بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد
تاريخ جديد كتبه المنتخب الإسباني بفوزه باللقب العالمي للمرة الأولى بتاريخه بتغلبه على
المنتخب الهولندي العنيد بهدف إنييستا بالشوط الإضافي الثاني وقبل نهايته بأربع دقائق.
فرصة العمر أتت للإسبان فاستغلوها أفضل استغلال حيث
إن قطف ثمار تعبهم نالوه عن جدارة واستحقاق وكانت انطلاقتهم نحو اللقب العالمي منذ
حصولهم على الكأس الأوروبي 2008 وبذلك يكونون والفريق الألماني بمستوى واحد حيث إن
كلاً منهم حصل على كأس أوروبا ثم كأس العالم فالألمان فعلوها في عام 1972-1974 وإسبانيا فعلوها في 2008- 2010. بالعودة للمباراة نجدها أفضل
مستوى من نهائيات كثيرة حيث إن معظم النهائيات تكون بمستوى متوسط نظراً لحساسية
اللقاء وأهميته وحساباته الدقيقة حيث قدم المنتخبان مباراة جميلة بأداء مهاري
وتكتيكي راق رغم أنهما لعبا بطريقة واحدة هي (4-2-3-1).
الهولنديون بدؤوا المباراة بضغط قوي على الإسبان
واستخدموا أجسادهم القوية والطويلة لإيقاف اللاعبين الإسبان أصحاب المهارات
العالية والأجسام المعتدلة عن أداء ما يقومون به عادة من تمرير واستحواذ على الكرة
تجعل المنتخب الخصم يدور حول الكرة دون أن يلمسها ما يشكل حالة أرق وانزعاج بينهم
يؤدي ذلك إلى فقدان توازنهم وبذلك يستغل اللاعبون الإسبان عدم التوازن هذا ويسجلون
بأريحية فكان الهولنديون واعين تماماً التكتيك الإسباني، لذلك لا عجب أن نشاهد أن
نسبة الاستحواذ الإسباني على الكرة في هذه المباراة كانت هي الأقل بحيث كان
الفريقان متساويين تقريباً مع تفوق بسيط للإسبان لكن كانت نسبة البطاقات الصفراء عالية لمصلحة الهولنديين.
استطاع المنتخب الإسباني الخروج من الفخ الهولندي لما
يتمتع به من خبرة وثقة بالنفس ودافع قوي نحو الفوز والتعامل معه بشكل إيجابي
لمصلحته من خلال محاولة كسر الدفاع الهولندي بتمريرات مفاجئة طويلة خلف دفاعاتهم
لفيا لكن هذه التمريرات عابها الدقة والتوقيت.
الهولنديون تكتيكياً لعبوا بأسلوب دفاعي مركّز حيث كان
جميع اللاعبين يعودون في معظم وقت المباراة لوسط ملعبهم بحيث يكونون خلف الكرة ثم
يقومون باستخلاصها والقيام بالهجوم المرتد والسريع والخطر ولو استغلوه لكان
للمباراة نتيجة أخرى لكن خبرة الحارس الإسباني كاسياس وبراعته بالتصدي لكرتي روبن حالتا دون ذلك.
الإسبانيون كعادتهم كانوا يستحوذون على الكرة
ويتناقلونها من مكان لآخر ومن الأمام للخلف وبالعكس لجعل المنتخب الهولندي يفقد
توازنه ولفتح ثغرات في صفوفه لكن الهولنديين كانوا مدركين ذلك ولم يسمحوا أن تمر
هذه الاستراتيجية الإسبانية عليهم بسهولة فكانوا أكثر صلابة وأكثر قرباً من بعضهم
وبذلك استطاعوا ترويض المنتخب الإسباني من خلال ثباتهم الدفاعي وأفقدوا الإسبان
نسبة كبيرة من قوة السلاح الذي يمتلكونه وهو الحيازة (الإيجابية) التي تحولت إلى سلبية ونجاح
الهولنديين بذلك يعود لقدرتهم على عزل إنييستا وتشافي وفيا لكن هذا العزل لم
يستطيعوا الاستمرار به حتى النهاية نظراً للإصرار الإسباني الكبير وللمحاولات المتكررة وغير اليائسة منهم.
والدليل على ذلك أن إنييستا استطاع التسجيل على الرغم من
المحاولات التي قام بها المنتخب الهولندي لعزله. الأسباب التي جعلت المنتخب
الإسباني يعود باللقب تعود إلى إصرار اللاعبين على اللعب الهجومي وعدم التراجع
للخلف ولثقتهم أن أداءهم هذا سيصلهم للهدف وكان ذلك.
وأيضاً الخبرة التي يتمتع بها لاعبوهم قياساً إلى لاعبي
المنتخب الهولندي كذلك المرونة في الأداء والقدرة على التحكم بالكرة تحت أي ظرف
وتحت أي عنوان مارسه المنتخب الهولندي عليهم وخاصة فيما يتعلق بموضوع القوة كما
كان اللاعبون يمتلكون الخيال والإبداع والقدرة على تحليل المواقف وقراءة الظروف
والتعامل منها بذكاء وفاعلية، وأهم الأسباب كانت هي قدرتهم على التركيز والثبات
الذهني طوال وقت المباراة وقدرتهم على التعامل مع المتطلبات البدنية للمباراة بشكل جيد.
أما الأسباب التي أدت إلى خسارة الهولنديين فكانت
اعتمادهم بشكل رئيسي منذ البداية على القوة والتفكير بمنع الإسبان من اللعب ونسوا
بذلك كيف يجب أن يلعبوا ليفوزوا وكذلك عدم قدرتهم على استغلال الفرص السهلة
للتسجيل وخاصة انفرادتي روبن، والأهم من ذلك الإفراط الدفاعي الذي أجبروا عليه حيث
إن فطرتهم هجومية والإسبان بطريقة لعبهم عكست فطرتهم وهذا غير اعتيادي عليهم فلم يستطيعوا أن يوازنوا بأدائهم.
الإسبان استحقوا الفوز بكأس العالم رغم أن الهولنديين قدموا أداء دفاعياً جيداً مع مرتدات خطرة.
إسبانيا استحقت الفوز لأنها لعبت له هجومياً بينما
هولندا اعتمدت على الدفاع للوصول للفوز لكن في هذا النهائي تفوق الهجوم على الدفاع وانتصر.
احصائيات النهائي
البيان إسبانيا هولندا
التسديد على المرمى 5 6
التسديد بين الخشبات 13 6
نسبة الاستحواذ 57% 43%
الأخطاء المحتسبة عليه 19 28
الإنذارات 5
8
الضربات الركنية 8 6
زمن اللعب الفعلي 48د 36د
إسبانيا × هولندا
التاريخ والمكان: 11 تموز- ملعب سوكر سيتي في جوهانسبورغ.
المناسبة: نهائي النسخة الـ19 لبطولة كأس العالم.
النتيجة: 1/صفر لمصلحة إسبانيا بعد وقت إضافي.
الأهداف: أندريس أنييستا (116).
الحكم: هاوارد ويب (إنكلترا).
الإنذارات: فان بيرسي- فان بوميل- دي يونغ- فان
برونكهورست- هيتينغا- روبن- فان دير فيل- ماتيسين (هولندا)- بويول- راموس- كابديفيا-
انييستا- أكزافي هيرنانديز (إسبانيا).
البطاقات الحمراء: جون هيتينغا (هولندا).
رجل المباراة: أندريس إنييستا.
الحضور الجماهيري: 84490 متفرجاً.
مثل إسبانيا: ايكر كاسياس- كارلوس بويول- سيرجيو راموس-
جيرار بيكيه- خوان كابديفيا- سيرجيو بوسكتس- إكزافي ألونسو (سيسك فابريغاس 87)-
بيدرو (خيسوس نافاس 60)- إكزافي هيرنانديز- أندريس إنييستا- ديفيد فيا (فرناندو توريس 106).
مثل هولندا: مارتن ستكيلينبيرغ- بوريس ماتيسين- جون
هيتينغا- جيوفاني فان برونكهورست (أديسون برافهيد 105)- غريغوري فان دير فيل-
نايجل دي يونغ (رافاييل فان ديرفارت 99)- مارك فان بوميل- روبن فان بيرسي-
ويسلي شنايدر- ديريك كويت (ايليريو إيليا 71)- أرين روبن.
أصداء التتويج.. الصحافة الإسبانية تمجّد
هللت الصحف الصادرة في إسبانيا للفوز التاريخي واصفة إياه بالأجمل في تاريخ الكرة في
شبه الجزيرة الإيبرية، وتصدرت صور المنتخب الإسباني صحبة الكأس وكل من إنييستا
فرحاً بالهدف والقائد كاسياس رافعاً الجائزة الغالية وهنا بعض العناوين العريضة:
25 مليون إسباني يحتفلون بأبطال العالم في الشارع- رغم تحكيم ويب وألعاب الكاراتيه الهولندية اللاروخا
بطلاً للعالم- أخيراً تحقق الحلم، إسبانيا بين الصفوة- نعم نحن الأبطال- هذا ليس حلماً، نحن أبطال العالم.
ولم تخل بعض الصفحات الأولى من لقطة تقبيل الكابتن إيكر
كاسياس لصديقته المذيعة التلفزيونية سارة كاربونيرا والتي قام بها على الهواء
مباشرة خلال استطلاع رأيه عن الفوز الكبير، ورد القديس بأن سارة تحملت الكثير من
اللحظات العصيبة وأهدى هذا الإنجاز لها ولعائلته.
وقد كتب الصحفي خوليان رويس مقالة في صحيفة الباييس تحت
عنوان الطيب والشرس والقبيح وصف فيها الحكم الإنكليزي بالرجل القبيح بل أطلق عليه اسم «شراك»
الشخصية الكارتونية الشريرة، أما الشرس فكان المنتخب الهولندي الذي خان أسلوب لعبه
المعهود وأدى بعض الألعاب القتالية.
كاسياس باكياً انخرط إيكر كاسياس في البكاء لحظة تسجيل زميله إنييستا
هدف الفوز لكنه تمالك نفسه في الدقائق المتبقية قبل أن ينهار مجدداً في فاصل جديد
من البكاء لم ينقطع إلا مع تسلمه الكأس وقال حارس مرمى ريال مدريد عن الفوز أعتقد
أنه الشيء الأعظم في تاريخي وتاريخ إسبانيا، أحببت أن أرفع الكأس إلى أعلى مكان
ممكن، وأردف قائلاً: إنه نصر كبير لجميع مدربي الصغار في الأندية الإسبانية الذين
خرجوا هذا الجيل الرائع، لقد تأخر التتويج بعض الشيء لكن الثمرة جاءت في النهاية.
إنييستا والهدف الأغلى بدت السعادة العارمة على محيا أندريس إنييستا صاحب هدف
الفوز وقد اعتبره أنه الأغلى في حياته، ولم يفوت لحظة تسجيله فرصة تحية صديق عمره
الراحل داني جاركيه لاعب إسبانيول الذي توفي في العام الماضي، وعلق لاعب برشلونة
العائد من الإصابة قبل البطولة مباشرة على اللقب: لقد استحققنا الفوز فقد قدمنا كل
ما بوسعنا ونجحنا في النهاية بإسعاد الشعب الإسباني.
احتفال ديل بوسكي أول شيء قاله مدرب بطل العالم إنه يريد الاحتفال بما وصل
إليه ولاعبوه بفضل ما قدموه على مدار سنوات طويلة وليس في شهر البطولة فحسب، وأثنى
ديل بوسكي على أداء الهولنديين رغم أنهم بدوا متوترين، لكن الكرة أنصفت اللعبة
الهجومية التي تتسم بالمهارة واللعب من أجل الفوز، وأرجع المدرب الهادئ الفوز
التاريخي إلى أجيال متعاقبة وإلى عمل كبير قام به مدربو الفئات الصغرى في الأندية
والذين أفرزوا لاعبين بمستوى رفيع حققوا المجد للبلاد.
حزن فان مارفييك أقر مدرب الطواحين الهولندية أن فريقه لم يقدم المستوى
الكبير الذي يستحق عليه الفوز وقال هذا ليس أسلوبنا، لكننا خضنا النهائي من أجل
اللقب، كنت سأفرح حتى لو فزنا بهذه الطريقة، واستنكر المدرب الرصين أسلوب لاعبيه
الخشن قائلاً: ليس من عادتنا أن نرتكب الأخطاء العنيفة، لكن ظروف المباراة أدت إلى
ارتكاب الفريقين ألعاباً عنيفة، وأردف تعليقاً على طرد هيتنغا: اعتقدت أننا
نستطيع الوصول إلى ركلات الترجيح لكن خصمنا كان بارعاً وخطف الفوز.
فابريغاس: فضل أراغونيس أرجع سيسك فابريغاس الفضل في الوصول إلى اللقب إلى
المدرب السابق لويس أراغونيس الذي زرع روح البطولة في جسد المنتخب الإسباني حسب
تعبير لاعب الأرسنال، وحيا «فابري» العجوز أراغونيس الذي اكتشف معظم لاعبي هذا
الجيل وقد تمكن من تغيير أشياء مهمة لدى اللاعبين، وختم سيسك: إننا مدينون له بجزء كبير من الفوز بالمونديال.
الهولنديون مستاؤون أبدى عدد من لاعبي منتخب هولندا انزعاجهم من الحكم
هاوارد ويب الذي قاد اللقاء بأسلوب سيئ ورغم ذلك فلم يكن سبباً رئيساً في الخسارة
حسب فان ديرفارت الذي قال: يجب أن ننظر إلى أنفسنا، لم نلعب بالمستوى المطلوب، لقد
استحوذوا على الكرة أكثر وصنعوا فرصاً أكثر واستغلوا واحدة أما نحن فلم نفعل.
ووافق ماتيسين رفيقه فان دير فارت أن لعبة الهدف سبقها
ضربة ركنية لم يحسبها الحكم لمصلحة هولندا فانقلبت إلى هجمة إسبانية وهدف النهاية