السبات .. أهم الاختلاطات التي تصيب مريض السكري الذي أهمل علاجه

السبات .. أهم الاختلاطات التي تصيب مريض السكري الذي أهمل علاجه

الدكتور علاء الدين الصغير
تحدث الدكتور علاء الدين الصغير الاختصاصي بأمراض الغدد الصم والسكري والتغذية في مقالة سابقة عن داء العصر، وهو داء السكري، فتعرفنا إلى أسبابه وأنواعه وطرق علاجه بالحمية والرياضة والأدوية،

وسيتكلم في هذه المقالة وما يليها عن الاختلاطات المختلفة التي تصيب مريض السكري الذي أهمل علاجه.‏

السبات السكري الخلوني :‏

السبات السكري الخلوني يعد أهم اختلاط إسعافي يحدث لمرضى السكري، إذ يتطلب تدبيره إدخال المريض إلى المشفى لعلاجه وينجم عن نقص شديد في أنسولين الدم مما يفعّل العمليات الاستقلابية الهادمة للنسيج الشحمي فتتشكل بذلك الأجسام الخلونية المؤدية إلى السبات (أو الغيبوبة). يحدث السبات الخلوني لدى مرضى السكري من النمط الأول الذين أهملوا علاجهم بالأنسولين أو أصيبوا بتجفاف شديد كما يحدث بعد العطش المديد أو الإسهال الحاد، لذا يكثر حدوث السبات الخلوني في شهر رمضان الواقع صيفاً.‏

أعراضه وعلاماته :‏

يتظاهر السبات الخلوني قبل حدوث حالة الإغماء بالعلامات المخبرية التالية:‏

حالة احمضاض الدم أو الحُماض، أي زيادة حموضة الدم المميز بارتفاع تركيز شوارد البيكربونات في الدم واضطراب تركيز الصوديوم والبوتاسيوم وظهور الأجسام الكيتونية في البول وفرط في التبول؛ ولا تبدأ هذه الاضطرابات إلا إذا زاد سكر الدم عن 250 ملغ/ 100 مل. كما يتظاهر السبات الخلوني باضطراب الوعي بدرجات متفاوتة قد تصل إلى حد الإغماء الحقيقي. ويلاحظ على المريض تسارع في التنفس مترافقة بنفس خلوني، أي تفوح من المريض رائحة كالخل، الأمر الذي يفسر تسميته بالسبات الخلوني. كذلك قد يحدث تجفاف شامل للجلد وينخفض ضغط الدم.‏

الظروف المهيئة للسبات‏

ومنها إيقاف الأنسولين أو حذف جرعة منه لدى مرضى السكري من النمط الأول دون رأي الطبيب كما في حالات الصيام المديد، أو أن يصاب هؤلاء المرضى بالإنتانات الحادة أو الآفات الوعائية الحادة مثل حوادث الدماغ الوعائية واحتشاء القلب أو أية حالة عضوية شديدة كالتهاب البنكرياس الحاد وقصور الكلية، أو أية عملية جراحية بدون تحضير مناسب بالأنسولين. وقد يحدث السبات الخلوني في السكري الحملي غير المعالج بالأنسولين أو في حالات التجفاف الشديد خاصة بعد الصيام أو الإسهال الحاد أو تعاطي المدرات البولية بدون مراقبة الطبيب.‏

تدبير السبات‏

ينصح المريض الذي ظهرت عليه بداية تغيم الوعي وأعراض السبات الخلوني المذكورة آنفاً أن يسارع إلى دخول المشفى وإخطار طبيبه المعالج لعلاجه إسعافياً. وفي المشفى يجرى له ما يلي: تعويض السوائل عبر إعطاء السيرومات بكميات كبيرة وفق إرشادات الطبيب، كما يتم تعويض البوتاسيوم والشوارد الأخرى. كما يتم علاجه المريض بالأنسولين عبر الوريد في بداية العلاج ثم عبر الجلد وفق خطة علاجية يحددها الطبيب المختص بأمراض الغدد الصم والسكري. بعد إسعاف المريض بالسوائل والأنسولين وتجاوز مرحلة الخطر يعالج الطبيب السبب المحدث للسبات الخلوني وخاصة الإنتانات الشديدة والاحتشاء أو الآفات الحادة، وتستمر مراقبة المريض بشكل منتظم وفق تعليمات الطبيب إلى فريق التمريض والعناية.‏

كيفية الوقاية من السبات‏

ينصح مرضى السكري من النمط الأول بعدم ترك العلاج بالأنسولين أو نسيان إحدى جرعاته، كما يوصى بتجنب التجفاف لدى مرضى السكري وخاصة في أشهر الصيف الحارة أو بعد حدوث إسهال حاد، كما يجب أن يسارع إلى علاج أية حالة حادة قد تصيب مريض السكري فور حدوثها كالإنتانات التنفسية والبولية والإسهالات الحادة، وأن تعالج الحامل السكرية بالأنسولين. وينصح مرضى السكري من النمط الأول عدم اللجوء للصوم في رمضان إلا بعد إذن الطبيب المعالج الذي يقرر صلاحية المريض للصيام أم لا، إذ يعد داء السكري المعالج بالأنسولين أو داء السكري لدى المسنين أو المصابين بآفات قلبية أو وعائية أحد الأمراض التي يجوز فيها الإفطار شرعاً مع دفع فدية الإفطار، عملاً بقوله تعالى:‏

(وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين). [سورة البقرة: الآية 184]‏

السبات مفرط الحلولية‏

هنالك نوع آخر من السبات السكري قد يصيب مرضى النمط الثاني المسنين المعالجين بخافضات السكر الفموية وذلك بعد تجفاف شديد أو إصابة وعائية حادة أو إنتان شديد، كما هو الحال في السبات الخلوني، وهو يدعى بالسبات مفرط الحلولية نظراً لارتفاع نسبة صوديوم الدم لأكثر من 150 ميلي مول/لتر، كما أن سكر الدم قد يرتفع لأكثر من 500 ملغ/100مل. ويعالج هذا السبات كسابقه بتعويض السوائل والبوتاسيوم، كما توقف خافضات السكر الفموية ويعطى المريض الأنسولين السريع في الوريد وتطبق نفس الإجراءات العلاجية والعناية التمريضية المعهودة في السبات الخلوني.‏

وسيتابع الدكتور علاء في المقالات اللاحقة الحديث عن بقية الاختلاطات السكرية.

المولى الكريم يوفقك

ويعافي الجميع