مقلب للنفايات يتحول إلى حديقة عامة في القاهرة بإشراف الأمير كريم آغاخان(قناة العربية)

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد

مقلب للنفايات يتحول إلى حديقة عامة في القاهرة

أنيس أبو العلا: بعد أكثر من 500 عام تحولت منطقة وسط القاهرة الإسلامية التي كانت تُستخدم مقلباً ومستودعاً للنفايات إلى حديقة تكلفت أكثر من خمسين مليون دولار، في مشروع هو الأكبر من نوعه قدمته مؤسسة الآغاخان كهدية لمصر ويتضمن المشروع أيضاً الارتقاء بالمنطقة المجاورة للحديقة وتدريب الأهالي من أجل توفير فرص عمل لهم، من القاهرة رندة أبو العزم والتفاصيل.رندة أبو العزم: بقعة خضراء وسط المقابر والعشوائيات، من الصعب تصور أن كل هذا الجمال والخضرة كان مقلباً للقمامة على مدى 500 عام، تحول بعد عمل شاق استغرق 14 عاماً إلى حديقة تقع على مساحة 75 فداناً في قلب القاهرة الإسلامية، هذه الحديقة أو حديقة الأزهر كما يطلق عليها تكلفت نحو خمسين مليون دولار فيما يعد أكبر مشاريع مؤسسة الآغاخان الثقافية، وهي مؤسسة غير هادفة للربح تسلم المشروع بالكامل كهدية لمحافظة القاهرة بحلول عام 2007، الأمير كريم آغاخان رئيس المؤسسة روى لنا كيف بدأت الفكرة منذ عشرين عاماً وأسباب اختياره لهذا الموقع دون غيره.الأمير كريم آغاخان (رئيس مؤسسة الآغاخان الثقافية): الفكرة بدأت في ندوة عن المدن في العالم الإسلامي والمناطق المفتوحة للعامة، القاهرة إحدى المدن العظيمة في العالم الإسلامي والمناطق المفتوحة فيها قليلة جداً، ونظرنا في الإمكانيات المتاحة فوجدنا أن هذه المنطقة متميزة من ناحية موقعها كونها خالية من المباني أو المنشآت، هذا الموقع كان صعب التعامل معه ولكنه كان مؤثراً، السبب الآخر هو سكان منطقة الدرب الأحمر وهو تجمع فقير جداً ولكنه مجتمع معتز بنفسه، وأعتقد أن الحديقة والعمل مع مجتمع مكون من 200 ألف نسمة يمكن أن يكون مؤثراً.رندة أبو العزم: المشروع الذي بدأ بالحديقة تحول لثلاثة مشاريع وهي حديقة الأزهر والحفاظ عليها وتطوير منطقة الدرب الأحمر المتاخمة للحديقة، وترميم بعض الآثار المجاورة. الأمير كريم آغاخان (رئيس مؤسسة الآغاخان الثقافية): الدرب الأحمر بدون شك هو المشروع الأصعب لأننا نتحدث عن عملية ليس لها نهاية أو مدة زمنية محددة لرفع مستوى معيشة السكان في تلك المنطقة، وهذه عملية يجب أن تنطلق ويجب أن يتكاتف الجميع في العمل فيها للمضيّ قدماً.رندة أبو العزم: وبالفعل فإن المشروع الأصعب من وجهة نظر الأمير كريم هو تنمية وتطوير تلك المنطقة بسكانها البالغ عددهم 200 ألف نسمة، وهذا المشروع عكس أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص في تنمية المجتمع حيث يتم حالياً تدريب شباب المنطقة وتنمية المجتمع وتبدلت بالفعل حياة هؤلاء الأطفال وسكان هذه المنطقة الشعبية.- أنا المشروع نمّاني فعلاً شغّلني دربني أول وبعدين وظفني.- ولمة العيال بدل التقصير هنا في الشوارع يعني بيلعبوا هنا وبتاع لمة العيال وبقت كويسة.رندة أبو العزم: وأمام التناقض الصارخ بين منازل هذه المنطقة الشعبية التي كان بعضها آيلاً للسقوط وبين الحديقة بشكلها الجمالي عمل القائمون على المشروع على ترميم عدد من هذه المنازل.د. محمد مكاوي (مدير شركة الآغاخان للخدمات الثقافية): الحقيقة إحنا يعني تمت مشاورات كبيرة مع المجلس الأعلى للآثار ومحافظة القاهرة لكيفية التعامل مع هذه المنازل، والحقيقة وصلنا أن أغلب المنازل هي منازل عمرها أكثر من مئة سنة هي تشكل جزء من النسيج العمراني للمدينة القديمة وكانت وجهة نظرنا أننا نحن المفروض نحن نحافظ عليها، أننا نحن نرممها.رندة أبو العزم: أما هذا السور الذي يعود للعصر الأيوبي ويجري الآن العمل على ترميمه فقد كان مختفياً طوال خمسة قرون تحت القمامة.د. محمد مكاوي (مدير شركة الآغاخان للخدمات الثقافية): هو السور الأيوبي يرجع تاريخه لحوالي 800 سنة، هو جزء من أسوار القاهرة التاريخية، الجزء ده هو أكبر جزء مستمر لأن طوله حوالي 1.4 كيلو متر، الجزء ده كان أغلبه موجود تحت الأرض.رندة أبو العزم: الحديقة التي تقع على مساحة 75 فداناً في قلب القاهرة الإسلامية وسط المساجد الأثرية من ناحية والمقابر من ناحية أخرى فقد تم زراعتها بعدد كبير من الأشجار والنباتات النادرة بعد مجهود شاق بسبب التعامل مع التربة.د. السعدي محمد بدوي (أستاذ في كلية الزراعة - جامعة القاهرة): التربة عملنا التحليلات تبعتها، هي من أسوأ أنواع التربة اللي شفتها في حياتي أو قرأت عنها، ما قرأتش عن حاجة زي كدة بصراحة، فكانت سيئة جداً من ناحية الملوحة، ملوحة عالية رهيبة، فيها طبقة من التربة ناعمة أي ميّة تجي عليها تعمل طبقة إسمنتية، الميّة بتتزحلق من عليها.رندة أبو العزم: وفي حين يبلغ عدد رواد الحديقة يومياً حوالي ألف زائر من جميع الطبقات مصريين وأجانب يشكل سكان الدرب الأحمر 20% منهم، ولهم أسعار خاصة مخفضة، وربما كان الجو الجمالي المحيط بالمكان حافزاً لامتناع البعض عن السلوكيات السلبية التي يمكن أن تشوه هذا الجمال وهي أحد الهواجس لدى القائمين على المشروع.محمد عيسوي (مدير تشغيل حديقة الأزهر): سنة 1991 في الأعمال الإنشائية كان معظم المشاركين في الحديقة هم سكان الدرب الأحمر من كل الفئات ومن كل الطبقات اللي موجودة، يعني سواء كان فيه عمال يناء فجايبينهم من الدرب الأحمر، عمال زراعة جايبينهم من الدرب الأحمر، عمال نجارة جايبينهم من الدرب الأحمر، فعاشوا مع المكان وحسوا به وحسوا أنه هو مكانهم، فعشان كده نحن مش خايفين على المكان منهم لأنهم هم أكتر ناس يحافظوا على المكان لأنهم أكتر ناس شاركوا في صناعة المكان ده.رندة أبو العزم: وبرغم عدم وجود دعاية لهذه الحديقة إلا أنها أصبحت خلال بضعة أشهر منذ افتتاحها منطقة جذب كبيرة لأهالي القاهرة المحرومين من المساحات الخضراء.تحديات هائلة واجهت تنفيذ هذا المشروع سواء في التعامل مع التربة أو إزالة أطنان من القمامة تراكمت على مدى خمسة قرون أو التعامل مع خزانات المياه، ولكن يبقى التحدي الأكبر هو الحفاظ على ما تم إنجازه وتغيير سلوكيات وأسلوب معيشة سكان منطقة الدرب الأحمر المجاورة.رندة أبو العزم – لمحطات - القاهرة.

المصدر
الموقع الرسمي لقناة العربية
تحياتي