ناصر خسرو: الأمس، واليوم والغد – مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
يا الله يا محمد يا علي
ناصر خسرو: الأمس، واليوم والغد – مقدمة

موجز

يقدم هذه المقال لمحة تمهيدية عن مجموعة من المقالات المخصصة للذكرى الألفية لناصر خسرو تحت عنوان ناصر خسرو: الأمس واليوم والغد(2005) والذي أقيم في طاجيكستان في أيلول من عام 2003. وتشمل هذه المجموعة القيمة والتنوع الفكريين المتمثلين في العروض والمناقشات التي جرت في مدينة خوروج الجبلية النائية و العاصمة دوشانبي.1 وتستهل المقدمة بخلفية عن الذكرى ودوافعها، تليها مقدمة ممقتضبة للمؤتمر و الندوة، الأهداف و المشاركين. أما القسم الثاني فإنه يتعلق بالجوانب، المواضيع و الأفكار المختلفة حول ناصر خسرو في مقالات المؤتمر تتبعه تعليقات عملية وخاتمة.

الخلفية والدافع

عاش ناصر خسرو(1004-1088) و الذي اشتهر بالأخلاقيات التي يتمتع بها شعره و الجدل المتمثل في نثره الفلسفي والروحي وتحوله والتزامه الراسخ بالتفسير الإسماعيلي للإسلام واختياره المتعمد للدارية2 كلغة أدب والوصف الدقيق والمؤثر في أدب أسفاره، عاش في زمن من الاضطرابات السياسية العنيفة والنزاعات الاقتصادية والعرقية والدينية والجدل والاستقطاب الآيديولجي والطائفي. إن شخصية ناصر الذاتية وشاعريته واهتمامه الفلسفي بمحيطه، والقضايا الأخلاقية اليومية، كل ذلك له أهمية عالمية تتجاوز حياته وعصره.

وقد أعلنت منظمة اليونسكو أن عام 2003 هو عام ناصر خسرو وذلك بناءً على طلب عدد من دول آسيا الوسطى حيث كان لأفكار ناصر خسرو أثر عظيم في حياة الناس ومجتمعاتها. وقد شهدت طاجيكستان في شهر أيلول 2003 عدداً من التظاهرات الفكرية والاجتماعية والثقافية والفنية. إن لاستهلال عام الاحتفالية في طاجيكستان أهمية كبيرة ليس للاعتقاد أن ناصر خسرو كان قد ولد في مدينة قبديان في الجنوب فحسب بل ولأن أرثه كان له أثر كبير على مواطنيها وخصوصاً سكان مقاطعة بدخشان.

وكون طاجيكستان بلداً سوفياتياً سابقاً, فهي تناضل من أجل تكوين هويتها الجديدة والمستقلة. ومن خلال القيام بذلك تتجلى على نطاق واسع التحديات الجوهرية التي تواجه المجتمعات المسلمة التي تشهد تحولات جذرية.

إن المسيرة المظفرة المفترضة للحداثة الغربية والآيديولوجية التحررية الجديدة من خلال العولمة والسوق الحرة كلها أعطت زخماً للمنافسة والروح الفردية والعقلية التقنية3 عبر المساحات الشاسعة التي خلفتها الآيديولوجية الشيوعية المندحرة.

لقد أصبحت طاجيكستان وكسائر بلدان آسيا الوسطى نقطة التقاء تتلاقى فيها القوى الخليطة والمتنوعة للثراث الإسلامي مع الاشتراكية المفروضة والديموقراطية الغربية والحس القومي. إن التحدي الهائل المتناقض في بناء أمة والحفاظ على الترابط الاجتماعي في زمن انتشار العولمة أصبح أكثر تعقيداً جراء المواجهة الشديدة والمتزايدة مع التغيرات الدرامية المتلاحقة التي تكابدها أجزاء متعددة من العالم الإسلامي.

لقد أقيمت الاحتفالية ضمن التفاعل بين سياقات محلية وعالمية. وقد تم تنظيمها كخطوة مشتركة بين معهد الدراسات الإسماعيلية واللجنة المنظمة في طاجيكستان, والتي تضمنت مسؤولين من مكتب الرئيس و وزراء ذوي صلة وأكادمية طاجيكستان للعلوم4 وجامعة خوروج الحكومية.

ويقوم معهد الدراسات الإسماعيلية، بصفته أحد المنظمين للاحتفالية في طاجيكستان, بتشجيع الدراسة والبحث حول الإسلام في سياق تاريخي ومعاصر أيضاً. ومن خلال القيام بذلك، فإن المعهد يشجع رؤية لا يحدها التراث الديني واللاهوتي، وإنما يسعي لاكتشاف العلاقة بين الأفكار الدينية والأبعاد الأوسع للمجتمع والثقافة. كما يشجع المعهد، وضمن إطار التقاليد الإسلامية، البحث في عدد من المجالات التي لم تلق القدر الكافي من الاهتمام من الباحثين حتى الآن. وتشمل هذه المجالات التعابير الفكرية والأدبية للشيعة بعامة والإسماعيلية بصفة خاصة.5 وبالمختصر، فإن المعهد قد ركز اهتمامه على الجوانب الفكرية للاحتفالية بالذكرى الألف لولادة ناصر خسرو.

المنتدى وأهدافه

أكثر من 100 باحث من ثلاثة عشر بلداً يمثلون مختلف الجوانب والطرائق في فهم ووصف ناصر خسرو وتراثه كانوا حاضرين في مؤتمر خوروج (2-4 أيلول 2003) وفي ندوة دوشنبي (6-8 أيلول 2003). وقد كان لهذه اللقاءات والأبحاث الناتجة المتداولة الأهداف التالية:

1- تشكيل منتدى للتبادل الفكري والنقاش حول فكر ناصر خسرو وكتاباته

2- إيضاح الطيف الواسع لدور ناصر خسرو وإسهاماته في العالم الإسلامي الواسع إضافة إلى الإسماعيلية.

3- معالجة الصلة بين فكر ناصر خسرو والحاضر بالابتعاد عن العقلية الضيقة والمواقف المتزمتة.

4- الإسهام في بعث و إحياء تراث ناصر خسرو وسط مختلف الشرائح الاجتماعية في آسيا الوسطى.

5- تسهيل المشاريع المشتركة حول ناصر خسرو والتراث المتمثل به.

لقد واجه المنظمون تحدياً كبيراً وهو كيفية التوفيق بين التكريم ودلالته بحيث يمكن للمشاركين والمقدمين أن يقوموا، بالإضافة للاحتفاء بناصر خسرو، بطرح عدد من الأسئلة ودراسة إرث الشخص الذي كان، حسب هانسبيرغر، (يحاول أن يحيا حياة هادفة وأخلاقية قدر المستطاع والذي راجع ماضيه وقرر على إثر ذلك إحداث تغيير جوهري والذي توصل إلى نوع من التسوية مع الاضطرابات الهائلة وخيبات الأمل في حياته).

إطار عمل لفهم ناصر خسرو: المواضيع والتساؤلات والجوانب

في محاولة لتحقيق أهداف الحدث، انقسم مؤتمر خوروج إلى جلسة صباحية يحضرها جميع المشاركين تتبعها عروض متوازية ومنفصلة بعد الظهر. وفي كلتا الحالتين، فقد غيرت الأقسام الأسلوب المعتاد في دراسة تراث لباحث تقليدي، وذلك من خلال تقسيمها إلى أقسام بالاعتماد على مجالات الدراسة كالفلسفة واللاهوت والأدب. إن الهدف من تغيير الأسلوب التقليدي هو إظهار ما قام به ناصر خسرو من دمج للفلسفة وعلم اللاهوت والأدب، وإلقاء الضوء على الطبيعة الكلية لحياة ناصر خسرو وتراثه. إن الغنى الذي يتمتع به فكر وحياة ناصر خسرو, مثله مثل سائر مفكري العصر الوسيط، لا يمكن تنظيمه في أقسام منهجية واضحة. ويعلق هانسبيرغر قائلاً إن لدى ناصر خسرو" تنساب الفلسفة في شعره، وقد بدت أسفاره كرد فعل لتحوله إلى الإسماعيلية، وعين الشاعر الثاقبة التي يتمتع بها إلى جانب قيمه الدينية كلها واضحة في أدب أسفاره، السفرنامة، الأماكن التي يزورها، والمشاهد التي أمتعته والملاحظات الدقيقة عن الناس والثقافات".7 وفوق كل ذلك، وكما هي الحال مع الشخصيات الإسلامية البارزة الأخرى، فإن المفكرين الإسماعيليين في العصر الوسيط أمثال ناصر خسرو ونصير الدين الطوسي رأوا في أنفسهم ليس مجرد علماء لاهوت ومتحدثين باسم جماعاتهم الدينية فحسب، وإنما مفكرين عالميين يقدمون الحكمة الفلسفية والعلاج الروحي للإنسانية.8

وللتعريف بجوانب الإسهام الذي قدمه ناصر خسرو للثقافة الناطقة بالفارسية و للأمة الإسلامية وللتاريخ الفكري العالمي، فقد شكلنا عدداً من الأقسام التي تعالج المواضيع الواسعة التالية: 1- التحليل والتفكير والعقل أكثر من الفلسفة البسيطة؛ 2- تعدد تفسيرات المعتقدات والممارسات عوضاً عن اللاهوت؛ 3- التعلم والأخلاق والمجتمع؛ 4- التحديات الناجمة عن الانخراط في محاولة فهم وتقديم ناصر خسرو لإظهار مجال واسع من الطرائق والبحث. 5- الأبعاد الجمالية والبلاغية واللغوية لكتابات ناصر خسرو لتضمين النتاج الأدبي؛ 6- الجدل بين التقليد والحداثة يجعل ناصر خسرو مناسباً كعامل ووسيط في التغيير.

إننا نؤمن بأن هذه الطريقة الجديدة في فهم ناصر خسرو قد أوحت للمقدمين والقراء بتخيل آفاق جديدة وإعادة تعريف عدد من المفاهيم والمصطلحات مثل " الفكر"، "التراث" و" العقلانية" كما كانت مفهومة في القرن الحادي عشر9 وطرح عدد من الأسئلة حول " مستقبل الماضي".10

ويهدف القسم المخصص للحكمة والفكر والتحليل إلى فهم الجوهر في فكر ناصر خسرو والتراث الإسلامي المتمثل به. وهذه الخصائص هي التي تحدد الجوهر في فكر ناصر خسرو والتراث الفاطمي الإسلامي.11 ولذلك، فإن عنوان هذا القسم قد سلط الضوء على عدد من الأسئلة الفكرية مثل: ما هو العقل والتحليل المقصود في السياق الإسلامي في القرن الحادي عشر؛ ما الذي كان يعتبر فكراً وكيف كان يختلف عن مفهوم الفكر اليوم؛12 ما هي مصادر المقاربة العقلانية لناصر خسرو لرسالة الإسلام وممارساته المتنوعة؛ و ما الذي دفعه لرفض كلٍ من التقليد والقبول الأعمى ليس لرسالة الإسلام والتفسيرات المتنوعة له، بما فيها بعض أسلافه الإسماعيليين، فحسب، وإنما للفلسفة اليونانية أيضاً:

لم يكن باستطاعتي أبدا ً الاتّباع الأعمى للصيغ المفروضة

دون طلب توضحات

فلا يمكن الوصول إلى الحقيقة بالقبول الأعمى.13

ثمة موضوع رئيسي آخر هو إن كان بالإمكان تسمية ناصر خسرو فيلسوفاً حسب التعريف اليوناني للعبارة وكما يراه الباحثون المعاصرون14 أو إذا كان يتخطى التعريف الضيق للفيلسوف. ففي معظم أعماله, كان يتعاطف مع الفلاسفة بشكل واضح وبقي ملتزماً باستخدام أدواتهم, بخلاف الغزالي على سبيل المثال. وفي الوقت ذاته فقد انتقد الفلاسفة لا لاستخدامهم الفكر والتحليل المنطقي فحسب, بل لفصلهم بين التحليل المنطقي والروحانية ولتجاهلهم الطرق الأخرى للمعرفة ولافتقادهم التواضع.15

وعلاوة على ذلك، فإنه من الأهمية بمكان دراسة الصيغ والأساليب التي انتهجها مذهب ناصر خسرو العقلي وكيف اختلفت عن تلك التي انتهجها مدافعون آخرون عن العقل في الإسلام16 أمثال الفلاسفة المشّائين. وهل يقتضي عمله طريقة مختلفة ضمن الإسلام للسؤال المتكرر عن العلاقة بين العقل والوحي, المشيئة الحرة والجبرية, السعادة والمعاناة؟ هل كان انخراط ناصر خسرو في هذه الأسئلة الفلسفية مجرد ممارسة فكرية أم هل تلخص هذه الأسئلة مقاربته للمواضيع الأخلاقية في الحياة اليومية؟

أما القسم المخصص لتعددية المعتقدات والممارسات فيحاول الذهاب إلى ما وراء التعاريف اللاهوتية البحتة لله, وصفاته ومراحل الخلق/ الانبعاث والخلاص. وهو يدرس مفاهيم الإبداع, التنزيل والتأويل، الظاهر والباطن, ودور هذه المفاهيم كأدوات فكرية في توضيح المعني الضمني (الباطني) للرسالة الدينية وتقديم التأويل الذي يتجاوز العقائد والشعائر والممارسات مع توقع ما أمكن من المعارضة وسوء الفهم. لقد رأى ناصر خسرو بوضوح أن هدف حياته هو البحث:

لقد سألت عما قال الشافعيون والمالكيون والحنفيون

بدأت البحث عن هدى من اصطفاه الله ( أي النبي)

لكن عندما سألت معلميّ عن أسباب الفروض المتعددة

في الدين أو سور القرآن التي تعتمد عليها

لم يكن أحد منهم مفيداً, واحدٌ كالأعمى والآخر كالأصم.

عندها نهضت من مكاني وبدأت رحلتي

تاركاً دون ندم بيتي وحديقتي وكل من اعتدت على مرآهم

من الفرس والعرب والهند والترك

من أهل السند وبيزنطة واليهود، من الجميع

من الفلاسفة,والمانويين,والصابئيين والملحدين

لم أستفسر

عما يهمني بمثل ذلك الإلحاح.17

لقد كانت أيضاً فرصة لدراسة كيف أن إساءة معالجة وفهم التجربة الشخصية لناصر خسرو، بدورها، قد أثرت على موقفه تجاه التنوع والتعدد في المعتقدات والممارسات في زمانه. ويعالج هذا المجلد هذه المواضيع. على أي حال، فإن دراسة معمقة أكثر لهذه المواضيع تتطلب أسلوباً مسؤولاً ومتوازناً يجعل من الضروري وضعها في السياق المناسب والبعد التاريخي.

والقسم الثالث، التعلم والأخلاق والمجتمع، هو دليل إضافي على انخراط ناصر خسرو في تغيير العالم (الدنيا) من حوله وعلى الأهمية الحيوية للمعرفة والمتابعة الفكرية:

إذا ذهبت بعقلك بعيداً عن التعلم

فإنك لن تصبح قائداً ممجداً

لكن لو حملت شجرتك ثمار المعرفة

فسوف تطال بيديك أعتاب السماء اللازوردية18

وهنا فإن ناصر خسرو ينأى بنفسه ليس فقط عن الاستبعاد الروحي للصوفيين بل عن فصل الأفلاطونية الحديثة بين الروح والجسد مشيراً إلى الأهمية الجوهرية للجسد بالنسبة للروح والدنيا بالنسبة للدين19 والفعل بالنسبة للمعرفة.20 ويتناول هذا القسم مفردات عربية مثل: العلم، المعرفة، التعليم وما يقابلها بالفارسية مثل خيراد، دانيش، وبارواريش فيما يخص طموح ناصر خسرو التعليمي في الوصول إلى المزيد من الناس وتنويرهم.

ويتناول هذا القسم أيضاً المواضيع التي تصور المجتمع العادل والأخلاقي والشامل والتي تناولها ناصر في كتاباته والتي تناولها الفارابي و ابن سينا من قبل.21 وهو مثل الفردوسي يلقي باللائمة على الغزنويين ومثل سعد سلمان ينتقد السلاجقة بسبب طمسهم لفكر وثقافة المجتمع وعسكرته ونسف القيم الأخلاقية والبنيان الأخلاقي والانفتاح الفكري والتي شكلت بالنسبة له النسيج الأساسي لمجتمع عادل ومتحضر.22

إن العدالة هي في صميم بحث ناصر خسرو وكفاحه. فبالنسبة له، فإن الإسلام والنبوة والإمامة والفكر وجميع المصطلحات الأخرى تجسد هذا المفهوم الجوهري. ومن خلال تكوين صورة عن المجتمع الصالح والعادل، فإن ناصر خسرو يعتمد على القرآن والحديث بالإضافة إلى تقويمه لمنجزات قدماء الإغريق. كما أنه يعكس حياته الخاصة وأعماله زمن الغزنويين والسلاجقة بالإضافة إلى رحلاته الموضحة في السفرنامة وإقراره بأن الدولة الفاطمية تمثل تجسيداً لتلك القيم. وإضافة إلى ذلك فإن ناصر خسرو يعتمد على مفاهيم إخوان الصفاء والفارابي وابن سينا حول المدينة المثالية والملك المستنير رابطاً إياها بالوصف المسهب للدهاقنة الفرس القدماء والنبلاء والملوك والولاة كما هو مصور في الشاهنامة.23

لقد أكد ناصر خسرو أن طلب المعرفة هو أمر إلهي وهو الهدف الرئيسي في حياة الإنسان. وقد يكون لدينا الحق في الحاجة إلى المزيد من الأسئلة حول نوع المعرفة التي كانت في ذهنه، وكيف تم الحصول على تلك المعرفة، وإذا كان هنالك صلة مباشرة بين المعرفة والعمل ولماذا غالباً يسفر امتلاك المعرفة "الزائدة" عن تعالٍ فكري وبعض أسوأ أشكال التعصب. وربما يكمن الحل الناجع لهذا الشعور الأخير بالإمعان في الازدراء الذي يكنه ناصر خسرو للباحثين الزائفين، وفي رغبته الدائمة وتزعمه لمتابعة المعرفة الذاتية والتساؤل ضمن الذات، وفي التحليل المتعمق للقدرات الإيجابية والسلبية الكامنة في البشر. وهذه الحاجة الملحة تتشكل تلقائياً في جميع كتاباته بما فيها أبياته الشهيرة مثل (كل ما يجري لنا ينبع منا) كما عبر عنه النسر المتكبر في ديوان ناصر خسرو. وإذا كان مصدر المعرفة الحقيقية إلهياً ويتم الحصول عليها من خلال الخضوع لله وممثليه،24 فما هو مصير المجتمعات العلمانية الناجحة في الوقت ذاته؟

أما القسم المعنون مواضيع علم الطرائق ورؤاها فهو، في منظورنا، يعرض لأكثر الجوانب أهمية في فهم هذا الحكيم. إن التراث الفكري الفاطمي الذي بنى عليه ناصر خسرو، إضافة إلى التراث الذي ظهر بعده في آسيا الوسطى مايزال في انتظار الدراسة المناسبة.25 وهنا بعض الأمور التي تمت معالجتها: (1)- كيفية دراسة الأعمال الأصلية لناصر خسرو؟ (2)- كيفية الانخراط في الدراسات حول ناصر خسرو. (3)- من خلال القيام بكلا الأمرين, كيف يمكننا الانخراط باستخدام افتراضاتنا وقيمنا ومعتقداتنا وأساليبنا في البحث؟ بالمختصر، إن الطرق المتعددة التي اتبعها المؤرخون الزمنيون والمحققون والمترجمون والباحثون والصحفيون حول ناصر خسرو تظهر القدر ذاته من القيم والمعرفة والميول الذي تظهره عن ناصر خسرو وتراثه.

لقد أصبح ناصر خسرو مثار اهتمام الكثير من الباحثين حول العالم وهم الذين شدتهم حياته وأعماله ويعود الفضل في ذلك, إلى حدٍ معين، إلى خصومه الذين جعلوا منه شخصية مثيرة للجدل كما تذكرها الوقائع الفارسية.26 ويشير مورويدج إلى أنه، تاريخياً، هنالك أربعة أنواع من الأخطاء الشائعة في فهم ناصر خسرو والتفسير الإسماعيلي للإسلام:

(1)- كما قدمها الصليبيون، (2)- آراء المناهضين للإسماعيليين( مثال، آراء الغزالي وابن تيمية)،(3)- تقزيم الإسماعيليين من قبل المؤرخين إلى مجرد مقلدين ومترجمين للأفكار الأفلاطونية الحديثة، (4)- تقديم المذهب الإسماعيلي على أنه انحراف واختلاف طائفي.27

وما من ردٍ على ماسبق أفضل من رد فعل ناصر خسرو على المنفى القسري الذي قاده إلى بدخشان. ويجري ناصر خسرو، وبأسلوبٍ رمزيٍ فذ، مقارنة رمزية بين حالته وهجرة النبي محمد:

هاجرت من وطني بسبب إيماني

حتى صرت مثل نبي الحق في الهجرة

الحمد لله الذي صرت بنعمته في يمغان

سلطاناً على أرواح وأملاك الشيعة28

ومن السخرية، وكما هي الحال مع الكثير من المفكرين العظام في الماضي، أن تم تفسير واستخدام ناصر خسرو من قبل شرائح مختلفة لغايات مختلفة. ففي فترة الحكم السوفياتي، على سبيل المثال، تم تجريد ناصر خسرو وعدد من شخصيات العصر الوسيط من محتواهم الديني بمهارة فائقة حتى أن الكثير من الطلاب في المدارس الثانوية في بدخشان السوفياتية، والذين كانوا يعرفون القليل عن هويتهم الدينية، كانوا يعرفون فقط أن ناصر خسرو كان شخصاً مثلهم يكافح ليجد صوتاً ويطمح للفهم، وكنتيجة لذلك فقد أجبر على العيش في محيط اجتماعي سياسي لم يكن من اختياره.

إن مثل هذه الآراء التقزيمية والمُسيّسة تفتقد التعقيد وتعددية الأبعاد في شخصية ناصر خسرو وفكره. لقد كان رأيه الشخصي بأن "ما من متكلم مسلم يمكنه أن يكون طائفياً، منسلخاً عن مجتمعه بسبب علم لاهوتياً غريب مناسب لعدد محدود من الناس. إن شمولية ناصر خسرو لا تنبع من دين الوحدة29 الخاص به فحسب، بل ومن دفاعه الملتزم عن مطامح ومُثلٍ إنسانيةٍ جوهرية كالعدالة والأعمال الصالحة والكلمات الطيبة والأفعال الفاضلة والكرامة و الصدق والحكمة والفكر والأخلاق. وبغض النظر عن التشكيك في هذه الأفكار وغيرها من قبل دعاة النسبية وما بعد الحداثة، فإنها تبقى ذات أهمية بالغة من أجل الأمل والإحياء في المجتمعات اليوم بقدر ما كان عهدها في زمن ناصر خسرو.

وفي الوقت ذاته، هنالك دائماً باحثون في الشرق والغرب ممن حاولوا الدخول إلى عالم ناصر خسرو لدراسة وجهة نظره، محاولين وضعه ضمن إطار الحركة الإسماعيلية الأشمل والتقاليد الفكرية في الإسلام.30 لقد حاول هؤلاء الباحثون فهم ما كتبه ناصر خسرو، ولماذا وضع هذه الأفكار, وكيف توصل إليها وكيف كان يستجيب للتحديات والضغوط في تلك الفترة وما هي التأثيرات التي خلفتها كتاباته منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا.

ومن بين الكثير من الأمثلة عن هذه الطريقة، هنالك عمل للراحل أرابزودا، أحد الباحثين الطاجيكيين المعروفين والخبير بناصر خسرو، والذي جمع في عمله الأخير نماذج الإنسانيات النصية الدينية مع التحليل المقارن لناصر خسرو وحكماء الإغريق وعلماء المسلمين في العصر الوسيط والفلاسفة والمفكرين الغربيين منذ نشوء الحداثة.31

ثمة تحدٍ آخر كبير في دراسة ناصر خسرو وهو توفر النصوص الأصلية التي تنسب إليه ومصداقينها ونوعيتها، حيث أن بعضها قد فقد وفي بعض الحالات قد تم إخفاؤها. ومن المهم بالنسبة لأي بحث مستقبلي "التخلص من القراءات الخاطئة المنحازة؛32 فهذه القراءات هي إسقاطات لما نتوهمه من نظام ديني سري شرقي لجماعات الحشاشين الغامضة في الجانب الآخر المغاضب. وهذه نقطة حيوية جداً بما أننا مانزال نشهد في وسائل الإعلام كما في الأعمال البحثية إعادة استخدام الخرافات القديمة وإساءة تقديم التاريخ والتقاليد الإسماعيلية.33 إن التخلص من الأفكار المغلوطة في آسيا الوسطى ذات المحيط الإسلامي السائد هو عملية بالغة الأهية ينبغي المباشرة بها باتجاه تحقيق صورة أشمل للتنوع والتعددية في التاريخ الفكري والاجتماعي للإسلام. لقد آن الأوان لوضع ناصر خسرو وتراثه في سياقهما الصحيح والإقرار بأن أفكار ناصر خسرو لم تكن قط شذوذاً، ولا هو كان طائفياً بل شخصية يجب أن تفخر بها الأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء.

ويعتمد حجم المهمة في التخفيف من وطأة سوء التقديم هذا على كيفية معالجة الدراسة الحقيقية لناصر خسرو وتراثه. وتتطلب الدراسة الجديدة انخراطاً متعمقاً واسترجاعاً للإرث الخاص بناصر خسرو وسياقه والحركة التي كان يمثلها.34 إن دراسة كهذه يجب أن تنخرط بناصر خسرو و إرثه وعصره وتراثه من خلال إعادة البناء النقدي ، لأنه دون ذلك سيبقى السؤال دون جواب35 فيما يتعلق بصلة ناصر خسرو وإرثه بالحقائق المعاصرة. وقد نتساءل عن الجوانب في تعاليم ناصر خسرو التي تم تحديدها في التكريم على أنها ذات أهمية بالغة لمواجة التحديات المعاصرة. فإذا كان الوضع القائم في القرن الحادي والعشرين يسلط الضوء أكثر على الأسئلة الخاصة بحقوق الأنسان والمساواة بين الجنسين والمجتمع المدني والتنوع والتعددية والمواجهات الحضارية، فأي إدراك عميق لها يمكن الحصول عليه من ناصر خسرو والتراث الفكري الذي ينتسب إليه؟

القسم الخامس هو التعابير الجمالية في شعر ناصر خسرو. هنالك من قلل من أهمية الصفة الجمالية في شعره،36 وأولئك الذين اتهموا ناصر خسرو بمناقضة نفسه بإدانته للشعراء الآخرين لنظمهم المديح،37 ولإدانته لآخرين بأنهم متكبرون ثقافياً وأنانيون وكونه هو نفسه كان مداحاً أعمى.38 وعلى أي حال، وبالرغم من اقتراح ناصر نفسه بأن يتم الحكم عليه لا كشاعر بل حسب سيرة النبي، فهناك من اعتبره واحداً من حفنة من أعظم شعراء الأدب الفارسي الكلاسيكي،39 أو ربما شاعراً فيلسوفاً, نظيراً لأبي العلاء المعري بين الأدباء الفرس. ومن الواضح أيضاً أنه بالإضافة إلى مساهماته في مجال الفلسفة واللاهوت الإسماعيلي، فإن ناصر خسرو قد مارس دوراً رائداً في تطوير النثر الفارسي وفي ظهور وابتكار العديد من المفاهيم والعبارات والمفردات والتعابير الجديدة.40 وعلى أي حال، فإن الأساس في أسلوب ناصر خسرو الشعري والنثري, بناءً على ملاحظات شيمل، يكمن في القيمة الرفيعة التي أولاها للخطاب، حيث أن كلمة خطاب قد تكررت في الديوان بقدر ما تكررت تعابير مثل "العقل" و"الفكر".41

بالكلمات، انتشر دين النبي في أرجاء الدنيا

وبالكلمات، نال قبة السماء العليا42

لقد كانت الدارية، اللغة الأم لناصر خسرو، اللغة المفضلة لديه. لقد آمن بقدرتها وكفاءتها كلغة أدبية لذلك فقد حافظ عليها وأغناها بصفتها وسيلة للتعبير تجاري اللغة العربية في مجالات متعددة مثل علم اللاهوت والفلسفة والعلوم. وقد كان لاختياره هذا، كما سنرى، أهمية بالغة في جعله بطل اللغة المحكية مما جعل أعماله في متناول عدد أكبر من القراء.

إن أحد العناصر الجوهرية في شعر ناصر خسرو هو وضع ومكانة البشر في الكون. كما أن شعره المدعوم برؤيته اللاهوتية والفلسفية كان مفعماً بالإعجاب الذي يبديه للطبيعة الإنسانية وقدراتها الخلاقة. فهو، كالسجستاني،43 يعتبر أن الإنسان ليس ذروة الخلق والعتبة إلى العالم الآخر فحسب، بل صورة مصغرة وصلة وصل بين عالم الحيوان وعالم الملائكة وهو بالفعل سيد الكواكب والنجوم.44 وحتى الكيانات السامية، مثل الفكر والروح، فهي موجودة لتمكين البشر من الوصول إلى القدرات القصوى لديها. ومع كل هذه الامتيازات يأتي الهدف الأخلاقي لوجودها والمسؤولية عن أفعالها ليس أمام الله فقط، بل أمام باقي الخلق أيضاً. وكملاحظة للتنبيه، تجدر الإشارة إلى أن مثل هذا الارتقاء بالكائن البشري لايجب أن يفسر بعبارات إنسانية غربية حديثة، بل، عوضاً عن ذلك، يجب تعريفه ضمن السياق الديني للإسلام في العصر الوسيط. ويوضح ناصر خسرو ذلك بقوله:

بل لاحظ أن الفضيلة والفكر اللذين جعلا منا سادة على الحمير

هي ذاتها الخصال التي جعلتنا عبيداً لله القدير.45

إن القسم الأخير من أبحاث هذه المجموعة هو الجدال بين التقليد والحداثة. لقد كان ناصر خسرو أحد المفكرين العظام في الإسلام الذين أسسوا تراثاً وأتباعاً أقوياء يمكنهم البقاء طويلاً بعد موت المؤسس. في بدخشان الكبرى،46 يبجل ناصر خسرو كحضرة وحكيم وشاه وسيد و بير و حجة. وينظر إليه كواحد من أهل البيت.47 كما يذكر اسمه يومياً متلواً خلال الاحتفالات الروحية المحلية مثل مدوح ( الشعر الديني)،48 تشاراغراوشان، دعوات الفناء والبقاء،49 كذلك خلال الزيارات إلى الأماكن الطبيعية المقدسة التي تذكّر الزائرين باتصالهم الروحي مع الله.50 ويبقى ناصر خسرو بالنسبة للكثيرين مصدر إلهامٍ ومثالاً على روعة الروح التي لا تستسلم والتي تتغلب في بحثها على كل المصاعب المادية والنفسية والاجتماعية وتخلق أفكاراً جديدةً كما فعل هو في يمغان:

أصغِ لأفكار الحجة الحكيمة

الذي يقيم كملك في يمغان

إني أرسل كتاب الدعوات كل عام

إلى أرجاء متفرقة من العالم51

وبغض النظر عن الإفراط في الدراسة حول ناصر خسرو وتراثه في القرن الأخير وبخاصة من قبل الباحثين الروس والسوفييت والطاجيكيين، فإن معظم الجوانب في تراث ناصر خسرو في آسيا الوسطى تبقى غير معروفة على نطاق واسع. ويعزى هذا للأسباب التالية: 1- قلة المعلومات حول بدخشان والعزلة الجغرافية التي تحياها الجماعات الإسماعيلية. 2- الظلم الذي يمارسه بعض الحكام والفقهاء غير الإسماعيليين بالإضافة للسوفييت والذي أدى معاً إلى تدمير بعض المصادر الإسماعيلية. 3- التشويه المتعمد لصورة الإسماعيليين في المصادر المتبقية من قبل الخصوم العقيديين للإسماعيليين. 4- عدم توفر الظروف المناسبة لدراسة نقدية، والتي غالباً ما قد تؤدي إلى الإستيلاء العقيدي المحدود الأفق على البيانات وعمليات البحث ونتائجهما.52

أما السؤال الأهم الذي ينبغي الإجابة عنه فإنه ما هو الشكل الذي اتخذته أفكار ناصر خسرو بعد حياته حيث ناضل مناصروه لتأسيس هويتهم والحفاظ عليها برغم محاولات الارتداد والظلم والتهميش والتغيرات التي كونها الزمن عبر القرون.53 وبكلمات أخرى، فإن أسئلة من قبيل مالذي يعنيه تراث ناصر خسرو،54 وكيف تطور بعد وفاته، بماذا يتشابه أو يختلف عن التراث النصي لناصر خسرو،55 وكيف صمد في وجه الهجمات المستمرة إبان الحكم الأفغاني لبدخشان في القرن التاسع عشر والحكم السوفييتي العسكري الملحد في القرن العشرين، كل هذا يتطلب انخراطاً علمياً جديداً. والأهم من ذلك، ما هو مستقبل هذا التراث في زمن تسوده الاقتحامات السريعة والحتمية للعولمة واقتصاد السوق الحر.

ومن خلال هذا التراث فإننا نتعامل مع تراث آخر، أي الصور الأسطورية والغامضة التي فسرت من خلال أشكال الوعي الشعبية. فمن الأهمية بمكان الإقرار بأن هذا البعد الأسطوري قد مارس دوراً مساوياً في توفير المعاني والأمل لأتباعه في بدخشان على مر العصور.56 إن الصعوبات التي واجهت الباحثين الأصليين الذين تابعوا تراثه محاكين أسلوبه ومفرداته التقليديين كانت جزءأً من ذلك.57 وتؤمن العلاقة بين ناصر خسرو وتراثه الفرصة في تحديد عناصر الاستمرارية والتغيير في المجتمع البدخشاني والتي لها دلالات قوية بالنسبة للمستقبل وبخاصة بالنسبة لألئك الذين قد حاولوا ومازالوا يحاولون إجراء التغيير في مجتمعات آسيا الوسطى.58 وقد تقوم مشاريع أكثر واقعية بالسعي لاكتشاف الأدوار التي تقوم بها القيادة الدينية والرسمية والشعبية في المفاوضات حول الهوية،59 ما الذي حصل للجانب الفكري من تراث ناصر خسرو، ماذا كان أثر لعبة القوى الإمبريالية في نهاية القرن التاسع عشر، وماذا كانت التأثيرات التي خلفتها الآيديولوجيات الاشتراكية والقومية والآيديولوجيات الغربية الحديثة على الثقافة والبنيان التقليدي للمجتمع.

ملاحظات أخيرة على بنية المجلد

بصرف النظر عن الإشارات الموجزة إلى قلة تتألف من ثمانين مؤلفاً, فإن هذه المقدمة لم تكن تهدف إلى تركيب هذه الأبحاث. فقد تم إنجاز هذه المهمة من خلال الملاحظات التي أُدلِي بها في بداية كل قسم, كما ذكر آنفاً. إن الملاحظات التي تم الإدلاء بها باللغات الرئسية التي استخدمت في المؤتمر، أي الطاجيكية والدارية والفارسية والإنكليزية ستساعد القراء على استخلاص الفحوى من هذه الأبحاث، والتي تم نشرها كلها بلغاتها الأصلية. وتعكس هذه المقالات تنوعاً واسعاً. ويمثل مؤلفوها طيفاً واسعاً من الدراسة: ففي الطرف الأول من هذه السلسلة هنالك عدد من المبتدئين المتحمسين للكتابة والدراسة، بينما في الطرف الآخر هنالك الباحثون الناجحون الذين عملوا لعقود على ناصر خسرو. علاوة على ذلك، فإن التنوع الواسع في الباحثين يمثل أيضاً التنوع الصرف في التقاليد العلمية في الدراسات المعاصرة. وأخيراً فإن التنوع الجغرافي الواسع في عملية التأليف المتمثلة في هذا المجلد هو دلالة أخرى على الصلة المستمرة لناصر خسرو وجذبه لشريحة واسعة من القراء عبر العالم، بما فيها الدراسة الأشمل. إن التحدي الذي يواجه البحث المذكور آنفاً يمكن فهمه بشكل إيجابي هو: يبقى تراث ناصر خسرو موضوعاً غير مطروق مقدماً فرصاً ومشاهد جديدة لأبحاث ودراسات مستقبلية.

خاتمة يحسن الابتداء بها

إن نشر مجلد بأربع لغات كما هو الحال هنا هو بالفعل حالةُ نادرة وعملية معقدة، الأمر الذي تطلب الكثير من الجهد المضني من قبل الكتاب والمحققين الأكادميين والتقنيين والمراجعين والناشرين. وأثناء إنجاز عمل معقد كهذا لا يمكن تفادي كل الأخطاء التقنية والقواعدية والأسلوبية، والتي من أجلها قامت لجنة التحقيق والمنظمون والناشرون لهذا المجلد بتوسيع اعتذاراتهم.

أخيراً، بالأخذ بنصيحة ناصر خسرو بزرع بذور التواضع، فإننا لا نخشى القول بأن هذا المجلد الذي قدم إليكم يشكل محاولة بسيطة. وقد لا يرد على كل التساؤلات والتحديات التي عُرض لها في هذه المقدمة، لكن، إن استطاعت هذه المقالات تحفيز القراء والمختصين على إدراك أن القرن القادم لا بد أن يدعو إلى الانخراط في أبحاث حول مفكرين أمثال ناصر خسرو الذي يمكنه أن يساعدنا جميعاً في المداولات حول هويتنا في وجه التحديات المعروفة والاضطرابات التي لم يتم التفكير فيها بعد في القرن الحادي والعشرين، يمكننا القول بفخر بأننا أنجزنا الأهداف التي قمنا بتحديدها لكل من الاحتفال والمجلد الحالي.

وفي النهاية كان علينا وضع الحاشية:

1. لقد تضمنت الاحتفاليات عدداً من النشاطات الأكاديمية والفكرية والثقافية والفنية الأخرى. لقد تضمنت التظاهرات الأكاديمية ، بالإضافة لمؤتمر خوروج وندوة دوشنبي، كما تضمنت مسابقات في مقالات في المدارس الثانوية وتحضيرات مكتبية من أجل متحف محلي ولقاءات مع باحثين محلين . لقد تضمنت النشاطات الفينة والثقافية مسرحية حول ناصر خسرو نظّمها مسرح خوروج الحكومي / حفلات تمثل المجموعات العرقية وزيارات ميدانية للأماكن ذات الصلة . رفع الستار عن عدد من النصب لناصر خسرو ومسابقة ومعرض فني. ومن دوشنبي استقبل فخامة الرئيس إمام علي رحمانوف ضيوف الحفل وفي طاجكستان وخوروج كان في استقبالهم سعادة محافظ بدخشان علي ماماد نيوزمادرف

2. ولنكون صادقين مع كلمات ناصر خسرو فقدا ستخدمنا الدارية عوضا عن الفارسية والطاجكية في هذا المقال. وفي الجوهر هنالك إجماع متزايد وسط الباحثين بأن الدارية والفارسية والطاجكية مرادفات لذات اللغة المستخدمة في كل من طاجكستان وأفغانستان وإيران.