هل لهذا الكون من إله؟!!
هل الكون أزلي؟أم يوجد خالق لهذا الكون؟وإذا كان للكون خالق فما هي صفاته؟
هل يوجد تعارض بين الدين و العلم الحديث أم أن العلم الحديث جاء ليؤكد ما في الدين؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة لابد أن نتطرق لواحد من أهم العلوم التطبيقية ألا وهو علم الترموديناميك العلم الذي يدرس الظواهر الفيزيائية و الكيميائية و التي تعد مبادئه أساس لبقية العلوم إذ كل الظواهر في الكون هي إما فيزيائية أو كيميائية.
القانون الأول في الترموديناميك:THE FIRST LAW OF THERMODYNAMIC:
الطاقة و قانون حفظ الطاقة:ENERGY AND THE LAW OF CONSERVATION:
الكون كما هو معروف مؤلف من أجسام مادية متحركة و يقصد بالحركة هنا أشكالها من حركة الكواكب و الطائرات إلى حركة جزيئات المادة و الإلكترونات و الجسيمات الأولية الأخرى المتشكلة في نواة الذرة حركات انتقالية أو اهتزازية أو دورانية……… .إلخ
الطاقة لا تخلق من العدم و لا تفنى بل تتحول من شكل إلى أخر،كما أن كتلة المادة تعتبر جزء من أنواع الطاقة يمكن أن تتحول إلى أشكال الطاقة الأخرى (حرارية_ ضوئية _ ميكانيكية……إلخ)
كما يحدث في التفاعلات النووية حيث يتحول جزء من كتلة المادة إلى طاقة.
العمليات التلقائية و غير التلقائية:SPONTANEOUS AND NONSPONTANEOUS PROCESSES:
القانون الأول في الترموديناميك وهو قانون حفظ الطاقة عاجز عن تفسير كثير من الأمور الحيوية فهو لا يستطيع مثلا تأكيد إمكانية حصول عملية ما أو نفيها أو تحديد اتجاهها الذي يجب أن تسير فيه.
الجملة: يمكن اعتبار أي شئ و مجموعة أشياء جملة فمثلا جزيئات الهواء في الغرفة تعد جملة و الكرسي جملة و الطاولة جملة ويمكن اعتبار الكرة الأرضية كلها جملة أو الكون بأكمله جملة.
الجملة المعزولة (ISOLATED SYSTEM ):هي الجملة التي لا تتبادل المادة و الطاقة مع الوسط المحيط.
العملية التلقائية: هي العمليات التي تتم دون تأثير خارجي على الجملة .
مثال انتقال الحرارة من الجسم الساخن إلى أخر بارد_ أو تحول العمل إلى حرارة بالاحتكاك_ أو امتزاج غازين ببعضهما_ أو انفجار غاز قابل للاحتراق………
.
العملية غير التلقائية: هي العمليات التي تتم بتأثير خارجي على الجملة.
مثال:1)انتقال الحرارة من جسم بارد إلى أخر ساخن كالبراد و الفريزر الذي يتم فيه نقل الحرارة من داخل البراد (الجزء البارد)إلى خارج البراد(الجزء الساخن) فهذه العملية لا تتم تلقائيا بل يلزمها مؤثر خارجي (طاقة كهربائية).
2)فصل غازين عن بعضهما البعض فهو لا يتم تلقائيا لا بد من تطبيق طاقة كالضغط.
3)انتقال الماء من مستوى منخفض إلى أخر مرتفع يحتاج إلى طاقة كالضخ بواسطة المضخة.
الأنتروبية :ENTROPY:
وهو مقدار يعبر عن عشوائية الجملة وعدم التنظيم فيها ،فكلما ازدادت العشوائية ازدادت الأنتروبية.
مثال:1)عند امتزاج غازين تزداد عشوائية حركة الغازين و بالتالي تزداد الأنتروبية.
2)جزيئات نقطة الحبر عند انتشارها في الماء تصبح حرة الحركة أكثر و بالتالي تزداد الأنتروبية.
-إن أنتروبية الجملة المعزولة ثابت و تزداد في العمليات التلقائية عند حصول عملية ما تلقائيا في جملة معزولة تزداد الأنتروبية تستمر هذه الزيادة حتى تصل الأنتروبية إلى قيمتها الأعظمية الممكنة و عندما تتوقف قيمة الأنتروبية عن الازدياد تستقر الجملة و تصبح في حالة توازن،أي أن في حالة التوازن تكون الأنتروبية أعظم ما يمكن فمثلا نقطة الحبر تنتشر تلقائيا داخل الماء وهذا يؤدي إلى زيادة الأنتروبية للجملة وعندما تنتشر نقطة الحبر في كامل الماء تصل الأنتروبية إلى قيمتها العظمى ويحصل توازن للجملة،إذ لا يمكن لنقطة الحبر أن تنتشر أكثر من ذلك.
و كذلك عند انتقال الحرارة من الجسم الساخن إلى الجسم البارد يستمر انتقال الحرارة من الجسم الساخن إلى الجسم البارد مترافقاًَ مع ازدياد الأنتروبية حتى يصبح للجسمين نفس درجة الحرارة و يحصل توازن للجملة وتكون الأنتروبية أعظم ما يمكن للجملة.
-إن وجود الكون إما أن يكون أزليا بلا موجد أو أن يكون مخلوقا من قبل خالق،ولا يمكن أن يكون أوجد فجأة بلا خالق ،أي انتقل من العدم إلى الوجود دون تأثير خارجي لأن هذا مخالف لمبدأ الترموديناميك الأول( إن الطاقة لا تفنى و لا تخلق من العدم).
لنفرض جدلا أن الكون أزلي ولا يؤثر عليه أي قوى خارجية فهو في هذه الحالة يعتبر جملة معزولة وجميع العمليات و الأفعال الكائنة على هذا الكون تكون تلقائية و بالتالي تؤدي إلى ازدياد الأنتروبية حتى وصولها إلى حدها الأعظم وحصول حالة توازن و بالتالي انعدام كافة الأفعال التلقائية وحصول سكون أنتروبي.
فلو كان الكون أزليا وهو موجود منذ اللانهاية لكنا الآن في سكون أنتروبي وهذا مخالف للواقع إذ العمليات الكيميائية والفيزيائية والطبيعية جارية وأن الحياة قائمة ، فلا بد لهذا الكون من خالق هو الله وهذا الخالق يختلف بصفاته عن صفات هذا الكون إذ لو أنه يخضع لقوانين هذا الكون لكان هو بدوره وصل إلى السكون الأنتروبي و لانعدمت كل الحوادث التلقائية.
فسبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع العليم وصفات الخالق مختلفة عن صفات الكون المخلوق
فالله القوي القادر الذي يمتلك الطاقات اللامحدودة و اللامتناهية، القادر على الخلق من العدم سبحانه
لا إله إلا هو "فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ".
فهو الأول ليس قبله شئ وقدرته لا تنتهي ولا تفنى ،وهو الآخر ليس بعده شئ سبحان الله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكون له كفواً أحد.
و لا يجوز لنا أن ننسب الألوهية سوى لله فالله يرُدُ على من ينسب الألوهية لعيسى عليه السلام بقوله:
"مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ".
أي أن طاقة عيسى عليه السلام ليست ذاتية ولو عزلناه عن الوسط المحيط لوصل إلى السكون الأنتروبي لذلك كان يأكل الطعام ليستمد طاقته منه شأنه في ذلك شأن باقي البشر فهو لا يصلح لأن يكون إله لأن الإله طاقته ذاتية نابعة منه لا تأتيه من غيره وطاقته لا تفنى أبداً.