مختبر استثنائي يدرس عادات الشعوب في استخدام الجوال لتطوير نظم ذكية له
توظف شركة "مايكروسوفت" لبرمجيات الكومبيوتر باحثين متنوعي الاختصاص في دراساتها العالمية، اذ تعمل دونا فلاين، الباحثة في علم الاعراق البشرية التي تحمل شهادة الدكتوراه في علم الآثار،
على تحليل كيفية قيام المواطنين العاديين من لندن الى بكين باستخدام هواتفهم الجوالة يوميا. وتقوم بتغذية نتائج دراساتها الميدانية الى فريقين من عشرات المصممين والمهندسين وواضعي الاستراتيجيات العاملين في مختبر استثنائي وغير عادي للابحاث في مقر شركة "مايكروسوفت". ويحمل المختبر عنوانا غريبا هو "مركز تصاميم خبرات الهواتف الجوالة والاجهزة المركبة داخلها" MEDX، حيث يقوم بالتخطيط لاستراتيجيات "مايكروسوفت" لبيع وتسويق الهواتف الجوالة التي جرى تعزيزها لكي تعمل كأجهزة كومبيوتر "بي سي".
* هاتف ـ كومبيوتر هل تذكر المساعدات الرقمية الشخصية "بي دي أيه"؟.. فكر بأن هذه الاجهزة قد جرى دمجها بهاتف خليوي يمكنه الدخول الى بريدك الالكتروني والانترنت. وتصف شركة غارتنر لأبحاث السوق، هذه الهواتف، بـ "الهواتف الذكية"، في حين تشير اليها مؤسسة "آي دي سي" للابحاث على انها "اجهزة هاتفية متحولة".
وتقوم "مايكروسوفت" بالتنقيب في هذه السوق الجديدة منذ اكثر من خمس سنوات. وقد طورت نسخة من نظام تشغيل "ويندوز" لتشغيل الهواتف المتطورة مثل هذه، كهاتف "تي ـ موبايل داش"، الذي تنتجه شركة "اتش تي إس" و"سامسونغ بلاك جاك" و"موتورولا كيو". ومن جهة اخرى، فإن أجهزة "بالم تريو"، و"بلاك بيري" من "ريسيرتش ان موشن"، و"نوكيا"، تعتمد على نظام تشغيل آخر هو نظام "سيمبيان". اما شركة "أبل" فقد عززت مجموعتها من الهواتف اخيرا بهاتف "آي فون" وبرمجياته الخاصة.
وتشكل الهواتف الذكية نحو 10 في المائة من مجموع الهواتف الجوالة المسوقة، وسترتفع هذه النسبة الى 20 في المائة في عام 2010 . ويتوقع ان يكون العديد من المستخدمين الجدد هؤلاء من المستهلكين العاديين وليسوا من المديرين ورجال الاعمال المشغولين دائما، او عشاق الصرعات التقنية التي كانت هي الحالة دائما.
ويقول بيتر نوك، كبير نواب رئيس قسم عمليات الاتصالات الجوالة في "مايكروسوفت"، ان "هذا المختبر هو مهم جدا، فلكي نحقق اهدافنا في وضع الهاتف الذكي في جيب كل منا، فإننا بحاجة الى تأسيس اتصال افضل مع الطرف الآخر من المستخدمين ومعرفة رغبتهم في كيفية استخدام مثل هذه الهواتف".
ويتوقع نوك ظهور افكار تسويقية جديدة من MEDX، وهو موقع للعمل لا يوجد مثيل له في مختبرات "مايكروسوفت" الاخرى، التي يعتزل فيها المبرمجين داخل مكاتبهم المستقلة التي يعشقونها لتركيز افكارهم. ومختبر MEDX هو خلاف ذلك تماما، فقد جهز بمكاتب يمكن المشاركة فيها جماعيا ومجهزة بشاشات كومبيوتر يمكن المشاركة فيها ايضا، التي تدور على محورها 360 درجة. اما الجدران البيضاء اللامعة، فهي في الواقع لوحات كتابة بيضاء (سبورات بيضاء) تمتد من الارضية الى السقف لكي يجري التسجيل عليها كل ما يخطر على بال الباحثين العاملين هناك.
وفي احد الايام الاخيرة، قام المدير العام أرا سنيدر، ببحث موضوع شيق مع الباحث برايان اغنيتا، ألا وهو كيفية وضع الملاحظات التي تذكر مستخدم الهاتف بمواعيده، أو المكالمات الهاتفية التي اخطأها ولم يرد عليها من دون اي تطفل او فضول. وانضم اليهما احد المهندسين، واحد مديري الانتاج، وآخر من الاختصاصيين. وانسحبت هذه المجموعة الى احدى الزوايا المفروشة بأريكة مريحة ومقاعد واسعة. وشرع احدهم "يشخبط" على الجدار. وبعد ساعة امتلأ الجدار الابيض بخرائط ورسومات. يقول سنيدر "قد يكون لنا 100 قطعة صغيرة نعمل عليها، لكن القدرة على تأليف جماعات مختلفة هو امر مهم جدا، فمن منهم يستطيع المساعدة نتركه يسترسل في ذلك".
* نظم ذكية والرهانات هنا عالية، فقد قامت "مايكروسوفت" في العام الماضي بتزويد نظامها للتشغيل الى نحو 9.8 مليون هاتف "ويندوز" ذكي انطلاقا من 6.1 مليون في عام 2005، كما تقول مؤسسة "آي دي سي". وهذا ما اتاح لـ "مايكروسوفت" للمرة الاولى تخطي "ريسيرتش ان موشن التي شحنت 7.3 مليون من اجهزتها "بلاك بيري". وبحلول عام 2010 سيكون هناك نحو 260 مليون هاتف ذكي من اصل 1.3 مليار هاتف جوال يجري شحنه حول العالم كما تقول شركة "آي دي سي".
وتشكل تقارير فلاين عن الاعراق البشرية اساس جهود "مايكروسوفت" للاستحواذ على حصة كبيرة من السوق المزدهرة. ولكونها من الخبراء التي تضع استراتيجية تتعلق بتجارب المستخدمين للهواتف، فقد قامت فلاين بدراسة هؤلاء المستخدمين في ثلاث قارات منقبة عن ادلة تتعلق في كيفية قيام الاشخاص بالاعتماد على هواتف "ويندوز" الذكية.
وبإمكان هذه الباحثة ان تفسر الاسباب الثقافية والوطنية التي تجعل الصينيين عاطفيين في ما يتعلق بهواتفهم الجوالة، كما هو الحال مع الاميركيين في ما يتعلق بسياراتهم. لكن عندما يتعلق الامر بمميزات الهواتف المتطورة، فإن الاميركيين متخلفين عن الآسيويين، كما تقول فلاين.
وفي الربيع الماضي قامت فلاين بتغطية عمل امرأة صينية عمرها 22 سنة بدأت حياتها العملية كمديرة للعلاقات العامة الخاصة بالزبائن. وكانت هذه المرأة تستخدم هاتفها الجوال لتبادل الصور المتحركة التي يجمعها الهواة، فضلا عن الاتصالات الخاصة بأعمالها. وكانت تعثر على هذه الصور الصغيرة على الانترنت لتقوم بتنزيلها على كومبيوترها المكتبي "بي سي"، ومن ثم تطلب من احد الفنيين مساعدتها على نقلها الى هاتفها. وهي تحتفظ بـ 30 صورة متحركة في هاتفها.
ومثل هذا المستوى المريح في تحريك المحتويات بين جهاز "بي سي" والهاتف الجوال، هو امر نجده احيانا في الولايات المتحدة فقط مع مستخدمي الهاتف من رجال الاعمال، كما تلاحظ فلاين، لكن في الصين يبدو الامر اكثر اتساعا.
ويعمل زملاء فلاين على جعل نقل المحتويات امرا اكثر سهولة، وبالتالي العثور على اساليب لتشجيع الاميركيين على استخدام هواتفهم الجوالة بالقدر الذي يستخدمها الصينيون. وفي هذا الوقت يبقى السؤال ما اذا كانت خطط "مايكروسوفت" هذه على المدى الطويل ستتغلب على خطط توسيع تطوير هاتف "آي فون" من "أبل"؟.
المصدر: الشرق الاوسط