حذر تقرير صادر عن المركز الاقتصادي السوري ينشر غدا من تكرار ظاهرة جامعي الأموال التي شهدتها سورية في التسعينات مع تزايد الشركات العقارية التي تعرض مشاريع سكنية على السوريين دون إطار قانوني بسبب تأخر إصدار قانون الاستثمار والتطوير العقاري و قانون الشركات والتجارة وفي ضوء الارتفاع الكبير في أسعار العقارات.
وقال التقرير إن القطاع العام والتعاون السكني "لم يساهم سوى بتأمين اقل من 10% فقط من الحاجة الفعلية للسكن في سورية" في ظل "عدم وجود قوانين واضحة وعدم تدخل الدولة بشكل فاعل من اجل تقديم حلول تعالج هذه المشكلة وتوفر العرض الملاءم من السكن النظامي".
ويقدر عدد المحتاجين إلى سكن بـ1.5 مليون شخص على الاقل في حين ان الزيادات السنوية في عدد المساكن لم تتجاوز 10% من الحاجة سنويا.
وأضاف التقرير أن هذه الظروف إضافة إلى اضطرار اصحاب الدخل المحدود الى السكن ساهمت في انتشار ظاهرة السكن العشوائي في المدن الكبرى, وخاصة بعد أن ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 300% في مطلع العام 2003.
وظهرت في الأشهر الأخيرة العديد من الشركات والجمعيات وفق مسميات مختلفة تعرض على المواطنين الاكتتاب على مساكن او فلل في مختلف مناطق سورية بأسعار أقل من أثمان هذه المساكن فيما لوكانت جاهزة الأمر الذي يثير حوله التقرير إشارات استفهام.
ونصح التقرير بالتريث حتى صدور القوانين اللازمة لتنظيم عمل هذه الشركات والتأكد من صدقيتها مطالبا الحكومة بتوضيح الأمور حول هذه الشركات.
ويقول التقرير إنه للمحافظة على الفجوة السكنية الحالية والحؤول دون توسعها " يجب على الحكومة الاسهام في تأمين 433.500 شقة حتى العام 2010 ، أي بمعدل 86.7 ألف شقة سنوياً كحد ادنى".
ويضيف " حتى يتم تقليص الفجوة وتخفيف الازمة لا بد من مضاعفة هذه الاعداد عبر خطة زمنية محددة، ومن ثم الاستمرار بزيادات سنوية متناسبة مع حجم الزيادة السكانية والطلب على المساكن".
ويركز التقرير على أهمية إشراك القطاع الخاص بشكل فعال لحل مشكلة السكن المتفاقمة في سورية وخاصة مع فشل الخطة الخمسية التاسعة (2000-2005) في تنفيذ خطط الإسكان عبر التعاون السكني والقطاع الخاص الذين أنيط بهما تنفيذ 85-90% من الخطة المقررة.
وأوضح أن الخطة الخمسية التاسعة حددت نسبة المساكن المتوقع انجازها من قبل القطاع الخاص بما يقارب 58% من اجمالي الخطة دون أن يترافق ذلك مع تأمين الاطر القانونية اللازمة لمساهمة القطاع الخاص المنظم، وكذلك عدم طرح اراضي منظمة معدة للبناء الخاص.
ويرى التقرير أن الخطوات الحكومية لتجاوز أزمة السكن "مازالت خجولة حتى الآن" مشيرا إلى أن الحكومة بدأت بخطة لبناء 100 ألف وحدة سكنية خلال العشر سنوات القادمة، كما تقوم وزارة الاسكان ببناء حوالي 60 الف شقة للسكن الشبابي بدأت منذ عامين ولم تنتهي حتى الان.
وخلص إلى أن هذه الإجراءات لم تساهم حتى الآن بتضييق الفجوة السكنية او تخفيض اسعار العقارات, علماً انه حتى يتم الانتهاء من هذه المشاريع في السنوات القادمة تكون الفجوة قد اتسعت اكثر.
ومع انتظار صدور قانون الاستثمار والتطوير العقاري تخوف التقرير من "تواطؤ بعض الجهات المحلية في الاتفاق مع الشركات القادمة باتجاه احتكار السوق والغاء المنافسة وفرض الاسعار التي يريدونها .. مما يؤدي الى بقاء الاسعار مرتفعة وانخفاض استفادة الشريحة الكبرى من المواطنين السوريين من العرض الكبير الذي يمكن ان يتم".
وطالب التقرير الحكومة بسن التشريعات الملائمة لمنع الاحتكار وضمان المنافسة ومراقبة اداء الشركات.
وفيما أشار إلى أن الأهداف التي تضمنتها الخطة الخمسية العاشرة (2006-2010) من اجل حل مشكلة السكن في سورية تساهم بشكل كبير في حل ازمة السكن, تخوف من أن تكون " كما الخطط السابقة كلام دون تنفيذ ، حيث ان التجربة عودت المواطنين على عدم الثقة بما تطلقه الحكومة".
وتشير الخطة الخمسية العاشرة إلى الحاجة إلى بناء 687 ألف وحدة سكنية لتجاوز أزمة السكن في سورية.
وتتوقع الخطة إنجاز القسم الأعظم من خططها الإسكانية عبر القطاع الخاص بنسبة 77.3% أما حصة القطاع العام منها فهي 10.3% فقط والقطاع التعاوني 12.4%.