بسم الله الرحمن الرحيم
يا علـــــــــي مـــــــــدد
تعني عبارة منتصف الليل من حيث البديهة منتصف الفترة التي يرخي فيها الليل سدوله على منطقة ما ،
كما يعني النهار الوقت بين طلوع الشمس وغيابها ،
ولكن على أرض الواقع وحسب المواقيت المعلنة يقولون عن الساعة الثانية عشرة ليلا منتصف الليل،
وكثيرا ما كان المستمعون على الراديو ليلا يسمعون عبارة منتصف الليل عندما تدق الساعة الثانية عشرة .
ومن الملاحظ وجود مفارقة كبيرة بين الحقيقة وبين ما اصطلحوا على تسميته منتصف الليل،
وهذه المفارقة تأتي من خلال اعتبارات عدة .
ومن ذلك عندما يجري تقديم او تأخير الساعة ،فإذا كانت الساعة الثانية عشرة ليلا هي
منتصف الليل فكيف تكون منتصف الليل في اليوم التالي للتأخير أو التقديم .
الأمر الثاني أننا عندما نقلب أوراق الروزنامة نجد أن اعتبار الساعة الثانية عشرة منتصف
الليل غير دقيق أيضا .
مثلا تغرب الشمس يوم الجمعة في الثلاثين من نيسان عند الساعة السابعة و22 دقيقة، وتطلع
في صباح الأول من أيار عند الساعة الخامسة و49 دقيقة ،ويبلغ طوله عشر ساعات و27
دقيقة ، وإذا قمنا بتقسيم الرقم إلى نصفين نكتشف أن منتصف الليل يكون في الساعة
الثانية عشرة والربع تقريبا .
وتزداد المسألة تعقيدا إذا اطلعنا على اختلاف العلماء في تحديد مدة الليل والنهار،وهم
متفقون على اعتبار أول الليل عند غروب الشمس ،ولكنهم اختلفوا حول تحديد نهايته
،فمنهم من قال إن الليل ينتهي عند طلوع الفجر، ومنهم من يرى أن الليل يمتد إلى طلوع الشمس.
وينتج عن هذا الاختلاف أيضاً حساب بداية النهار الذي هو يقابل الليل وهل يبتدئ من طلوع
الفجر أم يبتدئ من طلوع الشمس .
وأصل المفارقة بين المنتصف الواقعي لليل وبين الوقت المعلن هو بقرار اتخذ في الولايات
المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر ،وارتضاه الناس في كل أنحاء العالم ،تماما كما
ارتضوا التقويم الغريغوري المتخذ في أواخر القرن السادس عشر تقويما عالميا.
وترجع بدايات اعتبار الساعة الثانية عشرة منتصف الليل إلى مناقشة خط التأريخ العالمي في
مؤتمر دولي دعا إليه الرئيس الأمريكي تشستر آرثر في تشرين الأول من عام 1884 وقد
حضره ممثلو 25 دولة في مدينة واشنطن.
وكان من أسباب عقد هذا المؤتمر الوصول إلى صياغة مناسبة للتقويم ترفع الاضطرابات التي
يتعرض لها البحارة في أسفارهم بسبب التقاويم المحلية المتعددة ، وتيسير لغة مشتركة
بين العلماء والفلكيين . وقد تقرر في ذلك المؤتمر المبادئ الهامة التالية :
تبني الجميع خطا زمنيا واحدا كأساس للتوقيت بديل للنظم المتنوعة التي وجدت وقتذاك ،
ويكون 1 ـ خط الطول المار بجرينتش أساسا لبداية التوقيت .
2 ـ تحسب خطوط الطول شرقا وغربا من ذلك الخط حتى 180 درجة .
3 ـ تتبنى جميع دول العالم يوما عالميا موحدا يقوم على أساس متوسط اليوم
الشمسي ،ويبدأ من متوسط منتصف الليل لجرينتش ويستمر لدورة مقدارها 24 ساعة .
كما اتفق على أن يتجنب خط التأريخ العالمي المرور بأي أرض يابسة حتى لا يتسبب في وقوع
مشكلات تفاهمية بين سكان المنطقة أو المدينة الواحدة . إذ إن الناحية التي تقع إلى
الغرب منه سيكون التقويم فيها أسبق بيوم من الناحية التي إلى الشرق رغم أن اليوم
هو نفسه فيكون اسمه الأحد في قسم والاثنين في القسم الآخر .
وقبل هذا المؤتمر قسمت الأرض إلى خطوط افتراضية تمتد من الشمال إلى الجنوب بين الموضعين
اللذين يمثلان نهايتي محور دوران الأرض وسميا بالقطبين ، أحدهما سمي بالقطب
الشمالي لمقابلته تقريبا لنجم في السماء يسمى بنجم الشمال ، وسمي القطب المقابل
بالقطب الجنوبي، وعرفت تلك الخطوط بخطوط الطول تمييزا لها من خطوط أخرى، وأعطيت
أرقاما لهذه الخطوط من 1 إلى 180 درجة شرقا إلى خط الطول المار بجرينتش ومثلها
غربا ،وكل خط طول مع امتداده يمثلان دائرة كاملة أي يشكلان محيطا على سطح الأرض
ويمر مسقطه بمركز الأرض .
وقسم سطح الأرض إلى 360 خط طول ينصفها خط الاستواء، وإذا قسمنا طول اليوم البالغ 24
ساعة على عدد الخطوط لكانت المسافة بين كل خطي طول تعادل أربع دقائق.
أخـــــــــــــوكم..........دومــــــــــــاً