[قل لي كيف تجلس؟... أعرفك من أنت؟
[عزيزي القارئ: خلال رحلتنا معك في أسرار الجسد والإيماءات والحركات, تحدّثنا عن لغة العيون وعن سحرها ورونقها, ومن ثمَّ أَتبعناها بلغة الأيدي وحركاتها. ورأيت أنه من المهم أن أتحدّث عن الأرجل بصفتها الركيزة الأساسية للجسم. والحديث عن الأرجل يطول ويطول.
سبحان الله خلقت الأرجل لنا من أجل مساعدتنا على السير و السعي لالتقاط رزقنا من الأرض, فهما وسيلتي للوصول إلى غايتي, بهما أمارس رياضتي الصباحية في السهول الخضراء التي تحتضن جانبي الطريق الذي أسير عليه ليعطيني هذا المشهد الطاقة الهائلة التي تجعل من رياضتي كأنها لوحة رقص رائعة. وبواسطة أرجلي أسير إلى عملي لأبدأ يوماً جديداً مع زملائي في المجلّة لنشهد جميعاً ولادة صفحات وأفكار ذكية جديدة لمجلتنا, وأمشي بهما تحت زخّات المطر التي تسقط على خدّيَّ لتعانقهما و توصل لهما رسائل الشوق من خدود من غاب عن عينيَّ وبقيت صورته في قلبي, وصوته يغرد في أذنيَّ أعذب الألحان. وبأرجل المجاهدين تتعطر تربة الوطن وتفوح بعبق الكرامة والعزّة والوفاء. ماذا أتحدث عن الأرجل أأقول أنهما الركيزتان التي أقف بواسطتهما مفتخراً بوطني؟...
عزيزي القارئ: من الممكن أنّك الآن تقول أنني خرجت قليلاً عن الموضوع, ولكن هذه هي الحقيقة, فالشيء بالشيء يُذكر. لنعد عزيزي إلى موضوعنا, كما قلت في بداية المقال أن الأرجل لها لغتها أيضاً مثل غيرها من باقي أعضاء الجسد, في كافة الوضعيات التي يتخذها أحدنا, في الجلوس, وفي الوقوف, وفي وضع الاستلقاء.
سأتحدّث عن وضعية الأرجل المتشابكة في وضعيّة الجلوس وقد استعنت قليلاً بكتاب "لغة الجسد الإيماءات والحركات" للمؤلّف آلان بيز فبدايةً الأرجل المتشابكة التقليدية, أي أنَّ الساق اليمنى فوق الساق اليسرى, كما نقول بالعامية (لف رجل على رجل), فنحن دائماً نقابل هذه الوضعية بالانفعال والخجل والعدوانية, إلّا أنّه عند تشابك جميع الأطراف أي اليدين مع بعضهما والرجلين أيضاً, فالأمر واضح فنحن في حالة احتجاج داخلي حقيقي, وهي منتشرة كثيراً بين النساء في حال عدم رضاهن عن أزواجهنّ.
وهناك التشابك على الطريقة الأمريكية, وهي منتشرة بين الذين تسود بينهم روح التنافس, وعليك الانتباه عزيزي القارئ ممن يجلسون بهذه الوضعية, وعليك عدم طلب أي شي إذا كان جليسك يجلس هكذا, بل عليك أن ترتّب الأمر بحيث يجلس في وضعيةٍ أكثر انفتاحاً, وعليك تمهيد الطريق لما تريد طلبه. وهناك أيضاً الأرجل المتشابكة على الطريقة الأمريكية والذراعان تمسكان بالقدم, وهي وضعية جلوس الرجل القاسي والعنيد والصلب.
وهناك تشابك الأطراف في وضعيّة الوقوف, وهي وضعيّة دفاعيّة, أما في حالة تم فك التشابك بين القدمين فتكون هذه الوضعية هي الوضعية المحايدة, والأمر المضحك أننا عندما نقوم بسؤال الخجولين أو المتحفّظين عن سبب شبك أطرافهم تكون حجّتهم بأنّهم يشعرون بالبرد. وفي الحقيقة هو يشعر بالقلق والعصبية من الموقف الذي هو فيه, فالذي يشعر بالحرارة دائماً يضع يديه تحت إبطيه طلباً للحرارة وتكون ساقاه مشدودتان, بينما الذي يشعر بالخجل تكون ساقاه المشبوكتان رخوتان.
وهناك القدمان المتشابكتان وهما دائماً تظهران في حال إخفاء الانفعال والخوف والعصبية, وتترافق هذه الحركات عند الذكر بقبضات منكمشة فوق الركبتين, بينما تضم المرأة الركبتين إلى بعضهما, وتنحني القدمين إلى جهة واحدة وتوضع اليدان فوق الركبتين برفق وبجانب بعضهما البعض.
أما عندما تلتف القدم حول الكعب في حالتي الوقوف والجلوس, هما حالتان دفاعيتان بامتياز, ولكن سائدتان بين العنصر اللطيف أكثر, وعندما تقوم المرأة بهذه الحركة فإنها تكون قد ارتقت إلى برجها العاجي, وفي هذه الحالة على الرجل منّا أن يظهر لها الكثير من الود والصداقة.
وهناك وضعية تشابك الرجلين على الوضعية الأمريكية بالإضافة إلى اليدين خلف الرأس, هذا دليلٌ على الإحساس بالتفوّق وثقة عالية بالذات, ولكن في حال كان في الجلسة شخصان فإن كل منهما يقول للآخر بسرّه: "أتعتقد نفسك أدهى منّي؟".
وهناك وضعية الملكية حيث يقوم مالك السيارة بوضع قدمه فوقها عندما يريد أخذ صورة مثلاً, وهناك الساق التي تستند فوق مسند يد الكرسي تعطينا انطباعاً حقيقيّاً بأنّ صاحب هذه الحركة هو مسترخٍ تماماً ولا يبدو عليه أثر للقلق.
عزيزي القارئ: إذا كانت أمامك جماعة من الأشخاص وأردت أن تعرف مدى إعجاب أحدهم بالآخر, ما عليك سوى النظر إلى اتجاه قدميه. والمضحك بالأمر إذا كان هناك شخصان بينهما امرأة, وتمعّنا بذلك الموقف نلاحظ بقاء المرأة بينهما رغم عدم مشاركتها الحديث, ونلاحظ أيضاً أن اتجاه أقدام هذين الشخصين نحوها أي أنها تحظى باهتمامهم, مع أنّها خارج الموضوع.
[/center][/right][/justify][/size][justify]