ياعلي مدد
شكرا للجميع مشاركتنا أشجان الزمن الماضي والحاضر
ولنستذكر سويا
خطاب مولانا حاضر امام بمناسبة حفل وضع حجر الأساس للمركز الإسماعيلي في دوشنبيسمو الأغاخان
دوشنبي، طاجكستان
30 آب 2003
فخامة الرئيس رحمانوف
سعادة محافظ دوشنبي
أصحاب السعادة
الضيوف المميزون
يمثل هذا الاحتفال حدثاً هاماً في تاريخ وجود الجماعة الإسماعيلية المسلمة في آسية الوسطى، إنه وجود يعود إلى القرن الثاني للميلاد. وبالنسبة لي أنا شخصياً، باعتباري الإمام الوراثي التاسع والأربعين للإسماعيليين ،فإنه يوم سعادة عظيمة.
ومن الجميل أيضاً أن حفل وضع حجر الأساس لمركزٍ هو معلَمٌ ثقافي وديني يتصادف مع الاحتفال بالذكرى الألفية لولادة سيدنا ناصر خسرو.
ناصر خسرو الذي خلف تراثاً ما يزال حتى اليوم ينير التقاليد الفكرية للمنطقة، هو من بين المفكرين الأوائل الذين سيحتفل بأعمالهم في المكان الذي نقيمه اليوم.
إن مرور الألفية لم يمحُ صلته بالحاضر، كما لم يعتم على تألق شعره، فإنه مستمر بترقيتنا وإلهامنا وتذكيرنا بأننا نحن صناع قدرنا. وكما قال، فإننا نستطيع أن نكون كشجرة حور اختارت أن تكون عارية، أو نستطيع أن ندع طريقنا مُناراً بشمعة الحكمة، لأنه ’بالعقل وحده نستطيع السعي لمعرفة الأحوال والأسباب، وبدونه فنحن لسنا سوى شجرة بلا ثمار‘.
يوجد درس آخر نتعلمه من هذا الفيلسوف العظيم، وهو أنه في انحسار التاريخ وتدفقه، فإن ’المعرفة هي الدرع لصد هبّات الزمن‘. فهي ’تبدد عذاب الجهل ‘ وتغذي ’السلام ليزهر في النفس‘.
إن ما يسعى هذا المركز للعمل من أجله هو هذا التراث وكذلك هِبات المفكرين الآخرين في آسية الوسطى.
إنني ممتنٌ لحضور فخامة الرئيس رحمانوف هنا اليوم وكذلك أصحاب المقامات الرفيعة وسعادة المحافظ عبيدلوف والقيادات المدنية لمدينة دوشنبي. إنني أغتنم هذه الفرصة للتعبير عن تقديري لدعمهم الحيوي ولتشجيعهم المستمر في البحث عن هذا الموقع وتصور هذا المشروع.
وأعترف بامتنانٍ بالتزامهم الراسخ في تحقيق طموحي العميق من أجل إقامة مركز يدرك ويعزز تعددية التقاليد وأشكال التعبير التي صارت لها آسية الوسطى موطناً مرّحباً وملتقى طرق بارزاً عبر القرون. إنه أملي يا صاحب الفخامة ويا صاحب السعادة، أن يقوم هذا المركز بدوره في تذكير العالم بحقيقةٍ غالباً ما يتم تجاهلها أو إساءة فهمها للأسف: وهي أن تقاليد آسية الوسطى في الروحانية والتعلم قد كان لها أثراً دائمٌ وإيجابي على حضارات بعيدة عن حضارتها الخاصة.
وعلى هذا الضوء، فإنه من المناسب أن يقع المركز الإسماعيلي الجديد قرب الطريق الرئيسي المسمى باسم اسماعيل الساماني ورودكي. إن رعاية السامانيين لرودكي وأيضاً للفردوسي والبيروني وابن سينا بالإضافة إلى عمالقة العلم الآخرين، هو إرث تذكرنا به العديد من الإشارات المنبهة في سائر أنحاء مدينة دوشنبي. إن تراثهم قد ألهم الإنجازات لما بعد عصرهم بكثير ولغاية يومنا الراهن، وآمل أن يقوم المركز الإسماعيلي في دوشنبي بإعادة إحياء هذا التراث.
لقد كان التاريخ الحديث للمنطقة بكاملها تاريخاً ذا تغيير واضطراب كبيرين. ولحسن الحظ، فقد سادت الحكمة، فكان التوجيه في فترة من السلام وإعادةَ البناء وتحديده، مقدماً تراثاً قيماً أكثر تسامحاً، وأكثر انفتاحاً، وأكثر شموليةً.
إنه أملي المخلص أن يساهم إنشاء المركز الإسماعيلي في دوشنبي في هذا المسعى. إن تصميمه سيستقي الإلهام من المناظر الطبيعية الرائعة للمنطقة، بل وأيضاً من هندستها المعمارية، وتقنيات البناء، والمواد والتقاليد التزينية. وفي سعيه لإحياء تلاقي الماضي مع المستقبل ورعاية حوار متبادل ومرضٍ بين التقليد والحداثة، فإن المركز سيحاول أن يعكس دروساً من الأبنية التذكارية والعادية ومن الأماكن الدينية والاجتماعية معاً.
سيسعى المركز لتقديم مكانٍ يجتمع فيه الناس ليتشاركوا في إبداعهم وحكمتهم. وفوق كل شيء، سيكون مكاناً للتأمل والسمو والبحث من أجل الاستنارة الروحية.
ابتداء من عام 1984، تم إنشاء مراكز إسماعيلية أساسية في لندن وفانكوفر ولشبونة. وتوجد مراكز أخرى في مراحل متقدمة من التخطيط في تورنتو ودبي. وإن أملي، أن يكون المركز الإسماعيلي في دوشنبي ثابتاً كالمراكز الأخرى في تعزيزه لعملية التفاهم والتبادل. ومن خلال المرافق التي تقدمها للمحاضرات والعروض والمؤتمرات وجلسات التلاوة والمعارض، بمفردها أو بالتعاون مع هيئات وطنية أوعالمية، فقد أصبحت المراكز الإسماعيلية مؤسسات ثقافية هامة.
إن هذه المراكز تعمل من أجل عكس وتوضيح وتمثيل فهم الجماعة للإسلام فكرياً وروحياً، ولضميرها الاجتماعي وتنظيمها ورؤيتها التطلعية وموقفها الإيجابي تجاه المجتمعات التي تعيش بينها.
تحدثت مسبقاً عن عملية إعادة البناء والتجديد في هذه المنطقة. و إن طاجكستان مثل جيرانها، في مرحلةٍ انتقالية عميقة تحمل في أعقابها تحدياتها وفرصها الخاصة، معتمدةً على مخزون الأمة من الصبر والشجاعة والتبصر. إن هذا الانتقال يحدث في زمن من العولمة الاقتصادية وتسارع النمو وانتشار المعرفة والتكنولوجيا الجديدة. إن هذه العوامل تتطلب من المجتمعات فيما تتطلب أن تعزز مقدراتها لتعدل وتتأقلم وتبدع وتستثمر.
حتى البلدان الغنية مادياً، فإنها تعيد التفكير في فكرة الدولة وتؤكد على دور الدولة في المساعدة على تحرير واستثمار طاقة المجتمع المدني وإبداعه لمواجهة تحديات التنمية.
إن أهمية المبادرة الخاصة قد أصبحت أكيدةً بوضوح في التنمية الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإن المساهمة غير الربحية أوغير التجارية قد أصبحت بشكل متزايد معروفة كشيء لا يمكن الاستغناء عنه في وجه ظاهرة مثل فشل السوق، والقيود على ما يمكن أن تقدمه الدولة من خدمات اجتماعية. إن مجموعة المواطنين الغنية بتعددها والموحدة بإصرار قادرة على خلق مساهمةٍ هامة للتنمية الاجتماعية في الكفاح ضد الفقر.
إنه لمن المشجع هنا في طاجكستان أن حكومة فخامتكم تشجع أفضل المماراسات وفقاً لهذه التوجهات. إن الإمامة الاسماعيلية تساند حكومة وشعب طاجكستان كتفاً إلى كتف في سعيه من أجل التوجه نحو تنمية وطنية عادلة ومستدامة.
ابتداء من تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة وعبر خلق المقدرات المؤسساتية في مجالات الصحة والتعليم والزراعة والقروض الصغيرة والبنية التحتية والثقافة، فإن وكالات شبكة الآغاخان للتنمية قد جاهدت بثبات لتحسين نوعية حياة المنطقة.
إن المركز الإسماعيلي في دوشنبي كأمثاله في الأماكن الأخرى، سيمثل الأخلاق التي توصي بكرامة الإنسان كأشرف المخلوقات. وسيهدم الجدران التي تفرق ويبني الجسور التي توحد. هذه هي الأخلاق التي تلهم عمل شبكة الآغاخان للتنمية.
إنني أصلي، أن يكون المركز الإسماعيلي في دوشنبي حالما يتم بناؤه، مكاناً للنظام والسلام والأمل والتواضع والأخوّة، مشعاً بتلك الأفكار والمواقف التي توحدنا في البحث من أجل حياة أفضل.
شكراً.
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
مبارك
ياعلي مدد