية التي تقف وراء هذا الموضوع التقينا الخبير الاجتماعي ثائر الحموي الذي قال :
أن أسباب وجود حالات التحرش إنما تعود أولاً إلى حالة الانفتاح العظيمة على الفضائيات التي تنشر ما هو مباح وغير مباح على شاشتها دون مراعاة لا لقيم أخلاقية ودينية ولا لقواعد سلوكية، بالإضافة إلى حالة التفكك الأسري من طلاق وهجر بين الأبوين، وكذلك حالة الفقر والحرمان التي يعيشها الأطفال فتجعلهم يجندون طاقاتهم العقلية والجسدية للتخلص منه ولا يهمهم الوسيلة التي يستخدمونها في ذلك كما أن ممارسة الجاني للجنس مع الطفل أو التحرش به يعتبر هدفا في حد ذاته وليس بديلا للعلاقة الجنسية الطبيعية بدليل إصرار أو تورط بعض الأشخاص في التحرش بالأطفال أثناء زواجهم .
ومن خصائص المتحرش وفقًا للدراسات ذات الصلة أنه يتسم بالشعور بالنقص واضطراب البناء النفسي، وتعرضه الواضح لحالات الاكتئاب، وغالبًا ما يكون المتحرش قد تعرض لخبرات التحرش الجنسي في الطفولة كما أن طبيعة المجتمع المغلق خاصة بالنسبة للأطفال وعدم وجود أندية ومراكز تربوية وترفيهية يفرغون خلالها ما تختزنه نفوسهم من طاقات تؤدي بهم إلى تفريغها بشكل خاطئ وغير مقبول اجتماعياً وبالتالي فإن الأطفال الذين يعترضون للتحرش الجنسي في سنوات عمرهم الأولى حين يكبرون يعمدون إلى ممارسة التحرش الجنسي بمن هم أصغر منهم سناً وذلك يثمره حالة التكتم والرفض من قبل الأهالي في توعية أبنائهم جنسياً لاعتبارهم الحديث في التربية الجنسية مع الأطفال خطأ فادح يؤدي إلى وقوعهم بالخطيئة كما أن هناك عوامل تزيد من شدة التحرش عند الأطفال، فأولها العمر فكلما كان عمر المتحرش به جنسياً صغيراً كلما كان التأثير السلبي على نفسيته أكبر وأعظم وأخطر، بينما يتمثل العامل الثاني في استمرارية التحرش على المدى البعيد وأن التحرش إذا كان من قبل أحد أفراد العائلة يكون أكثر حساسية لدى المجني عليه وبالتالي لابد من الملاحظة الدقيقة لتصرفات الطفل اللاحقة لحادثة التحرش دون أن يشعر، وعرضه على طبيب نفسي لمساعدته على تجاوز هذه الأزمة، بالإضافة إلى أهمية العمل على ملاحقة الجاني حتى ينال عقابه والتأكيد على ذلك للطفل، حيث إن ذلك يعتبر جزءا أساسيا في علاج الطفل، وفي نفس الوقت يكون رادعا للآخرين الذين تسول لهم أنفسهم التحرش بالأطفال وانتهاك براءتهم وأخيرا ً فإنه من المهم ملأ أوقات الفراغ لدى الطفل حتى لا يفكر بالأمور الجنسية مع ضرورة إيجاد حالة من التوعية والإرشاد للأهالي والأطفال على حد سواء لينأوا بأنفسهم عن ذلك الخطر المهين لكرامة الإنسان وأدميته .
الطب النفسي
وللتعرف على الآثار النفسية المترتبة على الأطفال نتيجة تعرضهم للتحرش الجنسي وتبعاته و هل من الضروري أن يكون المتحرش مريض نفسيا ً التقينا الدكتور عمار برازي الأخصائي بالأمراض النفسية ومعالجة الإدمان حيث قال :
إن التحرش الجنسي هو أحد أشكال العنف ضد الأطفال الفيزيائي أو المعنوي النفسي مثل ضرب الأطفال أو تجويعهم أو استغلال الأطفال في العمل .
والتحرش الجنسي هو استغلال الطفل جنسيا ً من قبل شخص بالغ أو من قبل شخص آخر يوجد بينه وبين الطفل فارق عمري كبير كطفل عمره 7 سنوات يتعرض للتحرش من قبل يافع عمره 16 عاما ً والتحرش الجنسي يمكن أن يشمل الجنسين وليس جنس واحد فقط فمن الممكن أن يتحرش رجل بطفل أو بطفلة صغيرة والأقل شيوعا ً والذي لا يثار كثيرا ً هو تحرش سيدة أو فتاة سيدة أو فتاة بطفل وهذه الحالة موجودة ولكننا لا نلمسها كثيرا ً ولا نأخذها بعين الاعتبار وخصوصا ً في حالات مداعبة فتاة أو سيدة لطفل وملامسة المناطق الحساسة وهذا من الناحية النفسية يدل على وجود دوافع جنسية وراء هذا العمل .
وإن التحرش الجنسي قد يشمل موضوعا ً آخر ضمنه وهو سفاح القربى والذي يشمل التحرش الجنسي من قبل من هم محرمون على بعضهم البعض كمداعبة الأب لابنته الصغيرة أو الأم لابنها ولا يمكننا إنكار هذا الجانب كما أن أرقام العنف ضد الأطفال آخذة بالازدياد ففي دراسة أجرتها إحدى الجمعيات الأهلية والتي شملت دراسة واستبيان عدد كبير من الأسر السورية فقد تبين أن ما بين 25 – 30 % من الأطفال أو الرجال أو النساء قد تعرضوا لعنف في طفولتهم ومن بينهم ما بين 5 إلى 10 % تعرضوا لإساءة جنسية في طفولتهم وإن انعكاس التحرش الجنسي وإن انعكاسات التحرش الجنسي تختلف من طفل لآخر فمن الممكن أن تمر الإساءة الجنسية دون أي انعكاس نفسي ودون أن تسبب أي مشكلة في بداياتها وقد يعاني الطفل الذي تعرض للتحرش الجنسي من القلق أو الخوف أو الاكتئاب أو اضطرابات نفسية وسلوكية بعد الحادثة فورا ً أو خلال فترات قادمة خاصة ً إذا كان التحرش الجنسي قد ترافق بعنف جسدي أو ترهيب وتهديد وتبدأ الأعراض التي تدل على تعرض الطفل للتحرش الجنسي بالظهور على شكل الشعور بالأرق والخوف والقلق او اضطرابات النوم أو من خلال الحديث خلال النوم وحتى من الممكن أن تظهر في مكونات ألعاب الطفل حيث يقوم الطفل بتمثيل الحادثة التي تعرض لها من خلال ألعابه وهذا مؤشر مهم جدا ً كما يمكن ملاحظة أن الطفل يعيش بحالة توتر وخوف دائمين حتى أنه يرفض الذهاب إلى المدرسة منفردا ً ويشتد خوفه من الغرباء ولكنه قد لا يعبر عن سبب خوفه ومن الممكن أن تتوتر علاقة الطفل مع أشقائه ويمتد أثر حادثة التحرش إلى طريقة الطعام أو الانتقال إلى النوم بجانب والدته من شدة الخوف أو حدوث تبول لا إرادي لديه وهذه الارتكاسات من الممكن أن تحدث مباشرة ً بعد تعرض الطفل أو الطفلة للتحرش وقد تأخذ وقتا ً حتى تظهر لما بعد البلوغ وحتى في سنوات متقدمة .
كما أن الطفل الذي تعرض لتحرش جنسي ولم يتلق العلاج قد يصبح متحرشا ً جنسيا ً وهذه هي إحدى الاضطرابات المستقبلية التي قد يتعرض لها الطفل ولكن هذا الفعل بالتأكيد غير مبرر قانونيا ً ولا يمكن معاملة هذا الشخص كمعاملة مريض الفصام الشخصي والذي هو غير مدرك لما يجري حوله أما الأول فهو مدرك وواع ِ وبالتالي يمكننا القول أن الطفل الذي تعرض لتحرش جنسي وفي ظل وجود عوامل مساعدة أخرى قد تكون نسبة تحوله لمتحرش جنسي عندما يكبر أكثر بكثير
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا تعرض الطفل لإساءة جنسية طويلة ومتكررة و ومترافقة بعنف فإن ذلك يترك أثرا ً نفسيا ً مستقبليا ً أكثر شدة .
كما أن الشخص الذي يقوم بالتحرش الجنسي بالطفل ليس بالضرورة أن يكون مريضا ً نفسيا ً بل يمكن القول أنه يعاني من اضطراب سلوك جنسي وهذا الاضطراب من الممكن أن يكون ثانوي لاضطرابات شخصية أخرى يعاني منها الشخص كاضطراب العمل أو الاضطراب السلوكي .
كما يوجد فئة أخرى تسمى فئة ( البيدو فيليا ) أي محبي الأطفال وهؤلاء لا يعانون من أي اضطراب في حياتهم وسلوكهم سوى حبهم لممارسة الجنس مع الأطفال ونادرا ً ما يقصد هؤلاء طبيب نفسي بقصد العلاج .
وطريقة علاج الطفل الذي تعرض لتحرش جنسي في طفولته تتم عبر دراسة حالته في الوقت الذي يلي تعرضه للصدمة من خلال تشخيص الحالة هل هي ارتكاسات تحرش فقط أم اضطرابات قلق ونوم أو اكتئاب فإذا تم تشخيص متلازمة نفسية فيتم التعامل مع حالة الطفل كأي مرض نفسي ناتج عن سبب معين ويكون العلاج نفسيا ً أما إذا كانت التبعات من نوع الخوف أو الانعزال فذلك يحتاج إلى دعم نفسي من خلال بث الطمأنينة في نفس الطفل وإعطاء ملاحظات للأهل لكيفية التعامل معه من خلال التأكيد للطفل أن الذي حدث معه لن يتكرر وان الشخص الذي فعل به ذلك سيلقى عقابه ولن يراه مستقبلا ً والأهم هو إحساس الطفل بالأمان .
وفي النهاية لابد من التأكيد على أن للعلاقات الأسرية تأثير كبير في تركيب ونمو شخصية الإنسان ونفسيته كما أن الضمير نفسه والانا العليا التي تحدث عنها فرويد يتشكل عند الإنسان منذ الصغر وبالتالي فوجود الطفل في عائلة مفككة ووجود أب يعاني من مشاكل وأم كذلك الأمر يسهل ارتكاب الأخطاء دون إحساس بالذنب كما أن تعرض طفل من هذه العائلات لتحرش جنسي وعدم وجود من يعالجه ويحميه فإن ذلك سيجعل النتائج المستقبلية كارثية بالتأكيد .
الرأي القانوني
ولمعرفة العقوبات والنصوص القانونية الناظمة لحوادث التحرش الجنسي بالأطفال التقينا المحامية ماري فرج حيث قالت :
لقد أطلق المشرعون عدة تعريفات على الإساءة الجنسية فالمشرع المصري أسمها هتك العرض أم السوري واللبناني فقد أطلقوا عليها تعبير " الفعل المنافي للحشمة " والبعض سماه " فعل مناف للآداب " وآخرون " إخلال جسيم بالحياء " وعرفت محكمة النقض السورية الفحشاء بأنها : كل فعل يرتكبه شخص ضد آخر بصورة تلحق به عارا ً أو تؤذيه في عفته " وتختلف جريمة الفعل المنافي للحشمة عن جريمة الاغتصاب في أن الأولى تقع على الرجل والمرأة بينما لابد أن يكون المجني عليه في جرم الاغتصاب أنثى حصريا ً ويتحقق الفعل المنافي للحشمة بملامسة عورة شخص أو الكشف عنها .. أو ملامسة لجسم المجني عليه بشكل يورث الحياء والخجل وخدش العاطفة واعتداء على العرض والشرف .
وتكون العقوبة بخصوص هذا الجرم هي الحبس مع الأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن 12 عاما ً على كل من أكره آخر بالعنف أو بالتهديد على تحمل أو إجراء فعل منافي للحشمة وتشدد العقوبة إلى ثمانية عشر عاما ً إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشر من عمره وفق ما نصت عليه المادة 493 من قانون العقوبات السوري
وفي حال ارتكاب الفعل بقاصر لم يبلغ الخامسة عشر من عمره عوقب الجاني بالأشغال الشاقة مدة تسع سنوات ولا تنقص العقوبة عن 12 عاما ً إذا لم يتم الولد الثامنة عشر من عمره وذلك وفق المادة 495 من قانون العقوبات السوري .
أما في حال ارتكاب الفعل المنافي للحشمة مثل الأصول أو الأصهار أو من له سلطة عليه ويبلغ من العمر 15 عاما ً واقل من 18 عاما ًمن عمره يعاقب الجاني بالأشغال الشاقة مدة لا تزيد عن 15 سنة حسب المادة 496 من قانون العقوبات .
كما أن كل من جامع قاصرا ً لم تتم الخامسة عشر من عمرها يعاقب بالأشغال الشاقة لتسع سنوات وتشدد العقوبة لتصل إلى 15 سنة كحد أدنى إذا كان عمر المعتدى عليها لم يتجاوز الثانية عشر من العمر وجريمة اغتصاب القاصر تتحقق أركانها سواء رضيت المجني عليها ارتكاب الفعل الجنسي معها أم لم ترضى فلا عبرة للرضاء ولو وجد باعتبار أن المشرع اعتبر أن صغر السن دليل مادي على عدم الرضاء ويتم جرم الاغتصاب سواء كانت القاصر المعتدى عليها متزوجة أو غير متزوجة وهذا ما نصت عليه المادة 491 عقوبات سوري
وفي حال كان جرم الاغتصاب واقعا ً على قاصر تحت الخامسة عشر من عمرها ولم تتم الثانية عشر من عمرها من أحد الأصول الشرعيين أو من له سلطة شرعية على القاصر كانت العقوبة هي الأشغال الشاقة لمدة تسع سنوات
وباعتبار أن الأفعال المنافية للحشمة والحياء وخصوصا ً بحق غير البالغين لها أثر سلبي على نفسية المجني عليه ودلالة على وحشية مقترف الفعل وشذوذه مما حمل المشرع إلى التشدد في العقاب وخاصة ً عندما يكون الفاعل قريبا ً أو له سلطة على القاصر باعتبار أن هؤلاء في حال القرابة أو السلطة فمن الواجب أن يكونوا أكثر رحمة بمن هم تحت ولايتهم وألا يكونوا سيفا ً مسلطاً على رقابهم .