عمل الأطفال ... مكافحته ... وأطراف الحوار

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد

تشهد الساحة السورية حراكاً فاعلاً ومتفاعلاً في إطار مفهوم الثلاثية وتعزيز الحوار الاجتماعي بين مختلف الجهات صاحبة العلاقة من قطاعات عامة وخاصة وهيئات ومنظمات وأرباب عمل وعمال وحكومة.
فالمسألة لم تعد مجرد قرارات تتخذ على الورق فقط وتنتظر ردحاً من الزمن كي يأتيها الفرج بالتطبيق إذ أصبح الأمر مغايراً تماما فهناك ما يشبه الحملة الوطنية الشاملة تعمل على تنفيذها وإنجاحها الوزارات والمؤسسات المسؤولة في إطار تنفيذ البرنامج الوطني للقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال في سورية هذا البرنامج الذي ينعقد حضوره على مستوى جميع المحافظات وإن كانت دمشق هي المركز ونقطة الانطلاق في معادلة متكاملة من ناحية التعاون ما بين البرنامج المذكور ووزارة العمل ومنظمة العمل الدولية وجميع المنظمات الشعبية والنقابات المهنية ووزارة التربية واللافت أن شريحة العمال في هذا السياق هي الجناح القوي والداعم الممتاز لتوجهات وزارة العمل في المساهمة بمكافحة أشكال عمل الأطفال لذلك كانت حصة الاتحاد العام لنقابات العمال حصة دسمة كونه يمتلك ثقلاً من حيث المراكز الثقافية العمالية المنتشرة في جميع المحافظات ما يساعد كثيراً في نشر الوعي الثقافي عبر تأهيل وتدريب مدربين لمراكز التثقيف العمالي لتأتي بعدها الخطوة الأهم وهو إدخال مواد خاصة في مكافحة عمل الأطفال ضمن مناهج التثقيف العمالي.‏
ولمقارنة القول بالفعل استضافت قاعة الاتحاد العام لنقابات العمال وعلى مدى يومين خلال الفترة 29/30/11 للعام الحالي ورشة عمل مكثفة أقيمت بالتعاون ما بين الاتحاد ومنظمة العمل الدولية هدفت بشكل رئيسي إلى التعريف بالبرنامج الوطني لعمل الأطفال في سورية وسياسة اتحاد العمال للحد من عمل هذه الشريحة ودور الثقافة العمالية وأنشطة المعسكرات الصيفية في الحد من هذه الظاهرة إضافة إلى معايير منظمة العمل الدولية وسياستها والإجراءات المتخذة في هذا الشأن وتوجت هذه المحاضرات والمناقشات الغنية بدائرة حوار مستفيضة وغنية قدمها بشكل متبادل خبير المنظمة الدولي السيد بيدرو أمير كودي اوليفر.‏
إلزامية التعليم خففت المشكلة‏
وإذا توقفنا عند نظرة اتحاد العمال لواقع عمل الأطفال فقد أوضح السيد محمد شعبان عزوز رئيس الاتحاد الصورة الجلية لهذه الظاهرة إذ لم نكن نحن في سورية نشكو من تلك المسألة لأن القوانين في سورية تفرض إلزامية التعليم على جميع الأطفال وأي ولي أمر أو أب لا يلتزم باستمرار متابعة الطفل لمرحلة التعليم الأساسي كان يعاقب ويدخل السجن وبالتالي عندما يحصل أي تسرب لعمل الأطفال فهذا مخالف للقانون لذلك نقول بصراحة والكلام للسيد عزوز بأن هذا النهج لم يتغير فهو في إطار الدعم الذي تقدمه الدولة ليس فقط إلزامية التعليم وإنما تقديم كل المستلزمات الخاصة بالطفولة بمرحلة التعليم مثل الكتب ووسائل الإيضاح وحتى المعونات العلاجية والدوائية ومع ذلك تبقى ظاهرة عمل الأطفال موجودة بالتأكيد لا يمكن إنكارها لذلك نقدر ونؤكد بأن التشريعات الوطنية في سورية حدت كثيراً من هذا الأمر حتى القانون رقم 17 منع تشغيل من هم دون سن ال 15 أو ال 16 في بعض الحالات معتبراً أن ما طرحته ورشة العمل في غاية الأهمية، وإن عمل الأطفال أكثر ما يتواجد هو في الاقتصاد غير المنظم والورشات الهامشية متمنياً من النقابيين الاستفادة من الأفكار التي تطرح بغية نقلها إلى الكوادر النقابية وتوسيعها في القاعدة مشيراً بأن رعاية الطفولة هي موضع اهتمام كبير من السيد الرئيس بشار الأسد ومن الحكومة السورية وقيادة الحزب وتأتي جهود منظمة العمل الدولية لتدعم هذا التوجه والأمر الآخر الذي أشار إليه رئيس الاتحاد هو أن الوضع الاقتصادي والمعيشي قد يدفع أحيانا أولياء الأمور وبعض الآباء بزج أبنائهم للعمل بشكل مخالف لأحكام القانون لكنه متأكد من أن المتابعة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لتطبيق أحكام القانون الجديد وما ورد فيه من عقوبات وغرامات كبيرة في حال تشغيل الأطفال ستكون عاملاً أساسياً في منع تفشي هذه الظاهرة وانتشارها وبالتالي تشكل رادعاً لأصحاب الأعمال من التورط في تشغيل سن مبكرة بأعمال مختلفة مما يرتكب مخالفة يعاقب عليها القانون.‏
شريك أساسي‏
أما السيدة رنا الأخرس المدير الوطني للمشروع فقد كان حماسها واضحا وحيويتها بادية وهي توصف أهمية هذا المشروع الذي يطبق في سورية ويعتبر تجربة ناجحة يمكن أن تكون نموذجاً لبقية الدول العربية مؤكدة بأن المرحلة التحضيرية التي تعمل عليها وزارة العمل مع بقية الأطراف تعتبر بكل المقاييس من أنجح المبادرات التي قامت على أن هذا البرنامج هو الأول الذي يطبق في الدول العربية وبذات الوقت هو برنامج نموذجي لمنظمة العمل الدولية وتجربة يمكن الاستفادة منها والتعلم منها على صعيد الدول العربية مؤكدة بأن توجه المنظمة للعمل مع اتحاد العمال سيكون متطوراً ويرتكز في خطة العمل على الثلاثية بشكل أساسي ما يجعله عدة العمل المستقبلية للحوار الاجتماعي ببعديه الثلاثي وأن اتحاد العمال شريك أساسي في تنفيذ جميع الأنشطة نظراً لحضوره الواسع في الساحة الوطنية السورية إلى جانب بقية الوزارات ولاسيما التربية والمؤسسات الأخرى المعنية.‏
وكشفت السيدة الأخرس عن تحضير حملة توعية شاملة عن عمل الأطفال تتوجه لكافة الفئات في 14 محافظة تأخذ شكل إعلانات وبوسترات ولقاءات ومحاضرات توعية بالشؤون القانونية موجهة لأصحاب الأعمال،أما تقييمها للنقابيين المشاركين بورشة العمل فقد وصفته بالرائع عكسه الاهتمام والفهم الذي أبدوه ومدى استعدادهم والتزامهم في تطبيق المشروع الوطني للقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال لأن العمال شريك أساسي كما ذكر سابقا وأضافت: صحيح أن نسبة عمل الأطفال قليلة في سورية لكن مازال البعض يعمل في اقتصاد غير منظم وهناك تسرب من المدارس لذلك تؤكد الدراسات والإحصاءات على أهمية دعم هذا النشاط وهذا ما يتم العمل عليه من خلال افتتاح ثلاثة مراكز بكل من دمشق وحلب ودير الزور مهمتها تقديم التأهيل المهني للأطفال المتسربين من المدارس وإعادتهم إليها وممن لا يستطيعون العودة إليها يجري تقديم خدمات لأهالي الأطفال عبر الحماية الاجتماعية وتوفير الدعم المالي للأسر التي تضطر لبعث طفلها للعمل وخاصة في المجتمعات التي لا تكون فيها المرأة مشاركة بالعمل.‏
لدينا كنز‏
وأوضحت السيدة الأخرس بأنه لدينا في سورية كنز مشيرة بذلك إلى حجم وأهمية مراكز التثقيف العمالي الواجب استثمارها بالشكل الأمثل بحيث تكون نقطة الانطلاق للنهوض بمشروع مكافحة عمل الأطفال بدخول برامج التثقيف العمالي على أوسع نطاق ما يجعل ذلك رائداً في الوطن العربي.‏
رؤية واضحة‏
على مدى يومين متتاليين أغنت آراء العمال من مشاركين وقيادات نقابية موضوع العنوان المطروح سواء من خلال المحاضرات التي قدمها أعضاء المكتب التنفيذي أو مداخلات المشاركين والمسؤولين عن أمانات الثقافة والإعلام باتحادات المحافظات ما جعل جو الورشة يأخذ طابعاً مريحاً وجاداً بعيداً عن الملل وما شابه ذلك.‏
فالسيدة هدى مليحي أمينة الشؤون المالية بالاتحاد العام لنقابات العمال منسق المشروع قدمت عرضا تفصيليا حول سياسات وخطط النشاطات النقابية لمكافحة عمل الأطفال مستهلة القول بأن الاهتمام بعمل الأطفال لا يتعلق بالمنصب أو إذا كنا مفرغين أو غيره فالهدف يستحق الجد والعمل إنها معركة من أجل حقوق الإنسان الأساسية ومن بينها الطفل والمشكلة ليست حديثة العهد ففي عام 1919 كان عمل الأطفال واحداً من المشاكل التي عالجتها منظمة العمل الدولية حيث أقرت اتفاقيات حول السن الأولى للاستخدام في القطاعات المختلفة وعرضت مليحي كل ما يتعلق بحيثيات الاتفاقيات وخاصة المتعلقة بالطفولة منها 135 حول السن الأولى التي أقرتها المنظمة عام 1973 والاتفاقية رقم 182 التي أقرها المؤتمر عام 1999 حول أبشع أشكال عمل الأطفال وقبل كل ذلك كانت الاتفاقية رقم 10 لعام 1911 مشيرة بذلك إلى عدد المؤتمرات والنشاطات القائمة منذ ذلك التاريخ ولغاية الآن وما هو عمل الأطفال وكيف يعملون وما أشكال الخدمة التي يقومون بها بدءاً من المنزل والمعمل والأرض وغيرها من الأعمال الخطرة المحرمة دولياً ووطنياً وما هي الأسباب والنتائج المترتبة على ذلك هل هو الفقر أم فشل النظام أم انتشار القطاع غير المنظم أم رخص عمل الأطفال أم هناك نقص في الحماية الاجتماعية أم المسألة تتعلق بالعادات والتقاليد والمواقف الاجتماعية المختلفة وغيرها من العناوين التي يطول شرحها.‏
ولم تخف السيدة مليحي بعض الصور الايجابية لعمل الأطفال ببعض القطاعات التي تحتاج لمرونة وشباب دائمين كقطاع النسيج وصناعة السجاد، مثلاً وهذا ما أقر به المفوض المختص بشؤون العمل في حكومة راجستان في غرب الهند وهو المسؤول عن حماية الأطفال حين صرح بأنه لا يعتبر ذلك أمراً خطيراً فالعمال الأطفال الذين يعملون في قطاع النسيج «السجاد» هم بحالة جيدة ويعملون في جو نظيف ومن المهم أن يسمح لهم القيام بمثل هذا العمل فأصابعهم الماهرة تناسب هذا العمل.‏
كما أغنت منسقة المشروع في محاضرتها كل ما يمكن للنقابات أن تقوم به من أدوار لمكافحة عمل الأطفال عبر ما قدمته من بنود وشروحات مختلفة من رؤية عين نقابية ومحاكمة المبررات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وصولا إلى ساحات العمل النقابي ومجالاته واستخدام المعايير الدولية للعمل واستخدام الهيكلية الثلاثية من أجل تحسين القوانين وتطبيقها وهذا ما سنعرض له في مادة لاحقة تتناول كامل التفاصيل الخاصة بعمل الأطفال مع التركيز على مفهوم الثقافة والنشاطات الصيفية وغيرها من العناوين التي قدمها عدد من النقابيين المتمرسين في هذا المجال وتطال أمانات التشريع والعمل والثقافة والعلاقات الخارجية.‏

لازم نحافظ عالاطفال لانو هنن المستقبل

» الحوار الفكري الى اين ؟
» اين قسم الحوار الفكري؟؟
» الاخوة النزارية هل ممكن ان تتحولوا الى مستعلية .......؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
» الصقر منتظر الحوار
» العزيزة فتاة محاورة تفضلي هنا لو سمحتي ...!!