الإثبات حاجة أساسية لنجاح الدعوى
يقال عن الحق ثابتاً: عندما يكون مقرراً بموجب قواعد ونصوص قانونية واضحة.
كما يقال عن الدعوى أنها رابحة: عندما تكون الأدلة المطروحة فيها ثابتة وموثقة, لايأتيها الباطل والإنكار من أحد, والدعوى التي لاتتضمن أي دليل مقبول قانوناً للإثبات, تصبح غير ذات جدوى ويصير الحق فيها إلى العدم.
لذلك نجد أن أول سؤال قد يوجهه المحامي على من يود توكيله في دعوى ماهو: ماالدليل لديك على ما تقوله أو تدعيه وذلك عملاً بالقاعدة الفقهية (البيّنة على من ادعى) وعلى ضوء مايطرح بين يديه من أدلة يقدر مدى نجاح الدعوى وزمنها التقريبي.
ودليل الإثبات ليس مجرد أقوال أو مجموعة أوراق يقدمها المدعي أو المدعى عليه للقضاء في الدعوى المطروحة أمامه كيفما اتفق, بل لابد من خضوعها لمجموعة من القواعد والأسس القانونية التي وضعها المشرّع لتصبح دليلاً مقبولاً فيها, فالإثبات هو: إقامة الدليل بالطرق القانونية التي وضعها المشرّع لإثبات صحة واقعة متنازع عليها, وهو مايسمى عند رجال القانون بقواعد الإثبات.
مع العلم أن قواعد الإثبات تختلف بحسب نوع الدعوى ودرجة المحكمة الناظرة بها واختصاصها, فما يكون مقبولاً أمام القضاء الجزائي أو الإداري قد لايكون مقبولاً أمام القضاء المدني أو الشرعي, وما يمكن إثباته بالشهادة أمام محكمة الصلح قد لايجوز إثباته بنفس الطريقة أمام محكمة البداية.
وبالتالي أيضاً تقسم قواعد الإثبات إلى قواعد موضوعية وقواعد إجرائية أو شكلية, فالقواعد الموضوعية هي التي تحدد الأدلة التي يمكن الركون إليها لإثبات الحق ومدى قوتها ومطابقتها للوقائع ومن يتحمل عبء الإثبات فيها, أما القواعد الإجرائية فهي القواعد الشكلية التي يجب اتباعها عند تقديم الدليل ويتوقف على صحتها وتطبيقها, اعتبار قوة الدليل في الإثبات أو إبطاله.
ولقد خص المشرع السوري قواعد الإثبات في قانون خاص سمي قانون البينات, ويطبق في القضايا المدنية والتجارية والشرعية, أما قواعد الإثبات في القضايا الأخرى فتخضع إلى قوانينها الخاصة.
وقد تناول قانون البينات:
1ـ المبادئ العامة في الإثبات وقواعدها الكلية.
2ـ الأدلة الكتابية والتي تشمل الأسناد الرسمية والعادية وحجيتها.
3ـ أدلة الإثبات غير الكتابية وتشمل الشهادة والإقرار واليمين والمعاينة والخبرة.
وأخيراً يمكن التذكير بأن أكثر التعاملات التي اعتاد عليها الناس في مجتمعنا غالباً ماتكون قائمة على الثقة وغير مكتوبة أو موثقة, وقد يقوم القليل منهم بتوثيقها من خلال أسناد عادية متجنبين الأسناد الرسمية بسبب التعقيدات الإدارية أحياناً أو بسبب الرسوم المتوجبة عليها, ولذلك فإننا نجد في الحياة العملية, أن معظم هذه الحقوق في حال إنكارها أو حصول وفاة أو غياب طويل يكون مصيرها الضياع, لأن صاحبها لايملك أي دليل قانوني يسعفه في إثباتها أمام القضاء, ولابد لنا هنا من القول للمواطن العزيز بضرورة الانتباه إلى حيازة الدليل المتوجب قانوناً, عند كل تصرف أو إجراء يتضمن حقاً أو يرد ضرراً وألا يكتفي بالكلام والثقة ويستسلم للعاطفة.
ننتظر رائي الاخ المحامي الاستاذ ليث