الهوس.. الوجه الآخر للاكتئاب

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد

الهوس اضطراب وجداني تغلب عليه المبالغة في التنبيه النفسي والحركي وهو يحدث منفردا ،ويرى البعض أنه يمثل في بعض الحالات الوجه الآخر للاكتئاب عندما يشكل الاثنان ما يعرف بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب .
ويشير مفهوم "الهوس " إلى خلل ذهني ومرض عقلي تتبدى أعراضه في شدة التهيج بدون ضابط لدى المرء ويتجلى في تضخيم الأفكار وانتقالها السريع من موضوع إلى موضوع دون تمييز بين قيم المعاني والاندفاع المفرط نحو تحقيق كل فكرة تخطر على الذهن الهائج حتى إنها تتحول إلى رغبة جامحة في القتل أحيانا .‏

أعراضه ..‏

ويؤكد علماء النفس انه تظهر لدى الشخص الهوسي أعراض كثيرة من أهمها هياج نفسي حاد واستثارة حركية مستمرة غالبا ماتكون هزلية ساخرة لايبررها الواقع، فالمريض دائم الحركة لا يهدأ ومتوتر يصرخ ويزعق ويرقص ويصفق ولا يستطيع الاستقرار على وضعية معينة،بالإضافة إلى أن الهوسي لا تنقصه مظاهر الفرح والسرور والسعادة فهو دائم الغبطة والتفاؤل، عيناه محتقنتان ووجهه متهيج ومتورد يتصرف وكأنه مصدر متعة للاخرين ويتجه لبناء الطموح العالي ويركز طاقته باتجاه المستقبل، ولكنه لا يسلم من الوقوع في التناقض المزاجي وتكون أفكاره غزيرة سطحية غير مستقلة ينتقل من موضوع الى اخر دون مراعاة السياق المنطقي ويتعرض للشرود والسرحان وتطاير الأفكار، وتدعم الهلوسات ذات الطابع الانفعالي موقفه من نفسه وتغذي نزعة التمييز لديه وتظهر عليه علامات الأرق والإنهاك وفرط التعرق وفقدان الوزن، ويتميز الهوسي على الصعيد الاجتماعي بكرمه وشجاعته ومشاريعه شديدة الخيالية لمصلحة العباد ولديه رغبة بتدعيم أواصر الصداقة مع الاخرين ويصرف الكثير من وقته لتحقيق هذه الغاية .‏

أشكاله ..‏

ويقسم الهوس الى أشكال تراعى فيها شدة ودرجة الاضطراب منها الهوس الخفيف حيث تقتصر مظاهر الشذوذ على انحرافات بسيطة عن المألوف حيث تعيش انفعالات المصاب نشوة وفرحا وإحساساً بخفة الدم والثقة بالنفس والتمتع المبالغ به بالفن والجمال، ولا يتردد وهو في قمة نشوته وإحساسه بالزهو عن القيام بالواجب في استقبال الأغراب مصافحا وحاضنا وراقصا ،ولديه اهتمامات اجتماعية ومشاريع نظرية كثيرة ولكن مزاجه وغروره يعيقان تحقيق هذه المشاريع .‏
ومن أشكاله أيضا الهوس الحاد حيث تصل المبالغة الى حدها الأقصى في طرائق تصريف طاقات الفرد النفسية والحركية ويعيش الهياج بكل أبعاده فإذا تكلم رفض التوقف وإذا تحرك حطم ماهو أمامه بحيث لا تنجو أضلاعه في بعض نوباته الشديدة، واذا حاول التفكير فشل في الحفاظ على تناسق أفكاره ويفقد الهوسي في هذا الشكل الإحساس بالزمن والمكان فيختلط على المريض الليل بالنهار والشتاء بالصيف وتسوء صحته ويتعرض لاضطرابات القلق والتغذية وضغط الدم ويشكل خطرا على نفسه والاخرين .‏
وهناك أيضا الهوس الهذائي وفي هذا الطور من الهوس تتمثل أقصى حالات التطرف ويغدو المصاب في حالة هذيانية تامة يتفكك تفكيره ويتشوه وعيه وتصعب السيطرة عليه وتتحرر غريزته واندفاعاته الجنسية ويمارس العهر والفحشاء دون رقيب وتنحدر صحته بشكل كبير ويهجر النوم عينيه ويتحكم به الإرهاق الى درجة تهدد استمرار حياته ، وأخيرا الهوس المزمن حيث يتميز المصاب بأساليب حياة يغلب عليها التطرف والخيالية وبأنماط سلوك فيها من الشذوذ ما يكفي لإبقاء صاحبها بعيدا عن الاستواء إذا أهمل العلاج المطلوب .

باركك الله

flower

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي مدد
أختي الروحيّة الغالية زهراء
مرورٌ جميل
بارككم المولى