المحامي ليث هاشم وردة مشرف المنتدى القانوني
عدد الرسائل : 1590 العمر : 45 Localisation : إذا أردت أن تحكم مصر طويلا فعليك باحترام مشاعر الناس الدينية واحترام حرمات منازلهم. وصية نابليون لكليبر تاريخ التسجيل : 11/05/2008
| موضوع: سخرية بطريقة الزيك زاك الأحد سبتمبر 14, 2008 1:53 pm | |
|
من عادة الناس في بلادنا أنهم حينما يصادفون في لقاءاتهم وسهراتهم إنساناً مختصاً بفرع من الفروع العلمية يمطرونه بوابل من الأسئلة المتعلقة باختصاصه, وذلك إرواء للفضول المعرفي الموجود لدى الجميع, بنسب متفاوتة.. ويكون هذا الأمر على أشده حينما يلتقون بأصحاب الاختصاصات الهامة كالأطباء والمهندسين والمحامين والراصدين الجويين, أضف إلى ذلك رجال السياسة والإعلام, والفنانين, وبالأخص الممثلين والممثلات, فهؤلاء وجودهم بين الناس يشبه السحر أو المغناطيس.., وأنا أذكر, على سبيل المثال, أننا أقمنا في مدينة إدلب, أواخر القرن الفائت, ندوة عن مسلسل (المحكوم) الذي كتبه ابن بلدنا الأديب الراحل رياض سفلو, فلما علم الناس بوجود فنانين مشهورين هما فاديا خطاب وجمال سليمان في الندوة, تدافعوا عند باب المركز الثقافي, وكسروا بلور النوافذ من شدة التدافع.. وأنا واثق ومتأكد من أنهم لم يتدافعوا لأجل أن يتفرجوا عليَّ, أو على صديقي المخرج الحمصي المتميز محمد فردوس الأتاسي!
وفي كل الأحوال.. نحن الأدباء حظنا قليل من هذه الناحية, إذ قلما يهتم بوجودنا أحد في المجالس العامة, هذا إذا لم يعاملونا بالشفقة باعتبار أن الشغل في الأدب (رَكض وغَبرة وقلة قيمة!).., ولكن وجود صديقنا الشاعر أبي ابراهيم الطبنجَجي في السهرة التي عقدت بالمصادفة في بيت أحد الأصدقاء جعل التطرق إلى مسألة الأدب أمراً مفروغاً منه, وكان أبو إبراهيم أول من شق النغم في هذا الاتجاه, إذ قال:
- نحن الأدباء على العموم أناس غير طبيعيين, ومصابون بأمراض نفسية, هذا إذا لم نقل إن لدينا لوثات عقلية غير قابلة للمعالجة, بلهَ الشفاء.. ولكيلا أبعد المثال أقول إن لديَّ نوعاً من النرجسية تجعلني أعشق المديح وأتضايق من الملاحظات السلبية, وأما صديقنا أبو مرداس فإن لديه ميولاً عدوانية, وهذا ما جعله يختص بالأدب الساخر, فالسخرية, أساساً, تنطوي على موقف عدواني, بدليل أنها تُكتب بأسلوب هجومي, ولهجة حادة, جارحة.
قلت له: أنا على عكسك أرى أن السخرية في المقام الأول تمثل حالة الدفاع عن النفس, ولا علاقة لها بهجوم أو عدوان.
قال: براهينك?
قلت: أعرضها عليك حالاً, ولكن بشرط أن تصبر علي, فنحن أبناءَ هذه البلاد حينما نتحدث لا نذهب إلى هدفنا مباشرة, بل (نكوّع) ونروح ونجيء بطريقة الزيك زاك حتى نصل إلى مبتغانا, إذا وصلنا!
قال: طيب, تفضل, كوع وزكزك على كيفك!
قلت: قبل حوالي سنة اتصل بي أحد أصدقائي وأعلمني بأن ثمة باحثاً يافعاً لديه دراسة نقدية تتحدث عن المرأة في قصصي وقصص أديبين آخرين من محافظتنا, سيلقيها في أحد المراكز الثقافية الفرعية.
قلت له: أولاً, أنا مرتبط بموعد هام يمنعني من الحضور. وثانياً, هذا عنوان عجيب, لأنه لا توجد علاقة تربط بين قصصي وقصص الزميلين الآخرين, لا بل إن تجربة كل منا أبعد ما تكون عن تجربة الآخر, فنياً وفكرياً, ومن كل النواحي.
المهم.. بعد مضي بضعة أشهر على هذه الحادثة, وبينما أنا مسافر إلى دمشق, إذ التقيت, في الحافلة, بشاب في السادسة والعشرين تقريباً عرفني على نفسه بأنه خريج قسم الأدب العربي في إحدى الجامعات السورية, وهو الآن يحضر للماجستير, وفي الوقت نفسه يشتغل في مجال النقد التطبيقي. وأشار إلى أنه هو الذي ألقى قبل مدة محاضرة في المركز الثقافي (س) عن المرأة في قصصي وقصص الزميلين الآخرين.
ومد يده إلى حقيبته وأخرج رزمة من الأوراق وقال لي: بما أنك لم تحضر المحاضرة يومئذ, تفضل فاقرأها الآن.
ولأن لدي شيئاً من النرجسية الموجودة لديك يا صديقي أبا إبراهيم فقد سارعت إلى قراءة القسم المتعلق بي. فماذا وجدت?
قال: ماذا?
قلت: لقد توصل صاحبنا في محاضرته إلى قناعة راسخة تفيد بأنني من ألد وأخطر أعداء المرأة! وللتدليل على ذلك أجرى بحثاً دقيقاً وشاقاً في مجموعاتي القصصية السبعة, وكلما وجد موقفاً مني أدافع فيه عن المرأة يذكره على أنه هجوم عليها!.. قائلاً, بوضوح لا لبس فيه: (.. ويتهجم خ ب على المرأة في القصة التي تحمل عنوان.. من مجموعته القصصية.. الصفحة رقم.. إذ يقول..).
قال أبو ابراهيم: شيء غريب. فماذا فعلت معه?
قلت: لاحظت أن لديه أخطاء إملائية ونحوية كثيرة, فشرعت أسأله عن إعراب كل كلمة مكتوبة على نحو خاطىء, حتى ضجر مني, وسألني عن رأيي بالمحاضرة, فقلت له:
- طول بالك أخي, ملعون أبو رأيي وأبو المحاضرات, لدينا الآن مشكلة أهم من هذا كله, وهي التالية: كيف تسمح كلية الأداب في الجامعة المذكورة بتخريج أناس يخطئون في الإملاء, وفوقها تسمح لهم بالتحضير للماجستير?! شيء عجيب حقاً!
بقلم الأستاذ : خطيب بدلة
ربما تطفئ في ليلي شعله ربما أحرم من أمي قبله ربما يشتم شعبي وأبي، طفل، وطفله ربما تغنم من ناطور أحلامي غفلة ربما ترفع من حولي جداراً وجداراً وجدار ربما تصلب أيامي على رؤيا مذله يا عدو الشمس.. لكن.. لن أساوم وإلى آخر نبض في عروقي.. سأقاوم
| |
|