| الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 5:49 am | |
| موجز يعرض هذا المقال مسحا مختصرا لتاريخ الدراسات الإسماعيلية وتطورها، مترافقا بتفحص لنقاط التاريخ الإسماعيلي الرئيسية. يؤرخ المقال بدء إقامة الدولة الفاطمية وتنوع تراثها الفكري، تمهيداً لدراسة الإسماعيلية من العصر الوسيط نزولا إلى العصر الحديث. اتـّهم الإسماعيليون بالزندقة ، وألصقت بهم خرافات وأساطير مختلفة من عدد من العلماء المسلمين الأوائل. فالاتهامات المنصبة عليهم عبر كتابات الجدليين السنة المعادية لهم بقوة، ونشر خرافات الحشاشين في الغرب من خلال روايات الصليبيين ، بُنيت غالبا على تصورات ومعلومات خاطئة. لكن استعادة المخطوطات الإسماعيلية في الأزمنة الحديثة جدا، ساهمت في تطوير حقل الدراسات الإسماعيلية، وخلق جيل جديد من الباحثين فيه.
| |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 5:50 am | |
| المقدمـــة
ينتشر معظم أفراد الجماعة المسلمة الشيعية الإسماعيلية حاليا في أكثر من خمسة وعشرين بلدا من بلدان آسيا وافريقية والشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا الشمالية. لقد كان للكتابات التاريخية الإسماعيلية وتصورات الآخرين عن الإسماعيليين من الوسط المسيحي و المسـلم، وكذلك لمراحل الدراسات الإسماعيلية تطور له جاذبيته الخاصة. وسنقدم مسحا موجزا عنه هنا، ولكن سنبدأ أولا بتقديم وقائع قليلة عن الإسماعيليين وتاريخهم . | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 5:51 am | |
| الفترة الفاطمية
للإسماعيليين تاريخ معقد يعود إلى الفترة التكوينية للإسلام. فمنذ منتصف القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، نظم الإسماعيليون الذين يمثلون إحدى الفرق الشيعية الإمامية المبكرة، حركة سياسية- دينية تتصف بالحركية والثورية أطلقوا عليها اسم الدعوة الهادية . كان الهدف الرئيسي للحركة تنصيب الإمام العلوي الذي يعترف به الإسماعيليون كحاكم فعلي للأمة الإسلامية، والاعتراف به إماما شرعيا وحيدا من قبل كل المسلمين. لقد انتشرت رسالة الحركة من خلال شبكة من الدعاة نشطوا في مناطق عدة من شمال أفريقية إلى آسيا الوسطى إلى شبه القارة الهندية. وتكلل نجاح الدعوة الإسماعيلية المبكر سنة 297/ 909 بإقامة الدولة الفاطمية في شمال أفريقية حيث جرى تنصيب الإمام الاسماعيلي كأول خليفة شيعي. ويعتبر تأسيس الدولة الفاطمية نجاحا عظيما للشيعة بوجه عام، فرض تحديا جديا على سلطة الخليفة العباسي الذي يعتبر الناطق الرسمي باسم الإسلام السني، ومركز العلماء الذين أعطوا الشرعية للسلطة " العباسية "، وعرَّفوا السنية كتفسير حقيقي للإسلام. وقدّم الإسماعيليون، كمسلمين شيعة، والذين طوروا تفسيرا خاصا بهم عن الإسلام، في تلك الفترة، بديلا واقعيا محميا من دولة قوية بإزاء "الأرثوذكسية" السنية.
لقد أعدّ الإسماعيليون تراثا فكريا متنوعا، وما استعادة الأدب الإسماعيلي في العصور الحديثة إلا شهادة على غنى تراث الإسماعيليين ومنجزاتهم الفكرية التي وصلت قمتها خلال الطور الفاطمي من تاريخهم، الذي يُشار إليه غالبا بـ " العصر الذهبي" للإسماعيلية. فالدعاة الإسماعيليون المثقفون كانوا في الوقت نفسه، بحاثة ومؤلفين في جماعتهم. والدعاة الفاطميون ضمن الأراضي الإيرانية، أمثال أبي يعقوب السجستاني( ت. بعد 361/971) وحميد الدين الكرماني (ت. بعد 411/1020) وناصر خسرو( ت. بعد 465/ 1072)، جمعوا في أبحاثهم بين علم الكلام والتراث الفلسفي المتنوع،الأمر الذي أعطى دفعا إلى تقليد فكري وُسم في العصور الحديثة بـ "الإسماعيلية الفلسفية. هؤلاء الدعاة ودعاة آخرون كتبوا رسائل حول جملة مواضيع ظاهرية وباطنية متنوعة، إضافة إلى علم التأويل، أو التفسير الباطني الذي أصبح سمة مميزة للفكر الإسماعيلي. لقد أنجز المؤلفون الدعاة مساهمات أصيلة في علم الكلام والفلسفة الإسلامية عموما وفي الفكر الشيعي على وجه الخصوص. لقد طور الفاطميون تنظيما دعويا معقداً لنشاطات دعاتهم على امتداد العالم الإسلامي، ومما يدعو إلى العجب أن الدعوة حققت نجاحات طويلة الأمد خارج أراضي السلطة الفاطمية فقط ، حيث كان الإسماعيليون يعانون غالبا من الاضطهاد . وتم في الوقت نفسه قوننة الفقه الإسماعيلي بشكل رئيسي من خلال جهود القاضي النعمان ( ت 363/974) الذي كان فقيه الفترة الفاطمية الرائد. ولقد شجع الفاطميون أيضا الكتابات التاريخية التي أثمرت العديد من التواريخ الخاصة بالسلالة والدولة الفاطمية. بيد أن الكتابات التاريخية قد تم إتلافها كاملة خلال الحكم الأيوبي والمملوكي . وفي المحصلة ، أعطى الفاطميون اهتماما معتبرا للعلوم الإسلامية عامة، والى النشاطات الثقافية والتجارية، كما قدموا مساهمات هامة إلى الحضارة الإسلامية. واعترافا بهذه المساهمات،أطلق لويس ماسينيون على القرن الرابع/ العاشر بأنه " القرن الاسماعيلي" للإسلام.
| |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 5:52 am | |
| الانقسام النزاري/ المستعلي
في عام 487/1094، حدث انقسام دائم ضمن الاسماعيليين قسمهم إلى جماعتين متنافستين، النزارية و المستعلية. الإسماعيليون المستعليون استمروا في نهاية المطاف في الفرع الطيبي فقط ، وسرعان ما أسسوا حصونا لهم في اليمن حيث ازدهرت جماعتهم بقيادة دعاتهم. وبنهاية القرن العاشر/السادس عشر انقسم الطيبيون أنفسهم إلى قسمين داؤدية وسليمانية. وكان الطيبيون في شبه الجزيرة الهندية، المعروفون محليا باسم البهرة قد فاقوا كثيرا، بحلول ذلك الوقت، إخوانهم في اليمن. وعلى العموم، فقد حافظ الطيبيون على التقاليد الأدبية والفكرية للإسماعيليين الفاطميين، كما أنهم احتفظوا في اليمن والهند بقسم كبير من الأدب الإسماعيلي من الفترة الفاطمية، وانخرط الدعاة الطيبيون المثقفون أنفسهم في اليمن بنشاطات أدبية وأنتجوا أدباً ضخماًً.
من جهة أخرى، أحرز الإسماعيليون النزاريون شهرة سياسية ضمن الأراضي التابعة للسيادة السلجوقية، وبشكل خاص في فارس، حيث شكلوا دولة خاصة بهم مع فرع لها في سورية. عاشت هذه الدولة التي أسسها الحسن بن الصباح ( ت 518/ 1124) والمتمركزة في قلعة ألموت الجبلية حوالي 166سنة حتى تدميرها على يد الجحافل المغولية الغازية سنة 654/1256. لقد صمم حسن بن الصباح إستراتيجية ثورية لاقت نجاحا جزئيا ضد السلاجقة الأتراك الذين كان حكمهم ممقوتا كثيرا في فارس. وهذا ما جعل ابن الصباح يحوز على عواطف مختلف الطبقات الاجتماعية الفارسية هناك. وبسبب انشغال نزاريي ألموت بخطط الكفاح والمحافظة على حياتهم ضمن محيط مفرط بعداوتهم ، لم يظهر في تلك الفترة من تاريخهم عدد من الدعاة المثقفين البارزين ، ولا من الأعمال الأدبية الهامة كما كان الحال أيام العصور الفاطمية. وفي جميع الأحوال، لقد حافظوا جيدا على وجهة نظرمعقدة وتراث أدبي، كما وسَّعوا من تعليمهم الديني استجابة للظروف المتغيرة التي واجهوها. فالإسماعيليون النزاريون في فارس، شأنهم شأن الفاطميين، طوروا تراثا تاريخيا وقاموا بتأليف كتب الأخبار التي تسجل حوادث دولتهم المرتبطة بحكم قادة ألموت المتتابعين، بدءاً من سيرة سيدنا المغطية لحياة ابن الصباح وأعماله . بيد أنه لم تكتب النجاة لأي من هذه المؤلفات من الكارثة المغولية. غير أن كتب التاريخ النزارية قد شاهدها واستخدمها عدد من مؤرخي الفرس في الفترة الإيلخانية، وخصوصا عطا ملك الجويني (ت 681/1283) الذي اطلع على مكتبة ألموت الشهيرة قبل حرقها من قبل المغول، ورشيد الدين فضل الله ( 718/1318)، وأبو القاسم الكاشاني (ت.حوالي 736 /1335)، وهؤلاء هم مراجعنا الأساسية عن تاريخ الدولة النزارية في فارس. كما حافظ النزاريون السوريون على قدر من الأدب الإسماعيلي العائد للفترة الفاطمية.
تناقص كثيراً عدد الإسماعيليين النزاريين الذين نجوا من تدمير حصونهم ودولتهم على يد المغول في فارس ، في حين خضع النزاريون السوريون في نهاية القرن السابع/ الثالث عشر، لحكم المماليك الذين كانوا قد صدوا تقدم المغول باتجاه الغرب. وبدءاً من أواسط القرن التاسع /الخامس عشر، ظهرالأئمة النزاريون في انجودان في وسط فارس، مبتدئين فترة من فترات إحياء الدعوة النزارية والنشاطات الأدبية. لقد حققت الدعوة النزارية في تلك الفترة نجاحا خاصا في آسيا الوسطى وفي شبه القارة الهندية، حيث تحولت أعداد واسعة من الهندوس إلى الإسماعيلية، فأصبحوا معروفين محليا باسم " الخوجة ". لقد طوَّر اسماعيليو ما بعد فترة ألموت تراثاً أدبياً مميزاً في سورية وفارس وآسيا الوسطى والهند. وتبنى النزاريون في فارس أشكالاً صوفية وشعرية للتعبير، في الوقت الذي حافظ فيه النزاريون في آسيا الوسطى على نصيب وافر من الأدب النزاري لفترة ألموت والفترات اللاحقة المدوّن باللغة الفارسية، واختاروا لغة دينية فارسية تكلم بها النزاريون من أيام ألموت المبكرة. كما أن النزاريين الخوجة توسعوا في جنس أدبي محلي على شكل تراتيل دينية عُرفت باسم الجنان . وكان يتم تناقل الجنان في الأصل شفوياً، إلا أنها خضعت للكتابة بالنتيجة، فكتبت بالخط الخوجكي بشكل رئيسي المطور ضمن جماعة الخوجة النزارية في الهند. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 5:53 am | |
| الحملة المناوئة للإسماعيليين
أُتهم الإسماعيليون، في سياق تاريخهم في أغلب الأحيان، بالهرطقة في تعاليمهم وممارساتهم الدينية، وتم، في الوقت نفسه، نشر وتداول عدد من الأساطير والتصورات المغلوطة عنهم. والسبب الرئيسي لذلك، أن الإسماعيليين قد تمت دراستهم وتقييمهم بشكل حصري تقريباً حتى منتصف القرن العشرين بناء على أدلة مجموعة أو منسوجة من قبل أعدائهم. ولكونهم يمثلون جناحاً في التشيع أكثر حركية وثوروية، ومجهزاً ببرنامج دعائي سياسي وديني هدف إلى القضاء على الخلفاء العباسيين، وإعادة الخلافة إلى خط الإمامة العلوي، فقد أثار الإسماعيليون، منذ وقت مبكر، عداوة مؤسسة الأغلبية السنية المسلمة. وبتأسيس الدولة الفاطمية فقد أصبح التحدي الإسماعيلي للنظام القائم واقعا ملموسا. وبناءً على ذلك، فقد أطلق الخلفاء العباسيون و" العلماء"السنة حملة دعائية رسمية معادية للإسماعيليين. لقد كان الهدف الكلي لهذه الحملة المنتظمة الطويلة الأمد، التشكيك بالحركة الإسماعيلية برمتها منذ أصولها كي يهيئوا إدانة جاهزة للإسماعيليين كملاحدة أو زنادقة أو منحرفين عن الطريق القويم. لقد بدأ الجدليون السنة، بشكل خاص، مع ابن رزام الذي عاش في بغداد في النصف الأول من القرن الرابع/ العاشر في نسج دليل كان سيستخدم لدعم إدانة الاسماعيليين مبني على خلفيات عقائدية محددة. والظاهرأن كتاب ابن رزام المعادي للإسماعيليين قد فقد، ولكنه قد استخدم على نطاق واسع خلال العقود القليلة اللاحقة من قبل جدلي آخر هو الشريف أبو الحسين محمد بن علي المشهور بأخي محسن الذي ظهر كتابه ضد الاسماعيليين حوالي 372 /982، لكنه لم يكتب له البقاء أيضا. في كل الأحوال، فان مرويات ابن رزام وأخي محسن قد حفظ منها شذرات من قبل عدة مؤرخين لاحقين، يُذكر منهم النويري ( ت 732/ 1332) وابن الدواداري ( ت . بعد 736/1335)، والمقريزي ( ت 845/1442). لقد رتب الجدليون روايات مفصلة عن التعليم والممارسات الفاسدة للإسماعيليين، وعملوا، في الوقت نفسه، على دحض النسب العلوي لأئمتهم المتحدر من الإمام جعفر الصادق ( ت 148/765) الذي هو آخر الأئمة العلويين الأوائل المعترف بهم من قبل الإسماعيليين والشيعة الإثني عشريين. كانت كتابات الجدليين المعادين للإسماعيلية مصدرا رئيسيا من المعلومات إلى المؤرخين السنة أصحاب مقالات الفرق الإسلامية، أمثال البغدادي (ت 429/1037) الذي كتب صنفا آخر من الكتابات ضد الاسماعيليين. وفي الوقت نفسه، فإن أوائل مؤرخي الفرق الشيعية الإماميين ، كالنبوختي ( ت . بعد 300/912) والقمي (ت301/903)، كانوا على اطلاع أفضل من نظرائهم السنة حول الانقسامات الشيعية الداخلية، وكانوا أقل عداوة تجاه الإسماعيليين الشيعة .
اصطنع الجدليون أيضا صوراً مشوهة مختلفة نسبوا فيها إلى الإسماعيليين مجموعة متنوعة من العقائد والممارسات المثيرة للسخط ضدهم، وتم نشر هذه التلفيقات بشكل واسع على أنها رسائل إسماعيلية حقيقية، وقد استخدمت كمصادر من قبل أجيال من الجدليين وكتاب مقالات الفرق الضالة. ومن هذه التلفيقات كتاب السياسة المجهول المؤلف، والذي اكتسب شهرة واسعة لأنه تضمن كل الأفكار المطلوبة لإدانة الإسماعيليين كزنادقة بسبب فجورهم وإلحادهم. وهذا الكتاب، الذي بقيت منه شذرات فقط مبثوثة ضمن المصادر السنية المتأخرة، ككتابات البغدادي عن الفرق الضالة،هو سرد لأن يكون شرحا صادقا للإجراءات التي من المفترض أن الدعاة الإسماعيليين اتبعوها بقصد كسب أتباع جدد وتلقينهم المبادئ الإسماعيلية بشكل متدرج على نحو سبع مراحل، تنتهي بمرحلة البلاغ الآيلة في نهاية المطاف إلى الإلحاد وطرح الإيمان . ولا حاجة لأن نضيف أن التراث الاسماعيلي عرف بهذه الروايات الخيالية فقط من خلال كتابات أعدائه الجدلية. وكائناً ما يكون الأمر، فإن تراث الجدليين وكتاب مقالات الفرق الضالة، قد أثـّر بدوره في المؤرخين وعلماء الكلام والفقهاء ممن كان لديهم ما يقولونه حول الإسماعيليين. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 5:54 am | |
| الزندقة والإلحاد
المؤلفون السنة الذين لم يكونوا على وجه العموم مهتمين بجمع معلومات دقيقة عن الانقسامات الشيعية الداخلية، وتعاملوا مع كل التفسيرات الشيعية للإسلام كتفسيرات هرطوقية وحتى مبتدعة، انتهزوا الأعمال الشنيعة المقترفة من قبل قرامطة البحرين الذين هاجموا مكة سنة 317/930، وقتلوا الحجاج فيها ومن ثم جلبوا معهم الحجر الأسود، كفرصة لتوجيه اللوم إلى الفاطميين، وفي الواقع إلى الجماعة الإسماعيلية بأكملها.وجدير بالذكر أن القرامطة قد انشقوا عن بقية الإسماعيلية بحلول سنة 286/899 على أبعد تقدير، ولم يعترفوا أبدا بسلسلة الإمامة التي أصبحت عقيدة مركزية للإسماعيليين الفاطميين. وفي جميع الأحوال، ساهمت الروايات العدائية والتحريفات مساهمة كبيرة في تشكيل آراء المسلمين المعادية للإسماعيليين على نطاق واسع.
وبنشر هذه المطاعن والروايات المختلقة، فان المؤلفين المعادين للإسماعيلية، خلقوا في الحقيقة "خرافة سوداء" في مجرى القرن الرابع/العاشر. لقد جرى وصف الإسماعيلية على أنها قمة الإلحاد في الإسلام بتصميم خبيث مقصود من قبل بعض المدعين من غير العلويين، أو من الممكن أن يكون حتى من قبل ساحر يهودي متنكر بزي مسلم، هدفه تخريب الإسلام من داخله . وفي نهاية القرن الخامس /الحادي عشر، أصبحت هذه " الخرافة السوداء" مع تفصيلاتها المتقنة ومراحل تلقينها، وصفا موثوقا ومقبولاً عن دوافع الإسماعيليين ومعتقداتهم وممارساتهم، ومؤدية إلى مزيد من المجادلات المعادية للإسماعيليين والاتهامات بالهرطقة، وكذلك توتير عداوة المسلمين الآخرين ضد الإسماعيليين . | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 5:55 am | |
| الغــزالي
مع نهاية القرن الخامس/ الحادي عشر، نجحت الحملة الواسعة المعادية للإسماعيليين التي قام بها المؤلفون السنة بشكل مدهش عبر الأراضي الإسلامية الوسطى. كما أثارت ثور ة الإسماعيليين الفرس بقيادة حسن الصباح، في تلك الفترة، ضد الأتراك السلاجقة، المستبدين الجدد بالخلفاء العباسيين، رد فعل سني قوي ضد الإسماعيليين عموماً، والنزاريين خصوصًا. لقد ترافقت الحملة الأدبية الجديدة بهجوم عسكري على المعاقل النزارية في فارس شرع بها نظام الملك (ت485- 1092) الوزيرالسلجوقي صاحب السلطة المطلقة في الأراضي السلجوقية لأكثر من عقدين. وقد خصص نظام الملك هذا فصلا طويلا من كتابه سياسة نامة ( كتاب الحكومة) لإدانة الإسماعيليين. غير أن الرسائل الجدلية الأقدم ضد الإسماعيليين الفرس وعقيدتهم التعليميةالتي تطرح ضرورة وجود تعليم موثوق من الإمام الاسماعيلي، كانت قد كتبت من قبل شخصية لا تقل عن شخصية الغزالي (ت505/1111)، المتكلم والفقيه السني المعاصرالأكثر شهرة. وفي الواقع، كان الخليفة العباسي المستظهر(487-512/1094- 1118) قد كلفه بكتابة رسالة في تفنيد آراء الباطنيين. والباطنيون هي تسمية أخرى ملفقة ألصقت بالإسماعيليين من قبل أعدائهم الذين اتهموهم بترك الظاهر أو أوامر الشريعة ونواهيها بادعائهم الوصول إلى الباطن الذي هو جوهر الرسالة الإسلامية كما يؤولها الإمام الاسماعيلي. ففي كتابه المنتشر على نطاق واسع والمكتوب سنة 488/1095والمعروف باسم المستظهري، لفق الغزالي نظام مراحل التدرج المتقن في التعليم الاسماعيلي الخاص بهم، والذي يؤدي في المرحلة النهائية ( البلاغ الأكبر) إلى الإلحاد. وكتب الغزالي لاحقا عدة أعمال أقصر في دحض أفكار الإسماعيليين. وتبنى تشهيره كتاب سنة آخرون، مثل نظام الملك، وأولئك الذين كانوا على اطلاع أيضا على"الخرافة السوداء " الأقدم. وجدير با لملاحظة، أن الإسماعيليين لم يستجيبوا إلى مزاعم الغزالي المعادية لهم، بيد أن تفنيدا مفصلا لكتابه المستظهري، قد كتب في اليمن في فترة لاحقة متأخرة جداً، من قبل الداعي الطيبي المستعلي الخامس المتوفى سنة 612/1215 . غير أن المؤلفين السنة، ومنهم بشكل خاص مؤرخو السلاجقة، شاركوا بهمة عالية في الحملة الأدبية المتجددة ضد الإسماعيليين. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 5:56 am | |
| الحشيشيـة
بحلول العقود الافتتاحية للقرن السادس/ الثالث عشر، دخلت الجماعة الإسماعيلية المنقسمة على نفسها، في خصومات داخلية نزارية مقابل أخرى مستعلية، سرَّت بشكل واضح خصومهم السنيين. ففي إحدى الرسائل الجدلية المعادية للنزارية والصادرة سنة 516/1222عن الخليفة الفاطمي الآمر( 495-524/1101-1130) أُشير إلى الإسماعيليين النزاريين في سورية لأول مرة من خلال تسمية مسيئة هي الحشيشية دون أي تفسير. واستخدم هذا المصطلح في وقت لاحق للدلالة على الإسماعيليين السوريين من قبل قلة من المؤرخين السنيين من أشهرهم أبو شامة (ت665/1267) وابن ميسر(ت677/1278) من دون اتهام الإسماعيليين فعلا بتعاطي الحشيش المستخرج من القنب الهندي. وكذلك وُسم النزاريون الفرس بالحشيشية في بعض المصادر الزيدية المكتوبة في شمالي فارس خلال فترت ألموت.22 وجدير بالملاحظة أنه في جميع المصادر الإسلامية التي أشير فيها إلى النزاريين كحشيشية، قد استخدم هذا المصطلح مجازيا، وبمعناه التحقيري" حثالة الشعب" و "المنبوذين اجتماعيا و الملاحدة". يتجذَّر التفسير الأدبي لهذا المصطلح العائد على الإسماعيليين في تخيلات أوروبيي العصور الوسطى و " جهلهم الوهمي" بالإسلام والإسماعيليين. وعلى أية حال، سرعان ما وجد الفاطميون والنزاريون السوريون عدواً مشتركاً تمثّل في الصليبيين النصارى الذين استولوا على القدس سنة 492/ 1099، وأسسوا لاحقاً أربع إمارات في الشرق الأدنى. وقد دخلوا في مواجهات دبلوماسية وعسكرية قوية مع الفاطميين في مصر والإسماعيليين النزاريين في سورية، كان لها عواقبها الدائمة في تشويه صورة النزاريين في أوروبا.
وصل النزاريون السوريون إلى قمة قوتهم وشهرتهم بقيادة راشد الدين سنان، داعيتهم الأكبر على مدى ثلاثة عقود حتى موته سنة589/1193. وكان في زمن سنان،" شيخ الجبل " الأصلي في المصادر الصليبية، أن بدأ مؤرخو الصليبيين الغربيون وعدد من الرحالة والمبعوثين الدبلوماسيين الأوربيين يكتبون حول الإسماعيليين النزاريين تحت اسم الحشاشين. وواضح أن تعبير الحشاشين قد تأسس على تنوعات كلمة حشيشي العربية (جمعها حشيشية )، واستخدم ضد الإسماعيليين بمعنى انتقاصي من قبل مسلمين آخرين، وكان قد التقط في المشرق من قبل الصليبيين ومراقبي أحداثهم الأوروبيين. وفي جميع الأحوال، لم تكن الدوائر الصليبية ومؤرخوها من الغربيين مهتمين بجمع المعلومات الدقيقة عن الإسلام كدين، ولاعن انقساماته الداخلية رغم قربهم من المسلمين، وظلوا على جهل مطبق بالإسلام عموما وبالإسماعيليين خصوصا. وكان في ظل مثل هذه الظروف، أن أنتجت الدوائر الصليبية تقارير عن ممارسات الإسماعيليين السرية. وفي المحصلة، بدأ الأوروبيون أنفسهم في العصور الوسطى بنسج وتداول عدد من الحكايات في الشرق اللاتيني وفي أوروبا عن هذه الممارسات السرية. وجدير بالملاحظة فيما يتعلق بهذا الموضوع، أن أيـّاً من هذه الحكايات المختلفة لا يمكن العثور عليها في المصادر الإسلامية المعاصرة لها، ولا حتى في المصادر الأكثر عدائية التي جرى تأليفها في القرن السادس/ الثاني عشر والسابع /الثالث عشر. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 5:57 am | |
| خرافات الحشاشين
تأثر الصليبيون، بشكل خاص، بالأخبار والإشاعات المبالغ فيها كثيراً عن الاغتيالات النزارية، والسلوك الجريء لفدائييهم، أو أولئك الأولياء المضحين بأرواحهم، الذين كانوا ينفذون مهامهم العملية في الأماكن العامة فيخسرون بسببها أرواحهم بشكل معتاد. وينبغي التذكير بأن أية عملية اغتيال مرتكبة ذات مدلول كبير ضمن الأراضي الإسلامية المركزية في القرن السادس/الثاني عشر كانت تنسب تقريبا إلى خناجر الفدائية النزارية. هذا الأمر يفسر لماذا كانت تدور تلك الحكايات الخيالية حول تجنيد أولئك الفدائية وتدريبهم، لأن الصليبيين كانوا معنيين بتقديم شروحات مرضية عن سلوك الفدائيين، وإلا ستبدو تلك الشروحات غريبة وغير منطقية للعقل الغربي في العصر الوسيط . وكانت مثل هذه الخرافات تتألف من عدد من الحكايات المنفصلة، لكنها مترابطة فيما بينها، وضمت " خرافة الجنة " و" خرافة الحشيش" و" خرافـة قـفـزة الموت ". لقد تطورت تلك الخرافات على مراحل، مضافا إليها تجميلات في كل مرحلة من مراحل تطورها لتشكل في ذروتها مركبا أشاعه ماركو بولو(1324م). لقد أضاف هذا الرحالة البندقي مساهمته الأصلية الخاصة على شكل حديقة سرية في الفردوس، حيث من المفترض أن تٌـقدم ملذات جسدية للفدائيين من قبل زعيمهم المخادع والخبيث شيخ الجبل كجزء من تدريبهم وتلقينهم العقائدي.
إن نسخة ماركو بولو عن خرافات الحشاشين قد قُدمت كتقرير تم الحصول عليه من مصادر معتمدة معاصرة له في فارس تم تكرارها بدرجات مختلفة من قبل كتاب أوروبيين لاحقين كوصف نموذجي" لشيخ الجبل و حشيشيته". والعجيب أنه لم يخطر لأي أوروبي أن يكون ماركو بولو قد سمع فعلا الحكايات في ايطاليا بعد عودته إلى البندقية سنة 1295 من رحلته إلى الشرق. وتعود تلك الحكايات التي انتشرت آنذاك في أوروبا، بجزء منها على الأقل، إلى حكايات أوروبية سبقت حول الموضوع، إذا لم نذكر إمكانية أن تكون خرافات الحشاشين المتضمنة في كتاب ماركو بولو قد تم إدخالها كاملة كملاحظة استطرادية من قبل ريستيشيللو أف بيزا، الكاتب الرومانسي الإيطالي الذي كان مسؤولا حقيقة عن تدوين رحلات ماركو بولو. ولا يمكن قول المزيد حول الموضوع في الوضع الحالي لمعرفتنا، خصوصا وأن النسخة الأصلية لمقالة ماركو بولو التي كتبت من قبل ريستيشيللو بلغة فرنسية قديمة فريدة مختلطة بايطالية، هي مفقودة اليوم. وجدير بالملاحظة أيضاً فيما يتعلق بذلك، أن ماركو بولو نفسه قد راجع بجلاء مقالته خلال السنوات العشرين الأخيرة من حياته، و قد يكون قد قيَّم ،في ذلك الوقت ،خرافات الحشاشين المتعلقة بالنزاريين السوريين، والسائدة في أوروبا آنئذ. ولم يخبر الجويني المؤرخ المعاصر لتلك الفترة والمجاهر بعداوته للنزاريين، والذي رافق هولاكو إلى آلموت سنة 654/ 1256، وفتش القلعة ومكتبتها قبل تدميرها من قبل المغول، عن اكتشاف أية "حديقة فردوس سرية " هناك ، كما تزعم رواية ماركو بولو.
لقد جرى " تخيّل" خرافات مختلفة، أو مكونات لخرافات خاصة للحشاشين، بصورة مستقلة وفي أزمنة متقاربة لمؤلفين مختلفين، أمثال أرنولد أف لوبك ( ت 1212م) وجمس أف فيتري( ت 1240) وتم تجميلها مع مرور الوقت. فبدءاً من بوركارد أف ستراسبورغ الذي زار سورية سنة570/ 1175 كمبعوث للإمبراطور الألماني هوهنستوفن، وكذلك الرحالة الأوروبيين، والمؤرخين والمبعوثين إلى الشرق اللاتيني ممن كان في نفوسهم شـيء يقولونه حول " الحشاشين"، قد شاركوا، وكأن في الأمر تواطؤ ضمني في عملية نسج خرافات الحشاشين ونقلها وشرعنتها . وفي نهاية القرن الثامن/ الرابع عشر ، حازت الخرافات على تداول واسع وقبول كوصف موثوق لممارسات الإسماعيليين النزاريين السرية، يماثل الطريقة التي حازت فيهــا " الخرافة السوداء" للجدليين السنة على قبول كشرح دقيق لدوافع الإسماعيليين وتعليمهم وممارساتهم. من هنا كان تصوير الإسماعيلية في المصادر الأوروبية من العصر الوسيط كنظام شرير لقتلة ميالين إلى الشر والقتل بلا رحمة .
في غضون ذلك، اكتسبت كلمة "حشاش " معنىً جديداً في اللغات الفرنسية والايطالية والأوروبية الأخرى بدلاً من الدلالة على اسم الجماعة النزارية في سورية. لقد أصبحت اسم علم شائع يدل على القاتل المحترف. ومع ظهور هذا الاستخدام، تم النسيان السريع لأصل التعبير"حشاش" ومعناه في أوروبا، بينما استمرت "الفرقة الشرقية " التي حملت الاسم أصلا تثير بعض الاهتمام عند الأوروبيين بسبب شهرة خرافات الحشاشين الباقية بشكل رئيسي، والتي اكتسبت في الواقع حياة مستقلة خاصة بها. من هنا، بدأ عدد من الفلاسفة الأوروبيين وأصحاب المعاجم الأوروبية يجمعون مختلف التعابير المتعلقة بالمصطلح "حشاش"، مثل حشيشي وحشيشية، والتي ظهرت في المصادر الغربية في العصر الوسيط، مقترحين أصول لغوية غريبة عديدة لها. ومع نهاية القرن الثاني عشر/الثامن عشر، توفرت اشتقاقات لغوية كثيرة لهذا المصطلح، في حين تلقى أتباع المذهب أصحاب العلاقة اهتماماً أكثر قليلا من قبل أقلام الرحالة والمبشرين المسيحيين المرسلين إلى الشرق. وفي المحصلة، مازال الأوروبيون يتصورون الإسماعيليين النزاريين في بدء القرن الثالث عشر/ التاسع عشر بطريقة متوهمة ومشوشة تماما . | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 5:59 am | |
| الاستشراق
بدأ مستشرقو القرن التاسع عشر، وعلى رأسهم سلفيستر دو ساسي( 1758 /1838 ) دراساتهم الأكثر تبحرا عن الإسلام، معتمدين على المخطوطات العربية التي كتبها المؤلفون السنة بشكل رئيسي. ونتيجة لذلك، فقد درسوا الإسلام بناءً على وجهة نظر سنية، وعالجوا موضوع التشيع كتفسير "هرطوقي" للإسلام بالمقابلة مع السنية التي اتخذت كممثلة للدين القويم "الأرثوذكسي" مستعيرين بذلك التصنيفات المطبقة على السياقات المسيحية. بناء على هذا الأساس، وعلى الجاذبية المتواصلة لخرافات الحشاشين الأصلية ، أطلق المستشرقون دراساتهم الخاصة عن الإسماعيليين. ففي " ترجمته" الشهيرة عن النزاريين، نجح دو ساسي نهائيا في حل لغز اسم حشاش، وأنتج أيضاً دراسات هامة عن الإسماعيليين الأوائل كمواد أولية لعمله الرئيس عن " دين الدروز" . ويعرِّف المستشرقون اليوم بشكل صحيح الإسماعيلية كجماعة مسلمة شيعية، لكنهم مازالوا مضطرين لدراستهم بالاعتماد على المصادر السنية المعادية حصراً وعلى الروايات الغربية الخيالية للدوائر الصليبية. وبالتالي، فإنهم أقرضوا أيضا ختمهم الخاص للموافقة على أساطير الإسماعيليين، أي " الخرافة السوداء " المعادية للإسماعيليين التي أطلقها جدليو السنة في العصر الوسيط وخرافات الصليبيين عن الحشاشين.
وبالفعل، فإن تقييم دو ساسي المشوه للإسماعيليين قد وضع من غير قصد منه إطاراً لمستشرقي القرن التاسع عشر، درسوا من خلاله تاريخ الإسماعيليين في العصر الوسيط. وتلقى اهتمام المستشرقين بالإسماعيليين في تلك الفترة دافعا منشطا من الروايات المعادية للإسماعيليين من خلال التواريخ السنية المكتشفة حديثا، والتي بدت متممة لخرافات الحشاشين الموجودة ضمن المصادر الغربية المألوفة لديهم. في مثل هذه الظروف، جاءت التصورات المشوهة والتحريفات والتخيلات الصرفة لتتغلغل أكثر الدراسات الإسماعيلية المقروءة على نطاق واسع، ونعني بذلك أول كتاب غربي عن فترة ألموت لمؤلفه جوزف فون هامر- بورغشتال ( 1744-1856). أيد هذا المستشرق الدبلوماسي النمساوي رواية ماركو بولو بمجملها، وكذلك أيد كل المطاعن التي أطلقها ضد الإسماعيليين أعداؤهم السنة. وقد نشر هذا الكتاب أولا في ألمانيا 1818 ، فأحرز نجاحا كبيرا في أوروبا، وتواصل هذا النجاح ليتم النظر إليه كتاريخ نموذجي للدراسات الإسماعيلية حتى الثلاثينيات من القرن الماضي. وباستثناءات نادرة ، نذكر منها المستشرق الفرنسي شارل أف ديفريمري ( 1822- 1883) الذي كتب دراسات تاريخية قيمة عن النزاريين في سورية وفارس، فقد تواصلت تشويهات صورة الإسماعيليين بدرجات متفاوتة علي أيدي المستشرقين المتأخرين، أمثال ميشيل ج. دو غوية (1836-1909)، الذين فسروا العلاقات الفاطمية- القرمطية بصورة خاطئة وتبنوها عموما.30 لقد أعطى المستشرقون امتيازا جديدا لحياة الأساطير المحيطة بالإسماعيليين. وهذه الحالة البائسة للدراسات الإسماعيلية لم يطرأ عليها أي تغيير حتى الثلاثينيات من القرن الماضي. حتى أن باحثاً بارزاً مثل إدوارد براون (1862-1926) لم يستطع مقاومة ترديد حكايات أسلافه المستشرقين عن الإسماعيليين. لقد حافظ الغربيون في الوقت نفسه على عادة الإشارة إلى الإسماعيليين كحشاشين، وهي تسمية مسيئة لأسمهم الحقيقي متجذّرة في التسمية الانتقاصية من العصر الوسيط.
كان على الفتح الجديد في الدراسات الإسماعيلية انتظار استعادة النصوص الإسماعيلية الأصلية ودراستها على نطاق واسع ، وهي المصادر المخطوطة والمحفوظة سريا على شكل مجموعات خاصة عديدة. لقد سبق أن ظهرت مخطوطات إسماعيلية قليلة من منشأ سوري في باريس في القرن التاسع عشر. وقد تم دراسة بعض الشذرات من هذه الأعمال من قبل ستانسيلاس غويارد( 1846-1884) ومستشرقين آخرين. وفي الوقت نفسه، كان بول كازانوفا ( 1861- 1926)، الذي أنتج دراسات هامة حول الفاطميين والنقود النزارية، أول مستشرق أوربي اعترف بالأصل الإسماعيلي لرسائل إخوان الصفاء، حيث أن جزءاً منها وجد طريقه إلى المكتبة الوطنية في باريس. كما تم العثور على مزيد من المخطوطات الإسماعيلية المحفوظة في اليمن وفي آسيا الوسطى في العقود الافتتاحية للقرن العشرين. إن عددا من النصوص النزارية مصدره - بشكل خاص – شوغنان وروشان ومناطق أخرى من بدخشان التي يقسمها حاليا نهر جيحون بين طاجكستان وأفغانستان. وقد درست من قبل الكساندر آ. سيمنوف ( 1873- 1958) الرائد الروسي في الدراسات الإسماعيلية من طشقند. لقد نقلت المخطوطات الإسماعيلية لمنطقة آسيا الوسطى الى المتحف الآسيوي في سانت بطرسبورغ، وتحفظ حاليا ضمن مجموعة معهد الدراسات الشرقية. وحتى عام 1922، عندما أعد لويس ماسينيون ( 1882- 1965) أول ببليوغرافيا غربية بالأعمال الإسماعيلية، كانت معرفة المكتبات الأوربية والدوائر العلمية حول الأدب الإسماعيلي لا تزال محدودة جداً. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 6:00 am | |
| الدراسات الاسماعيلية الحديثة
كان البحث الحديث في الدراسات الإسماعيلية قد ابتدأ في الثلاثينيات من القرن الماضي في الهند ، حيث كانت مجموعات مهمة من المخطوطات الإسماعيلية قد حفظت لدى جماعة البهرة الإسماعيلية.وكان الاختراق لهذا الميدان قد حدث نتيجة لجهود فلاديمير ايفانوف الرائدة ( 1886- 1970)، وعدد قليل من الباحثين الاسماعيليين البهرة، يُذكر منهم آصف فيضي(1899-1981) وحسين فيضي الهمداني ( 1901- 1962) وزاهد علي ( 1888- 1958). وكل واحد من هؤلاء أسس دراساته على ما كانت تقتنيه أسرته من مجموعات المخطوطات. وفي الحقيقة، فإن آصف فيضي الذي درس القانون في جامعة كمبردج وينتمي إلى عائلة إسماعيلية سليمانية أكثر ثقافة بين الاسماعيليين الطيبيين في الهند، قام بأبحاث حديثة عرَّفت الباحثين العصريين بوجود مدرسة إسماعيلية في الفقه. ومن بين مطبوعاته العديدة حول الموضوع ، نشر طبعة نقدية لكتاب القاضي النعمان الرئيسي الذي يعتبر كتشريع في الفقه للدولة الفاطمية مازال متبعاً من قبل الإسماعيليين الطيبيين في الهند وباكستان واليمن ومناطق أخرى. وكان حسين همداني الذي ينتمي إلى عائلة طيبية داؤدية بارزة في البحث الديني من أصول يمنية ونال شهادة الدكتوراه من جامعة لندن، كان رائدا في إنتاج عدد من الدراسات المعتمدة على مصادر إسماعيلية لفتت انتباه الباحثين العصريين إلى وجود هذا التراث الأدبي الفريد. أما زاهد علي المتحدِّر من عائلة إسماعيلية داؤدية أخرى، فكان لسنوات عدة عميداً لكلية نظام في حيدر آباد بعد نيله الدكتوراه من جامعة أكسفورد. وكان الشخص الأول في الأزمنة الحديثة الذي كتب بالأوردية استنادا إلى عدد متنوع من المصادر الإسماعيلية، دراسة بحثية عن التاريخ الفاطمي، وعملا آخرعن العقائد الإسماعيلية.
وحقق إيفانوف، الذي استقر بالنتيجة في بومباي بعد تركه موطنه الأصلي روسيا سنة 1917، وتعاون تعاونا وثيقا مع الباحثين البهرة المذكورين أعلاه، حقق نجاحاً عبرارتباطه الخاص مع جماعة الخوجة الإسماعيلية في الوصول إلى الأدب النزاري أيضا. وبالتالي، فقد صنـّف الفهرست المفصَّل الأول عن المؤلفات الإسماعيلية، وضمّنه نحو 700 عنواناً منفصلاً تشهد على غنى وتنوع التراث العقلي والأدبي الإسماعيلي المجهول حتى تلك الفترة.إن بداية البحث الحديث في الدراسات الإسماعيلية، قد تعود حقا إلى نشر هذا الفهرست الهام الذي قدم إطارا علميا لمزيد من البحث في هذا الميدان. وتلقت البحوث الإسماعيلية حافزا رئيسيا بإنشاء الجمعية الإسماعيلية في بومباي سنة 1946 تحت رعاية سلطان محمد شاه آغاخان الثالث ( 1877- 1957) ،الإمام الثامن والأربعين للإسماعيليين النزاريين. وقد لعب إيفا نوف دوراً حاسماً في إنشاء الجمعية الإسماعيلية التي خصصت سلسلتها المتنوعة من المطبوعات لأعماله الخاصة عن الإسماعيلية بشكل رئيسي، وكذلك تحقيق وترجمة النصوص الإسماعيلية. كما أنه حصل على عدد واسع من المخطوطات لصالح مكتبة الجمعية الإسماعيلية التي نقلت إلى مكتبة معهد الدراسات الإسماعيلية في لندن أوائل الثمانينيات.
وعندما نشر إيفا نوف طبعة منقحة من فهرسته عام 1963، كانت مصادر إسماعيلية إضافية عديدة قد أصبحت معروفة، وأن التقدم الذي تحقق في الدراسات الإسماعيلية أصبح في الواقع مدهشا. وبالإضافة إلى الدراسات العديدة التي قام بها ايفا نوف والرواد البهرة بصورة فعلية، فقد بدأت نصوص عديدة بالظهور في تلك الفترة قام بتحقيقها باحثون آخرون ممهدين الأرضية لمزيد من التقدم في هذا الميدان الجديد من الدراسات الإسلامية . وفيما يتعلق بذلك، ينبغي ، على وجه الخصوص، ذكر النصوص الإسماعيلية من عهد الفاطميين ومن أزمنة لاحقة، مع المقدمات التحليلية التي كتبها هنري كوربان ( 1903- 1978) والتي نشرت في طهران وباريس في آن معاً ضمن سلسلته،" المكتبة الإيرانية". و كذلك النصوص الفاطمية التي حققها الباحث المصري محمد كامل حسين ( 1901- 1961),والتي نشرت باسم " سلسلة مخطوطات الفاطميين" في القاهرة. و كان عارف تامر( 1921-1998) المنتمي إلى الجماعة النزارية المحمدشاهية الصغيرة في سورية، قد وفـَّر للباحثين ، في الوقت نفسه، نصوصا إسماعيلية من منشأ سوري ، رغم احتواء طبعاتها على أخطاء كثيرة يؤسف لها؛ إضافة إلى عدد من الباحثين الأوروبيين، أمثال ماريوس كنارد ( 1888- 1982) وعدد من الباحثين المصريين، أمثال حسن إبراهيم حسن ( 1892- 1968) وجمال الدين الشيال( 1911- 1967) وعبد المنعم ماجد( 1920- 1999)، الذين قدموا مساهمات هامة للدراسات الفاطمية. وكان ايفيز ماركت قد شـرع ، في الوقت نفسه، في دراسة على مدى حياته لإخوان الصفاء ورسائلهم. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 6:01 am | |
| أبحاث ودراسات معاصرة
كان التقدم الذي سبق وتحقق في الميدان بحلول منتصف الخمسينيات، قد مكَّن مارشال جي. إس. هدجسون(1922-1968) من القيام بدراسة بحثية شاملة تعتبر الأولى من نوعها عن الإسماعيليين النزاريين في فترة ألموت. وبعده بفترة وجيزة، ظهر آخرون يمثلون جيلاً جديداً من الباحثين أشهرهم برنارد لويس وصموئيل ام. شترن(1920- 1969 ) و ويلفرد ميدلونغ وعباس همداني ، قاموا بدراسات رئيسية، وخصوصا عن الإسماعيليين الأوائل وعلاقتهم بالقرامطة المنشقين . وحصل خلال العقود القليلة الماضية تقدم بخطى سريعة في مجال الدراسات الإسماعيلية من خلال جهود جيل آخر من الباحثين ، أمثال إسماعيل ك. بونـاوالا و بول إي. ووكر وعظيم أ. نانجي وتيري بيانكس وأيمن فؤاد السيد وفرهاد دشروي ومحمد يالاوي الذين كرسوا انتباههم بشكل رئيسي إلى الدراسات الفاطمية. لقد انعكس التقدم الحديث الناتج عن استعادة الأدب الإسماعيلي جيداً في البيبليوغرافيا الضخمة للبروفيسور بوناوالا التي عّرفت ما يقرب من 1300 عنواناً كتبت من قبل أكثر من 200 مؤلف. وقد تم نشرالعديد من هذه النصوص حاليا بطبعات نقدية، بينما كتبت دراسات ثانوية عديدة حول التاريخ والفكر الإسماعيليين من قبل ثلاثة أجيال متعاقبة من الباحثين. وفي جميع الاحتمالات، فإن البحث الحديث في الدراسات الإسماعيلية سيتواصل حتى بخطوات أكبر، لأن الاسماعيليين اليوم أصبحوا مهتمين على نطاق واسع بدراسة تراثهم الأدبي وتاريخهم – وهي ظاهرة تشهد عليها أعداد متزايدة من رسائل الدكتوراه ذات الصلة بالإسماعيلية كتبها إسماعيليون في العقود الأخيرة. ضمن هذا السياق ، فإن دوراً رئيسياً سوف يقوم به معهد الدراسات الإسماعيلية الذي تأسس في لندن عام 1977تحت رعاية صاحب السمو الأمير كريم آغاخان الرابع ، الإمام الحالي للإسماعيليين النزاريين. وقد سبق لهذا المعهد أن أصبح يخدم كنقطة مرجعية مركزية للدراسات الإسماعيلية في ذات الوقت الذي يقدم فيه مساهماته الخاصة عبر البرامج المتنوعة المتعلقة بالبحث والنشر. ومن بين هذه البرامج، تجدر الإشارة بشكل خاص إلى الدراسات ذات الموضوع الواحد التي تظهر في" سلسلة التراث الإسماعيلي" للمعهد، الهادفة إلى توفير نتائج البحث الحديث عن الإسماعيليين وتراثهم الثقافي والفكري إلى جمهور القراء ، و" سلسلة النصوص الإسماعيلية والترجمات" التي ظهر منها طبعات نقدية لنصوص عربية وفارسية منشورة معا بالإضافة إلى ترجمات إلى الإنكليزية ومقدمات تضعها ضمن سياقها التاريخي. لقد شارك عدد من الباحثين من مختلف أنحاء العالم في هذه البرامج الأكاديمية، ويستفيد كثيراً عدد أكبر من الوصول إلى المخطوطات الإسماعيلية المحفوظة في مكتبة المعهد، التي تمثـّل أضخم مجموعة من نوعها في الغرب. بهذه التطورات الحديثة، فإن الدراسة العلمية في الشؤون الإسماعيلية في نهاية العقود الختامية للقرن العشرين قد فككت وشرحت كثيراً من الخرافات المعادية للإسماعيليين التي بدرت في العصور الوسطى ، مبشرة بتبديد التحريفات الموضوعة عن الإسماعيليين، والمترسخة سواء عن جهل عدائي أو جهل متخيل لأجيال مبكرة من المؤلفين. | |
|
| |
مهند أحمد اسماعيل مشرف عام
عدد الرسائل : 4437 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 09/07/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة السبت أكتوبر 02, 2010 6:26 pm | |
| المصدر معهد الدراسات الإسماعيلية تحياتي | |
|
| |
--- الطائر الفينيقي --- عضو بلاتيني
عدد الرسائل : 2838 تاريخ التسجيل : 23/08/2008
| |
| |
سقراط مشرف عام
عدد الرسائل : 4740 تاريخ التسجيل : 06/03/2008
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة الأحد أكتوبر 03, 2010 4:07 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم يا علي مدد أخي الروحي الغالي مهنّد جهدٌ كبير دؤوب متواصل مشكور بارككم المولى | |
|
| |
زهراء ديب مشرف عام
عدد الرسائل : 2275 Localisation : _________________ قوة الارادة ليست الا نتيجة لسلسلة من عمليات التاديب والتدريب ان قوة الارادة صفة ؟؟؟ لا يرثها المرء عن ابائه واجداده انما يجب ان يدفع قيمتها ليكسبها ............ تاريخ التسجيل : 28/09/2009
| موضوع: رد: الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة الأحد أكتوبر 03, 2010 9:17 am | |
| | |
|
| |
| الدراسات الإسماعيلية: أسبقيات العصر الوسيط والتطورات الحديثة | |
|