سلمية في دفتر تفقد

سلمية يا قلمي ومعولي وكتفي في السراء والضراء . وحطبتي المدخرة للقادم من ليالي الشيخوخة وأطرافها المثلجة . من استغل غيابي وأشبعك ضرباً ولكماً ورفساً وتمزيقاً . وفرّغ سطوحك من الحمام النادر و ملاحف الملبن والصواني النحاسية بما فيها من آدام الأطفال والمسنين , واستبدلها بالقناصة والصحون اللاقطة , وملأ حواريك بالمقاصف والقاصرات والخرق الشهرية ؟؟؟

وأين فلان ذبح أخته لأن غريب عن الحارة تنحنح عند مرورها ولم تتوقف وتلقنه درساً ببابوجها على رأسه ؟؟

وفلانة ذبحها خالها لأنها تتوقف عند شجرة معينة على طريق العين وتتنهد . ثم حوّل حمامك الشهير إلى وكر موبقات ومركز انطلاق للكسر والخلع والمداهمات ؟؟؟

وأين تجار الشيت والكتان على الظهور من جرود الهرمل وعكار وطرابيشهم الحمراء وشراويلهم الفضفاضة التي تلامس الأرض ؟؟؟

ثم أين صور علي خان وعبد الله تامر وعبد الناصر وفريد الأطرش وأسمهان على كل جدار وخابية بريشة رسامك الأمي الطفل ابراهيم سيفو ؟؟

وأين سليمان عواد وعلي الجندي وشحود النظامي وعلي الحاج رشيد وطلعت الحصري ورفيق القطريب ومحمد حيدر وتاج المير أحمد وهاشم عطفة ومصطفى صادق وعارف تامر واسماعيل سليمان ومصطفى غالب وأسعد حافظ وكنج سليم والحاج فانوس وأحمد ثلجة والشيخ موسى والشيخ عزيز والشيخ مصطفى صحافي آخر زمان ؟؟؟

وقد توزعوا في مقهى البلدية الوحيد للعب الورق أو طاولة الزهر أو تبادل الأنخاب والتطييب لوديع الصافي وصباح وإيليا أبو ماضي ...............

وأين المحامي علي حيدر والقاضي أحمد ادريس والمستشار هشام الشعراني والفيلسوف حسين تقوى والمعلم أحمد فرحة والمصور محمد نور الهبيط والحلاق عاكف بربر والحداد أبو طالب والساعاتي أبو نزار العكش والمبيّض أبو علي شما والطحان أمين جركس والسائق علي جمران والغنام أحمد نعوف والجمّال نبهان والمجلّخ فاضل عفارة والعواد يوسف الادلبي والمطهر أحمد كامل بدراجته وطربوشه وحقيبته وقطرة اللؤلؤ وحبوب الكينا وشراب الشاهوق وموس الختان والتطعيم ومخرز ثقب آذان النساء وفرار الكبار قبل الصغار منه ومن حقيبته ؟؟؟؟؟

وأين خشاف عبد الرزاق ونمورة أبو درويش ومخللات كاكور وقنبز عبدو حيدر وكباب قلفة وعلي العجي وأبو ناصر اللحام وتينات أبو علي نمنوم وصفيحة حمود الطن بين الجميع ؟؟؟

وجلابيب علي زهرة وبالة الحاج رشيد ومجوهرات محمد الخالد ودكان دعكول والطنبر : من عقالات الماعز إلى ملاقط الغسيل وفراطة العنب . وبازار السوق ومسك السوالف والشوارب عند أي تعهد بالدفع أو الانجاز . وثابت شقرة والمواجهة بالمقاليع بين حارة و حارة ؟؟؟

والمراهن على بذور البرتقال أمام الحوانيت ولعب الدحل والأراجيح بين المقابر . ثم أين قبر الطفل بدر ديبو جاري وشريكي في الطراحة والمصحف والمدّل عند الشيخ علي عيدو ؟؟؟

ثم أين سهرات العيد وليلة القدر والكعك والشعيرية والغمازات وأسنان الذهب والماشطة زينب والداية بدرة أبو حبلة وكرسي الولادة من حارة إلى حارة . ثم ابراهيم الحموي ومعروف عزو الهبيلة وعلي حسين القطريب وأحمد الحركة والميجانا والعتابا وأبو الزلوف وأم العباية في حلقات الدبكة يداً بيد على أنغام مزمار خرفان المحفارة وربابة جمال الشعار وتفريغ المسدسات حتى آخر طلقة عند كل آهة أو موال موفق ؟؟؟

حتى طائرات الركاب العابرة كانت تميل وتنخفض للتزود بالوقود والعتابا . وأهم من هذا أين جوقة الشرف : المخصي – مصطفى شتيان – الصّليب – عسكر حيدر – رحمون – كريمو – بودقو – والأخرس فجر – وعزيز صافية وبدها صبر ........

من أضرم النار بكل هذا وغيّر وبدّل كما يشاء ؟؟؟ الغساسنة , المناذرة , السلاجقة , الفراعنة , الفرس , الروم , المماليك . وما هو عددهم وأعمارهم ولباسهم ومطاياهم والجهات التي تقاطروا منها ؟؟؟؟

وأهم شيء رائحتهم ورد , حبق , زيتون , نخيل , رمان , رصاص , ولكن حذار البيلسان إنه متسلق وطفيلي ومستضعف تكون بشجرة بشجرتين فتصبح خارج البستان كله ؟؟؟

ولكن لا عليكي مادمت تتوسعين يوماً بعد يوم فقد تصبحين عاصمة المنطقة كلها ولم يرتفع على أرضك فندق واحد حتى الآن وأبوابك مازالت مفتوحة لكل حاج وسكير وجائع ومطارد . فالدنيا بألف خير وأنت سلمية التي أعرفها والتي أكلت من تراب عتباتها ومصاطبها وريش دجاجها وكلس جدرانها واسمنت شبابيكها ما يكفي لبناء فندق بعشر نجوم ...............

- فيا أبنائي وأحفادي وما تبقى من رفاق طفولتي لقد تعبت . تعبت . خذوني من يدي من دفاتري إلى أقرب ما تبقى من بيادرها وكرومها . أو خذوني إلى المدرسة الزراعية التي أعشقها ومديرها لطفي بك بجزمته العالية وقبعته الفلين وسوطه المفرقع بين ممرات المهاجع والمطابخ والأشجار الغارقة في الظلام فإنه والله لأرحم مما سمعت ورأيت .....................................

الكبيـــــــــــــــر : محمد الماغــــــــــــــــــوط

من ديوان البدوي الأحمر

شكرا الك كتير ليث على ماقدمته للكبير محمد الماغوط

وشكرا للتفاعل الكبير معنا

مع فائق احترامي

لا شكر على واجب يا صديقتي فرح

ومهما قدمنا للماغوط لا يكفي
فنحن لا نقدر او نكرم او نتذكر احد الا عندما نفقده

مع كل الحب والاحترام
أ . ليث وردة

والله أدمعت عيني يا رجل
الله يرحم تلك الأيام ويرحم الكاتب الكبير محمد الماغوط

تسلم ايدك يا اخ ليث بس منشان الله ما بقى تعيدها لاني عنجد بكيت والله يرحم الاسطورة محمد الماغوط

» سلمية
» إلى سلمية
» سلمية أنت قلبي
» سلمية
» سلمية