محي الدين اسماعيل عضو فعال
عدد الرسائل : 44 تاريخ التسجيل : 19/01/2009
| موضوع: النفاق الوظيفي السبت فبراير 07, 2009 7:08 am | |
| ما إعراب (الصراحة) في قاموس المديرين؟
| | بقلم الصحفي محي الدين إسماعيل من الممكن عزيزي القارئ أن تجدني أبحث عن عمل بعد كتابتي هذا المقال! الصراحة مع المدير! بعضنا لا يملك المقدرة على أن يكون صريحاً مع نفسه حتّى يكون صريحاً مع مديره, لِمَ هذا الخوف؟ هل يجب علي أن أقدّم سيلاً من المديح والثناء على أداء المدير ثم أقوم بعدها بتقديم طلبي وبعدها لا أعلم إن نلت الرضا أم لا؟ هل من المعقول ألا يرى المدير إنتاجي عنده؟ أينتظرني أن أبهّر كل ما أقوم به؟
أليس من حقّي أن أطالب بالمكافأة التي ذهبت إلى غيري, بالرغم من أنّه لا يقوم بنصف ما أقوم به من أعمال؟, ولكني "بطبيعتي" لا أتحدث عن نفسي، بل أدع أعمالي تتحدّث. لِِمَ لا يتقبّلون نقدنا البنّاء الواضح بصراحةٍ مثلما يتقبّلون المديح؟. عندما يتولون إدارة المؤسسة يقولون إن صدرورنا رحبة تسع مشاكلكم, حدّثونا بصراحة عن أي شيء تواجهونه, ثم ما يلبث هذا الصدر أن يضيق شيئاً فشيئاً حتى يكتم أنفاس الموظفين.
الكمال غاية لا تُدرَك ليس الكمال لأحد سوى الله سبحانه وتعالى, وكلّنا ذو خطأ, والمهم هو معالجة هذا الخطأ. من ذا الذي لا يجد في مديره بعض الصفات غير الجيّدة, ألا تنعكس هذه الصفات على العمل وتؤثّر في أداء الموظفين سلباً, ولها مزيد من الضرر, وتولد مزيداً من الإحباطات اليومية, ومن الممكن أن ينتقل هذا الانعكاس السلبي معنا ليؤثّر في علاقاتنا بالآخرين, فأغلب الموظفين على وشك الإصابة بقرحة معدية نتيجة الظروف العصبية والأجواء المشحونة بينهم وبين مديريهم في العمل.
"سبحان الله"! ثمة صفات تنتقل مع الأشخاص وهي سريعة الانتشار بين جميع من يتربعون على كرسي الإدارة, وهذه الصفات كثيرة جدّاً مِثلُ استمتاعهم بعدم تفويض موظفيهم بأي نوع من أنواع السلطة وأخص رؤساء أقسامهم, فتجد بعضهم دائم التدخل في التفاصيل الصغيرة, ويحب القيام بلمسة سحرية على أشياء تمت مراجعتها وإنجازها في العمل, طبعاً هذا كلّه في سبيل الحد من تطوير مرؤوسيه, لأنّ المدير على حق دائماً! احذر قولَ غير ذلك!
صفات سيئة؟ ومن الصفات الرائعة والمحبّبة لبعض المديرين عشقهم الدعوة الدائمة المستمرّة إلى الاجتماعات لمعالجة المشاكل التي تواجه العمل سواء كانت هذه المشاكل صغيرة أم كبيرة, لأن المدير هو مبعوث القدرة الإلهية فعنده المفتاح لكل المشاكل. والصفة الأجمل عند بعضهم هي السعي الدؤوب لزرع الفرقة بين الموظفين, ليستفيد من كل فرد منهم، كل ٌّعلى حدة وهو دائم الهمس في آذان بعضهم: "من المفروض أن تقدّم إلي عملاً أفضل من عمل زميلك فلان, أنا أنتظر السابق في إنجاز العمل, إنّ فلاناً أفضل منك.. لتكن أنت أفضل منه..". وتجد لديه دائماً الآذان المفتوحة لكل موظف لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات لاستخدامها في الضغط عليهم, وذلك للوصول إلى إنجاز الأعمال بحسب ما يعتقد أنّه الأجدى والأصح. وقاعدتهم هي العمل ثم العمل ثم العمل فهو كل شيء عندهم, وينكر هؤلاء المديرون على موظفيهم حق الحياة الخاصّة, يريد منه أن يكون مدمناً في عمله, فيجعله يصل إلى مرحلةٍ يرى العمل فيها أثناء نومه, وهو دائم الاتصال بهم للاطمئنان إلى سير العمل مع أن وقت الدوام قد انتهى.
والأمر الأجمل أنه لا يُذكر بخير من يحقّق أيّ إنجاز مهما كان كبيراً, فكلمة الشكر هي راتبك, وهذا العمل مفروض عليك ومن واجبك إنجازه. أما إذا رُزق أحدنا بمديرٍ يحب التمسّك بحرفية القوانين فهنا النعمة العظيمة التي لا يحسد عليها أحد, لأنه عندما يواجه الموظّف مشكلة ولم يحلّها وفقاً للقواعد الموضوعة فهو إنسان فاشل ولا يستحق هذه الوظيفة.
والأجمل في المديرين أن منهم من يتّبع سياسة الباب المغلق، فعندما يريد أي موظّف أن يقدم اقتراحاً معيّناً, فإن من الواجب (برأي أحدهم) على هذا الاقتراح أن يعْبُرَ سُوْرَ الصين العظيم ومن ثم جدار برلين حتى يصل إلى طاولة المدير. وهو بطبيعة الحال يعتمد على الخبرات الخارجية بالرغم من وجود العديد من هذه الكفاءات داخل المؤسسة. وهنا تكمن الخطورة في أنّ بعض المديرين لا يعرف ولا يقدّر مهارات مرؤوسيه, ولا يوظفون جهودهم جيّداً, بالإضافة إلى افتقادهم المرونة في علاج المواقف والأزمات.
جرأة لابد منها عزيزي القارئ: هل يقوم المدير بالفعل بهذا التصرّف من تلقاء نفسه؟ أم أنّك تجبره على القيام بهذه الأمور؟ فهل أنت سبب هذه السلبية؟ ولكن بالرغم من كل ما لديه من سلبيات فهو في النهاية مديرك, عليك أن ترجع إليه في أيّ أمرٍ يعترضك لأنّه الذي سيخلّصك من جميع المشاكل إن قدّمت ذلك بأسلوب محترم مهذّب, فالأخلاق القويمة هي التي تترك وقعها في النفوس, ولا يمكن لأحد أن يواجه الحسن بالقبيح. ومن الضروري أن تكون عندنا الجرأة من أجل الجلوس مع ذلك المدير ومحاورته، ولكن أن تكون هذه النقاشات مفضية إلى نتيجة, وأرجو ألّا تكون هذه النتيجة هي البحث عن عملٍ آخر كما بدأت مقالي هذا.
عزيزي القارئ: أحببت أن أروي ما حدث معي عندما تعرضت لمشكلة ما في العمل مؤخراً, عندها بدأ التشاؤم يدخل صدري, وقد لاحظ ذلك رئيس التحرير من خلال ابتسامتي التي ضاقت قليلاً على غير العادة في كل صباح, عندها دعاني إلى مكتبه, وتحدّث إليّ بكلمات لا أستطيع كتابتها كيلا أتّهم بالنفاق الوظيفي, ولكن هذه الكلمات جعلت ضحكتي تمتزج مع الثقة بإدارتي, وأثّرت بشكل إيجابي في أدائي الوظيفي.
عزيزي المدير: لِمَ لا تحاول علاج مشكلات موظفيك بالطريقة نفسها ؟ لِمَ لا تجعل منهم أداة لتفوّق الشركة؟, لِمَ لا تختلط بالعاملين معك, وتشاركهم أفراحهم وأتراحهم؟, شجّعهم على أن يكونوا مسؤولين أمامك عن اتخاذ القرارات؟ إن كل هذا لا ينقص من هيبتك، بل على العكس تماماً، فإنه يزيد رصيداً من حبّهم لك. وبالنهاية قارئَنا العزيز كما قال روزفلت:" ليس بمقدور أي شخصٍ أن يشعرك بالدونية دون موافقتك"! | | |
| |
|