سقراط مشرف عام
عدد الرسائل : 4740 تاريخ التسجيل : 06/03/2008
| موضوع: مفاضلة البكالوريا.. ساعدوا أبناؤكم....لكن اتركوا لهم خياراتها .. الخميس أغسطس 05, 2010 8:43 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم يا علي مدد
اعتدنا ومنذ الصغر على تحديد أهدافنا من قبل من هم أكبر منا حتى ولو كانوا أميين أو أصحاب ثقافة بسيطة هم أهلنا وهم الأوفر خبرة منا هكذا اعتدنا.. وأمي حينما عارضتها سابقاً وتقدمت لامتحان القبول في كلية الفنون الجميلة - التي لم أستطع دراستها حتى بعد نجاحي بامتحانها بسبب جمع علامة البكالوريا مع الفحص التجريبي لم تكن تصنف الرسم كمادة علمية يستطيع المرء دراستها. المهم فتحت صدرها للسماء وتمنت أن أعود خائبة وكان ذلك.. يومها .. لم ألق اللوم عليها وتقبلت فكرة الخسارة برضا فأنا جربت ولم أحزن لفشلي.
لكن.. اليوم .. ما هو حال الشباب..؟!
كيف يفكرون..؟!
وهل مازال الأهل يتدخلون في رسم خارطة يوميات ومستقبل أبنائهم.
وهل هم على تواصل مباشر بأبنائهم بحيث يعرفون ما يفضلونه وما يكرهونه..
ما هي اهتماماتهم وأولوياتهم.. وكيف يخططون لمستقبلهم..؟
وهل بنينا جيلاً شاباً قادراً على الاستعانة بنفسه في اتخاذ قراره..
أم عودناه طيلة سبعة عشر عاماً على اتخاذ القرار عنه وعشية صدور نتائج المفاضلة سنترك له حرية الاختيار واتخاذ القرار في تحديد مصيره ومستقبله الذي لم يعتد يوما على الشجاعة في اتخاذ هكذا قرار.. الدكتور توفيق الداوود أستاذ علم اجتماع في جامعة دمشق الحالة والمشكلة وأعطى بعض الحلول: يشكل تدخل الأهل في حياة الأبناء واحدة من المشكلات ذات الطبيعة الصراعية بين الأبناء والآباء ومرد هذه المشكلة يكمن في جذوره إلى أن الأسرة في مجتمعنا لازالت تعيش مرحلتين مزدوجتين مختلفتين في آن معاً. مرحلة التقليد ومرحلة التجديد وبما أننا ننتمي إلى مجتمعات تحمل طابعاً ازدواجياً فمن الطبيعي أن تنشأ هذه الإشكالية في العلاقة فالآباء لا يتدخلون في خيارات أبنائهم العلمية فقط، وإنما يتدخلون في خياراتهم الأخرى (الزواج -العمل- الأصدقاء)... وحتى نمط لباسهم و.. ومن الطبيعي ضمن المنظومة الاجتماعية لمجتمعنا أن يتدخل الأهل لأن نمو الأبناء وتطورهم واستمرارهم على مقاعد الدراسة مرتبط بالأهل، وإذا تخلى الأهل عن هذا الدور وقعنا بمشكلة أخرى.. لذلك شئنا أم أبينا هناك الكثير من الأسر التي تتدخل وبشكل كبير في خيارات أبنائها التي قد تصل حد الإكراه والإلزام.. ويعود هذا إلى الأصول الانتمائية للآباء فالآباء التقليديون لهم آراؤهم وتوجهاتهم وتصوراتهم التي قد تصل إلى حد الإكراه في أن يختاروا لأبنائهم ما لا يريدونه وفي بعض الأحيان تصل لمستويات مرضية وهي العمل على مبدأ التعويض أي أن الأب الذي كان يريد أن يصبح طبيباً يريد لابنه أن يكون طبيباً... ويفرض عليه خيارات لا يريدها..وبالتالي يورثه جملة من المشكلات التي يصعب تجاوزها.. وفي جانب آخر هناك آباء بطبيعة تربيتهم وارتفاع نسبة تعليمهم وامتلاكهم قدراً كبيراً من المعرفة بالجوانب الاجتماعية والسيكولوجية للإنسان تدفعهم باتجاه مشروعية عدم التدخل في خيارات الأبناء الدراسية إيماناً منهم بأنه من لا يحب عمله لا يمكن أن يتماشى أو يسير أو حتى يبدع وينجح به، فالأشياء التي نحبها نتماشى معها لأنها تشكل جزءاً لا يتجزأ من عناصر ميلنا واندفاعنا أياً كانت طبيعته.
«اعرف نفسك»
لا أعتقد أن كائناً من كان يمكن أن يعرف نفسي أكثر مني فأنا صاحبها وهي ملكي.. في توازننا نجاح وفي تنازعنا فشل وثقافة المحيط الاجتماعي تؤثر بنا علينا وعلى من حولنا وتمكننا من حسن التصرف ولعب الأدوار الاجتماعية والوظيفية التي يحددها المجتمع دون الوقوع في فخ التقليد والتجديد تلك الازدواجية التي تدفع الشباب إلى الخلف غير قادرين على مواجهة التحديات لذلك علينا أن ندعو إلى إعطاء الفرصة أمام شبابنا وفتح مساحة الحرية الشخصية كي يختاروا ما يريدون. (أبناء كم ليسو لكم.. أبناءكم أبناء الحياة) جبران خليل جبران . وقد أكد الدكتور توفيق على أهمية وجود مؤسسات إرشادية بدءاً من رياض الأطفال وحتى المرحلة الجامعية مهمتها: مشاركة الأطفال والشباب أحلامهم وطموحاتهم وتقدم توصيفاً محدداً لكل طالب بعد التعريف بكفاءاته وما هي المجالات التي يمكن أن ينجح بها. في ظل وجودها يمكن أن تخفف من تدخل الأهل بطريقة إجبارية على الأبناء وتضعهم أمام وصفات وسجلات عن حالة الطالب حتى المرحلة الثانوية تقيم قدراتهم وهواياتهم وميولهم. وتنفي فكرة وجود التدخل الامتلاكي النابع عن علاقات انفصالية فالحب والامتلاك والأنانية تعبير عن النقص. وبالتالي تبدأ العلاقة ما بين الأهل والأبناء بالتأرجح وتظهر المشكلات.. وكل طرف يلقي باللوم على الآخر.
ختاماً:
على المؤسسات الاجتماعية أن تأخذ دورها وتكون حاضرة وبقوة /المدرسة- التربية- الإعلام/. لأن فشل الأبناء هو فشل للمجتمع والمشكلة ليست فردية بل اجتماعية نظراً لامتدادها لتشمل أعداداً كبيرة من الأسر ولنترك لأولادنا حرية اختيار الدراسة التي يميلون لها والفرع الذي يحلمون به.. ليدرسوا شيئاً يحبونه لا إكراه فيه لأنهم إما سيفشلون إن اجبروا ويبقون على مقاعد الدراسة لأكثر من عام أو أنهم سينجحون ديناميكياً دون تقدير لما يدرسونه وكأنه آلية جديدة للرضوخ والعمل الوظيفي فيما بعد دون إتقان أو تفان. | |
|