بسم الله الرحمن الرحيم
يا عــــــلي مـــــــدد
عرف الناس منذ القدم الفرق بين البارد والحار، ولبسوا الفراء اتقاءً للبرد، وخافوا النارعندما أحرقتهم،
لكنهم لم يقيسوا الحرارة على النحو العلمي الدقيق، ولم يضعوا للحرارة سلَّماً لقياسها إلا في القرون الأخيرة،
حتى بات يصعب اليوم أن نتخيل الدنيا بلا ميزان حرارة، نقيس به حرارة المريض أو الجو أو الفرن.
كان أرسطو فيلسوف الإغريق الشهير(384-322 قبل الميلاد) يصنف الحرارة والبرودة ضمن طبائع الأشياء
، فالجسم الحي حار، والمعادن والصخور باردة.
ووصف المهندس الإغريقي فيلون سنة220 قبل الميلاد كيفية تمدد المياه بالحرارة وتتقلص بالبرودة
، لكنه لم يخطُ الخطوة التالية التي كان يمكن أن توصله إلى ميزان الحرارة.
هذه الخطوة انتظرت العالِمَ الإيطالي غاليليو غاليلي (1564-1642م)،
الذي ابتكر مرقباً للحرارة (Thermo scope)، بين 1593 و1597.
فقد صنع أنبوباً من زجاج، طرفه الأعلى مقفل ومنتفخ على استدارة،أما طرفه الأسفل فمفتوح،
ويغوص في وعاء مملوء ماءً ملوناً،وحين كان أعلى الأنبوب يسخن كان الهواء فيه يتمدَّد، فيضغط الماء نزولاً،
وحين يبرد، يسحبه صعوداً.
وفيما بعد أضاف الدكتور سنتوريو سنتوريو (1561-1636) سلم قياس إلى أنبوب مرقب الحرارة،
مقسماً إلى أربعة أجزاء وجعله للأغراض الطبية، وسمى سنتوريو جهازه الجديد: آلة الحرارة.
ووصف الآلة في كتاب له بأنها لقياس حرارة دم البشر، ومعرفة ارتفاع درجة حرارة الجسم،
وفي الكتاب رسم يظهر فيه مريض وقد وضع في فمه أنبوباً مرناً، ينفخ فيه نَفَسَه، وينتقل النَفَس بالأنبوب
إلى آلة الحرارة.
وعلى الرغم من أن القياس لم يكن دقيقاً البتة، إلا أن هذا كان اللَّبِنَة الأولى التي طور عليها المخترعون فيما
بعد ميزان الحرارة.
ففي سنة 1718 صنع أحد نافخي
الزجاج وكان اسمه دانييل جابريال فارنهايت (1686-1736) أنبوباً لقياس الحرارة، ورسم
عليه سلم قياس سماه قياس فارنهايت، على اسمه هو، وعلى هذا القياس جعل المخترع درجة
تجمد الماء الدرجة 32، ودرجة غليان الماء 212 درجة، وقسم المسافة بين الدرجتين،
مئة وثمانين درجة متساوية،ولا يزال هذا السلم مستخدماً في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي سنة 1742عدَّل عالم الطبيعة أندرس سلزيوس (1701-1744) سلّم فارنهايت، فجعل درجة تجمد الماء صفراً،
ودرجة غليانها مئة درجة، وقسم ما بينهما إلى مئة درجة سماها مئوية، وثمة من يسميها درجات
سلزيوس، على اسم صاحب السلم الجديد.
وفي عصر الحاسوب والوسائل الرقمية
أخذ عالم الطب يستغني عن ميزان الحرارة العامل بالزئبق، ولا سيما لخطورة الزئبق في
الناحيتين الطبية والبيئية، وصار ميزان الحرارة رقمياً، يستخدم متحسسة إلكترونية.
أخـــــــوكم ........ دومـــــًا