يقول المثل الشعبي :
" أولاد الشارب للحية ، وأولاد اللحية للشيبة وأولاد الشيبة للخيبة "
والمعنى هو أن الزواج في سن الشباب يجعل الأولاد ينفعون أهلهم منذ فترة ظهور لحية الوالد حتى يحين شيبها وما بعده ، والأولاد المولودون في فترة ظهور اللحية ينفعون في سن المشيب ، والأولاد في سن المشيب للخيبة لا ينفعون لأنهم – والأعمار بيد الله – لا يصلون سن النفع إلا بعد أن يرحل الوالدان إلى الحياة الأبدية ، كما أن أولاد الشيبة لا يحظون برعاية وعناية وتربية كافية في غالب الأحيان .
وحديث " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ..... " جدير بأن يتبنى فكرته علماء الاجتماع والنفس ولو لم يكونوا إسلاميين .
ولكن الخطأ الذي تقع فيه بعض البنات والأهالي هو أنهم يريدون من الزوج أن يكافح ويحصل على الشهادة ويمتلك المنزل والسيارة والدخل ثم يأتي لخطبة البنت ، لكن أن تشاركه البنت كفاح الحياة ، وشظف العيش ،وصراع الوجود وتخطي العقبات فذلك ما لا تقدم عليه بعض الأسر ، وهذا سر البلاء ومنشأ الخطأ ودليل الأنانية ويحرم الزوجة من التفكير في الوفاء لها عندما يحلو العيش بعد مرارته، ويحرم الزوجين من النشوة بذكريات تخطي العقبات ، والتلذذ بفرات الماء بعد ملوحته .
إن عدم مشاركة المرأة زوجها حياة البناء وبناء الحياة من أول السلم يجعل المرأة وكأنها جائزة أو سلعة لا يشتريها إلا القادر على الثمن ، وليست شريكة حياة ومعاناة وآمال وآلام، يساعد فيها أحدهما الآخر مسرورا إن ساعد أو سوعد ، وعلى المرأة الصادقة في رغبتها في مصارعة الشدائد مع الرجل والد أولادها أن تقول زوجوني الشاب الفقير السكن في بيت الطين ، لنشق الطريق سويا ولا تزوجوني من جاءني مباهيا بماله وكأني قطعة كنب يدفع ثمنها لوالدي .
إن المرأة العاقلة الإنسانة المثقفة المناضلة هي التي تتزوج الشاب وتعاضدة ، وليست من تتزوجه بعد انتظار ليكون غنيا إثر فقر ، وكأنما تزوجت غناه لا إنسانيته وصدق رسول الهدى e القائل :" ليس الغنى من كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس "، والحقيقة أن كثيرا من البنات والعائلات ليرحبن بالرأي ويرين مشاركة الزوج في العناء قبل الغنى ، لكن بعض الشباب يعللون تهربهم من تحمل مسؤولية الزواج بهذه أو بمشكلة غلاء المهور وتكليف الزواج ومتطلباته، مع أنها مشكلة مبالغ فيها، وليست عامة، فهي عند البعض من الأهالي، أما البعض الآخر فمستعد لتزويج بناته بلا مهر ولا مصاريف مكلفة،ولا يهمه آلا وجود ابنته في عصمة رجل كفء، والعصامى أفضل.
وكيف نشكو من غلاء المهور ما دام غير موجود إلا عند البعض، لماذا لانتجه للبعض الآخر والذي يفضل غيره في الغالب وعيا وثقافة وخلقا ودينا وربما جمالا. إن الشكوى من غلاء المهور مقبولة إذا كانت عامة لا استثناءات فيها، ولكن الاستثناءات هي الغالبة والمغالون المغلون هم الأقلية نسبيا. إن الفتى الذي يتمنى لفتاة بلاده الخير، ولديه غيرة عليها مع مشاعر دينية ووطنية يعلو أن ذلك بيده بإذن الله لا بيد أحد سواه كأهلها إذ أن الشاب إذا استقام، وقرر الزواج، وبنى أسرة فإنما يبنى مجتمعا سليما، ووطنا منيعا تقويه المحبة، ويظلّه الصفاء والإخاء والنقاء والوفاء ويجعل الفتاة لا تنتظر الآتي الذي لا يأتي أو يأتي متأخرا أو يأتي على غير ما يؤمل فيه ومنه