خطاب صاحب السمو الآغا خان خلال حفل العشاء الذي أقامه على شرفه
حاكم ولاية تكساس والسيدة الأولى في \ 12 \ نيسان \ 2008 \
**************************************************************
الحاكم بيري والسيدة الأولى أنيتا بيري
الحضور الكريم
السيدات والسادة
الحاكم بيري , لقد كنت كريماً في ملاحظاتك وأكثر كرماً في ضيافتك .
نحن في غاية الإمتنان لحرارة الترحيب على طريقة تكساس الذي قابلتمونا به .
بالطبع , لدينا معرفة منه خبرات سابقة عن الكرم البالغ الذي تتصف به تكساس . وكما قيل لي , يجب على الشخص أن يقول في تكساس " إنها ليست مرتنا الأولى لرؤية استعراضكم " .
ولكن يجب أن أقول أيضاً بأنكم قد أجهدتم أنفسكم اليوم , ومنا لكم كل التقدير .
إنني على علم بأن الحاكم بيري هو من المتمرسين في الضيافة الرسمية –
وأنا أفهم بأنك على وشك أن تكون الحاكم الأطول خدمة في تاريخ تكساس .
وهذا الإنجاز ليس إلا الذروة الأحدث عهداً في مهنتك الطويلة في الخدمة العامة .
أنا أيضاً أنظر إلى الوراء هذه السنة إلى مهنة طويلة الأمد حيث أنني أحتفل بالذكرى الخمسين لي كإمام للمسلمين الشيعة الإسماعيليين . إنني أحتفل باليوبيل الذهبي من خلال زيارة أماكن كان لها أهمية معينة للمجتمع الإسماعيلي في نهاية النصف الثاني من هذا القرن .
كما يعرف العديدون منكم , كنت أتابع دراستي في الولايات المتحدة عندما خلفت جدي , السير سلطان محمد شاه آغا خان , كإمام في عام 1957 . وهكذا فإن ارتباطاتي بهذا المكان تعود إلى البدايات الأولى من إمامتي .
إنه من الملائم أن يكون توقفي الأول في زيارتي الحالية في تكساس .
بالطبع . تعرف تكساس حول العالم بأنها مكان يتطلع لأن يكون , أولاً وقبل كل شيء في موقع مناسب من مختلف مجالات الإنجاز . ولذلك فمن غير المفاجيء للإسماعيليين وللعديد من الآخرين بأن تكون تكساس المكان الأمثل للتفوق.
إن حياة جماعتنا في الولايات المتحدة قد بدأت منذ عقود قليلة من الزمن , وذلك حين وجد أفراد جماعتنا وغيرهم أرضاً مليئة بالفرص ترحب بهم . ولذلك استقر العديد منهم في تكساس , وفي الحقيقة , إن الجماعة الإسماعيلية هنا قد أحرزت مؤخراً التقدم الأسرع منه في أي مكان آخر على الأرض .
إن أساس هذا النمو يعود بالطبع إلى الترحيب الكبير الذي يحس به الإسماعيليون هنا . والسبب الأساسي الذي يؤدي إلى هذا الانسجام كما أعتقد يكمن في كلمة " الفرصة " . الأخلاق والمثاليات الأمريكية – الأخلاق والمثاليات في تكساس – كانت دائماً منفتحة على الآخرين وعلى المستقبل . إنها أخلاقية الفرصة التي شاركت بها الجماعة الإسماعيلية بعمق .
إن هذا الالتزام بالفرصة يتمثل في حيوية الاختلاف في مجتمعكم المتعدد الأعراق . وهذا ينحدر من الاحترام الشديد للأشخاص بحد ذاتهم , بمعزل خلفياتهم أو أصولهم .
لقد اقتبس الحاكم كلمات من القرآن حول تشابه التزاماتنا الدينية . إن تعاليم القرآن , مثل تعاليم الإنجيل تردد صدى الكلمات التي صدرت عن فيلاديلفيا عام 1776 : التأكيد على أن " كل الناس خلقوا متساوين , ومنحهم الخالق حقوقاً غير قابلة للتغيير " . هذه الكلمات تعبر عن مثالياتنا المشتركة .
إن أحد أهداف رحلتي هذه هو أن ألتقي بالجماعات الإسماعيلية عبر البلاد . ولكن هدفي الآخر هو ألتقي بالقادة الحكوميين والمدنيين لنناقش طرقاً تمكن الإمامة الإسماعيلية , ومؤسسات الجماعات وشبكة الآغا خان للتنمية كي تصبح شريكاً معهم حتى أكثر فاعلية .
نحن نريد أن نبني , على سبيل المثال , على البداية المشجعة التي قمنا بها , بالعمل مع المؤسسات التعليمية هنا في تكساس وفي المناطق الأخرى , لتجاوز الفجوة الثقافية التي غالباً ما تفرق المجتمع الإسلامي عن الغرب . وكما قد تعرفون , أنا لا أرى هذه المشكلة على انها صراع حضارات وإنما صراع جهل – على جميع الأصعدة – والجهل هو وضع يمكننا فعل الكثير كي نعالجه .
كذلك , فإنني أؤمن بإمكانية العمل سوياً في مجال تشجيع تطور الديمقراطيات المستدامة في أنحاء من العالم لم تزدهر فيها الديمقراطية – مسلطين الضوء بشدة أكبر على الظروف التي تمكن من تحقيق الديمقراطية , ومساعدة المؤسسات الديمقراطية على التكيف مع الظروف المحلية .
ثالثاً , أعتقد أنا نستطيع المشاركة بشكل فعال في تطبيق الخبرة الأكثر تطوراً في العالم على التحديات التي تواجه التطور في المناطق الأقل تقدماً .
من وجهة نظري , فإن مركز الولايات المتحدة كقائدة للعالم ينبع بصورة مباشرة من إنجازاتها كمجتمع للمعرفة , وهذه المعرفة إذا طبقت بشكل جيد , من الممكن أن تواصل دورها كمصدر ذي قيمة عالمية هائلة .
أعتقد بأنه من المناسب لي في هذه المرحلة أن أقول بضع كلمات عن المجتمع الإسماعيلي وعن دوري كإمام . الإسماعيليون هم جماعة متنوعة ضمن الفرع الشيعي من الإسلام ,يعيشون في مناطق متعددة من العالم , ويشملون العديد من التقاليد العرقية واللغوية . إن تنوعهم يعكس التعددية المتأصلة في العالم الإسلامي . لقد أتحدت الجماعة الإسماعيلية المتعددة على مر القرون من خلال ولائها لإمام الزمان الحاضر بالوراثة .
دعوني أيضاً أؤكد على الطبيعة المتلازمة للعقيدة والعالم أو الدين والدنيا : وهي الصلة الوثيقة بين المسؤولية الروحية وسلوك الحياة اليومي . وهكذا فإن مسؤوليتي , كإمام , في الإسلام تأويل العقيدة تترافق بانخراط قوي بالقضايا المتعلقة بطبيعة الحياة , وتأكيد الكرامة لكل الناس .
كما يعلم العديد منكم , ترتكز المؤسسات الإسماعيلية في كل مكان في مساجد الجماعة , مكانا المخصص لاحتشاد المصلين . ولقد شرفنا الحاكم بيري منذ سنوات خلت بحضوره احتفالات وضع حجر الأساس وافتتاح مساجد لنا في تكساس , في كل من شوغار لاند وبلانو . مؤخراً جداً , كان لتشجيع الحاكم أثره المساعد في اتخاذنا قراراً يقضي ببناء أول مركز للجماعات من المستوى الراقي في الولايات المتحدة , وتحديد موقعه في هيوستن . ونحن ممتنين بشدة لهذا الدعم .
هذا الصرح الجديد سيأخذ مكانه بالإضافة إلى ستة مراكز أخرى – توضع حالياً أو ستتوضع – في لندن وفانكوفر ولشبونة ودبي ودوشانبي و تورنتو ز لقد ذكرت أيها الحاكم زيارتك لمركز دبي الذي تشرفت بافتتاحه رسمياً الشهر الماضي . نحن على ثقة بأن المركز الإسماعيلي الجديد في هيوستن , مثله مثل مركز دبي , سوف لن يعزز فقط النسيج العمراني في المدينة , بل سيمثل رمزاً ملموساً للقيم التي نتشارك بها مع جيراننا الطيبين هنا في تكساس .
القيم المشتركة هي التي تحدد الشراكات الناجحة . ونحن نتطلع إلى مواصلة هذه الشراكات وتوسيعها بين الناس هنا في تكساس , في الوقت الذي نعمل فيه على نشر فضائل إتاحة الفرصة عبر جماعاتنا وعبر العالم .
شكري لكم جميعاً على المشاركة في هذه الأمسية التي لا تنسى .