علي نور الدين مشرف عام
عدد الرسائل : 3567 تاريخ التسجيل : 06/02/2009
| موضوع: حين تتحول المعرفة إلى عشق فإن العاشق لاريب سيبذل جهد قلبه وعقله في سبيلها» الأربعاء يناير 13, 2010 12:29 am | |
| «حين تتحول المعرفة إلى عشق فإن العاشق لاريب سيبذل جهد قلبه وعقله في سبيلها»
- ابن سينا
لم أكن أعلم ماينتظرني حين شرعت بقراءة ديوان الشاعر حازم عبيدو «تتناوبين على بريق المعدن»، فمنذ اللحظة الأولى أدركت أنني أمام شاعر تشكل النكهة الحياتية المدهشة، مادة خصبة في قصائده، وتوضح موقفه الفني والحياتي.
لقد أغراني الإيقاع الراقص والمطرب لعنوان الديوان الشعري بالدخول إلى جوهر التجربة الشعرية واكتشاف مكنوناتها، ولكن عمق التجربة الوجدانية، المؤداة بوسائل الرمز والإيحاء والحوار الباطني وشفافية اللغة والعبارة، جعل من قراءتي رحلة بحث عن المكنون والدفين في ثنايا هذه القصائد، يقول الشاعر في القصيدة التي عنون بها ديوانه الشعري:
كالضوء تتناوبين على بريق
المعدن
خصرك فضاء للريح
وشعرك أزرق
تدفئين نوم الأطفال في الحكايا
لقد اجتمع الإحساس والفكر ليشكلا تراكماً نوعياً للصور الفنية رغم غرابتها أحياناً، ولكنه لاينسى الارتباط بالجذور والانتماء ويلبس الأشياء ثوباً بلورياً قابلاً للكسر، ويطيّر الشمس بدل العصافير ثم يعود إلى حسيّة مؤلمة تصل حداً مغرقاً في العمق:
وجهه للبحر، وعلى رماحِ
القبيلة إدماء ظهره
كجرة ماءٍ- على الأرض-
كسرت ثوبها
..............
ومن خلفه شرّعت النافذة
لتطير الشمس...
إن تطور الحركة والحدث وتناميهما في ثنايا القصائد جعل من حركة الإيقاع الداخلي وترابط الأفكار حركة دائرية حيث يلتقي طرفاها بداية ونهاية كأنما البداية هي النهاية وبالعكس.
ففي قصيدة «أسأل قلبي أين أولها؟» يحيلنا الشاعر إلى التساؤل الأكبر كيف تولد الحياة وكيف يولد الحلم؟ ومارحلة الوردة عند حازم عبيدو وارتباطها بالمكان إلا تعبيراً عن التوق الإنساني لاختراق المجهول، يقول عبيدو:
وردة مسكونة بالماء
تواصل رحيلها
دون أن تغادر ماءها
إنّ الإيقاع الداخلي للتفعيلة يشير إلى هدوء وعمق تفكير وإصرار على المضي في رحلة البحث هذه.
بعد هذه الرحلة في شعر عبيدو لن نرى غرابة في أن يلبس الشاعر مدينته ثوب زفاف أبيض، ثم يحول هذا الثوب إلى كفن، إنه تعبير عن الفرح المبطن بالألم حتى ليلتبس الأمر أيهما الحقيقة، يقول في قصيدته الفرح الأبيض:
الفرح الأبيض
يحيل المدينة إلى كفنٍ
يأخذني الغياب
من وراء النافذة
ويمحو الثلج بيوت المدينة
من أمامها
وليس بين البياضين غير زجاج
قابل للكسر
إن الإحساس بالزمن يلازم تفكير الشاعر، وكيف يهرب منا دون أن نستطيع الإمساك به، تسكننا الوحدة فنستغرق في الحلم ونلملم بقايا الضوء والأمل، لتحلق الروح بالحلم والحب دون أن تغرق في تفاصيل الحياة المادية.
من كثرة ماأنا وحدي، قرأت
الريح كلها، ولم تخلع شقائق الهذيان
جسدي
هي الروح التي لاتعترف بالحدود ولايأسرها شيء، تولد كل لحظة من جديد كما يولد الضوء، أي امرأة هذه التي يتماوج المحيط بشعرها، ومن التفافة خصرها تولد المسافات وتنبعث الحياة بقدومها، فيستيقظ النائم ويحيا الميت وكلما شربت من مائها زاد عطشك إليها، يقول الشاعر حازم عبيدو:
بقميص الجهل أنتظر
لاتجيئين في عربة أو قطار
لاتجيئين في طقس أو ميلاد
لابوردٍ، ولا..
بإمرة زيتك
-هذا المساء- أضيء
قنديلي شجرة زيتون
يبدو أن برودة المعدن ولمعانه يغريان الشاعر باستيلاد صورة حية من لحم ودم، وكأن السؤال سيف بلا نهاية، والأجوبة خلف أبواب موصدة فكلما لاح بريق أمل أتى طوفان من الورد والجحيم ليتلف كل شيء ويحمله كزوبعة إلى فضاء مجهول، يقول «عبيدو» في قصيدة معدن السؤال:
حميم وبعيد هذا الدم على
معدن السؤال
كالخلايا يتوالد النصل
ويشتهي أبواباً صدئة، لاتعبرها
الريح
وفي قصيدته ليلة هادئة يحيل السكون إلى رحلة تقودنا إلى العالم السفلي وكأن كل شيء على هذه الأرض قد توقف أو كاد.
أما في قصيدة «أنثى تكنس غبار المدينة» فيجعل الشاعر للريح شكل أنثى تحمل الزمن في يديها لتكنس به كل شيء، فكأنك ماكتبت شيئاً، وماعشقت، وكأنك لم تقابل امرأة ينبع الورد من أصابعها وعلى أودية الروح تنبت الأسئلة، وأجوبة تتساقط كالغبار فيلفها النسيان.
إن الصور الفنية عند حازم عبيدو تعتمد الإدهاش ومخالفة المألوف، يأتيك من حيث لاتحتسب، يبعد عنك رتابة التكرار والتقليد.
وإذا كانت مهمة الشعر والأدب المساهمة في تغيير العالم، فإن الشاعر حازم عبيدو قدّم مساهمة تستحق الوقوف عندها وتأملها جيداً. وإني آمل أن أكون قد استطعت أن أسلّط الضوء على عالم حازم عبيدو الشعري الزاخر بالفكر والإحساس الفني المرهف.
ولكن لابد للقارئ أن يطلع على الديوان حتى يستطيع تشكيل فكرة وافية عنه.
| |
|
علي نور الدين مشرف عام
عدد الرسائل : 3567 تاريخ التسجيل : 06/02/2009
| موضوع: رد: حين تتحول المعرفة إلى عشق فإن العاشق لاريب سيبذل جهد قلبه وعقله في سبيلها» الأربعاء يناير 13, 2010 12:31 am | |
| مجنون ليلى العامرية
حوّل الأدباء هذا الرّجل، أو -بالأصح- حولوا قصته وشعره إلى روايةٍ أسطوريةٍ أشبه بالخيال، وعملوا على عملقة هذا الشاعر، ما حدا بالجاحظ إلى القول: ما ترك الناس شعراً/مجهول القائل/ فيه ذكر ليلى، إلا نسبوه إلى المجنون، ومن جهة أخرى كان الأصمعي ينكر وجود هذا المجنون.
تركت قصة مجنون ليلى نتيجة ما رشّ فوقها من "التوابل والبهارات" أثراً عظيماً في الأدبين الفارسي والتركي، فما حكاية هذا الرّجل؟
هو أوّل من حمل لقب (المجنون) على الإطلاق، واسمه: قيس بن معاذ بن الملوح بن مزاحم العامري، شاعر متغزّل بارع، وهو من أشهر العشاق العرب، نجديُّ المولد، عامريُّ الهوى، أحبَّ ليلى بنت مهدي بن سعد منذ الطّفولة، وعندما شبّ، شبب بها في شعره، فذاع صيتهما في الآفاق، ثمّ طلبها من أهلها، فمنعوها عنه، فازداد حبّاً بها، وأخذ يتردّد إلى حيّها بين الفينة والأخرى، إلى أن ضاق أهلها ذرعاً، فشكوه إلى السّلطان، الّذي بدوره أهدر دمه، فهام على وجهه في الصّحراء متنقلاً بين قبائل العرب متغنّياً باسمها، إلى أن فقد السّيطرة على عقله فاختلط في ذهنه الحابل بالنابل، ومن هنا جاءه لقب (المجنون)، واستمرَّ على هذه الحال، يتنقّل من ناحية إلى أخرى ذاكراً ليلاهُ في شعره وهذيانه إلى أن فاضت روحه، وكان ذلك سنة /68هـ، 688م/.
أمّا عن شعره ككلّ، فيتميز بالإنسانيّة الرّائعة بالإضافة إلى دقة التّصوير أثناء وصفه ليلى، ويغلب القصّ على مجمل ما نظم، ولم يلهث هذا المجنون وراء التّعقيد أو التقعير أو البحث عن المعجميّات، فكان شعره واضحاً وسهلاً وفي متناول الجميع.
ومن أروع ما أبدع:
أوميضُ برقٍ في الأبيرق لاحا أم في ربى نجدٍ أرى مصباحا
أم تلك ليلى العامريّة أسفرت ليلاً فصيّرت المساءَ صباحا؟
وقال أيضاً:
ألا يا حمامات العراق أعنني على شجني، وابكين مثل بكائيا
يقولون ليلى بالعراق مريضةٌ فيا ليتني كنت الطّبيب المداويا
تمرُّ اللّيالي والشّهور ولا أرى غـــــــــــرامي لهــــــــا يزدادُ إلا تماديا
مُظفر مصطفى كرزون
للاستئناس:
1-ديوان مجنون ليلى- عالم الكتب- بيروت 1995م
2-تزيين الأسواق - داود الضرير- عالم الكتب- بيروت 1993م
3-مصارع العشاق- جعفر السراج- دار بيروت للطباعة والنشر- بيروت (د.ت)
| |
|
سقراط مشرف عام
عدد الرسائل : 4740 تاريخ التسجيل : 06/03/2008
| موضوع: رد: حين تتحول المعرفة إلى عشق فإن العاشق لاريب سيبذل جهد قلبه وعقله في سبيلها» الخميس يناير 14, 2010 5:04 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم يا علي مدد أخي الروحي الغالي توفيق شكراً لك | |
|
الاسكندر عضو بلاتيني
عدد الرسائل : 254 تاريخ التسجيل : 01/10/2009
| موضوع: رد: حين تتحول المعرفة إلى عشق فإن العاشق لاريب سيبذل جهد قلبه وعقله في سبيلها» الخميس يناير 14, 2010 10:05 am | |
| متالققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققق ,..., | |
|
وردة مشرف عام
عدد الرسائل : 1017 تاريخ التسجيل : 11/06/2009
| |