[الفم واللثة والاسنان.. قد تكشف عن أمراض خطيرة
د. عبدالفتاح البستاني - ان الفم واللثة والاسنان السليمة تصنع الابتسامة الجميلة التي تعتبر مدخلاً الى نفوس الاخرين وقبولهم.. لن ابالغ كثيرا اذا ما قلت بأن الفم والاسنان هما النافذة التي نطل منها على الصحة العامة للجسم، وبأن حالة الفم والاسنان ربما تساعد في الكشف عما يعاني منه الجسم من امراض عامة، ومن عادات سيئة كالاهمال وتعاطي التدخين والمشروبات الكحولية..
فاحتقان اللثة وتقيحها ورائحة الفم الخلونية، وجفاف الفم وتقلقل الاسنان.. هي من الاعراض الهامة للاصابة بالسكري، وكثيراً ما تم اكتشاف السكري عند بعض المرضى من اعراضه داخل الفم دون علمهم باصابتهم به..!! ان ارتفاع السكر في الدم يؤدي الى خلل يصيب جهاز المناعة الطبيعية في جسم المصاب، كما انه يتلف الاوعية الدموية الدقيقة التي تغذي الانسجة اللثوية.. وبذلك يصبح المريض عرضة للاحتقان اللثوي، وتشكل الجيوب اللثوية المتقيحة التي تؤدي فيما بعد الى تقلقل الاسنان وربما خسارتها في النهاية، خاصة اذا ما ترافق ذلك باهمال العناية بالفم واللثة والاسنان.
ماذا عن الاصابة بامراض القلب؟؟ لقد دلت الابحاث التي اجريت في كل من جامعة جورجيا الاميركية، ونيوكاسل البريطانية بأن امراض اللثة المزمنة وتقيح الجيوب اللثوية والخراجات السنية.. اذا ما تم اهمالها فإنها يمكن ان تؤدي الى اصابة المفاصل، وصمامات القلب بآفات روماتزمية.. كما أن الانزيمات التي تفرزها البكتيريا اللثوية واللويحة الجرثومية يمكنها ان تسرع آلية التخثر في جسم الانسان، مما يساعد على تشكل الجلطات القلبية وربما الدماغية ايضاً.
وعن هشاشة وترقق العظام فإن الفقد والنقص الواقع على عظام الحوض هو ذاته الذي يقع على عظام الفكين، الامر الذي قد يؤدي الى تقلقل الاسنان وربما خسارتها. ونجد ذلك اكثر وضوحاً عند النساء ما بعد سن اليأس، حيث نجدهن معرضات لخسارة الاسنان اكثر باربعة اضعاف من امثالهم من الرجال. وبذلك يجب في هذه الحالة استشارة اخصائي الامراض النسائية للمعالجة بهرمون الاستروجين عند الضرورة، اضافة الى دعم تناول الاغذية والمشروبات الغنية بالكالسيوم والفيتامين D عندهن.
وماذا عن التدخين والمشروبات الكحولية؟؟ ان الابحاث العلمية والمشاهدات الطبية والسريرية توضح العلاقة الاكيدة بين تعاطي التدخين بكل اشكاله، والمشروبات الروحية والكثير من امراض اللثة واحتقانها واصطباغها بألوان قاتمة. كذلك آفات الاغشية المخاطية داخل الفم وباطن الخدين.. اضافة لما تسببه من اورام سليمة، واحياناً اوراماً خبيثة على الشفة واللسان والحلق وداخل الفم بكل اجزائه، وبذلك فإن الابتعاد عن التدخين والمشروبات الكحولية يعتبر اهم عامل للوقاية من سرطان الفم والحلق.
في ختام هذا البحث لا بد من الاشارة الى ان بعضاً من الامراض الخطيرة يمكن اكتشافها من اعراضها داخل الفم: كالايدز الذي يتصف بأورام لثوية وتقرحات بشعة تستعصي على الشفاء.. كما ان مرض اللوكيميا (سرطان الدم) من بعض اعراضه ان تصبح اللثة منتفخة واسفنجية المظهر، مع بقع لونية بشكل نقاط واسعة تنتشر على سطوح اللثة.
والخلاصة: ان العناية اليومية بالفم واللثة والاسنان، والمراجعة المنتظمة لطبيب الاسنان ذي الكفاءة العالية للكشف الدوري على انسجة الفم واللثة واللسان والاسنان وسلامتها.. كذلك الالتزام بشروط التغذية الصحية، والامتناع عن التدخين بكل اشكاله والمشروبات الكحولية.. جميعها امور تساهم في دعم صحة الفم بكل اجزائه، وبالتالي دعم صحة الجسم بشكل عام ووقايته من الامراض.
[/color]