حب الأهل مشروط وغير محدود

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد

إحساس الأهل تجاه أبنائهم، ما هو إلا مزيج من الحب و الخوف والرغبة في عناقهم واحتضانهم حتى آخر العمر.
فحب الأهل لأبنائهم لا يخضع لمنطق أو حسابات، إنه حب مليء بالتجاوزات والثغرات و الأخطاء غير المقصودة. فهل ما يشعر
به الآباء مرفوض تماماً في عرف الأبناء؟ أم هل يستوعب الأبناء حب الأهل المفرط؟‏
الكلام عن حب الأهل المفرط يأخذ معنى واحداً عند كثير من الأهالي في ممارستهم حالة العشق الخاصة بابنهم حين يكون
طفلاً صغيراً فيكون كالدمية في أيديهم. يلبسونه حب ذوقهم، ويلعبون به أكثر من أن
يلعبوا معه، ويخططون له مستقبله بمقاييسهم الخاصة. متناسين أنه سيكبر ويقرر و
يختار بنفسه ذات يوم، ويتناسون الآباء بدورهم كيف قاموا بتمزيق شرنقة أهلهم
العاطفية، ورفضوا العيش تحت عباءتهم، ما يجعلهم يكررون سيناريو الرفض نفسه الذي سينفذه أبناؤهم بالتفصيل فيما بعد‏
وقليلون من الأهالي تعاملوا مع أبنائهم على اعتبار أنهم «سيكبرون
ويطيرون بأجنحتهم ذات يوم خارج فلكهم» فهم «يفصلون على الدوام بين العاطفة و
المنطق حتى لا يتسببوا بأي عقدة و معاناة لأولادهم حين يكبرون».‏
«من الحب ما خنق» بهذه الكلمات عبر الكثيرين من الأبناء عن حب والديهم الذي كاد يفرقهم حسب
تعبيرهم. مؤكدين أن مشاعر الأبوة و الأمومة تصبح في درجة معينة طوقاً يشد على حرية
الابن و يحجز حركته. واعترفوا بأنهم يضجرون من الملاحقة العاطفية سواء أكانت كلامية
أو سلوكية ترهق أعصابهم و تجعل الابن منهم يعيش تحت وطأة الإحساس بأنه مراقب و
ملاحق ومنظور طوال اليوم. وما يسكتهم و يجعلهم لا يحتجون ويضعف مقاومتهم هو قيام
الأهل بالصرف عليهم مادياً طبعاً فالأبناء هم الحلقة الأضعف في العلاقة العاطفية
القائمة على الحب و العطاء والامتلاك و أشياء أخرى.‏
لهذا وكما قالوا.. عليهم قبول الحب غير المحدود و إن كان مشروطاً بقائمة من الممنوعات و المحظورات و يروهم
أنانيين في رؤية عاطفتهم من تلك الزاوية و محبين إذا فهموا مشاعرهم ومخاوفهم و
حرصهم على تمضية كل ساعة من عمرهم معهم.‏
أخيراً.. لولا إحساس الأهل بأنهم أصحاب حق في أبنائهم لما رأينا شكل الأسرة المتماسك الذي نراه داخل كل بيت.‏
واستحضار الحكمة في العلاقة مع الأبناء، عملية صعبة وشاقة في ظل عاطفة لا تشبهها عاطفة أخرى

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد

قال الله تعالى في القرآن الكريم :

( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاّ َتَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَن عِندك الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ّ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَة وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )

الأخ الروحي سقراط المحترم
موضوع بقدر ماهو انساني بقدر ماهو حساس ويرافق حياتنا كل لحظة
ويحتاج الى قرارات فيها عطف على حساب الآخرين
عسى نستطيع التوفيق بين الحق والعاطفة
ونحو تماسك أكثر للأسرة في جو التفكك الذي يكاد يتعمم
شكرا من القلب موضوع دقيق ووجداني
قلبي معكم
تحياتي