(( مسرحية مملكة الأطفال- تأليف: مهتدي غالب)) غسان الشبحاوي

مملكة الأطفال - مسرحية للأطفال تأليف مهتدي مصطفى غالب صادرة عن دار الغدير ب(64) صفحة من القطع المتوسط
كل شيء يبتدئ من الطفولة ، فالطفولة إناء سوف ينضح و يفيض مستقبلاً بما يسكب فيه اليوم ، و أعظم إنسان هو من يستطيع أن يجعل الحياة جميلة بحيث تستحق الدهشة التي تنطلق من شفتي طفل
بهذه المقولات البسيطة بنى مهتدي غالب مسرحيته قُل مملكته (مملكة الأطفال) حيث شيد البناء على أسس قوية متينة فظهرت إلى الوجود كابنة الملك تلك المخلوقة السحرية الرائعة التي استطاعت التغلب على غطرسة و جبروت أبيها الملك الظالم و تحويله اخيراً إلى ملك عادل و عاقل ...
تلك هي مهمة المسرح التعليمي و التي تكمن في تغيير المفاهيم البائدة التي تسود مجتمعات اللاعدل و المبنية أساساً على مزاج الحاكم المطلق و تقديم الآمال في غدٍ مشرق جميل تبقى فيه الشمس ساطعة على كل الناس الفقير منهم و الغني .. الطويل و القصير ... الأسود و البيض ..ابن الست و ابن الجارية ..و كم تحضرني فقرات و جمل في المسرحية لا يمكنني إلا أن أقف عندها على سبيل المثال لا الحصر مثل جملة الملك (أنا لم أنجب طفلاً كي لا يأخذ العرش مني )) ...أو مقولة الحكيم ( حين يبتسم الأطفال ..تبتسم الدنيا كلها))..لأن الأطفال باعتقادي هم الدنيا كلها ..
و غير ذلك الكثير من المقولات و العبارات و الحكم الحياتية المعاشة و التي تشحذ ذاكرتي و تستحضر من ثناياها جملة الملكة زنوبيا التي تخاطب فيها أوريانوس الخاطف في مسرحية(بترا) للرحابنة بحرب الكبار ..شو ذنب الطفولة)..
هكذا هو مهتدي الممتزج ببراءة الأطفال ..و هكذا هو مهتدي الأب و مهتدي الابن فهو شاعر طفولي و كاتب طفولي و فنان طفولي ينسكب منه كلُّ شيء ببراءة و بساطة بعيداً عن الطلاسم و التعقيد تبدو له الحياة بسيطة ..حلوة و جديرة بأن تعاش مرة واحدة لا أكثر ... كأية مسرحية من مسرحياته فهو حين يقرر نظم الشعر تراه يرتقي خشبة المسرح متأبطاً كومة من الأوراق ...و حين يقرر إمتطاء خشبة المسرح تراه شاعراًً يدندن بأعذب القوافي و أجمل الألحان ...و حين يقرر الاستراحة من عناء الواقع و جور المجتمع تراه يغوص عميقاً في قعر التاريخ و كأنه (الداية) التي تُوَلِدُ من رحم السطور و وشيج الحروف معانٍ و حقائق و أحداث ..
هكذا هو مهتدي الذي ما زال يقرر العيش منتشياً بين تلك ( الكركبة) المسماة حياة و الذي ما زال يتنفس مسرحاً و يتنهد شعراً و تسري في عروقه الدراسات و التحقيقات التاريخية فهو المؤلف و المخرج و البهلوان الذي ما زال مصراً على متابعة مسرحية الحياة حاملاً معوله كالمحارب الساموراي و غارساً شتوله الخضراء ذات الشذى العبق و الطيب النادر و التي لا بد يوماً ما أن تنمو و تترعرع منتجة أجمل أزارير الورد و ازكى العطور.
بقلم الشاعر:غسان الشيحاوي