((العربيّة أمّ اللغات.. ردود... وآراء..!!))
ردّ موضوع: (الاحتفاء بعيد لغتنا العربيّة)..
شكراً لكلّ الأخوة الذين مرّوا بموضوعي(الاحتفاء بعيد لغتنا العربيّة)،بمناسبة عيد اللغة الأم، وأخصّ بالشكر الأخوين(سقراط وعلي نور الدين) لمشاركتيهما الثريتين بمضامينهما الفكرية واللغوية الهامتين،والناطقتين بالحرص، والخوف على لغتنا الأم من الإهمال، وبالتالي من الاندثار والضياع..!!
ولقد قلت في محاضرة ألقيتها بالمركز العربي الثقافي في سلمية بعنوان
العربيّة أمّ اللغات)
بمناسبة اليوم العالمي للغتنا الأم، والذي يصادف الحادي والعشرين من شهر شباط في كلّ عام،وبحضور عد كبير من المعلمين ومثلي نقابتناأي نقابة المعلمين،قلت:
اليوم يحتفل العالم ،وتحتفل معه أمتنا العربية،بيوم "اللغة الأمّ في العالم"يوم لغتنا العربية، الذي يوجب علينا ضرورة الاهتمام بها،وتطويرها لتكون لغة حياةٍ وعلمٍ واتصالاتٍ،ولتكون عالميّة التّداول، والانتشار،لقد أريد للحادي والعشرين من شباط في هذا العام، وكلّ عام، أن يكون عاماً دوليّاً للاحتفاء باللغة الأم في الدّول المنتمية إلى المنظّمةالدّوليّة للتربية، والعلوم، والثّقافة (اليونسكو).وسورية اليوم بعاصمتها دمشق واحدةٌ من هذه الدّول المعنيّة بهذا اليوم اللغوي الذي ينسجم الاحتفاء به مع عبق العربيّة الفصيحة الذي يتغلغل في أرجاء العروبة بمن فيها وما فيها). وليس من المصادفة أن نطلق على لغتنا القوميّة مصطلح (اللغة الأم) كمال يقول د.أحمد البرقاوي من مقالة له بعنوان:
(اللغة الأم )
أعلم أنّ اللغة الأمّ تمنحنا القدرةالعجيبة على التّعبير الجميل ،تمنحنا سرعة التفكير ، تمنحنا اللعب على مرابعها من دون شعورٍ بالتّعب أو الملل... فدلالة الأمّ هنا دلالةو جدانيّة،دلالة حبٍّ وتقديس).وأضفت في محاضرتي:أيّها الزملاء: إنّ حضوركم الكريم اليوم لهذه المحاضرة ،يعكس اهتمامكم وحرصكم الشديدين،على تطوير لغتنا العربيّة،لتكون لغة عصرية، سلسة، عذبة، سهلة التناول، وسهلة الأداء لفظاً، وكتابة، وسهلة الاستيعاب لغة، ونحواً، وصرفاً وبلاغة،ممّايعزّز القوّة، والمتانة في صياغتها مبنىً، ومعنىً،ويجعلها في متناول أبنائنا سواء أكانوا طلاب علم،أم مواهب أدبية شابة.كالماء الزلال،حلو مذاقه،سهل شرابه،مرغوب منهله ومورده.والمعلّمون الذي يحملون راية نضال ثنائية الأهداف(التربية والتعليم) هم رسل العلم والمعرفة والتنوير،ولهم الفضل في بلوغ هذه الرسالة أهدافها،لأنّهم أوّل من ينقشون في ذاكرة أطفالنا رسوم أبجدية لغتنا،ويرسّخون في مخيلتهم حروفها الوضاءة،المشرقة التي سوف تنير لهذه الأجيال دروب العلم والمعرفة،وتجعلهم يرتقون سلّم المجد، وصولاً إلى تحقيق أهدافهم الحياتية.حيّوا معي نضال المعلّمين العرب من أجل تطوير، وتمكين اللغة العربيّة، وترسيخ القيم الحضارية والثقافية ، في نفوس الدارسين والموهوبين من أبناء هذه الأمة.هذا وقد لبّت القمّة العربيّة التي عقدت في دمشق مؤخرا ًنداء لغتنا الأمّ بضرورة الاهتمام بها،وأصدرت على أعلى مستوىقراراً وقد جاء في قرار القمّة بهذا الشّأن ما يلي
إيلاء اللغـــة العربيّـــــة اهتمـــاماً ورعايــــة خاصّـــة باعتبــــارها وعـــاء للفكروالُثقافةالعربيّة،ولارتباطها بتاريخنا وثقافتنا وهويتنا،لتكون مواكبة للتطور العلمي والمعرفي في عصر العولمة والمعلومات ولتصبح أداة تحديث في وجه محاولات التّغريب والتّشويه التي تتعرض لها ثقافتنا العربيّة)..ونأمل أن لايبقى قرار القمة في هذا المجال حبراً على ورق ،لأنّ العبرة والفائدة دائماً بالتطبيق. وخاصة إذا كان الأمر يتعلّق باللغة التي هي عنوان ال الهويّة وعلامتها كما يقول الكاتب د.جابر عصفور بدراسته التي نشرت في مجلّة العربي العدد592لشهرآذار2008 بعنوان: أزمـــــات اللـــغة العربيّة
وما خرجت به من هاتين التجربتين أمران:أولهما عدم الجديّة في مناقشة تدهور أحوال اللغة القوميّة وأوضاعها،ذلك على الرغم من التّأكيدات المتكررة والبيانات الحماسية عن ضرورة الحفاظ على الهويّة وأهميّة صيانتها بما يكفل لها القوة والنماء . وما أكثر ما نسمع في هذا المجال من أقوال خطابيّة عن مخاطر "الغزو الثّقافي" وشرور "العولمة"القادمة، لكن أقل مانرىمن أفعال حقيقية،على الأقل في ما يتصل باللغة التي هي عنوان الهويّة وعلامتها).
وقد يسأل سائل: هل من الممكن لقرارات القمم العربيّة أن تطبّق لحماية الأمن اللغوي والثقافي المهدّدين؟نأمل ذلك، ونتفاءل به عملاً بالقول المأثور "تفاءلوا بالخير تجدوه" يقول الكاتب علي عقلة عرسان جوابا لسؤال وجهه إليه فيصل القاسم معدّ برنامج الاتجاه المعاكس في قناة الجزيرة بتاريخ 8/4/ 2008 بعنـــوان العربيّـــة الفصـحى ســـــأل القاسم أوّلاً محاوره د.رفيق روحانة وهو شاعر لبناني من مؤيدي العاميّة والذي شبّه الفصحى بالجثة المحنطة عندما قال: يا دكتور قاسم ، لماذا نكذ ب على أنفسنا ونقول :نريد إحياء جثة محنطة؟ سأله القاسم كيف تنظر إلى مادعت إليه القمّة العربيّة الأخيرة لإيلاء اللغة العربيّة الفصحى، بشكل عام،اهتماماً ورعاية خاصة؟ أجاب روحانة :وكان في جوابه منطق الحقد والسخرية،سلام عليكم وعليهم.ثم توجّه القاسم إلى عرسان و كان طبعاً من المدافعين عن الفصحى والمندّدين بدعاة العاميّة بالسؤال:كيف تردّ على هذا الكلام؟سلام عليكم وعليهم، وهل يمكن أن يتحقّق الأمن اللغوي والثقافي بعد كلّ الذي نراه ونسمعه؟.أجاب عرسان:أنا أقول إنّ القمّة العربيّة في الرياض اهتمّت بالُثقافة وفي دمشق اهتمّت باللغة،هذه سياسة حكيمة ويجب أن تنفّذ،ولكن إذا بقيت القرارات مثل قرارات القمم الأخرى فسلام على الجميع..!!وأنا أقول :انطلاقاً من إيماننا في هذا القطربرابطة اللغة القومية، وتشجيعنا لها، واهتمامنا بإعلاء شأنها،ولأنّها كما قالوا: عنوان هويتنا القوميّة، ولأنّ هذه القرارات صدرت من دمشق العروبة المؤمنة دائماً بأمتها العربية ولغتها الفصحى القوميّة،فسوف تنفّذ هذه القرارات بعون الله.وسوف نصون أمتنا من الشرذمة والضياع والتجزئة التي يخطّط لها أعداؤها منذ زمن بعيد، بإضعاف لغتها وإقصاء الفصيحة منها، و سوف نحافظ على مفردات وقواعد لغتنا العربيّة الفصحى ،بالمحافظة على تراث وثقافة وآداب أمتنا العربيّة، ليبقى صرحها شامخاً وثابتاً كالجبال.ولتبقى روحاً تنبض بالحياة،لا جثة محنّطة وهامدة كما يقول الشّعوبيون والحاقدون من أعدائها. وقد قال الكاتب ديب على حسن في المصدر السّابق الذي أشرت إليه منذ قليل(ومن الحبّ ماقتل ربما ينطبق هذا القول علينا نحن أبناء الضّاد،نعشق لغتنا،نهيم بها كلاماً وتنظيراً،ونحفر قبرها إهمالاً،نعقد المؤتمرات وننسى مناهجنا التّربوية،نضع الخطط وننسى التنفيذ،مؤسساتنا الثّقافية بإمكاناتها المادية والعلميّة قادرة على التّحرّك ولاسيّما إن تتلقّى الدّعم المعنوي والمادي من الجهات الرّسمية،التي نبّهت إلى حال اللغة العربيّة ودقّت ناقوس الخطر...ولا أدري من الذي قال:لم أر أجمل من اللغة العربية ولكنّي لم أرشعباً يستعجل وأد لغته كما يفعل أبناؤها....نبحث عن ذرّة فعلٍ قبل قنطار كلام.وهذا الكلام موجّه إلى اختصاصي اللغة العربيّة،وإلى المهتمين بعلومها وإلى المتربعين على سدّة المسؤولية،في مجامع اللغة العربية على مستوى الوطن العربي،عليهم جميعاً أن ينهضوا من رقا دهم،وأن يعملوا بروح عالية من المسؤولية،والحس الوطني والقومي،لإعلاء شان لغتنا العربيّة،وجعلها في المحافل الدوليّة لغة عالميّة،لأنّ قطار العولمة لن ينتظرنا في محطاته الثقافيّة،والأهم من ذلك أن نجعلها في متناول شبابنا وشاباتنا ،لغة سمحة وفصيحة،وأن نجعلهم من خلال تلقيهم لها، يحافظون على انتمائهم الوطني والقومي،ويعرفون أثر ها في هذا الانتماء القومي والوعي الوطني،وفي مدى تعبير اللغة عن هويّة الأمّة،لكي تعاد لهذه الأمّة صحوتها،بعد رقاد.
إذاً اللّغة والأمّة توأمــان لا ينفصلان عن بعضهمـا البعض ولذلك فقد عرّفــوا العربيّة هي:
( الكلمات التي يعبّر بهـا العربّ عن أغراضهم ) وهــي روح الأمــة كمــا يقول الأديب المهجري أبــو الفضل الوليـــد: " إن اللّغة روح الأمّة, ومن حفظ آدابها وأخبارها تخلّق بــأصحابهــا الأولّين".ولقد أنصف النبي محمد وبلغ غاية السّداد والإرشاد بقوله:{إنّما العربيّة اللسان}.
ماذا نفعل من أجل تمكين اللغة العربيّة في نفوس أبنائنا وأجيالنا الذين هم روّاد المستقبل وقادته.؟؟
وماذا نفعل من أجل أن تظلّ هذه اللغة شامخة ومجيدة، ومصانة، ومتطورة ،لا لأنّها لغتنا عنوان هويتنا الوطنية والقومية فحسب،ولا، لأنّ أكثر من / 422/ مليون نسمة يتوزعون في الوطن العربي والدّول الأجنبيّة المجاورة والبعيدة
يتخاطبون بها، ويدرسونها في معاهدهم وجامعاتهم،فهي صلة وصل بيننا وبين ثقافات العالم،ويبدو أنّ التّواصل الحضاري بين العرب وغيرهم من الشّعوب على الشبكة العنكبوتية أو من خلال الصحافة المقرووءة أو المنظورة على قنوات التلفاز , بدأ يعطي ثماره, ويفتح الباب على مصراعيه باتجاه عالميّة لغتنـا،التي جعلها الله عزّوجل لغة خير أمة أخرجت للناس..
نتمنّى للغتنا مزيداً من الازدهار،ونتمنّى على مجامع اللغة العربيّة أن تواصل جهودها من أجل زيادة انتشار وتوسّع لغتنا خارجياً،والعمل على تبسيط لغتنا وتمكينها من نفوس أجيالنا النّاشئة داخلياً،وأقول للأخ علي نور الدين:إنّ هذه المسؤوليّة لاتنحصر باختصاصي اللغة والقائمين في مجامع اللغة العربيّة،ولو أنّ المسؤوليّة المباشرة تقع عليهم كما ذكرت آنفاً،ولكن أيضاً تقع على كلّ عربي حريص على لغته العربية، حرصه على نفسه،و حرصه على أمته،ولقد قلت في محاضرة أخرى بعنوان
العربيّة بين الماضي والحاضر) جاء فيها:إنّ لغتنا ترقى، وتزدهر برقي وازدهار أمتنا ،وتذوي، وتضعف بضعف الأمة وانحدارها ،وأكبر برهان على ذلك وضع لغتنا العربية أيام عصور الانحطاط..!!فقد نعت أدبها بأدب الدّول المتتابعة،او أدب الانحطاط...!!والحديث في هذا الشأن يطول شرحه..واللبيب من الإشارة يفهم..!!شكراً لكما..وأعد قريباً بإقامة(( ندوة مفتوحة)) في شعبة الهلال الأحمر بسلمية، تخصّص لمناقشة هواجسنا نحو لغتنا العربيّة،وهواجس لغتنا الفصحى تجاه النّاطقين بلغة الضاد..!!أرجو أن تشاركا بها ،وتدليا برأييكما الغنيين فيما يخصّ أم اللغات...!!
شكراً، وإلى أن نلقاكما ،نتمنّى للجميع الصحة والمتعة، والفائدة..!!
حيدر حيدر
سلمية في /17/2/2011/