حبيت امزح معكن اسم الشاعر
هو:
الشاعر توفيق أحمد لـ« البعث »:
«الأعمال الشعرية» محطة مراجعة للتجربة
صدور
«الأعمال الشعرية» لتوفيق أحمد كان مناسبة للوقوف أمام تجربة هذا الشاعر،
فقد ضمت «الأعمال» مجموعاته الشعرية من 1988-2009، وهي على التوالي: أكسر
الوقت وأمشي، لو تعرفين، نشيد لم يكتمل، لا هدنة للماء، جبال الريح، حرير
للفضاء العاري، وربما نالت شخصية الإعلامي توفيق كمعاون للمدير العام
للإذاعة والتلفزيون من الضوء أكثر بكثير من الشاعر. فلعلّ هذه الوقفة تشكل
إضاءة مغايرة على تجربته الشعرية وأبرز محطاتها.
<
بداية، يلفت الانتباه على غلاف كتابك الأخير عنوانه «الأعمال الشعرية»
وبروز صورتك الشخصية على كامل مساحة الغلاف الأول، فما هي الدوافع لذلك؟
خاصة وأن الأعمال الشعرية والأعمال الكاملة مؤشرات لإنجاز المشروع
الإبداعي، وأحياناً لاتصدر إلا بعد رحيل أصحابها...
الطبعة التالية سيختلف غلافها بشكل كلي
<<
أولاً وجواباً عن لماذا الأعمال الشعرية، فأنا اعتباراً من 1988حتى 2009
أصدرت ست مجموعات شعرية إحداها على الأقل طبعت خمس مرات، وبعضها مرتين أو
ثلاثة، ولم أبع في حياتي إلا أربعين نسخة ساعدتني في اقتنائها طيبة الذكر
الدكتورة نجاح العطار عندما كانت وزيرة الثقافة، ومجموعاتي التي طبعت
طبعات متعددة وزعت في أنحاء الوطن العربي، ولدى الكثير من القراء العرب
المقيمين في دول أجنبية. وبالتالي تعدد الطبعات وكثرة النسخ المطبوعة
أصابني بالإرهاق، لذلك قررت أن أجمعها في كتاب واحد يخلصني من مشقة
المتفرقات. ثم لأقول هذا ما أنجزته خلال ثلاثين عاماً مضت، ويكون الأمر
بمثابة انعطافة في تجربتي الشعرية، واعتبارها محطة مراجعة لما تم إنجازه.
ثم للوقوف على مشارف مرحلة إبداعية جديدة بعد نضوج التجربة الشخصية
والكتابية -إن صحت العبارة.
أما بالنسبة لصورتي على الغلاف فهو رأي
دار النشر، وكان المبرر عندهم التساوق مع ضرورات النشر وموضته، وهناك
العديد من المجموعات لأسماء معروفة حملت أغلفتها صور كتابها. ورغم ذلك
أشير بأن الطبعة التالية سيختلف غلافها اختلافاً كلياً، لعدم قناعتي
بمبررات دار النشر.
< ثمة مقدمة «للأعمال» بعنوان «سنتي النثر،
وفتواي الشعر» للناقد الدكتور حاتم الفطناسي، أفلا تخشى من أن تشكل مصادرة
على القارىء، وربما تقوده إلى زوايا محددة قد تغيب معها زوايا أخرى أكثر
أهمية؟.
المقدمة لاتلغي المسافات الأخرى للقارئ
<< تعرفت إلى
الناقد التونسي الدكتور حاتم الفطناسي في مدينة الرقة، وبناء على ما سمعه
من قصائدي في المهرجان الشعري وبعده، وبعدما علم بفكرتي حول جمع أعمالي
الشعرية، طلب مني كتابة مقدمة لها. وقد تأخرت طباعة «الأعمال الشعرية»
بسبب ذلك خمسة أشهر، لأنني انتظرته وظل ملحاً على كتابتها. هذا من جهة،
ومن جهة أخرى فإن أية مقدمة-برأيي- لاتلغي المساحات الأخرى للقارىء
الحصيف، والمقدمات لاتشكل وصاية إنما هي وجهات نظر قابلة للحوار دائماً.
<
في مجموعتك الأولى«أكسر الوقت وأمشي» نطالع نصاً تحت عنوان«حلم» فنقرأ:«
وبعدها سافرت في جزيرة الحنين/ رأيت أني أجمع الماء مع النيران/ وأنني
أنهب من بيادر المراحل القادمة امتلاءها/ وأنني بالحلم الجانح أفضح
الزمان».
فالبناء الشعري -كما نرى- يتم من لحظة خارجية، ومن المتصور
والمنجز في التشكيل الشعري، رغم تعدد مستوياته في النص لاحقاً، فهل تعمدت
ذلك؟.
أنا ضد القطيعة مع الجذور...
<< لا أحد منا مقطوع
الجذور ، وأنا ضد القطيعة مع جذوري، ومن يؤمن بها لايمكنه كتابة إبداع
حقيقي. وفي الجانب التقني أتفق معك في الملاحظة، إذ أنني كما اعتقد الآن
أن كتابتي لهذه القصيدة كانت في ذلك الوقت بحيوية وحماس الشاب المندفع
آنذاك الذي يحاول أن يضيف شيئاً ما، أو يشكل خصوصية في تنوع وإضافة هوية
جديدة، ولو كانت جزئية، على التشكيل. وأقول لك الآن إن كثيراً من الشعراء
وقليلاً من النقاد قد وقفوا عند هذه القصيدة بالذات، وأثارت عندهم أسئلة
مختلفة.
< تذهب أيضاً في الصفحة «31» تحت عنوان«لماذا» إلى التشكيل
الصوري على مفارقات الفكرة المتناولة فتقول مثلاً«إذا كان بيني وبين طموحي
بعض الثواني/ لماذا يخاتلني العمر /يزرع فيَّ انهياري/ ويجعل حجم
سمائي/يساوي ردائي/» وأسأل هنا عن غياب إضاءات اللغة الداخلية فهل يكفي
التناول الأقرب لانكشاف الحواس على موجوداتها في الإمساك بالشعرية؟.
كنت متخماً بالقهر الأسروي والاجتماعي والإنساني عندما كتبت هذه القصيدة...
<<
في أوائل الثمانينيات كتبت هذه القصيدة التي أشرت إليها، وكنت متخماً
بالقهر الأسروي والاجتماعي والاقتصادي والإنساني بشكل عام. وما زالت هذه
الآثار رابضة في أعماقي، إذ كلما غادرتها تجيئني مسرعة، وتلف على كياني،
فأنا في أغلب الأوقات مسكون بذلك الحزن والآلام والمشقات التي كانت من
أصعب ما يمكن أن يمر به الإنسان واعتبر هذه الإجابة بمثابة تظهير غير لغوي
وغير شعري للنص.
< غلبت القصيدة العمودية في مجموعتك الثانية«لو
تعرفين» على الكتابة الشعرية الأخرى، فما الذي يحدد صيغة التناول الشعري
بالنسبة إليك، هل هي الحالة أم الفكرة، أو كلها أدوات تعبيرية مختلفة،
وليست موقفاً ثقافياً وجمالياً من العالم والإنسان.
<< الأمر
بالنسبة لي كان موقفاً جمالياً وأداة تعبير تمسكت بها في نهاية
التسعينيات، وذلك بعد أن غلب على قصائدي في مجموعتي الأولى شكلا
القصيدة-التفعيلة والنثر- وموضوعات المجموعة الثانية في أغلبها تدور حول
المرأة على اختلاف صورها، وتعدد دلالاتها ورموزها: المرأة الكيان، المرأة
الزمان، المرأة القصيدة، والمرأة الأم والوطن والأنثى بطبيعة الحال.. حيث
المرأة في تلك المجموعة هي نفسها، المرأة الإنسان المستقلة بذاتها ولذاتها.
<
أيضاً في مقدمة لوجع قديم من مجموعتك الثالثة«نشيد لم يكتمل» تقول:« ضجر
وأسئلة تلاحقني/عتب على وقت مضى/المرافئ المجهول سبقني/ وتلك قصائدي في
الصدر أخزنها /لطول الانتظار توجعت/ يا ليل قل لي كيف أسكنها/. وسؤالي:
ما المعيار الذي يحدد جمالية القصيدة بالنسبة إليك بين مجموعة وأخرى فيما
يخص الشعرية تحديداً؟
لامعيار لدي سوى
كتابة ما يخالجني من انفعالات
<<
لامعيار لدي سوى كتابة ما يخالجني من انفعالات وما يتلبسني من رؤى، أما
بالنسبة لهذه القصيدة بالذات فإنني أتذكر الآن أنها جاءت بعد قطيعة مع
الشعر استمرت أكثر من عام ، جرى خلاله الكثير من منغصات الحياة، والمفاجآت
المتعددة بتلوثات إنسانية كنت لا أدركها سوى بحديث الناس عنها، هذا ما
شكّل بعض الطعن لعفويتي وبراءتي تجاه الناس، وأشياء الحياة.
< كذلك
قمت بتقسيم المجموعة إلى فصول، فهل هي مقتضيات تقنية أملت ذلك، أم أردت
التأكيد على قدرة الشعر في احتواء أدوات إبداعية أخرى؟.
<< أنا مع الشق الثاني من الإجابة، فهي للتأكيد على قدرة الشعر في احتواء أشكال إبداعية وتجاوزها.
<
الفصل الخامس من«جبال الريح» يحتشد بعناوين الأمكنة «صنعاء، بغداد، دمشق،
طرابلس، ميونخ»فما هي رؤيتك لأثرها في الحالة الشعرية بعيداً عن مدائحية
المكان المعتادة؟.
<< أستعير هنا قول الناقد حاتم الفطناسي في
مقدمته:« بأن مثل هذه القصائد ليست إلا تنويعات على حالات نفسية، تنهض
بوظيفة التصعيد العاطفي والوجداني من ناحية، والتصعيد الفكري والحضاري من
ناحية أخرى». وأضيف إن انتماء الشاعر للأمكنة هو تجذر بالوطن، بكل ما فيه
من أقمار وسهول ووديان، المكسوة بأثواب لغوية وشعرية.
<أخيراً في
مجموعة«حرير للفضاء العاري» نعثر على الكثير من القصائد القصيرة ،
وأحياناً القصيدة«الومضة» إن صحت التسمية، فما الذي قادك إليها، أهو
الشعور بالزمن والحاجة لالتقاط اللحظات الهاربة أم طبيعة الموضوع المتناول
أوجبت هذا التشكيل؟.
أردت تقديم مهاراتي الشعرية..
<< نعم، بعد هذه التجربة أصبحت أكثّف لغتي أكثر، وأسعى لالتقاط اللحظات الهاربة.
كما أنه تنويع على لوحة الكتابة الشعرية، وإذا شئت أردت تقديم «مهاراتي الشعرية» في هذا الشكل من الكتابة الشعرية.