أم محمد: على الرغم من فقر حالنا إلا أننا كنا صفقة ناجحة للغير كان لقاؤه جافاً على الرغم من محبته الكبيرة لنا، ورفض في بداية الأمر التصوير ناعتاً كل الصحفيين الذين قدموا إلى منزله بـ "الكذابين", فما حدث مع الطفل محمد الدوخي تركه متردداً وعديم الثقة بأي وجه إعلامي يقصد منزله المكون من غرفة واحدة خالية من النوافذ.
فقر الحال وصعوبة المعيشة هما ما دفع أمه إلى إخراجه من المدرسة ووضعه في ورشة ميكانيك لتعلم الصنعة والعمل على قدر طاقته، وهناك تعرض محمد للضرب من قبل معلم الورشة والصبي الأكبر لدى المعلم مما زرع الخوف والقلق في داخله بشكل دائم، حتى أنه ولدى تعرضه لحادث الحريق الذي أقعده المنزل وعزله عن العالم الخارجي، لم يصرخ ليستنجد، بل رائحة ذوبان جلده هي ما نبّه معلم الورشة لحدوث خطب ما في المكان المخصص لإعداد الشاي والقهوة داخل الورشة. سيريانيوز عملت على نشر تقرير كامل عن حالة الطفل محمد، وبناء على رغبة قراء الموقع وضعت سيريانيوز آلية للتواصل مع المتبرعين لفتح حساب خاص بالطفل محمد لعلاجه وإجراء العمليات اللازمة له، وتم اصطحاب محمد إلى عدد من الاستشارات الطبية لعدد من الأطباء المختصين بالحروق و العمليات التجميلية، والذين أكدوا ضرورة إجراء عدة عمليات إسعافية ليد الطفل و لأذنه وقسم من فروة رأسه...تبني "وهمي" لشيخ سعودي
في الوقت ذاته قامت مراسلة لإحدى المحطات الفضائية (م-م) بالاتصال بسريانيوز وطلب عنوان الطفل محمد لتنجز تقريراً متلفزاً عن حالته، مستشهدة بعدد من الحالات "تم تبنيها من قبل شيوخ سعوديين"، وبالفعل قامت المراسلة بزيارة الطفل وإجراء التقرير اللازم لها لتتصل بعد مرور أسبوعين وتعلمنا بـ "تبني حالة الطفل محمد من قبل شيخ سعودي رفض الكشف عن أسمه كون عمل الخير لا يتطلب المجاهرة به"، وبينت المراسلة أن "مجلس الشورى السعودي قام بالاتصال مع مجلس الشعب السوري للوصول إلى المراسلة وإخبارها بذلك"، لكنها كانت على سفر والذي تبلغ الخبر كان مدير مكتب المحطة الفضائية والذي قام بتبليغها. شعر العاملون بسيريانيوز بالسعادة وتمّ التوقف عن استقبال الاتصالات والإيميلات المتعلقة بفتح حساب للطفل محمد، كما تمّ الاعتذار من الذين تواصلنا معهم لعلاج محمد، والاكتفاء بمتابعة الحالة مع أهل الطفل لمعرفة موعد السفر وتأمين متطلبات العائلة وتقديم العون إن أمكن.
ولكن مرّ شهر واثنان، وثالث ورابع وخامس دون أن يظهر احد من طرف الشيخ السعودي، وتهافت خلال هذه الفترة مراسلو عدد من المحطات الفضائية لإجراء تقاريرهم الخاصة.
وبهدف متابعة التبني من قبل الشيخ السعودي قامت سيريانيوز بالاتصال مع مكتب المراسلة (م-م) والتي نفت تلقيها أي اتصال من أحد يخص الشيخ السعودي وأنها كانت على سفر، مؤكدة بان "من تلقى الاتصال هو مدير المكتب (ج-ص)"
وبالاتصال مع مدير مكتب المحطة الفضائية (ج-ص) تذكر تلقيه اتصال من السعودية لشخص يريد المساعدة وهو أعطاه عنوان الطفل محمد، أما عن اسم المتصل أو عنوانه قال "لا أتذكر أي شيء"مبيناً أن "مهمتنا تنتهي بإعلام الأهل بوجود المتبرع ..."!
رغم فقر الحال كانوا "صفقة إعلامية ناجحة"
جلست أم محمد تتكلم معنا بصوت مخنوق "مر عام كامل ونحن ننتظر كذبة... في البداية نفسية محمد تحسنت كثيراً خاصة بعد ان اصطحبناه إلى عدد من الأطباء لمتابعة حالته فشعر بالأمان والسعادة لمتابعة علاجه، وعندما اتصلت (م-م) بي وأخبرتني بوجود الشيخ السعودي طار عقلنا من السعادة وبدأنا نجهر الأوراق و بيجامة جديدة لمحمد..." وتابعت أم محمد كلامها "كان يسألني باستمرار هل سأرجع كما كنت، مثل أولاد الحارة؟ هل سأعود إلى المدرسة؟ وهل سألعب الكرة في الحارة دون أن يخاف مني الأطفال؟" وسادت لحظات صمت لتكشف لنا أن "محمد الآن يقص رموش عينيه وما تبقى من حاجبيه ويجرح نفسه أحياناً وعندما تسأله عن السبب وتوبخه يجيبها بأنه يريد أن يكون مثل بقية الأطفال، وأن الكل قد كذبوا عليه..."
وابتسمت أم محمد بغصة قائلة "رغم فقر حالنا كنّا سبق إعلامي وصفقة ناجحة للغير"، وذكرت عدد من المحطات الفضائية التي تهافتت عليهم، حتى ان مراسل إحدى تلك المحطات دخل عليهم ليسألهم "هل هنا منزل الولد المحروق..." واستنكرت الأم باكية "ابني اسمه محمد وليس الولد المحروق؟ لكنهم في الحقيقة لا يرونه إلا الولد المحروق"...
لارا علي- سيريانيوز