طلاب الدراسات العليا في معهد الدراسات الإسماعيلية يزورون الأندلس
بدأ طلاب برنامج الدراسات العليا في الدراسات الإسلامية والإنسانيات (GPISH) وطلاب برنامج تدريب معلمي الثانوي (STEP) رحلة تعليمية إلى جنوب إسبانيا في ١٤ شباط ٢٠١١. تُمكن هذه الرحلة السنوية الطلاب من الإطلاع على الجذور التاريخية للإسلام في أوربا. رافق الطلاب كل من آنا ماكسويني المحاضر في برنامج الدراسات الإسلامية والإنسانية، و الدكتورة سامانثا أرولانانثا، والدكتور فاروق ميتا، ورياض رحمة الله.
بدأت المجموعة رحلتها في غرناطة حيث شاركوا برحلة على الأقدام في مقاطعة البايسن التاريخية التي تقع على تلة مقابلة للحمراء. صُنّف كلا الموقعين منذ عام ١٩٩٤ كمواقع تراث عالمي. يشكل البايسن مثالاً فائق الجمال لفن العمارة البربري الشعبي والذي أنجز وفقاً لطرق بناء أندلسية تقليدية. تشتهر المنطقة ببقايا البيوت والجوامع والحمامات العامة التي تعود للعصور الوسطى. زار الطلاب العديد من المواقع التاريخية مثل ميرادور سان نيكولاس، وكنيسة سانتا آنا، والنُزل الذي أعيد ترميمه مؤخراً، بالإضافة لمركز التراث الإسلامي.
أما الزيارة إلى مجمع قصر الحمراء، والذي أصل تسميته من العربية وتعني ’الحصن الأحمر‘، فكانت رائعة بما تضمنته من آيات معمارية في غاية الإبداع. بني مجمع قصر الحمراء في أغلبه على يد الحكام البربر من السلالة الناصرية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر. يعد من أحد أهم المعالم السياحية في إسبانيا كما وينظر له على أنه من أكثر أمثلة الفن المعماري المسلم جمالاً. حرص الدليل السياحي على أن يتمكن الطلاب من الإستمتاع بسحر زخرفات الأرابيسك، ونقوش فن الخط، والتصميمات الهندسية، بما في ذلك الإضافات المسيحية التي أتت لاحقاً بأوامر من الملك تشارلز الخامس في القرن السادس عشر، وحدائق العريف المجاورة.
يمكننا أن نستقرأ وفقاً للنقوش المكتوبة رمزية الأعمدة النحيلة مع النوافير وأحواض الماء في قصر الحمراء كما في ساحة الريحان وساحة الأسود، على أنها تجسيد مادي لوصف الجنة في الشعر المسلم. حضر طلاب برنامج الدرسات العليا في الدراسات الإسلامية والإنسانيات عصراً وشة عمل ضمن موقع قصر الحمراء لمناقشة علم النقوش والتصميم الإسلامي، محاولين أن يرسموا بعضاً من الخصائص الفنية، بينما عقد طلاب برنامج تدريب معلمي الثانوي جلسات لمناقشة تجاربهم الشخصية في الموقع.
كانت قرطبة هي الوجهة التالية للطلاب، حيث كانت محطتهم الأولى عند الكنيسة-الجامع الكبير في قرطبة. ينظر للجامع ذو الأعمدة على أنه مثال بارز عن فن العمارة في العصور الوسطى ويمثل تراثاً دينياً وثقافياً أساسياً للأندلس. بدأ بناؤه على يد الحاكم الأموي ’عبد الرحمن الأول‘ في نهايات القرن الثامن، ولقد مر بأربعة مراحل من البناء والتوسع. إن للجامع أهمية تاريخية بالغة إذ يعكس التغيرات الدينية والإجتماعية والثقافية والسياسية في قرطبة. تقع كاتدرائية قرطبة اليوم فيه. يتبع الجامع في بنائه تراث الجوامع التي أسست في عهد الأمويين والعباسيين في سورية والعراق من خلال باحته المغلقة وقاعة الصلاة المستطيلة ونظام الأعمدة التي تستند عليها الدعامات والأقواس المزدوجة. إشترك الطلاب في وشة عمل عن ’مخططات الأرضية ومواد البناء المستخدمة في الجامع الكبير‘. كان هذا بمثابة تمرين بصري لإختبار قدرتهم على إكتشاف مناطق توسيع الجامع الكبير.
قام الطلاب أثناء تواجدهم في قرطبة بزيارة المدينة القديمة، واشتمل ذلك على كنيس الكازار والحي اليهودي، بالإضافة لحضور نشاط ثقافي في ’تابلاو فلامينكو كاردينال‘. حلت المحطة الأخير للرحلة في متحف اللقى الأثرية لمدينة الزهراء والذي يقع بالقرب من قرطبة. كانت مدينة الزهراء مدينة ملكية، بنيت في القرن العاشر على يد عبد الرحمن الثاني. سرقت محتوياتها ودمرت عام ١٠٣١ ميلادية، ولم تبدأ عملية إحيائها حتى عام ١٩١١ ميلادية. يقال بأنها أحد أكبر المواقع الأثرية في أوربا والتي لم ينقب عن أكثر من %١٠ منها حتى الآن. حاز المتحف القريب على جائزة الآغاخان للعمارة في عام ٢٠١٠. يعمل المتحف على تسهيل فهم وتطوير الموقع الأثري بما في ذلك تطوير مشاريع ونشاطات ذات طبيعة ثقافية وتعليمية، بالإضافة لعرض اللقى، ودراستها، وترميمها، وحفظها والحفاظ عليها. حققت الرحلة الأكاديمية بالإجمال أهدافها بمساعدة الطلاب على فهم الجوانب النظرية التي يتضمنها البرنامج الأكاديمي الذي يدرسون.