السلوك المشكلة هو
سلوك متعلم اكتسبه الطفل من البيئة التي حوله سواء من الأسرة أو من
المدرسة أو الجيران. والمحصلة النهائية أن الطفل بدا يكرر السلوك الخطأ
على الرغم من تحذير الأهل له بعدم تكراره. أن تكرار هذا السلوك لا يرجع
أساسا إلى الطفل وحده فقد يكون أسبابه الوالدين والبيئة.
أسباب أخطاء الوالدين في التربية:
1. عدم وجود الخبرة الكافية: إن افتقار الوالدين نتيجة الجهل الثقافي أو
العلمي إلى الخبرة الأزمة لتربية الأبناء من شأنه أن يؤثر على طبيعة
السلوك المكتسب. فربما يؤدي عدم فهم التغيرات النفسية، الجسدية،
الاجتماعية والعقلية التي يمر بها الأطفال خلال مراحل نموهم المختلفة إلى
تطوير سلوكيات غير مقبولة. ويتم العلاج بضرورة حث الوالدين على الاستعانة
بذوي الخبرة والحصول على الكتب والنشرات التي توضح الأساليب السليمة في
التربية، وعلى وسائل الإعلام المساهمة في التثقيف.
2. مشاجرات الوالدين وطبيعة العلاقة داخل الأسرة: كثيراً ما يكون الأبناء
ضحية العلاقات غير السوية داخل الأسرة. فقد تكون العلاقة بين الوالدين غير
منسجمة حيث التنافر وعدم الاتفاق، مما يؤدي إلى خلق جو لا يساعد الطفل على
تكوين شخصية متوازنة. فالأب كثير الصراخ والأم تستجيب بنفس الطريقة، أو قد
تنسحب من الموقف، وساحة القتال بينهما جلية أمام الأطفال يشاهدون كل ما
يحدث. فيتأثرون بما يدور فينعكس ذلك على أنماط تفكيرهم، وعلى طبيعة
العلاقات الأسرية بالبيت. لذلك نحث الآباء إلى اللجوء لأسلوب التفاهم،
وكذلك بحث خلافاتهم في مكان بعيد عن أعين وآذان الأطفال. وقد تكون العلاقة
بين الأخوة غير منسجمة نتيجة تركيز الوالدين بالعناية والاهتمام على طفل
دون الآخر. أن وجود العلاقة غير المنسجمة بين أفراد الأسرة يؤدي إلى خلق
العداوة والكراهية بينهم. أما إذا كانت العلاقة تتسم بالدلال الزائد، أو
الحماية الزائدة فان ذلك يؤدي إلى الاستهتار والاستهانة بين أفراد الأسرة.
أما إذا كان الجو يتسم بالصرامة والعقاب والتعذيب المستمر، فهذا يؤدي إلى
تطوير سلوك عدواني غير اجتماعي يحتاج إلى علاج وتوجيه.
3. تركيز الوالدين على أنماط متوارثة في التربية: كثيرا ما يعتمد الوالدان
على نفس الطرق التي نشأوا عليها محاكين بذلك والديهما، معتقدين بصحة وصواب
تلك الأساليب، التي قد تكون صحيحة لكن في الفترة الزمنية التي عاشوا بها،
فالظروف والمؤثرات البيئية اختلفت. ومن هنا ينبغي ألا ننسى ما يمليه علينا
ديننا وخصوصاً أساليب الرسول في التربية وهو القدوة الحسنة لنا، فهذه
الأساليب هي الأصح لكل زمان ومكان ويجدر بنا اتباعها أفضل من الأساليب
الموروثة التي قد تحمل بعض الأخطاء.
4. تعويض الوالدين للحنان المفقود: يعتقد كثير من الآباء الذين مروا بظروف
أسرية صعبة فقدوا خلالها عطف وحنان الوالدين بأنه ينبغي عليهم أن يغمروا
ابناهم بالعطف والحنان الزائد. وقد يؤدي ذلك إلى التساهل في التعامل
وإغفال قضية محاسبة الطفل على أخطائه فيتمادى الطفل لعلمه انه لا عقاب أو
محاسبة له من قبل الوالدين على أخطائه. أن العطف والحنان ضروري ولكن
المبالغة فيه أمر خطير يحتاج إلى علاج.
5. تركيز واهتمام الوالدين على أحد الأبناء: نلاحظ أن بعض الأسر تركز
وتهتم بأحد أبنائها وتتساهل معه، وتكيل له المديح والثناء دون إخوانه
الآخرين. بينما يلاقي الأطفال الآخرون في الأسرة معاملة تختلف عن معاملته،
هذا الاتجاه من الوالدين يخلق الغيرة والعداء بين الإخوة. ومن الأمثلة على
ذلك اهتمام الوالدين بالطفل الأول أو الأخير، أو الطفل المريض(ذي
الإعاقة)أو الطفل الوحيد ذكرا كان أم أنثى. العدل والمساواة قدر الإمكان
أيها الآباء.
6. الحرمان البيئي: أن حرمان الطفل من البيئة التي توفر مساحة كافية للعب،
وكذلك الألعاب، وتوفر له المجلات والقصص التربوية من شانه أن يخلق نوعا من
الملل يدفع الطفل إلى التصرف بطريقة غير مبالية يعبر بها عن سخطه. أن
توفير البيئة الغنية التي تحتوي على مكان للعب بالدرجة الأولى وعلى
الألعاب ثانيا، وكذلك على الغذاء الثقافي ثالثا لجدير بان يقلل من احتمال
حدوث السلوك الخطأ.
7. التعامل مع الطفل عند حدوث الخطأ فقط: الوالدان ينتظران الطفل حتى يخطئ
كي يعاقبانه. وينبغي عليهما أن يقوما بالتوضيح مسبقا للطفل عن السلوك غير
المرغوب ومن ثم تدريبه على تعميم السلوك الصحيح في المكان والزمان والمكان
المناسبين. هذا إلى أن الكثير من السلوكيات الجيدة تمر دون اهتمام من قبل
الوالدين ولا تحظى بالتعزيز والتقدير.
8. عدم وجود القوانين والأنظمة: من الأشياء التي نفتقد إليها هو وجود
أنظمة وقوانين تحكم تصرفات أفراد الأسرة داخل البيت أو خارجه. فلا يوجد
قانون يحدد موعد النوم واللعب للطفل كذلك لا يوجد نظام يحدد له نوعية
الأشخاص الذين يحق له أن يخرج للعب معهم. وكذلك الأمر بالنسبة للدراسة فلا
يوجد نظام داخل الأسرة يحدد له وقت ومكان الدراسة ونوعية الأشخاص الذي
يستطيع أن يدرس معهم. كذلك الأمر بالنسبة لمشاهدة التلفاز ونوعية البرامج
المسموح بمشاهدتها. أن غياب مثل هذه القوانين يخلق نوعا من الفوضى التي
تؤدي إلى قيام الأبناء بالكثير من التجاوزات غير المقبولة التي تكون
نتيجتها خسارة كبيرة لأفراد الأسرة.
9. عدم وجود الثبات والمثابرة: قد يخلق عدم التوفيق والتنسيق بين الأب
والأم على استمرار في تعزيز السلوك المقبول وعقاب السلوك غير المقبول في
كل زمان ومكان إلى مشكلة. هذه المشكلة تبدو واضحة وجلية عندما يعاقب الأب
سلوك معين بينما لا تكترث الأم عند قيام الطفل بهذا السلوك. فيلجا الطفل
إلى عدم التصرف بذلك السلوك أمام الأب ويقوم بعكس ذلك أمام الأم. أما
بالنسبة للمثابرة فيكون ذلك بتعزيز السلوك الصحيح دائما وعقاب السلوك غير
المقبول دائما. أي يجب ألا يحظى السلوك غير المقبول تارة بالعقاب وتارة
بالتسامح.
10. عدم وجود الإشارات الواضحة: نظرا لعدم وجود التغذية الراجعة أو
التعليق على الموقف وبالتالي على السلوك الذي يحدث فان الطفل يصاب
بالتشويش. فعدم الانتظام في التعامل مع السلوك بنفس الطريقة من كل الأشخاص
يخلق تضاربا وتعارضا. فالأم تارة تعاقب السلوك وتارة تتسامح معه أو الأم
تعاقب والأب لا يكترث. هذا التضارب أو الإشارات غير الواضحة لا تفيد الطفل
بل تدفعه للتصرف بأي شكل كان من اجل الاكتشاف والتعلم، ويكون بالتالي ضحية
لهذه المشكلة. لذلك على الوالدين تقديم التعليق المناسب على الموقف الذي
يحدث ويوضحان للطفل السلوك الصحيح في ذلك الموقف ويفهمانه عواقب التصرف
بتلك الطريقة في ذلك الموقف.
11. قلة المتابعة: يعتقد الوالدان أن عملية التربية تتم داخل البيت لذلك
يجب الإجادة في ذلك حتى ينقل الطفل ما تعلمه داخل البيت إلى كل مكان يذهب
إليه. أن هذا الاعتقاد صحيح نوعا ما لو لم يكن للبيئة الخارجية تأثير على
الطفل فللأصدقاء تأثير وللمدرس ورفاق اللعب تأثير وللتلفاز أيضا. فكل هذه
العوامل تؤثر على الطفل وتساعده على تعلم أشياء قد لا يرضى عنها الوالدان.
لذا يجب متابعة الطفل ومراقبته دون اقتحام لخصوصيته، ومعرفة من هم أصحابه
وما هي نوعية الألعاب التي يمارسها والأماكن التي يذهب إليها. أن متابعة
من هذا النوع توفر الكثير لاحقا وتبعد الندم وتمنع وقوع الكثير من
الأخطاء.
12. انشغال الأم والأب عن تربية الطفل: يعطي الوالدان أحيانا أولويات
للعمل الذي يقومان به، فالأب يهتم بعمله واجتماعاته وأصدقائه وبالتالي لا
يجد الوقت المناسب لمتابعة أبنائه وتوجيههم وتعليمهم كيفية التصرف في كثير
من المواقف العامة. أن قلة التدريب تؤدي إلى أن يشب الأطفال تنقصهم الكثير
من المهارات التي تعلمهم كيفية مواجهة المواقف الاجتماعية وفنون الاتصال
الاجتماعي السليم كالتحدث أمام الناس أو التعامل مع الكبار. كذلك الأمر
فقد يؤدي انشغال الأم بوظيفتها أو اهتمامها بمظهرها، وبزياراتها،
واتصالاتها، تاركة الأولاد دون عناية أو اهتمام إلى تعلم الأطفال أنواعا
من السلوك غير المقبول. أن الانشغال من قبل الوالدين يقابله خسارة كبيرة
لا يلاحظها الوالدان إلا عند وقوع المشكلة. فكثير من التغيرات السلوكية
عند الأطفال تمر دون أن يلحظها الوالدان بسبب انشغالهما. حيث تؤدي هذه
التغيرات إلى انحراف الطفل، أو طرده من المدرسة أو لارتكابه مشكلة
أخلاقية. ومن الأمثلة على ذلك لجوء الطفل إلى التدخين أو السرقة أو التأخر
عن البيت وإهمال الواجبات المدرسية أو امتلاك أدوات حادة للشجار، أو تعرفه
على أصدقاء معروفين بالانحراف. والأم العاملة مطالبة بمضاعفة الجهد وتخصيص
وقت تقضيه مع أطفالها في البيت وتعويض الصغار منهم عن حنانها أثناء
ابتعادها عنهم. إضافة إلى أن على الوالد أن يعمل جاها على تخصيص وقت
للنشاط الجماعي للأسرة.
إن افتقار الأسرة لمثل هذا الوقت يخلق نوعاً من الإحباط والشعور بالضجر
مما يدفع إلى خلق المشاجرات بين أفراد الأسرة. وقد تلجا الأمهات إلى
الاعتماد في التربية على الجدة أو الشغالات وهو ما يؤدي إلى تعلم الطفل
سلوكيات كثيرة لا يحبذها الوالدين وهنا تقع الكارثة من تعلم عادات غريبة
عن تقاليدنا.