يحاول الباحثون كشف ما تخفيه النفس البشرية واستبصار المخفي منها عن طريق وضع قواعد أساسية في قراءة وتحليل لغة الجسد من تعبيرات وحركات الوجه وحركات اليدين ونظرات العينين ونبرة الصوت.
ويعتمد علم الجسد على التبحر في السمات الجسمية التي تظهر على الإنسان لكشف صفاته وطباعه من حيث إن كان جاداً ومكترثاً أو لعوباً وغير جاد، كما يستخدمها البعض في التعبير عن البهجة والفرحة والقبول، والبعض الآخر يعبر عن موقف معين بإبتسامة فيها استهزاء واحتقار لموقف الآخرين، والبعض قد يبتسم حتى تظهر أنيابه ولكنه يخفي الحقد والغضب والبؤس، كما يلجأ بعض الأطفال في التعبير عن خجلهم وحيرتهم ببعض الحركات.
ويرى الباحثون ان "الكثير من الحركات اللاشعورية لدى الإنسان تنم عن معان عديدة وعميقة، وليس من السهل فهمها من قبل الآخرين، أو قد تفهم بشكل خاطئ، لقلة الدراية بلغة الجسد بين المرسل والمستقبل، كما أنه يمكن نقل المعلومة بواسطة جزء معين من الجسم كالعين أو الحواجب أو الأنف أو الأذن أو الجبين أو الأكتاف أو الأصابع أو الوجنتين".
ويؤكد خبير التنمية البشرية كريم الشاذلي ان "الشعوب العربية تعلمت فن وأسرار لغة الجسد، وأن 55 في المئة من الرسائل التي يود الإنسان أن يوصلها للطرف الآخر لا تتم سوى بلغة الجسد، كما أنها لغة توصل الإحساس بالحميمية أو الكره أو الاحترام للطرف الأخر".
وقدرت الأبحاث التي أنجزها المركز القومي المصري للبحوث الاجتماعية أن 7 في المئة من الاتصال بين البشر يكون بالكلمات، و38 في المئة بنبرة الصوت، و55 في المئة بلغة الجسد"، مشيرة إلى أن "الإنسان يميل لتصديق لغة الجسد حتى لو اختلفت الكلمات".
ويقول الشاذلي إن "لغة الجسد تلعب دوراً كبيراً في نجاح العلاقات الزوجية، حيث أن رد الزوج على زوجته بوجه عابس يجعلها تشعر بالقلق والارتياب، كما أن الزوجة الذكية هي التي تحسن استخدام لغة الجسد في التأثير بشكل كبير في مشاعر الرجل، فيكفيها النظرة المباشرة والابتسامة العريضة لإقناع الزوج بوجهة نظرها". ويضيف ان "الصوت له مدلولات تظهر ما تخفيه الشخصية الحقيقية، فهو أيضا له تأثير كبير وخاص على من يسمعه، فنبرة الصوت الهادئة تحرك مشاعر الرجل، لذلك فهو من أسلحة المرأة الجذابة وسبب أساسي وأكيد في نجاح العلاقات الزوجية".
ويؤكد الخبير الدولي في لغة الجسد آلن بيز أن "لغة الجسد يختص بها بعض الناس، فليس كل إنسان يمكنه التعبير عن الحركة المناسبة بجسده، وفي أحيان كثيرة قد يكبت المستقبل حركاته الجسمية وانفعالاته حتى لا يظهر حقيقة ما يخفيه للمرسل، وكذلك فإن المرسل قد يكبت انفعالاته وحركات جسمه الانفعالية كي لا يظهر غضبه وإنفعاله للمستقبل". وأكد بيز في كتابه "لغة الجسد ـ الاتصال من دون كلمات. ان العين تعتبر من أكبر مفاتيح الشخصية التي تدل بشكل حقيقي على ما يدور في عقل الإنسان، فإذا اتسع بؤبؤ العين، وبدا واضحا للعيان، فإن ذلك دليل على أنه سمع شيئا أسعده، أما إذا ضاق بؤبؤ العين فالعكس هو الصحيح، وإذا ضاقت العين أكثر فيفهم أن الإنسان لا يصدق ما يسمعه، كما أن حركة فرك العين أثناء الحديث تشير إلى التشكك وعدم التصديق، وكذلك إبعاد النظر عن المتحدث كناية إلى عدم تصديقه".
وتشير الحواجب إلى دلالات كثيرة، فإذا رفع المرء حاجباً واحداً فإن ذلك يدل على عدم تصديقه ما يسمعه أو يجده مستحيلاً، أما رفع كلا الحاجبين فإن ذلك يدل على المفاجأة"، أما الأنف والأذن فلهما دلالات أخرى، فإذا "حك الإنسان أنفه أو مرر يديه على أذنيه، ساحبا إياهما فهو دليل على الحيرة مما يسمعه، ومن المحتمل انه لا يعلم شيئا عما يسمعه، وكذلك فان حركة لمس أو شد الأذن تعني التردد والحيرة".
وتابع بيز انه "في حالة قطب الشخص جبينه، ونظر للأرض في عبوس، فإن ذلك يعني أنه متحير أو مرتبك، أما إذا قطب جبينه ورفعه إلى أعلى، فإن ذلك يدل على دهشته لما سمعه، وعندما يهز الشخص كتفه فيعني انه لا يبالي بما يسمعه، وإذا نقر الشخص بأصابعه على المكتب فان ذلك يدل على العصبية أو نفاذ الصبر، وعندما يربت الشخص بذراعيه على صدره فهذا يعني أنه يحاول عزل نفسه عن الآخرين، أو يدل على أنه خائف، كما أن عملية قضم الأظافر تعبر عن الحالة العصبية للإنسان وعدم شعوره بالأمان والاطمئنان، وعملية لمس الذقن والتفكير مليا توحي بمحاولته اتخاذ قرار ما".
وأشار إلى أن "إحاطة الرأس باليدين مع النظر إلى الأسفل يشير إلى حالة من الملل والقلق، كما أن حركة فرك اليدين تعني الانتظار والتوتر، ولمس الأنف أو فركه أثناء الكلام دليل رفض وشك وكذب، ووضع اليد على الخد إشارة إلى التأمل والتمعن والتقدير، وتحريك وشبك اليدين من وراء الظهر تدل على الغضب والقلق، وحالة الجلوس بوضع اليدين وراء الرأس والأرجل مشبوكتين دلاله على ثقة بالنفس وتعال على الآخرين، والجلوس مع يدين مفتوحتين إشارة إلى الصدق والصراحة والبراءة، أما الذي يقف واضعاً يديه على وركيه فيوحي بالعدائية أو الاستعجال، كذلك فإن ملامسة الشعر هي مرادف لقلة الثقة بالنفس والشعور بعدم الاطمئنان وفقدان الأمان".
وأوضح بيز أن "الأرجل لها دلالات فمن يجلس واضعاً رجلاً فوق أخرى ويحركها باستمرار يدل جلوسه على أنه يشعر بالملل، أما من يجلس ورجلاه متباعدتان فهذا دليل راحة واسترخاء وانفتاح، بينما لصق الكاحلين أثناء الجلوس يشير إلى حال من القلق"