ضرائب على الرقص والزغاريد

قال الكاتب العفشيكا لزوجته التي تكاد (تتعفشك) من طول المعاشرة إن ضعف الرواتب في بلادنا وتقصيرها عن تأمين عيش كريم لأمثالنا من المواطنين العفشيكا أصبح أمراً فولكلوريا يحق لنا أن نخصص له عيداً سنوياً ونحتفل به، وليكن اسمه، مثلاً: عيد الطفر، أو عيد الدبكة.
مدتالزوجة يدها إلى الأمام طالبة من زوجها التوقف عن الكلام، وقالت له:
- أريد منك تفسيراً فورياً للعبارة.. قل لي وبصراحة، ما علاقة الطفر بالدبكة؟
قال الكاتب: العلاقة وطيدة جداً، ولكنك ومثيلاتك من زوجات الكتاب لا تصلن إلى بيت القصيد بسهولة، وذلك بسبب ضعف إمكاناتكن العقلية..
قالت: لن أرد على هذه الكلامالإنشائي الفارغ، وأنتظر منك الجواب.
قال: ذات مرة، ماتت زوجة أحد الرجال، وسرقاللصوص بيته، واحترقت زريبته، وخسرت تجارته، وبارت صنعته، وما بقي أمامه إلا أن يطق ويفقع.. ولأنه إنسان طبيعي ويحب الحياة فقد رأى أن يقاوم هذه الظروف ولا يستسلم، فما كان منه إلا أن شرع يغني ويرقص، وبالمصادفة المحضة دخل عليه جاره وسأله عن سر ما يفعله فقال:
نحن قوم كلما أفلسوا طربوا!
وأما إذا سألت الفقير العاثر منأهل قرية حربنوش (الذي يغرب خلف الرزق فيجده مشرقاً) عن حاله فإنه سرعان ما يقول لك: الفقر ناصب حولي دبكة.
وهكذا فإن العلاقة بين الفقر والدبكة ذات عرى لاتنفصم.
ويبدو أن الحديث قد جر بعضه لدى الكاتب العفشيكا، وأخذ يتسارع فقال:
وأنا، محسوبك، مذ وعيت على الحياة أقرأ وأسمع عن مئات الحالات من الموظفينالذين لا يصاحبهم راتبهم لأكثر من اليوم العاشر من الشهر، وكلما ارتفعت الأسعار يبدأ الحديث عن زيادة الرواتب، وعلى الفور يتأبط وزير المالية كمية كبيرة من المحارم الورقية ويذهب إلى مجلس الشعب ويقعد هناك ويبكي متأثراً بأغنية ليلى مراد التي تقول (إرحم عينيّه، من دمعة رايحة، ودمعة جايّة)، زاعماً أن الموارد لا تكفي والضرائب في البلد قليلة.. مع أن وزراء المالية في بلادنا يحصِّلون من الصخر الأصم ماء، ومن الصحاري أشجاراً وظلالاً، وفي كل يوم يفرضون على الناس ضرائب جديدة، وما بقي غير أن يفرضوا ضريبة على الزواج، وضريبة على الدبكة، وضريبة على الهناهين والزغاريد..
خطيب بدلة
..........................................

ربما تطفئ في ليلي شعله
ربما أحرم من أمي قبله
ربما يشتم شعبي وأبي، طفل، وطفله
ربما تغنم من ناطور أحلامي غفلة
ربما ترفع من حولي جداراً وجداراً وجدار
ربما تصلب أيامي على رؤيا مذله
يا عدو الشمس.. لكن.. لن أساوم
وإلى آخر نبض في عروقي.. سأقاوم

» قصاصة من(الرقص مع البوم) لغادة السمان