ملكوت الله | ملكوت السموات | ملكوت السماء | ملكوت ربنا
تفيد هذه العبارات عدة معان: حياة التقوى في القلب (مت 6: 33) والنظام الذي أتى المسيح لينظمه (مت 4: 17 و 13: 11 و اع 1: 3) وتفضل شعب الله حسب اختيار الرب (مت 21: 43) ومجد المسيح وتسلطه (مت 16: 28) وسلطان الله على الكل (مت 6: 10) والحالة السماوية (مت 8: 11 و 2 بط 1: 11).
سمي شعب بني إسرائيل مملكة كهنة (خر 19: 6) وسمي يسوع ملكاً (مز 2: 6-9) وقد كثرت النبوات المنبئة بتأسيس مملكة المسيح وامتدادها (اش ص 2 ومي ص 4 و ار 23: و حز 34: 22-31 وغيرها) وأتى يوحنا ليبشر بها (مت 3: 2) وأخبر بها المسيح (مت 4: 17) وأوضح ما يختص بها وبالدخول إليها (مت 25: 34 و مر 9: 47 و اع 14: 22) ودخل المسيح أورشليم بصفة ملك (لو 19: 38 قابل 1: 32) وأرسل المسيح تلاميذه ليبشروا بهذا الملكوت على أو وقت ظهوره كان معروفاً عند الآب وحده (مت 24: 36 و اع 1: 7). ووضع حجر أساسه يوم الخمسين بفيضان الروح القدس ومن ثم بشر به التلاميذ (اع 8: 12 و 20: 25 و 28: 23) غير أنه لا يظهر تماماً إلى أن يأتي المسيح ثانية (2 تي 4: 1 و دا 7: 13 و مت 13: 43 و لو 22: 29 و 30).
وبعد تمام ملكوت المسيح وجميع الأنفس التي تخلص سيسلم المسيح الملكوت الذي أخذه عند صعوده (اف 1: 20) إلى الآب (1 كو 15: 24) ويصير ملكوت الله (عب 1:
إلى الأبد.
وأما الكنيسة الروحية غير المنظورة فهي من ضمن ملكوت الله (مت 13: 24 و مر 4: 26 و لو 13: 18-21 و يو 18: 33-37).
(أ) – أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو: هل "ملكوت الله" "هو ملكوت السموات"، عبارتان مترادفتان؟
(1) – يصر بعض القبلانيين (الذين يقولون بأن المسيح سيأتي ثانية قبل الملك الألفي) على أنهما تدلان على أمرين مختلفين، ويقولون إن ملكوت السموات يشير إلى الملك الأرضى الذي وعد به الرب شعبه في القديم، بينما يشير "ملكوت الله" إلى ملك المسيح روحياً على قلوب المؤمنين.
(2) – ويعتقد البعض الآخر من القبلانيين أنهما مترادفان.
(3) – أما من لا يعتقدون بوجود الملك الألفي الحرفي، ومن يعتقدون أن المسيح سيأتي ثانية بعد الملك الألفي، فيرون أيضاً أنهما مترادفان.
(ب) – ودراسة استخدام العبارتين تكشف لنا عن أن متى يستخدم عبارة "ملكوت السموات" 34 مرة، وعبارة "ملكوت الله" خمس مرات، بينما ترد عبارة "ملكوت الله" 14 مرة في إنجيل مرقس، 22 مرة في إنجيل لوقا ومرتين في إنجيل يوحنا، وست مرات فى أعمال الرسل، وثماني مرات فى رسائل الرسول بولس، ومرة فى سفر الرؤيا. ويستخدم متى عبارة "ملكوت السموات" أربع مرات في نفس المواضع التي يستخدم فيها مرقس ولوقا عبارة "ملكوت الله" (مت 4: 17 مع مرقس 1: 15، مت 10: 7 مع لو 9: 2، مت 5: 3 مع لو 6: 20، ومت 14: 11 مع مرقس 4: 11، لو 8: 10).
ومن الواضح أنه كان لدى متى سبب في اختياره لعبارة "ملكوت السموات". لقد كان متى يهودياً يكتب لليهود من جنسه، فاحترم عادتهم في حرصهم على عدم استخدام اسم الله إلاَّ في النادر من الحالات، ولذلك استخدم عبارة "ملكوت السموات" تجنباً لاستخدام اسم الله (انظر لو 15: 18، حيث يقول الابن الضال: "أخطأت إلى السماء"، وهو يقصد أنه أخطأ إلى الله). ومن الجانب الآخر، لقد كتب البشيرون الثلاثة الآخرون إلى الأمم الوثنيين،(((((((((((((((( فاستخدموا عبارة "ملكوت الله" التي تؤكد "وحدانية الله وسلطانه المطلق")))))))))))))))، بينما عبارة "ملكوت السموات" كان يمكن أن يفهموها على أنها لا تنفي تعدد الآلهة في السماء. هذا على الأرجح هو ما جعل البشيرين الآخرين يتجنبون استخدام عبارة "ملكوت السموات".
ويرى البعض أن متى استخدم عبارة "ملكوت السموات" لأسباب لاهوتية، للتفريق بينها وبين "ملكوت الله"، إلا أننا نلاحظ أن متى يستخدم أيضاً عبارة "ملكوت الله" خمس مرات (مت 6: 33، 12: 28، 19: 24، 21: 31 و 43). وأنه في حادثة الشاب الغني (مت 19: 23 و 24) يذكر متى العبارتين بالتبادل كمترادفين.
(ج) – جانبان للملكوت: وهناك جانبان للملكوت:
(1) – في الحاضر: يبدو الجانب غير المنظور للملكوت، في الوقت الحاضر، في الأناجيل في الدعوة إلى التوبة في كرازة يوحنا المعمدان كما في كرازة المسيح (مت 3: 2، 4: 17 و 23، لو 4: 43 مع مت 10: 7)، وفي تعليم المسيح عن القداسة كمميز للحياة المسيحية فى الموعظة على الجبل (مت 5-7)، وفي حديثه عن أسرار الملكوت، وبخاصة عن بداية الملكوت الألفي (مت 13: 19 و 24 و 33 و 44 و 45 و 47 و 52 و مرقس 4: 30).
وهناك فصول في الرسائل تبين أن ملكوت الله على الأرض الآن لا يضم إلا الذين أنقذهم من سلطان الظلمة ونقلهم إلى ملكوت ابن محبته (كو 1: 13). فالملكوت يوجد الآن حيثما يعيش المسيحيون في خضوع لمشيئة الله، بعمل قوة نعمته في تغيير حياتهم (1كو 4: 20). فليس الملكوت هو الحصول على ما يريده الإنسان من أكل أو شرب، بل هو السلوك المستقيم في سلام وتوافق مع غيره من المؤمنين، والفرح في الروح القدس (رو 14: 17).
(2) – في المستقبل: إن الجانب المنظور من الملكوت حين يملك المسيح على الأرض نجده وارداً في فصول عديدة من العهد القديم (انظر مثلاً تث 30: 1-10، مز 2، مز 72، 89: 19-29، مز 110، إش 11: 1-16، 65: 17-66: 24، إرميا 32: 36-44، 33: 4-22، يؤ 3: 17-21، زك 14: 9-17). وكان اليهود يتطلعون إلى هذا الملكوت المنظور. وقد ذكر الرب يسوع أمثال الملكوت (مت 13) ليكشف للتلاميذ السر بأن الملكوت يجب أن ينمو روحياً بصورة خفية في عصر الإنجيل، ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، لأنه في زيارته الأخيرة لأورشليم ذكر مثل "الأمناء" لكي يعلَّمهم أن الملكوت الأرضي ما زال في طي المستقبل لأنهم "كانوا يظنون أن ملكوت الله عتيد أن يظهر في الحال" (لو 19: 11-27).
والسؤال الأخير الذي سأله التلاميذ للرب بعد قيامته، وقبيل صعوده، وهو: "يا رب هل في هذا الوقت ترد المُلك إلى إسرائيل؟ " (أع 1: 6). ولم يقل لهم المسيح إنه لن تكون هناك مملكة أرضية، أو لن يكون هناك رد للملك لإسرائيل. وحيث أنه لم يقل لهم من قبل ولا في إجابته على هذا السؤال الأخير شيئاً ليغير من مفهومهم واعتقادهم فيما يختص بهذا الملك لابن داود على شعبه، فلابد أنهم كانوا على صواب في مفهومهم لذلك المُلك رغم أنهم لم يميزوا الأوقات. وأي استنتاج آخر يعني أنهم كانوا على خطأ، وأننا نعلم أكثر مما كانوا يعلمون، وأن المسيح تركهم في جهلهم (للمزيد من المعرفة عن الملكوت في المستقبل، يمكن الرجوع إلى قسم "الألف السنة" في موضعها بموقع الأنبا تكلا، وإلى قسم "مجئ المسيح ثانية".