مقدّمة:
كانت سلمية ومازالت مالئة الدنيا، وشاغلة الأدباء،وملهمة الشعراء،ولقد أدرك طه حسين عميد الأدب العربي مكانة هذه المدينة ،فسمّاها بـ
(أمّ القاهرة)،وعبر مراحل تاريخية متعدّدة، ومنذ أيّام إخوان الصفاء، كانت شمس الحضارة والفكر تشرق من هذه المدينة، وتغيب فيها،واليوم إذ تلاقي سلمية إهمالا،ً وتراجعاَ من أبنائها، ومن غيرهم ،علينا أن نوجه انتباه كلّ من نشأ فيها،وكلّ من زارها،أن يمدّ إليها يد العون والمساعدة،لكي تقف على قدميها،وتبقى شامخة مشرقة، كما كانت في الماضي المجيد لها،ونحن وإن بعدنا عنها،وتجاهلنا حاجاتها للرقي والتقدّم، لكنها تبقى بنظرنا نورالعيون الذي نطلّ به على العالم،وفي يقيننا إذا لاقت سلمية من أهلها محبّة بعضهم البعض،وتعاونهم من أجل نهضتها وتقدّمها لعاد لها وجهها الحضاري المشرق..ومن منطلق المحبّة إلى هذه المدينة، التي عجن ترابها بعرق جبيننا،كانت لي هذه المشاركة التي تمجد سلمية، وتمّجد أوابدها الأثرية،وفي مقدمتها (قلعة شميميس) رمز شموخها وكبريائها..ورجائي ممن يملكون ناصية اللغة الأجنبية على هذا المنتدى المتنوّر المشرق ،أن يترجموا هذه القصيدة،لعلّ كلماتها ومعانيها، تلقى آذانا صاغية،عند من تناسى، أو نسي همومها، وأشجانها..فحبّي لك ياسلمية،وشعري، وعمري كلّه،أقدمهما هديّة لك.
وبوركت كلّ يد، تمسح عن جبينك آثار التّعب والمعاناة..وشكري، لكلّ من يلهج لسانه بالشكر والثناءلك، ولشعبك المبدع الخلاّق..!!
الكاتب :حيدر حيدر
سلمية في /24/9/2010
هديتي إلى منتدى الباحث الاسماعيلي..
وكلّ من أحبّ سلمية...!!
قصيدة...
*******
((صباحاً... في الطريق إلى شميميس..))
url=http://www.0zz0.com]
[/url]
شميميس: قلعة أثرية بناها الرومان، و جدد بناءها الأيوبيون تقع شمال غرب سلمية،وهي آبدة أثرية عريقة،وهي رمز شموخها، وكبريائها.
*********************************
جيوش الضباب نشرت عدتها وعتادها...
فوق ذرا التلال...وفي الشعاب..
وعلى سفوح الهضاب..
وطيور الغابة المجاورة...
استيقظت من رقادها...
وبدأت تصوت مستنفرة جموعها..
كي تغادر أعشاشها...
في رحلة للبحث عن النماء... والغذاء..
إنّها تتوجّه نحوك...
تحوم...وترفرف..
تلقي عليك تحيّة الصباح...
فأنت صديقتها الحميمة...
التي مازالت قابعة بين الوديان...
في عصرنا...ومنذ غابر الزمان..
رددتِ عليها التحيّة...
بخشوع ...وحنان..
صفقّتْ بأجنحتها...وطارتْ ..
إلى غير زمان...إلى غير مكان..
*************************************
وأنت أيتها التلال البعيدة..
التي مازلت تغفين على جفوني..
من أحلامي المعسولة..
أيقظيني...
وبين ذراعيك خذيني...
وبشذى ورود الصباح ..
ضمخيني...
فبغير دروبك المتعرجة....
لا أنثر لآلىء قصيدي..
فضميني إلى صدرك الواجف..
وأنشديني: لحناً رقيقاً عذباً...
أنشديني..موالاً شعبيّاً
(أوووووف....شميميس).
وأعيدي... نشيدي...
ردّديني....على فم الدهر..
كأسطورة مضى صانعها...
لكنها مازالت راسخة...
كحقيقة شامخة... في يقيني...
لا ترحلي من تاريخي..
ولا تسافري من دياري..
فأنا قادم إليك....
في الصباح..في المساء...
في كلّ حين....
**************************************
وأنتن... يا رفاق الطريق...
ياشجيرات البطم ..والفستق الحلبي
وياأشجار الحور والسّرو والصنوبر..
كفكفن دموعكن الضبابية...
واحبسنها...
فسنابل قمح بلادي...
ظمأى لها...
وفي المنعطفات...
التي صوّبت سهامها...
دوماً نحو قممك..
انسكب عطر الورود البرية...
من زعتر بري...
وشيح..وعوسج..وأقحوان..
وكلّها لاتضاهي...
عبق عراقتك...
أيتها الزمردة...
المحفوفة بالجنان...
نسي التاريخ اسمه...
ولكن بقي اسمك خالداًً
على رقم الزمان..
*******************************
شميميس...
أيتها القلعة اليتيمة...المسكينة ..
المهجورة..المنسيّة...
ولاةٌ كثر ...يأتون...!!
وآخرون...يرحلون...!!
يجتمعون...يقهقهون..
يفرحون ..يمرحون..
وبثياب زاهية...
يكتسون..يتبخترون..
ولجيوبهم...يملئون...
وفي خزائنهم...
يكدّسون..
وفي بطونهم ..يتخمون...
وأنت...
كما أنت..
تقفين شامخة..
فوق ذروة جبل أشم..
حافية ..
عارية..
لحافك السماء..
وفراشك الوادي.
تنتصبين..كالمارد العملاق...
تصمدين..
في وجه زمهرير العواصف....
وبرد السنين...
تنهك قواك...
أنياب الدهر...
وتتهاوى أوابدك..
كريشة في مهبّ الريح...
فلا تحزني يا صديقتي...
صدقيني..صدقيني..
هم الخاسرون...
هم المنسيّون...
فأنت رمز لهم...!!
ومتى يندثر رمز قوم؟؟
مؤكّد...أنّ أهله مندثرون...!!
*******************************************
شميميس...
ياقصيدة شعر ..
لم تنظم.. بعد..
ويا خاطرة نثر...
لم تكتب..بعد..
على حواف سياجك...
نبت الزعفران...
وتطاول العيصلان...
وعند أسوارك الحصينة ...
تقهقر الرومان...
وعبر شعابك ووديانك..
كم..؟؟وكم فاض طوفان؟!
كنت همزة وصل..
بين الشرق ..وبين الغرب..
وكنت موئلاً..وملاذاً
للمسافرين...للمتعبين..
****************************************
هاهو ذا.. أبو الطيب المتنبي...
يقف على شرفات مدخلك...
يسجل اسمه..بين الزائرين..
في طريقه..
بين حمص..وقنسرين..
وذاك رهين المحبسين...
في طريق أوبته إليك..
يقف على أسوار بغداد..
يذرف دمعتين..
وتلك أقداح ديك الجن...
مصفوفة في ردهات حجراتك..
ملأى بخمر حبّك المعتق...
فلنكن..معاً...
ـ ياعاشق شميميس ـ...
أوّل الثملين....
******************************************
شميميس..
أيتها الغادة الحسناء..
ارنِ بطرفك الساحر..
نحو الشرق..
حيث ترقد..(سلمية)
واحة..
مفروشة تحت قدميك.
بردائها الأخضر الجميل..
عن وصفها..الشعراء
يعجزون..
عروساً..
كحمامة برية بيضاء
تسبح في أثير البلعاس
بلا هم ..أو شجون..
مطرز شالها..
بسنابل القمح..والذرة..والعيطون
مجدولة ضفائرها
من عرائش العنب
وأغصان الزيتون..
حمرة وجنتاها..
بلح شهي..
تقطر عسله المكنون
بلسم شفتاها
ممزوج..
بعطر الورد.. والزيزفون
ممشوقة قامتها
كعود رمان..
أوقصب مسنون
*******************************************
هي ابنة الصحراء
وملاذ العشاق
منذ ليلى... والمجنون
خمورها معتقة
خوابيها..
من كروم بلادي
من معاصر الزيتون..
عقدت فوق روابيها
سحابة....
لم تنجب...
رغم المخاض...
وآلام السنين..
بها شعب صلبٌ..
أبداً..لم يركع...لعدوّ..
شعبٌ أبيّ...
دوماً،مستعد لردّ...
كيد المعتدين...
*******************************************
url=http://www.0zz0.com]
[/url]
سلمية أقحوانة الربيع،وزمردّة الحقول، في فصل تجدّد، وديمومة الحياة..
******************************************
سلمية..
يابوابة الصحراء...
ويا خيمة الكرم والعطاء...
ويامنبت الفكر والشعر...
عيونك مسمّرة في السماء
ويداك مرفوعتان نحوها..
ابتهالاً وتضرعاً..
ياربّ.. أغثني..
وبرحمتك اشملني..
فأرضي يباب..
وثوبي قشيب...
وماشيتي ..نهمة..ظمأى..
نهمة..
لكلأ الأرض..
وظمأى..
لغيث السماء..
*******************************************
سلمية...
ياساحرة الشرق..
وفاتنة الغرب..
أنت المغزل...
ولقصائد... شميميس..
المضمّخة..بالأصالة..
وبعبق التاريخ..
عند الصباح...
وفي كلّ صباح..
كنت ...وما زلت..
تغزلين..
**********************************************
*( قنسرين): بلد تقع بجانب حلب ذكرها المتنبي في قوله:
كَتَلِّ بِطريقٍ المَغرورِ ساكِنُها == بِأَنَّ دارَكَ قِنَّسرينُ وَالأَجَمُ
الصديق:حيدر حيدر
سلمية في/31/12/2009