في ذكرى الراحل أوليغ غرابار (2011-1929)
كانون الثاني 2011
البروفسور أوليغ غرابار وهو أحد ألمع علماء ومؤرخي الفن الإسلامي في عصرنا قد توفي في برنستون في 8 كانون الثاني 2011 عن عمر 81 عاماً. سيفتقد العديد في معهد الدراسات الإسماعيلية وخارجه أسلوبه في البحث النقدي ومحاولاته المستمرة لمواجهة الإنطباعات المسبقة في الفكر الغربي عن الفن والعمارة في العالم الإسلامي.
لقد لامست إنتاجاته وأعماله المبدعة والغزيرة حياة الكثيرين على مدى ستة عقود، إضافة إلى كونه القوة الدافعة وراء التزايد الكبير في عدد المؤرخين المتخصصين في الفن الإسلامي، ولا سيما في الولايات المتحدة.ويوضح البروفيسور عظيم نانجي، المدير السابق لمعهد الدراسات الإسماعيلية والمدير المعاون الأصيل ’للبرنامج العباسي‘ في الدراسات الإسلامية في جامعة ستانفورد، أنه " بالإضافة لكتاباته، والتي يعتبر الكثير منها مرجعياً في مجاله، كان إرثه المستمر هو تدريب وتطوير جيل من العلماء بما يشمل علماء الآثار والمهندسين المعماريين ومديري المتاحف والمبدعين من البرامج الأكاديمية الجديدة في الفنون الإسلامية، والذين قد بنوا على تعاليمه وعلمه لجعل هذا المجال على ما هو عليه اليوم."
كان طوال حياته جزءاً من البعثات الأثرية ورحلات البحث الفائقة العدد، في جميع أنحاء العالم الإسلامي بما في ذلك أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا المسلمة، موثقاً بإستمرار ومبتكراً أساليب جديدة لإلقاء الضوء على جوانب من فن وتاريخ وثقافة الشعوب المسلمة.ووفقاً للبروفسور نانجي يعود الفضل لغرابار لكون "الفنون والعمارة في العالم الإسلامي الآن جزء من الدراسة الأكبر للحضارات البشرية وتمثل العدسة التي تمكننا من رؤية الثقافات المسلمة خارج الحيز الضيق لمجال الدراسة اللاهوتي والنصي".
كان البروفسور غرابار أول بروفسور الآغا خان في الفنون والعمارة الاسلامية، عندما تأسس هذا المنصب في جامعة هارفارد في عام 1980.وفي عام 1990، تقاعد من جامعة هارفارد لتولي منصب أستاذ فخري في كلية الدراسات التاريخية في معهد الدراسات المتقدمة في برنستون.وفي تشرين الثاني 2010، حصل علىجائزة الرئيس لجائزة الآغا خان للعمارة، "تقديرا للمساهمات القيمة التي قام بها لدراسة تطور عمارة العالم الإسلامي، من الفترة الإسلامية المبكرة وحتى الوقت الحاضر. لقد أغنى وعمق أوليغ غرابار فهمنا لإنتاج العالم الإسلامي المعماري بشكل كبير، من خلال تدريسه وكتاباته ومحاضراته، مؤكداً على التنوع الجغرافي والزمني لهذا النتاج، إضافة لتحديد موقعه ضمن سياقات سياسية وإجتماعية وثقافية وإقتصادية أوسع".
تعود مساهماته لعام 1990، عندما شارك في مؤتمر"الإسلام في العالم المعاصر" الذي عقد في كلية سانت كاترين في جامعة أكسفورد، حيث ألقى محاضرة عن الفنون في الإسلام.وفي عام 2003، قدم أوليغ غرابار المحاضرة الإفتتاحية في الندوة الدولية، "كلمة الله، فن الإنسان: القرآن وتعبيراته الإبداعية" التي أقيمت للإحتفال بالذكرى 25 لتأسيس معهد الدراسات الإسماعيلية. أثار في هذه المحاضرة التي لا تنسى العديد من المسائل النظرية بإستخدام أمثلة من التاريخ الإسلامي لدراسة كيف ارتبط الوحي، بشكل عام، والقرآن على وجه التحديد، مع الفنون في توفير التعبير البصري للكلمة المقدسة.وفي الآونة الأخيرة، ألقى البروفيسور غرابار في آذار 2009 محاضرة في مؤتمر لمعهد الدراسات الإسماعيلية بالإشتراك مع المتحف البريطاني، "أهل بيت النبي: الفن، الهندسة المعمارية والتشيع في العالم الإسلامي".قدم في محاضرته بحثاً بعنوان : "هل يمكن أن نحدد الملامح الشيعية في الفن والعمارة؟ " حيث وضح بأن هنالك فرق بين تصنيف الشيئ على أنه شيعي لمجرد احتوائه على منقوشات معينة وبين إعطاء الطابع الشيعيى للأشكال والموضوعات، مشيراً إلى أنه يجب علينا دراسة متلقي الشيئ بدلاً من صانعه حتى يتسنى لنا فهمه.
ستبقى ذكرى البروفسور غرابار حية من خلال زوجته، الدكتورة تيري غرابار، التي تبلغ من العمر 59 سنة، وهي بروفسورة متقاعدة في اللغة الإنجليزية، وابنه نيكولاس وزوجة ابنه جنيفر سيج، وأحفاده هنري ومارغريت وأوليفيا.يقدم معهد الدراسات الإسماعيلية التعازي لعائلته ويشيد بهذا العالم البارز الذي كرس الكثير من حياته لدراسة الفن والعمارة في المجتمعات المسلمة.سيُذكر لسنوات عديدة قادمة من قبل العديد من أصدقائه وزملائه وطلابه في معهد الدراسات الإسماعيلية.