منتدى الباحث الإسماعيلي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الباحث الإسماعيلي

موقع شخصي وغير رسمي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» خمس رسائل إسماعيلية - تحقيق عارف تامر
3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 11, 2023 8:10 am من طرف الاسماعيلي اليامي

» كتاب شجرة اليقين للداعي عبدان - تحقيق الدكتور عارف تامر
3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 11, 2023 8:09 am من طرف الاسماعيلي اليامي

» منخبات اسماعيلية
3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 11, 2023 8:08 am من طرف الاسماعيلي اليامي

» كتاب الطهارة للقاضي النعمان
3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين سبتمبر 11, 2023 7:27 am من طرف الاسماعيلي اليامي

» كتاب مصابيح في اثبات الامامة للداعي الكرماني
3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالخميس أغسطس 31, 2023 8:07 pm من طرف همداني

» كتاب سرائر وأسرار النطقاء لـ جعفر بن منصور اليمن /نرجو التدقيق
3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالخميس أغسطس 31, 2023 8:05 pm من طرف همداني

» كتاب نهج البلاغة للامام علي عليه السلام
3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالثلاثاء يوليو 11, 2023 9:48 pm من طرف ابو محمد الكيميائي

» ارحب بالاخ حسين حسن
3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالأربعاء يوليو 27, 2022 5:12 am من طرف الصقر

» كتاب دعائم الاسلام
3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 01, 2022 6:16 am من طرف همداني

المواقع الرسمية للاسماعيلية الآغاخانية

 

 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:04 am

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد
يا الله يا محمد يا علي
-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه
الشيرازي
مدخل
كما سبق أن قلت في كتبي السابقة أنني وجهت اهتمامي نحو الكتب الإسماعيلية ومن أهمها وأقربها لي ألا وهي الكتب الفاطمية، فحصلت على مخطوطات هامة وكثيرة، ومن أماكن شتى، قمت بدراستها ملياً، ورأيت أنه من الضروري تقديمها للقراء الأفاضل ليصبح في مقدورهم الإطلاع على تلك المرحلة الهامة من تاريخنا الإسلامي العريق، ويستنبطوا من خلال هذه الكتب فلسفة الدين الحق وتأويلها الباطني الذي نحن بأمس الحاجة له .
ولقد عمدت في تحقيقاتي أن أتحاشى ما قام به غيري من تحريف أو حذف، فاتخذت لنفسي مساراً في الكتابة يقوم على الدقة والصدق والأمانة.
ولذلك وجدت من المناسب إعادة تحقيق المخطوطات كلها سواء كانت مطبوعة أو غير مطبوعة، لأضعها بين أيدي القراء الأفاضل بكل أمانة تاريخية وعقائدية وعلمية أتمنى من خلال ذلك أن أبيّن الحقائق بدقة وصدق وأمانة، ليكون نتاجي بداية درب طويل لا ينتهي...
وقد اعتمدت في تحقيقاتي أسلوب جديد لم يكن متبعاً فيما مضى من قبل المحققين الأفاضل، فابتعدت عن الأسلوب الكلاسيكي في التحقيق، واعتمدت على مخطوطة واحدة من المخطوطات التي هي بحوذتي، وبعد أن قرأت نسخ المخطوطة ذاتها، وقارنت فيما بينها، وقمت بتحقيق إحدى تلك النسخ، ولم أنوّه في كتابي المطبوع كما كان يفعل المحققون في كتبهم المحققة، إذ نجد في حواشيهم ما يلي: (كتبت كذا في النسخة م ) على سبيل المثال، أو ( جاءت كذا في النسخة س ).. لأنني أرى أنه ليس من الضروري أن أقول للقارئ إنه في النسخة الثانية التي سميتها (س) مثلاً جاء فيها على سبيل المثال كلمة ( وقوله تعالى) بدلاً من كلمة (قوله) في النسخة (ص)، أو كلمة ( قول الله تعالى) في النسخة (م)..
فما همّ القارئ من ذلك كله.. إن جاءت هذه الكلمة (وقوله) أو (قوله)؟!!... وما يضر المعنى إن كتبت الواو أم لم تكتب طالما أنها لم تؤثر على المعنى، وما الدليل على قولي أنا كمحقق؟.. وما هي المصداقية في كلامي؟!.. إذا كانت المخطوطات ليست بين يدي القارئ؟!.. ولم يرها أبداً؟!.. طالما أن هذا القارئ يثق بما يكتبه له المحقق؟..
إضافة لذلك، فقد قام المحققون بطباعة تحقيقات كثيرة، ولكن لم تظهر أية مخطوطة بيد القراء، ليبيّنوا مصداقية هذا المحقق الذي قدّم مخطوطته على شكل كتاب!... ولكن لم نقرأ في الكتب المطبوعة إلا ما كتبه المحقق فقط: (ذهبت إلى الهند لأبحث عن المخطوطات فحصلت على هذه النسخة وسميتها (س)، وخرجت تحت البرق والرعد والمطر والثلج الكثيف لأحصل على نسخة من هذه المخطوطة وسميتها (ع)، وبذلت ما بوسعي من جهد وعطاء لأحصل على نسخة من هذه المخطوطة وسميتها ك...).. وما إلى ذلك من أخبار وأقوال.. وما أدرانا ما الحقيقة، ولماذا صنع هذا المحقق من نفسه (كبش الفدا) ليحقق هذه المخطوطة؟!.. أو لينافس غيره بتحقيق المخطوطة ذاتها؟!.. أو ليطبعها بعناوين مختلفة وكأنه يستغفل القارئ الذي لم تصله المخطوطة فيميّز بنفسه؟!.
وإذا ما نظرنا إلى الكتب المطبوعة، وجدنا معظم حاشيتها تعجّ بـ (جاءت في النسخة س كذا) أو (كذا في النسخة ل )، وكأن المحقق لن ينال رضى القارئ إلا إذا كتب هذه الحاشية، وربما أن القارئ يثق بالمحقق وتحقيقه إلا إذا كتب ذلك!!..
فما أدرانا نحن كقراء.. أن يكون بحوزة المحقق نسخة واحدة فقط من المخطوطة، فقام بنفسه بكتابة الحشو(جاءت في النسخة س كذا) أو (كذا في النسخة ع) .. وما إلى ذلك من كتابات، قد تكون من بنات أفكاره.. وهذا ما يثقل الكتاب المطبوع بأسطر وصفحات جدّ كثيرة تزيد من حجم الكتاب، وجلّ همّ ذلك المحقق أن يحصل على ثقة القراء بدون أن يعرفوا شيئاً مما هو فاعله؟!!!..
أنا لا أكره أحداً، ولا أبغض أي إنسان.. إنني أحب الجميع بلا استثناء(قراء ومحققين)، ولكنني أقول صدق الكلام وحقيقة ما يعتمل في صدري.. فإني أقدم اعتذاري إذا أخطأت في تعابيري التي لا أتمنى أن تُفهم بأني أقصد منها الإساءة، ولا أبغي من كلامي سوى ما أراه حقيقة وأن يجلى وجهها.. والله الموفق.
الدكتور حسام خضور

مقدمة المحقق
لابد لنا في بداية هذا الكتاب أن نقدم لمحة بسيطة عن المؤلف.. حياته.. وأعماله..
المؤيد في دين الله هبة الله الشيرازي: هو هبة الله بن أبي عمران موسى بن داود الشيرازي، ولد في شيراز في القرن الرابع من الهجرة، ولقد اختلف المؤرخون في السنة التي ولد فيها، فذكر الهمداني أنه كان في التاسعة والعشرين من عمره حين طلب إليه أن يغادر بلاده في سنة 429هـ .
وهذا يعني أن ولادته كانت سنة 400هـ، ولكن الدكتور كامل حسين خالف هذا الرأي، فقال أن ولادة المؤيد كانت على الأرجح سنة 390هـ معتمداً في ذلك على بيتين من الشعر وردا في ديوان المؤيد يخاطب بهما الإمام الإسماعيلي المستنصر بالله قال:
لي في هجرة إليك تمن
قد تمنيته وإني غلام
وتدانى من أربعين لي السن
ولم يقض للتمني زمام
وبذلك دلّ على أنه بلغ الأربعين من عمره سنة 427هـ .
كانت ولادة المؤيد في أسرة اتخذت العقيدة الإسماعيلية مذهباً لها، فأبوه كان حجة جزيرة فارس في عهد الإمام الحاكم بأمر الله الفاطمي، فنشأ ابنه هبة الله، وأعد ليحتل مكان والده في الدعوة الإسماعيلية وأسرارها، فكاتب أبوه الحاكم بأمر الله أن يولي ابنه هبة الله أمر الدعوة في فارس من بعده.
وبالنظر لنبوغ هبة الله المبكر، ونشاطه الملموس في خدمة الدعوة، أصبح حجة بلاد فارس بعد وفاة أبيه، فكرّس جهوده لرفع مستوى الدعوة في تلك البلاد، وعمد إلى تنظيمها علمياً بحتاً، فانقاد له أتباعه الانقياد كله، وضحّوا في سبيله بأرواحهم، وازداد عددهم زيادة كبيرة، مما جعل السلطان أبو كاليجار البويهي يخاف من سطوته ونفوذه، فحاول أن ينفيه مراراً من شيراز، ولكنه كان يخشى ثورة أتباع المؤيد من الإسماعيلية، إلا أن المؤيد استطاع بما أوتي من مقدرة فائقة أن يتصل بأبي كاليجار، فأقنعه بالاستماع إليه، وأن يعقد مجالس المناظرة بين المؤيد وعلماء الشيعة والمعتزلة وأهل السنة، فبرز المؤيد على خصومه ومناظريه، مما اضطر السلطان أن يخضع لقوة بيان المؤيد ودافع حجته، ويدخل في دعوته.
ولقد ساعد دخول السلطان الدعوة المؤيد في الدين، فأجهر بمعتقداته الإسماعيلية في بلد يدين للعباسيين دون خشية، مما حمل قاضي الأهواز على إرسال كتاب إلى الخليفة في بغداد ينعي فيه الدولة العباسية، وضياع خلافتها على يد المؤيد في الدين.
وبنفس الوقت ثار أهل السنة على أبي كاليجار، مما أجبر العباسيين على إيفاد الوزير العباسي ابن المسلمة للقبض على المؤيد، ولكن المؤيد علم بالأمر، فسار متخفياً متجنباً الطرق العامة، سالكاً البراري والقفار، حتى وصل إلى مصر سنة 439هـ.
إلا أن المؤيد يذكر في سيرته أنه لقي بمصر عند وصوله أبا سعيد التستري الذي قتل سنة 439 هـ.
أما الدكتور كامل حسين، فيقول بأن المؤيد جاء إلى مصر بين سنتي 436و439هـ، وأخذ يتردد على أبي سعيد التستري ويتقرب إليه، فلما قتل التستري في سنة 439هـ تقرّب المؤيد من الوزير أبي نصر الفلاحي الذي سهل له السبيل لمقابلة الخليفة، وقد تحققت أمنيته ومثل بين يدي الإمام في آخر شعبان سنة 439هـ.
جاء المؤيد في الدين إلى مصر حيث كانت مقراً للخلافة الفاطمية، فأقام فيها قرابة الثلاثين عاماً، عمل خلالها على نشر العقائد الإسماعيلية عن طريق إلقاء المحاضرات العلمية، والمجالس التأويلية، فاستمع له جمهرة من المصريين، وأخذوا عنه علوم الدعوة وفلسفتها، فكان له تأثير كبير في الحياة العقلية، وعنه أخذ الدعاة اليمنيون، فأدانوا له بالإستاذية في علوم الدعوة، وفي القاهرة أنشد المؤيد أكثر قصائد ديوانه، وألقى مجالسه التي بلغت الثمانمئة مجلس، تحدث فيها عن العقائد الإسماعيلية وعلوم دعوتها.
والمؤيد في سيرته يتحدث عن حياته في مصر، وعن علاقته ببعض الوزراء ورجال بلاط المستنصر بالله، ولقد وصف المؤيد أول مقابلة له للإمام الفاطمي المستنصر بالله فقال:
(وكنت في مسافة بين السقيفة الشريفة، والمكان الذي ألمح فيه أنوار الطلعة الشريفة النبوية.. فلم تقع عيني عليه إلا وقد أخذتني الروعة وغلبتني العبرة، وتمثل في نفسي أنني يدي رسول الله وأمير المؤمنين ماثل، وبوجهي إلى وجهيهما مقابل، واجتهدت عند وقوعي إلى الأرض ساجداً لأولي السجود ومستحقه أن يشفعه لساني بشفاعة حسنة بنطقه، فوجدته بعجمة المهابة معقولاً، وعن مزية الخطابة معزولاً.
ولما رفعت رأسي من السجود، وجمعت ثوبي للقعود، رأيت بناناً يشير إليّ بالقيام، لبعض الحاضرين في ذلك المقام، فقطب أمير المؤمنين خلد الله ملكه وجهه عليه زجراً، على أنني ما رفعت به رأساً ولا جعلت له قدراً، ومكثت بحضرته ساعة لا ينبعث لساني بنطق، ولا يهتدي لقول، وكلما استرد الحاضرون مني كلاماً ازددت إعجاماً ولتعقبه ألقى اقتحاماً، وهو، خلد الله ملكه! يقولSad دعوه حتى يهدأ ويستأنس).
ثم قمت وأخذت يده الكريمة فترشفتها، وتركتها على عيني وصدري، ودعيت وخرجت).
وبعد هذه المقابلة تقلد المؤيد ديوان الإنشاء وزيد في رزقه، وعلا قدره في نظر الإمام المستنصر.
وكان المؤيد بارعاً في الكتابة بالعربية والفارسية، فوسع نطاق الدعوة الفاطمية إلى بغداد.
فلما علم أن طغرلبك السلجوقي حاول أن يهادن البيزنطيين ويحالفهم من أجل الإستيلاء على أملاك الدولة الفاطمية في أعالي الجزيرة وبلاد الشام بعد أن دخل مدينة الري سنة 444هـ راسل وزير طغر لبك الكندري يستميله إلى الفاطميين.
إلا أن طغر لبك دخل بغداد في سنة 447هـ، فهرب السباسيؤي، ولكن سرعان ما اتصل به المؤيد وأبلغه أن الفاطميين مستعدون لشد أزره وإمداده بالمال والسلاح.
ومن ناحية ثانية أخذ يستميل العرب والأكراد ويخلع عليهم خلع الفاطميين ويغدق عليهم الأموال.
ونجحت خطة المؤيد، فانتصرت جيوش البساسيري على جيوش طغرلبك وانتشرت الدعوة الإسماعيلية في العراق، خطب للإمام المستنصر في بغداد.
ولكن البساسيري ما لبث أن تفرقت جموعه، ونجح طغرلبك في طرده من بغداد في سنة 449هـ.
لقد قدم للدعوة الإسماعيلية خدمات كثيرة، ودافع عنها بالقلم واللسان، استطاع أن يقنع الملوك والأمراء للدخول في المذهب الإسماعيلي، وحاول القضاء على الدعوة العباسية بتأليب أمراء العراق والشام على القائم بأمر الله العباسي، ونجحت مساعيه في إقامة الدعوة لإمامة المستنصر على منابر بغداد سنة 450هـ، ولولا أسباب لا طاقة له بدفعها لقضى على الخلافة العباسية قضاءاً تاماً، ولغير وجه التاريخ الإسلامي، ولقد استطاع أن يعيد مدينة حلب إلى أملاك الفاطميين بعد أن أعيت جيوشهم.
ولقد قدَّر الإمام الإسماعيلي الجهود التي بذلها المؤيد في نشر الدعوة فعينه داعياً للدعاة سنة 451هـ .
خافه الوزراء كثيراً مم دفعهم للمكيدة حتى نفي من مصر، ثم عاد إليها وولي رئاسة الدعوة، ثم عزل وولي ديوان الإنشاء مرة ثانية، وهكذا حتى توفي في القاهرة سنة 470هـ ، ودفن في دار العلم بجوار القصر، وقد صلى عليه الإمام المستنصر نفسه عند وفاته.
ولقد ترك المؤيد مؤلفات مهمة نذكر منها:
1- المجالس المؤيدية: ويضم ثمانمائة مجلساً من مجالس الدعوة الإسماعيلية التي كان يلقيها المؤيد، وقد رتب هذا الكتاب وقسمه إلى أبواب حسب موضوعاته حاتم بن إبراهيم الحامدي الداعي اليمني، وسماه( جامع الحقائق)، وفي هذا الكتاب نرى مناظرات ورده على المخالفين.
2- ديوان المؤيد في الدين: وهو عبارة عن مجموعة من القصائد التي أنشدها في مدح الأئمة، وتعرض فيها لحياته، كما وصف أحواله وأشار إلى جهوده في نشر الدعوة الإسماعيلية، وملأ قصائده بالعقائد الإسماعيلية ومصطلحاتها.
3- السيرة المؤيدية: وهو كتاب قيّم يتحدث عن الحياة السياسية والاجتماعية في فارس والعراق ومصر من سنة 429هـ إلى سنة 450هـ، يعتبر سجلاً للوثائق التي تبودلت بين المؤيد وأمراء العرب، وبينه وبين الوزراء المصريين إبان ثورة البساسيري.
4- كتاب الإيضاح والتبصير في فضل يوم الغدير.
5- كتاب شرح المعاد.
6- جامع الحقائق في تحريم اللحوم والألبان Sad مقتطفات من المجالس المؤيدية).
7- تأويل الأرواح.
8- القصيدة الاسكندرانية .
9- المسألة والجواب.
10- كتاب الابتداء والانتهاء .
11- المجالس المستنصرية : تعرض فيه للفلسفة الإسماعيلية وشرح عقائده بإيجاز.
12- ترجمة أساس التأويل إلى الفارسية عن القاضي النعمان .
13- نهج العباد.
المجالس المؤيدية- المائة الخامسة
إن هذا الكتاب جزء من الثمانية أجزاء لكتاب المجالس المؤيدية .. حيث أن كل جزء مؤلف من مائة مجلس، ويسمى كل جزء بالمائة التي يتضمنها، فالجزء الأول يسمى بالمائة الأولى، والجزء الثاني يسمى بالمائة الثانية، وهكذا إلى المائة الثامنة.
وكتابنا هذا(المجالس المؤيدية- المائة الخامسة) هو الجزء الخامس.
وإن الموضوعات الأساسية التي يدور عليها كتاب المجالس المؤيدية متناثرة في جميع الأجزاء، وكل جزء منه على حدة يعطي صورة عن الكتاب بأكمله، وإن كان في حقيقة الأمر لا يغنى عن بقية الأجزاء ففي مجملها تشكل موضوعاً متكاملاً.
وإن اختيار المؤيد لتجزئة الكتاب إلى ثمانية هي من الأمور الهامة باعتقادي، لأن الأعداد عند الفاطميين والإسماعيلية عامة لها دلالات باطنية كبيرة يجب تبيانها بصورة جلية.
فالعدد ثمانية عند الفاطميين هو (أصل) بمقابلة أبواب الجنة وحملة العرش، أو بمقابلة الحدود الروحانية والحدود الأرضية، فهذا العدد (ثمانية) اختاره المؤيد لأجزاء كتابه ولمجالسه ممثولاً من هذه الممثولات.
وجاءت تسمية المجالس من مجلس، والمجلس هو مكان جلوس الداعي الفاطمي إلى أتباع الدعوة في يوم من أيام الأسبوع والمناسبات والأعياد، فيطرحون موضوعاً هاماً، يغوصون في بواطنة، يقلبون تأويلاته وأفكاره الفلسفية من باعث ديني جدير بالمناقشة، ويستشفون من الإمام وأمير المؤمنين النصائح والأقوال، فيبصرهم بمذهبهم، وهذا سمي مجلساً.
حاول المؤيد الربط بين مجالسه وترتيبها، وثمة مواضيع تأخذ أكثر من جلسه، فكان يشير في مقدمة المجلس الذي يتحدث فيه إلى ما ذكره في المجلس السابق، أو في نهاية المجلس يشير إلى ما سيكمله في المجلس التالي، فمثلاً يقول (تلي عليكم كذا) أو (قرأ كذا) أو (يتلى عليكم كذا) أو يقرأ كذا)، وهذا يدل على أن المؤيد كان يعد الموضوع الذي سيطرح في الجلسة مسبقاً، شأنه شأن باقي المؤلفين الذين عاصروا العهد الفاطمي كالقاضي النعمان في كتابه مثلاً المجالس والمسايرات، وهذا يرجع إلى تعاليم الإمام وتوجيهاته في تسيير أمر الجلسات، فكان الإمام يلقي النظر بها قبل أن يلقيها الداعي على أتباع الدعوة الفاطمية.
وكان المؤيد يتناول في مجالسه مواضيع هامة كالوصاية والإمامة والغلاة، وتأويل الآيات القرآنية، والمناسبات الدينية، ومواضيع جمة نترك للقارئ تبيانها.
كان يقدم المؤيد موضوعاته بأسلوب شيق، وأفكار مترابطة، فيقلب الموضوع من أكثر جوانبه، فيشد إليه السامع والقارئ بسلاسة تعابيره، وتراكيب معانيه، وبلاغة أسلوبه.. ويتنقل من الفكرة ككل، ثم أجزاءها وتفصيلاتها، ومن سرد إلى حوار ومناقشات لأوجه مختلفة في الرأي، متباينة في طروحاتها، يناقشها ويبين وجهات النظر فيها، ثم يرد عليها، فيعطي الأفضل منها.
ورغم كثرة المجالس عند المؤيد، فقد اتخذ قالباً واحداً لها في ذا الشكل، فهو يبدأ بمقدمة تشبه الخطب المنبرية، فيحرص فيها على حمد الله والصلاة والسلام على النبي، ثم الوصي والأئمة وفضلهم عليهم السلام، ويطلب من الفاطميين التمسك بأئمتهم، والأخذ بتعليماتهم الروحية، وعدم الانصياع لملاذهم وأهوائهم الدنيوية التي ينهي عنها الدين الإسلامي، ثم يشير إلى ماكان قد انتهى إليه في المجلس السابق، ثم ينتقل إلى موضوع مجلسه الذي يتحدث فيه، وكان في بعض الأحيان يشير في مجالسه إلى ما سيدور الحوار في المجلس التالي، ثم يختم المجلس كما في المقدمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:05 am

المجالس المؤيدية
(المئة الخامسة)
للمؤيد في الدين هبة الله الشيرازي
داعي الدعاة
المتوفي بالقاهرة سنة 470هـ
المجلس الأول
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم لله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا تعلق بأولياء دينه النقائص، بل بكماله تكمل النفوس النواقص، فهم يدينون بدين الله سبحانه الذي قال فيه إلا لله الدين الخالص، وصلى الله على الشمس الطالعة من برج الرسالة المستوفية كمال الشرف والجلالة، محمد الهادي إلى الحق من الضلالة، وعلى وصيه خير غاد بعده ورائح، وأشجع من استوى على سرج سابح، علي بن أبي طالب أجل مسبح لربه، وفي فضاء ملكوته بالفكر سابح، وعلى الأئمة من ذريته السادة الأفاضل، الرادين لشيعتهم إلى المعالم من المجاهل.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله من المهتدين بأنوارهم، التابعين لآثارهم، إن ماء البحر الزعاف على كثرته لا ينقع غلة، ولا يشفي علة، والشربة من العذب الزلال أعم نفعاً وأحسن في الأكباد الحري وقعاً، وقد وقع إلى أحد دعاتنا كتاب مترجم بالاسترشاد للثغوري، ذكر فيه شبهاً على اليهود والنصارى والمسلمين، وأنهم في عدم الانفكاك منها في قرن، فأجاب عنه بما نتلوه عليكم بفصه، فينتفع به من وفقه الله للخير.
قال الحمد لله الذي طرف التوهم عن إدراكه مقصور، فالمتوهم والمتوَهَّم كل في حظيرة إبداعه وخلقه محصور، بحمى العقل المحيط عند تحاديه بيد العبودية مأسور، وصلى الله على من فجر للهداية عيونها، واظهر من الحكم صفوتها وعيونها، محمد خير من شرع شريعة بان مفروضها ومسنونها، وعلى وصيه فالق إصباح الحقائق، والجسر لأرواح الخلائق، علي ابن أبي طالب أساس الناطق، وعلى الأئمة من ذريته كهف الأمن للمرتاع الخائف، وقصد السبيل للناكب الجائف، وعين اليقين للشاك الواقف.
أما بعد فإن خير الكلام ما خلص من الإفك، وكانت آية اليقين منه مبصرة تمحو آية الشك، فيما ينفي ظن الظانين بالله سبحانه أن سبباً من الأسباب الموجودة من حكمته، منتكث أو أن شيئاً من خلقه وأمره عبث إنما أشكل من ذلك مرة، وخفي وجهه.
فهو لعجز العبودية الذي أحاط منا بالرقاب، ومنع أحلامنا وعقولنا عن اقتحام تلك العقاب،ورفع إلينا كتاب مترجم بالإرشاد للثغوري، افتتحه بذكر كونه نصرانيا في دينه، متحيزاً في علم أصوله وقوانينه، وأنه ما زاده الإغراق فيه إلا تيهاً في وادي الضلال، وتقلباً في سكرة الجهل من الجهال، حتى نزعت به نوازع العقل، وتجافت نفسه عن أن يقول إنا وجدنا آباءنا على أمة فيقيم على الجهل،
فجعل يقلب المذاهب ظهراً لبطن، فيدخل فيها فناً بعد فن، فلا يرى في شيء منها صبح حق يسر، ولا في أربابها من يناظر ينظر دون أحوال من الرئاسة ممهدة، وأقوال في محصولها من التحقيق مجردة، ثم أن هذا الثغوري عدد شبهاته واحدة، وأسباب حيرته التي تركت نفسه لمدة خامدة.
وذكر الملل المعروفة والمذاهب في الإسلام المألوفة، فنص على عيوب جميعها نصاً بعد أن قتلها علماً، واستوفاها فحصاً.
وذكر آبائه أن يلبسها على شبه بعد نزوعه عز دين النصرانية، إذ كان منه على عمه، وشفع ذلك بإيمان عظيمة، أقسم بها أنه لم يتوخى بجميع ما قاله رشده، وأن يقصد كل من ضل ضلاله قصده، فلا يختاروا لعمائد ديناً، كما لم يخترها وينتزعوا عنها كما نزع من النصرانية التي هي دين آبائه، ولم يورثها.
ثم جعل من يقع إليه كتابه من أهل العلم والمعدودين من ذوي الفهم في سبعين ألف حرج، إن لم يغيثوا منه مستغيثاً، ويرشدوا مسترشداً يطلب رشده حثيثاً، ولم يستخلصوا منه غريقاً في بحر المهالك، ولم يهدوا ضالاً في أوعر المسالك.
ولما كانت الصورة هذه نظرنا فيما تتعين علينا الإجابة عنه من جملة مائلة، فإذا هو أبواب في أصول قليل عددها، كثير مددها، فاستخرجنا الله سبحانه في اقتصاص كلامه فيها، وأتباعه بالجواب عنها اعترافاً بشكر نعمة الله سبحانه علينا بدين الإسلام، وغيرة عليها من ثلم يبسط لسانه بالانثلام، وشفقة على من يقع الكتاب المذكور إليه من أهل الإيمان أن تزل قدم بعد ثباتها، أو تزيع قلوب بعد يقينها، فيعتمد استخفافاً بالتكاليف الشرعية، وتهاوناً بالأوضاع الدينية،ولئن كان الثغوري الذي هو المقصود بالجواب منقوداً كان وقع كلامه في النفوس مما يحيرها موجوداً، فأرادنا أن نأسو ما جرح، ونصون أصحابنا من عارض الشبه بما اجترح، ثم لا عناية لما بالباقي بعد ذلك من كتابه بطوله في رده على من رد من الفرق المختلفة، فنجيب عنه، وأصحاب القريحة من أهل الآراء والمذاهب الذين مزقهم كل ممزق، وتطرق عليهم بما يحل عقدة مذاهبهم كل متطرق، أولى بأن يرموا عن حوزة دينه ويقوموا بحججهم على صحتها وبراهينهم، وبالله توفيقنا، وعليه توكلنا.
وسنورد عليكم باقي الكلام في السؤال والجواب فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن هدي لرشده، وسلك به على سبيل قصده، والحمد لله حق حمده، وصلى الله على محمد رسوله وعبده، وعلى وصيه علي ابن أبي طالب العريق في شرفه ومجده، وعلى الأئمة من ذريته أئمة أهل غوره ونجده، وسلم تسليما.
حسبنا الله ونعم الوكيل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:07 am

المجلس لثاني
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان مجبراً، في زي المختار، ومزموماً بزمام الأقدار، ومصرفاً بين الصفو والأكدار، وصلى الله على المبصرة آية نبوته كآية النهار، محمد صفوة الواحد القهار، وعلى وصيه المؤيد بذي الفقار، علي الكرار وبحر العلم الزخار، وعلى الأئمة من ذريته الزاكين الأبرار، أرعاف الله بين الجنة والنار.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله ممن غشاه بحسن اليقين نعاس الأمنة، لحسن الإجابة لمن دعاه إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، إن الدنيا دار مشرب، حلوها بمر، ويسرها بعسر، ونفعها بضر وخيرها بشر.
وقد كنى عنها الصادقون بدار المزاج، فقال فيها قائلهم حين شكى إليه بعض تلاماذته تعاقبها عليه بمتضادات أفعالها من الخير، والشر، والعسر، واليسر، فأجابه ببيت من الشعر، وهو قوله:
أفي دار المزاجذ تريد صفواً
هداك الله هدياً لا يكون
فارغبوا رحمكم الله بأنفسكم عن دار المزاج إلى دار الصفاء، ومرافقة سكان السماء.
وقد كان أورد عليكم ذكر الكتاب الموسوم بالاسترشاد الثغوري ما كان من تتبع أحد دعاتنا للإجابة عنه، بعد العبارة عن كلامه مما هو أشف منه، وانتهى الخطاب إلى ما نورده، وهو سؤال الثغوري عن السبب الذي أوجب إنشاء العالم بعجائب ما فيه.
قال المجيب، نقول وبالله نستعين، وعليه نتوكل: إن العالم أنشئ لإيجاد الصور الإنسانية، إذ كان هو بمنزلة حروف الهجاء المفردات التي لا يقوم منها معنى بانفرادها حتى يقرن بعضها إلى بعض، فإذا قرن بعضها إلى بعض صارت كلمة ذات معنى، والصورة الإنسانية لما احتوت على مجموع تأثيرات العالم، التي هي مثل حروف الهجاء التي لا معنى لها بانفرادها، صارت بإيجاد تأثيراته فيه كلمة تحس، وتنطق وتعقل، وتعبر عن أصولها وعناصرها التي هي عمياء، صماء، عجماء خرساء.
ونحن نمثل في شأن العالم، وكيفيته بالنسبة إلى الصورة الإنسانية، وشأن الصورة الإنسانية وكيفيتها بالنسبة إلى المبادئ العقلية مثالاً نستعين بالله على وضعه تلقاء العقول، فتكون له مشاهدة وتعظيم قدرة الله تعالى فيه شاهدة.
فنقول إن الإنسان باتفاق الحكماء أتم مواليد العالم وأكملها، وإليه تنصب مواده، وإذا تأمل العاقل أمره بعين البصيرة وجده بعكس العالم، فإنه بالنسبة إلى العالم قائم في حد الاستواء، والعالم واقع منه بالعكس على مثال نقش الخاتم الذي يوجب اعوجاجه استواء الختم، ولو كان نقش الخاتم مستوياً، وجب أن سكون الختم معوجاً.
والدليل على ما قلناه من كون صورة العالم معكوسة بالإضافة إلى الصورة البشرية، إن على الأفلاك فلك زحل، وأوسطها الشمس، وأدناها القمر.
وإذا اعتبرت تأثيراتها في الصورة الإنسانية وجدت الأعلى يؤثر في الأسفل، والأوسط في الأوسط، والأدنى في الأعلى، فالأدنى الذي يؤثر في الأعلى هو القمر يختص تأثيره بالدماغ، والأوسط الذي يؤثر في الأوسط هو الشمس تؤثرفي القلب، والأعلى الذي يؤثر في الأدنى هو زحل يؤثر زحل الإنسان الملتزق بالأرض.
ويقال: إن أول ما يتركب من الجنين في بطن أمه رجله، إذ كان أول العمل لزحل، فإذا كانت الحال هذه في وجود استواء الصورة الإنسانية عند عكس صورة العالم عليها فيصير أسفلها أعلاها، وأعلاها أسفلها على ما بيناه، فيجب أن تكون الصورة الإنسانية أيضاً معكوسة بالإضافة إلى عناصرها.
وسنورد عليكم باقي الجواب في تفصيل ذلك في المجلس الآتي بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله من ذوي الأسماع والأبصار، وأورثكم عقبى الدار، والحمد لله المتعالي عن متناول الأفكار، الذي { له ما سكن في الليل والنهار}، وصلى الله على المصطفى المختار، محمد المبعوث بالأعذار والإنذار، وعلى وصيه علي الكرار قسيم الجنة والنار، وعلى الأئمة من ذريته الأطهار الهداة الأبرار، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:08 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الثالث
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنوار ربوبيته مشرقة، وألسن المصنوعات بإثبات صانعها منطقة، والحيرة عن إدراكه بالألباب محدقة، وصلى الله على محمد خير نبي أشجار الهدى به مورقة، ونورا النجاة بإتباعه متفتقة، وعلى علي وصيه الذي بحار علومه متدفقة، والدنيا عند عقبه مطلقة، وعلى الأئمة من ذريته الذين قلوبهم بالملأ الأعلى متعلقة، ونفوسهم نحوه متشوقة.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله من التابعين لهم بإحسان، وزادكم إيماناً إلى إيمان.
امتاروا من البيان مادام ضاحكاً ربيعه، ومتفجرة ينابيعه من قبل أن تخبوا بوارقه، وتفر شقاشقه، فليس كل علم برهاني، ولا كل عالم رباني، فلطال ما استوى على كرسي سليمان شيطان، واستوى على مملكة هارون هامان، حتى صار قريب الغوث من ذوي الاستغاثة بعيداً، هنالك ابتلي المؤمنون، وزلزلوا زلزالاً شديداً، ولقد قال الشاعر فأجاد، وفي الموقع الذي نحونا إليه أفاد شعراً:
بمن اعتاض عنك إذا افترقنا
وكل الناس زور ما عدا كان
وكان أورد عليكم من جواب داعينا للثغوري، ما انتهى إلى قوله إن مثل نقوش العالم بالنسبة إلى الصورة الآدمية، مثل نقش الخاتم الذي هو معوج، وإن اعوجاجه نظير باستواء الختم الذي هو الصورة الإنسانية.
ووعدتم بسوق باقي الجواب إليكم، وذلك قوله: إنه لما أنه لما كانت الصورة هذه وجب أن يكون الصورة الإنسانية معكوسة عند نسبتها إلى عناصرها، ليقوم منها الاستواء بعكسها عليه، والصورة الإنسانية مجموعها ثلاثة أشياء، الموضوع الجسمي، والنفس الناطقة، والعقل.
فالموضوع الجسمي حامل، والنفس الناطقة محمولة عليه، ثم إن النفس الناطقة بعده حاملة، والعقل محمول عليها، فإذا عكست هذه الثلاثة عاد الآخر أولاً، والأول آخراً، والحامل محمولاً، والمحمول حاملاً، فصار العقل الذي منه تستمد العقول الأثرية في ظهور أول موجود عن الله سبحانه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أول ما خلق الله تعالى العقل، فقال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أجل منك، بك أثيب، وبك أعاقب).
وصار حاملاً، وأصلاً، وصارت النفس الكلية التي تستمد منه النفوس في نشأتها فرعاً له ومحمولاً، وصارت صورة الدنيا سفلها وعلوها، التي منها تستمد الصورة الإنسانية في وجودها فرعاً للنفس الكلية، ومحمولاً لها فعل وجود العالم هو العقل على ما شرحناه من البرهان بوجيز القول، فأوضحناه، وهو جواب سؤال السائل، وبلاغ للمنطق، فغن تنقل متنقل عنه إلى السؤال عن العلة في إبداع العقل كان الجواب عن ذلك وبالله التوفيق:
إن علة المعارف كلها والإحاطة بالأشياء جميعها هي العقل، والسبب في إحاطته بكل معلوم، وإدراكه لكل مفهوم كونه معنى أولاً، فلسبقه وأوليته أدرك ما بعده، فمتى أردنا أن نعرف سبب وجوده احتجنا إلى آلة سابقة عليه في الوجود، لنحصله بتلك الآلة في حريم إدراكنا، فلا سبيل بحال من الأحوال إلى آلة متقدمة عليه في الوجود، فإذاً الاستخبار عن ماهية وجوده محال.
ومثال آخر: معلوم أن علة العدد وأصله الواحد، ومنه يبنى الحساب كله، وليس يكاد يعرض للواحد الذي هو علة العدد، وأنه مهما تطلب ذلك بطلت العلة والمعلول، فمقام العقل من الصنائع مقام الواحد من الحساب، فبه تقوم الصنائع وتتبنى كما بالواحد يقوم الحساب ويبتنى، ومهما تطلب وراءه علة له بطلت الصنائع، كما لو تطلب وراء الواحد عدد بطل الحساب.
ومثال آخر: إن علة الخط النقطية، ومنها تأتلف الكتابة بتكثرها وانقسامها إلى الأشكال والحروف على اختلاف أوضاعها، فإن تتبع وراء النقطة التي هي علة الخط شيء بطل من الكتابة الأصل والموضوع.
كذلك العقل الكلي يحل من الموضوعات دونه محل النقطة من الخط، فإذا تتبع وراءه شيء بطل الأصل والموضوع، فقد قام البرهان من الوجوه كلها على أن الاستخبار عن ماهية وجود العقل محال.
وسنورد عليكم ما بقي من السؤال والجواب فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن فاز فوزاً عظيماً، كما أنا لكم من الحكمة حظاً جسيماً، والحمد لله الذي عز عن أن يكون موهوماً أو معلوماً، وتعالى أن يكون عليه بالأفكار محكوماً، وصلى الله على رسوله الذي هدانا به صراطاً مستقيماً، محمد الجامع منثوراً من الفضل ومنظوماً، وعلى وصيه الجاعل بنيان الكفر بسيفه هديماً، وزرع الضلال بعلمه هشيماً، وعلى الأئمة من ذريته الذين علمونا الكتاب والحكمة تعليماً، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:09 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الرابع
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الجاعل لأهل دعوة الحق من جبال رحمته أكناناً، والمنبت لهم من حدائق حكمته روحاً وريحاناً، والضامن لهم الجنة بطاعة أولياء دينهم ضماناً.
وصلى الله على أبهر أنبيائه برهاناً، وأعلاهم في المجد شأناً،محمد الذي جعله بالصدق لأبيه إبراهيم لساناً وعلى وصيه أفرس الفرسان منبراً وميداناً، وأشجع الشجعان ضراباً وطعاناً، علي ابن أبي طالب المنصوب لعلمه ترجماناً، وعلى الأئمة من ذريته الذين رفع الله بهم شرف الإمامة مكاناً، وأتاهم من لدنه سلطاناً.
معشر المؤمنين.. زادكم الله مع إيمانكم إيماناً ونفعكم بما تسمعونه شرحاً وبياناً.
اقتبسوا من نور البيان ما دام سراجه يتوقد، والأيام تساعدكم على الاقتباس وتسعد.
واستصحوا قولكم في صونكم { إياك نعبد} من قبل انبتار حبل وشتات شمل.
وكونوا ممن يستمعون القول، ولأحسنه يتبعون،{ ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون} .
وقد سمعتم ما قرأ عليكم من كلام الثغوري، وجوابه ما وعدتم بالتمام الذي يحسن الله لكم بالتبصر في دينكم الختام.
قال الثغوري: وجدت الأديان والملل في الدنيا أربعة أصول: المجوسية واليهودية، والنصرانية، والإسلام، ووجدت كل أصل يتشعب منه نيف وسبعون فرقاً مختلفة كلها لا يشاكل بعضها بعضاً، ووجدت في الأصول الأربعة اختلافاً كثيراً، ووجدت كل أمة تلعن أختها، وترى عند الإمكان فرصة لقتلها.
ورأيت الدعاوي يقرب بعضها من بعض، ولم أرى لواحد من هذه الأربعة فضلاً على الآخر بدليل يقيمه، لأنه عن صح بدعوى النصارى أن عيسى أتاهم بالإنجيل وشرع لهم النصرانية، ونهاهم عن اليهودية فبإقرارهم أن موسى عليه السلام جاء بالتوراة، وشرع دين اليهودية ما يوجب إبطال دعواهم، ويثبت عليهم دعوى اليهود، إذ كان لا حجة أبلغ للخصم من إقرار خصمه بدعواه.
هذا نص كلام الرجل ثغوري اقتصرنا منه بعضه، واستشهد بأبيات شعر لبعض المتحيزين.
وقال إن الذي قاله منها صدق والذي تعجب منه عجب، وذلك قوله شعراً:
عجبت لكسرى وأتباعه
وغسل الوجوه ببول البقر
وقيصر لما ثوى ساجداً
لما صنعته أكف البشر
وعجب اليهود برب يسر
بسفك الدماء وشم القتر
وقوم أتوا من أقاصي البلاد
لحلق الرؤوس ولثم الحجر
وقال بعد ذلك، أي عجب أعجب من ملوك تجبروا في الأرض وتكبروا على الخلق، وتذللوا من طريق الديانات بأن غسلوا وجوههم ببول البقر وسجدوا لصليب منحوت.
أي فضل للصليب على الصنم، حتى يكون السجود جائزاً، وللصنم محظوراً.
فإن قال قائل إن هاتين الفرقتين ضالتان.
قيل: هم أيضاً يقولون إنك ضال.. فما حجتكم عليهم، وقد وجدوا من معايبك مثل ما وجدته منهم، وزيادة، وليس بعجب ما تنتحله اليهود من القرابين، وروايتهم عن هارون عليه السلام، أنه قال: أشموا ربكم ريح القنا.
فإن زعم زاعم أن ذلك باطل.
قلنا: جائز لليهود أيضاً أن يقولون ما ترويه أنت أيضاً باطل، ولا فضل لأحد في هذا على الآخر، والإسلام فيه أحوال كثيرة تشاكل هذه الانتحالات.
فإن لم يوضح الدلالة على صحتها موضح كان هو، وما عابوه سواه، وحاشا لله من ذلك.
اقتصصنا كلام الرجل في هذا الباب بقصة
وسنورد عليكم جواب داعينا عن شبهاته فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن نزه دينه عن شين الشبهات، ونهى نفسه عن إتباع الشهوات، والحمد لله حافظ شمل دينه من الشتات بالأئمة من أهل بيت رسول الهداة.
وصلى الله على من هو لهم ينبوع السعادات، محمد الذي رفعه على كافة المرسلين رفيع الدرجات، وعلى وصيه القائم له بتفصيل الكلمات، علي ابن أبي طالب الكاشف بسيفه الغمرات، وعلى الأئمة من ذريته التقاة، الذين ولائهم عصمة النجاة، والفوز بالباقيات الصالحات، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:10 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الخامس
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أقام للآخرة أعلاماً، أقامهم الله بدينه قواماً، وجعلهم للمتقين إماماً، وصلى الله على أرفع النبيين محلاً ومقاماً، والذي شرع من الدين إسلاماً، وعطل أصناماً، محمد المختوم به النبيون ختاماً، وعلى وصيه الكائن للنار والجنة قساماً، علي ابن أبي طالب أجل من اعتقل رمحاً وانتضى حساماً، وعلى الأئمة من ذريته الذين أرغم لحقهم أنف الباطل إرغاماً، الأئمة الطاهرين { الذين يبيتون لربهم سجداً وقياما} .
معشر المؤمنين.. حفظ الله لكم في دينكم نظاماً، وبوأكم من دار ثوابه داراً {حسنت مستقراً ومقاما}.
قد كان أورد عليكم من الشبهات التي ساقها الثغوري في كتابه ما وعدتم بسوق جوابه إليكم، وإفاضة فائدته عليكم، فنقول: قال داعينا الجواب عن ذلك وبالله التوفيق..
أما اعتراضه على الملل باختلافها وتباينها وتباين فروعها من المذاهب.
فالاختلاف في الملل التي هي الأصول غير الاختلاف في المذاهب المتنوعة التي هي الفروع، إذ كانت الملل أوضاعاً إلهية، وسنبين علة الاختلاف فيها وحجته بإذن الله..
فأما اختلاف المذاهب في الملل فحالة منكرة على ما قاله مسفرة للناس عنها محيرة فيها، إذ كان المتعبد لا يدري بأي المذاهب يتعبد، ولمن من أهلها يتبع لاسيما وربهم واحد ونبيهم واحد.
وأما اختلاف الملل، فنحن نقول: إن اختلافها في ظواهرها لا في معانيها، وإنها مؤتلفة من جهة المعنى متفقة، والعلة في اختلافها بظواهرها أن الملل مخرجة لقصد غاية، وهي كمال النفوس الناطقة، يدرج بها نحوها في مدارج عدة.
كما أن الصور الجسمية مدرج بها إلى كمالها في مدارج عدة:
- سلالة - ونطفة - وعلقة
- ومضغة - وعظام - ولحم
فلما رأينا صورة الإنسان من حيث جسمه لا تقوم إلا بهذه الحالة، ولا تقوم إلا بهذه الاستحالات، استدللنا منه على وقوع الافتقار في إنشاء صورة النفوس الناطقة، والبلوغ بها كمالها إلى مثل العدد الذي قام الجسم به لتتم وتكمل، فيتوازى فيها المحسوس والمكفول، ويتوازن المثل والممثول، وتظهر بتقابلها آية قدرة الله سبحانه ومصدوقة كلامه: { وفي الأرض آيات للموقنين* وفي أنفسكم أفلا تبصرون}.
فكان هذا العدد الذي قام لإنشاء النفوس الناطقة، وبلوغها كمالها مقام النطفة والعلقة وغيرهما للجسم، هم أصحاب الملل والشرائع الذين بعثهم الله سبحانه لإنشاء النفوس الناطقة، وإرشادها، والقيام لنجاتها.
ولما كانت صورة النطفة غير صورة العلقة، وصورة العلقة غير صورة المضغة، وصورة المضغة غير صورة العظام، وصورة العظام غير صورة اللحم.. كانت الملة التي أتى بها آدم عليه السلام غير ملة نوح عليه السلام، وملة نوح عليه السلام غير ملة إبراهيم عليه السلام، وملة إبراهيم عليه السلام غير ملة موسى عليه السلام، وملة موسى عليه السلام غير ملة عيسى عليه السلام، وملة عيسى عليه السلام غير ملة محمد صلى الله عليه وسلم.
ولما كانت سياقة السلالة، والنطفة، والعلقة، إلى كمال الجسم، وكان اختلاف صورها لا تضاد ولا تناقض، كانت سياقة آدم، ونوح وإبراهيم، وغيرهم ممن ذكرنا عليهم السلام، إلى كمال النفوس الناطقة، وكان اختلافها في الوضع لا تضاد ولا تناقض، يدل على ذلك قول الله سبحانه:{ شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}.
فهذه على اختلاف الملل، وليس جهل الجاهلين به فيستحل بعضهم دماء بعض حجة تعتمد فيه.
وأما قوله إنه إن صح دعوى النصارى أن عيسى أتاهم بالإنجيل، وشرع لهم النصرانية، ونهاهم عن اليهودية.
فبإقرارهم أن موسى عليه السلام جاء بالتوراة، وشرع اليهودية ما يوجب إبطال دعواهم، ويثبت عليهم دعواهم، ويثبت عليهم دعوى اليهود، إذ كان لا حجة أبلغ للخصم من إقرار خصمه بدعواه.
والعبارة هاهنا ضعيفة وإن كان المعنى مفهوماً، وليس ضعف العبارة إلا من جهة النقلة، وجمله تغني عن التفصيل أن الرجل نحا بهذا الكلام، وإن لم يعبر بلسانه عنه إلى تعليل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، إذ كانت هي وحدها بلا شاهد يشهد لها، إذ كانت النصارى شهداء اليهود بنبوة موسى عليه السلام، والمسلمون شهداء النصارى بنبوة عيسى عليه السلام، وبقيت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بلا شاهد من خصم يشهد لها.
فالجواب عن ذلك ما سنورده عليكم فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن انتفع بالذكرى ويسر لليسرى.
والحمد لله فاتح إغلاق الشبهات بمفاتيح ألسن الأئمة من أهل بيت نبيه الهداة، وصلى الله على المصطفى سيد السادات، محمد الرافع عرش مجده رفيع الدرجات، وعلى وصيه صاحب تفصيل الكلمات، علي ابن أبي طالب عصمة النجاة، وعلى الأئمة من ذريته الزاكين التقاة، وينابيع ماء الحياة، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:11 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس السادس
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله جاعل دعوة الحق مثابة للمحقين وأمناً، ومرسل سماء حكمته عليهم هتناً فهتناً، وصلى الله على خير رسول أوسع على العالمين به فضلاً ومناً، محمد النازل فيه:{ ثم دنا فتدلى* فكان قاب قوسين أو أدنى }، وعلى وصيه الحال من جسم شريعته محل اليد اليمنى، علي ابن أبي طالب، طاحن العدى في مطاحن الوغى طحناً، وفارس الفرسان ضرباً وطعناً، وعلى الأئمة من ذريته الذين عجنهم الله من طينته عجناً، وجعل كل إمام منهم من شجرته غصناً.
معشر المؤمنين.. نفعكم الله بالأسماع والأبصار، وجعل لكم عقبى الدار.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من كلام الثغوري وأجوبته ما يميز الله به الخبيث من الطيب، والمحق من المبطل.
وكان قد انتهى كلامه إلى قوله: إن النصارى والمسلمين شهود اليهود بصحة دينهم، وكتابهم، ونبيهم، وإن المسلمين كذلك شهود النصارى بصحة دينهم وكتابهم ونبيهم، وإنه لا حجة للخصم أبلغ من شهادة خصمه له.
وإن الإسلام بقي بلا شاهد يشهد له، والمسلمون يدعون أنهم أفضل من جميعهم، فما الحجة في ذلك ؟.
الجواب: إن في مثل هذا الموضع لا يعتبر لشهادة الخصوم، إذ كان كلامنا على الحقائق، وطلب شهادة العقول، فإن شهادة الجهال لا تبطل حقاً ولا تحق باطلاً.
ونحن نرى في المشاهد أن الجماد أقدم من الحيوان، ولا ننكر للحيوان أن الفضل عليه، وإن تأخر وتقدم الجماد، ونرى أن تأثير الحس فينا قبل تأثير النطق، ولا ننكر فضل النطق عليه وإن تأخر وتقدم الحس، ونرى تأثير النطق قبل تأثير العقل، ولا ننكر فضل العقل وإن تأخر وتقدم النطق.
وكذلك الحكم على أصحاب الملل إن المتأخر منهم أقرب إلى معنى الكمال، الذي هم من جهته مبعوثون، ونحوه قاصدون، حتى ينتهي العدد إلى ما قدمنا ذكره، مما يقع من كمال النفس الناطقة بإزاء السلالة من الجسم إلى حد اللحم الذي لا يقبله صورة بعده، وهو قوله سبحانه وتعالى: { فكسونا العظام لحما}.
وفي هذا بلاغ لمن أنصف وبالحق اعترف في الإبانة أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وأكملهم في الفضيلة، فلئن كان يجحده جهال أهل الملل فليس جحودهم مما ينقصه من حظه ويحطه من ذروة شرفه، والعقل مثبت ما نفوه، وموجب ما أنكروه، ولسان خلقه الله سبحانه من الأوراق، والأنفس، ناطق بالشهادة له بما دفعوه، كما قال عليه السلام: ( يشهد بنبوتي كل حجر ومدر).
وأرباب الملل الذين هم الأنبياء عليهم السلام بشروا به، واعترفوا بفضله، والحجج على ذلك كثيرة، وفيما أوردناه بالغة.
فأما تعلق الرجل بالأبيات التي ذكرناها، فوقوعها وفق مراده لكونه مختبطاً في الحيرة، كمثل قائلها وهي هذه:
عجبت لكسرى وأتباعه
وغسل الوجوه ببول البقر
وقيصر لما ثوى ساجداً
لما صنعته أكف البشر
وعجب اليهود برب يسر
بسفك الدماء وشم القتر
وقوم أتوا من أقاصي البلاد
لحلق الرؤوس ولثم الحجر
وقال بعد ذلك، أي عجب أعجب من ملوك تجبروا في الأرض وتكبروا على الخلق، وتذللوا من طريق الديانات بأن غسلوا وجوههم ببول البقر، وسجدوا لصليب منحوت، أي فضل للصليب على الصنم حتى يكون السجود جائزاً وللصنم محظوراً.
وأي عجب أعجب مما رواه اليهود عن هارون عليه السلام أنه قال: أشموا ربكم ريح القنا.
ثم قال: وفي الإسلام أحوال كثيرة تشاكل هذه الإشارات، ولعله نحا بها نحو قول القائل:
وقوم أتوا من أقاصي البلاد
لحلق الرؤوس ولثم الحجر
وقال إنه لم يقم البرهان على صحتها لزمها من العيب ما لزم الغير.
ونحن نسوق جواب هذا الاعتراض فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله من الشبهات في أمان، وفي دينكم على بصيرة وبيان.
والحمد لله محق الحق، ومبطل الباطل، والهادي بأدلة دينه إلى المعالم من المجاهل.
وصلى الله على أشرف الناطقين، محمد أصدق الصادقين، وعلى وصيه صاحب التأويل وسيف التنزيل، علي ابن أبي طالب صنو الرسول، وكفو البتول، وعلى الأئمة من ذريته المفروضي الطاعة الباقية كلمة الإمامة فيهم إلى حين قيام الساعة، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:12 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس السابع
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله البديع أفعاله، الوسيع أفضاله، الذي يفوت الوهم مناله، الساجد له كل شيء يتفيأ ظلاله، وصلى الله على سيد ناشئة الإشراف، وخضارم السادات من آل عبد مناف، محمد الممدوح في سورتي الأنفال والأعراف، وعلى وصيه خارق الصفوف ومروع الألوف، علي ابن أبي طالب، المشمول بالتأييد المكنوف، وعلى الأئمة من ذريته النبويين السادة العليين العلويين.
معشر المؤمنين.. نفعكم الله بالأبصار والأسماع، وجعلكم لهم من خير الشيعة والأتباع.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من شبهات الثغوري وما صدر من جوابها إلى حيث انتهى إلى الأبيات التي قالها بعض المتحيزين من أمثاله، وذلك قوله:
عجبت لكسرى وأتباعه
وغسل الوجوه ببول البقر
إلى قوله:
وقوم أتوا من أقاصي البلاد
لحلق الرؤوس ولثم الحجر
وذلك تعريض منه بالإسلام، ونحن نسوق جواب الداعي عن ذلك.
معلوم أن أصحاب الملل والأوضاع الإلهية مقسمون بين أحد أمرين فيما يعتمده الناس فيهم، فأتباعهم يعتقدون أنهم مستلمون عن الله سبحانه وحياً لهم وتأيداً لهم.
والفلاسفة التي لا تدين لهم بالنبوة لا تنكر لهم بالحكمة، وإنهم كانوا حكماء، وإنهم بقوة الإلهية سخروا هذا الخلق كله، وقادوهم بأزمتهم إلى طاعتهم ومتابعتهم.
وقد جرت عادة الحكماء الذين يحلون من الأنبياء محل الأتباع أن يخرجوا الحكم والأمثال على ألسنة الطير، والوحوش، والبهائم، المصلحة، في ذلك معلومة لذوي العقول، ومنها أن يأخذ العاقل من ذلك نصيبه على قدر عقله، والجاهل بحظه على مقتضى جهله.
فإذا كان ذلك سائغاً لهؤلاء الذين ذكرناهم، فكيف لا يسوغ للأنبياء عليهم السلام مثله، والذي سن غسل الوجه ببول البقر فهو ليس من أرباب الملل التي احتج بها هذا المحتج، فعده معد موسى وعيسى وغيرهما عليهم السلام.
وأهل الملل كلهم ينكرونه، ونحن نجحد بنبوته، ولا ننكر حكمته، وإن أنكرها غيرنا، والذي سنه فيما يتعلق ببول البقر، فليس بذلك المنكر عند من ألفه واعتاده، وذلك أن المجوس بالهند إلى اليوم يحلون البقر محل الأم والأب، ولا يرون مد الأيدي إليها بسوء قائلين، إن عمارة الأرض بها، وصلاح الأحوال بمكانها.
ولعل الحكيم الذي سن هذه السنة أشار بها إلى من يقوم الحرث الديني للدار الآخرة به، كقيام الحرث الدنيوي بالبقر، وإن يطلب التنظيف بفضلات علمه، فأخرجه مثلاً وجعله على الحقيقة عاشية وستراً.
وإذا أثبت ما قلناه، فقد انكشف عنه العيب الذي عابه، ونحن نجد ما يزيد على ذلك في شريعتنا في شأن بقرة بني إسرائيل، التي نزل بها أطول سورة في القرآن، فلا يتطرق عليه عيب عند من علم، وقد بلغ من أمره أن الله سبحانه قال: { فقلنا اضربوه ببعضها} إلى آخر الآية.
فإذا جاز أن يكون لحم بقرة يحيي الموتى، فلم يمتنع أن يقع الطهارة ببولها، والذي قلناه في هذا الباب هو من طريق المعنى صحيح، كما أن ذلك لما عد لنا به إلى جهة المعنى صح، والعلة في الجاهلين بالحكمة لا في الحكمة، وأما اعتراضه على قيصر وغيره ممن سجد للصليب المنحوت.
وقوله: أي فضل للصليب على الصنم حتى يكون السجود للصليب جائزاً، وللصنم محظوراً.
فكان الأولى به أن لا يقول هذا القول، لأن من نشأ في دين النصرانية، كما نشأ وبلغ من التبحر فيه ما بلغ وأدته فطنته إلى أن يدوس الديانات دوساً، ويحصرها علماً، ويستخرج معانيها استخراجاً لا ينبغي له أن يقول هذا القول على هذا الرأي.
فقد علم أن النصارى يسجدون للصليب، على انه قبلة لكون المسيح عليه السلام مصلوباً عليه بناسوته لا بلاهوته، لا على الصليب يسمع، أو يعقل.
وكذلك من سجد للصنم قديماً ويسجد له حديثاً ليس يعتقد انه إله يسمع، أو يعقل، وإن من اعتقد الإلهية في شيء من صنعة يده أو أيدي أبناء جنسه، فإن المصيبة منه بعقله أكبر من المصيبة بدينه، والتكليف ساقط عمن هذه سبيله.
فإنما جعلوا الأصنام أمثلة لأشخاص كريمة كانت لهم، وكانوا يتقربون إلى الله سبحانه بها، فلما فقدوا تلك الأشخاص جعلوا هذه الأصنام تماثيل لها، وتركوها حباً لهم قبلة يتوجهون إليها، ويتقربون إلى الله سبحانه بها، فقد دحضت حجته في باب السجود للصليب والصنم، ووقع القيام بعهدة الجواب فيه.
وباقي الكلام نورده عليكم فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله لاستماع الحكمة أيقاظاً، ولحدود دينكم حفاظاً، والحمد لله العلي العظيم شأنه الجلي برهانه، وصلى الله على رسوله المنزل عليه قرآنه، محمد المرفوع على الأنبياء شأنه، وعلى وصيه الذي هو صاحب تأويله وترجمانه، علي ابن أبي طالب، الشاهق في المجد والشرف بنيانه، وعلى الأئمة من ذريته الذين هم للعلم خزانة، المزخرف لشيعتهم جنانه، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:13 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الثامن
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المنزه عن صفة الروح، والجرم، والجسم، الذي هو منشئ الروح والجرم والجسم، المقدس عن أن يجري في مضمار المسمى والاسم، لكونه باري المسمى والاسم، والمتعالي عن أن يقع في مصائد الوهم، لكونه جل جلاله مبدع الوهم، وصلى الله على بحر النبوة الخضم، وطرف الرسالة الأشم، محمد سيد العرب والعجم، وعلى وصيه وابن عمه وأخيه جنب الله الخاسر من فرط فيه، علي ابن أبي طالب صنو نبي الله النبيه، ووجه دينه الوجيه، وعلى الأئمة من ذريته وبنيه المنزهين ربهم سبحانه عن شين التعطيل والتشبيه، والمنقذين أوليائهم من ظلمات التيه.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله ممن يسمعون ويعون، وبالذكر ينتفعون.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من شبهات الثغوري وأجوبتها، ووعدتم بسوق ما بقي منها إليكم زيادة في الإفادة، ونحن نقول:
قال المجيب: وأما ما ذكره في معنى اليهود، وروايتهم عن هارون عليه السلام شموا ربكم ريح القنا، وإكثاره التعجب منه، فذلك إذا رجع به إلى معنى الحكمة زال العجب فيه، وقام البرهان منه على حسن البنية وجودة الصنعة، وذلك أن القربان في أكثر الشرائع واجب وهو كما قال الله سبحانه:{ فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر}، وكما قال الله تعالى:{ لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} ومن حق ما يقرب به المقرب أن يكون صحيحاً سليماً لا مشقوق الأذن ولا مشوه الخلق، لا زائد الأعضاء ولا ناقصاً.
وقد جاء في التوراة أن الله تعالى قالSad ما لكم تقربون لي كل عرجاء وكل عوراء أترى لو أهديتم ذلك إلى صديق لكم أكان يقبله منكم إلا صحيحاً).
وهذه الفصول التي أوردناه في حديث القربان قريبة مما وقع التعجب منه من حديث ريح القنا، إذ كان الله تعالى غنياً عن القربان الصحيح أن يشتمها.
وعسى أن يكون القربان الذي يقرب إليه، مشار به إلى حد من حدود دين الله تعالى شريف كامل الآلات في قبول أوامر الله تعالى، ونواهيه تام الخلق في صورته اللطيفة النفسانية، غير مشوهها ولا نقاصها، وان يكون المعنى في تقريبه هو أن يقطع عن الشهوات الحسية، ويحرر لعبادة الله تعالى من الرذائل الشيطانية، كما قال الله تعالى في قصة إمرأة عمران: { رب أني نذرت لك ما في بطني محرراً فتقبل مني} .
يعني { محرراً} من عبادة الشيطان بعبادتك ليأكل من لحمه المستحقون، فيختلط لحمهم بلحمه، ويشوب دمهم بدمه، والمعنى فيه أن يستمد من علمه المستمدون، فتشيع بركات نفسه في نفوسهم، وتنجع أنوار جوهره في جواهرهم، فتشق وتشرق فحينئذ يتضوع رائحة تلك القنا التي هي أطيب رائحة من المسك فيشتمها الرب، فقد ثبت وزالت الأعجوبة.
وأما البيت الآخر:
وقوم أتوا من أقاصي البلاد
لحلق الرؤوس ولثم الحجر
فمعلوم أن من كان ملماً بأن يتوكل عن المجوس واليهود والنصارى بإثبات ما هم عنه رقود من وجه الحكمة في أديانهم، فإنه بالتوكل عن نفسه ودينه أملى وأوفى، وقد تركنا قصد الإيجاز والاقتصار، وتجنباً للإطالة والإكثار، وبالله نستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله وبأولياء دينه عليهم أفضل السلام.
وباقي الكلام نورده عليكم فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن انتفع بالحكمة والموعظة الحسنة، وحل في آخرته محل الأمنة، والحمد لله الذي لا عاد لآلائه ولا صاد لبلائه، ولا راد لقضائه، وصلى الله على أكرم أصفيائه، محمد سيد أنبيائه وعلى علي المتناهي في عليائه المؤيد في سمائه، وعلى الأئمة من أبنائه صفوة الله وأحبائه، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:14 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس التاسع
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مبدع العقل حاصراً بعلمه لما تأخر عنه في الوجود، قاصراً عم إدراك المبدع الحق المعبود، معترفاً بعجز العبودية، ومذعناً له بالسجود، وصلى الله على قرارة الكرم والجود، وأشرف من ظهر في الآدميين إلى الوجود، محمد رسول الحميد المجيد، وعلى وصيه إمام الركع السجود، علي ابن أبي طالب صاحب المقام المشهود، الساقي لشيعته من الحوض المردود، وعلى الأئمة من ذريته السادة الصيد الأمجاد الأجاويد.
معشر المؤمنين.. نور الله بالإيمان أعشار صدوركم، فخاراً لكم في جميع أموركم.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من شبهات الثغوري وأجوبتها، ونحن نقص عليكم ما بقي منها إيصالاً للفائدة إليكم لتشكروا نعمة الله عليكم.
قد قال في حديث التكليف وهو شبهة قوته، قال: وجدت أمور التكليفات في الشرائع من العجائب التي يتحيز فيها للتدبير، ويضل المتفكر لأن أهل هذه الأصول الأربعة متفقون على أن الباري جل جلاله غني عن كل شيء، غير محتاج إلى شيء.
وكلهم معترفون بأنه كلف مع ذلك العبادة، وأمر بها فكيف يثبت بحجة العقل إما غنياً عن كل شيء يكلف من لا يحتاج إليه أن يعمل عملاً هو غني عنه.. قال وأنا أذكر جواب ما يقال في هذا المعنى لئلا يوهم أن فهمي منساق عنه، وهو جواب ليس بمقنع، فلا تشغل قلبك به.
وقد قالوا في هذا المعنى أربعة أقوال:
- أما أحدها فإنهم قالوا كلف الله العباد العمل ابتلاءً واختباراً وكل الفرق على هذا القول تدور، وليس ذلك لكل أمي جواباً، لأن الابتلاء والاختبار لإن ما يقع ممن لا يعلم، فيكلف ليعلم، وأهل هذه الأصول مجمعون على أن مكلفهم عالم بكل شيء يعلم ما كان وما يكون حين يكون.
فنقول: إذا علم ما يكون قبل أن يكون، فما معنى الاختبار، هل زاده ذلك علماً؟..
فإن كان زاده علماً كان علمه قبل الاختبار ناقصاً، وإلا فهل كان علمه بعد الاختبار إلا كعلمه قبل الاختبار.
فإن كان لا يعلم حتى اختبر كان ناقصاً.
وإن كان قد علم قبل الاختبار، فالاختبار حشو لا توجبه حكمة، وما ليس بحكمة فهو عبث.
- والقول الثاني: إن الله تعالى كلف العباد الطاعة، ونهاهم عن المعصية ليثيب من أطاع، ويعاقب من عصى، وهذا أيضاً يستحيل نسخه جداً في العقول، أيما حاجة لله تعالى إلى معاقبة خلقه حتى يدعوه ذلك على أن يكلفهم أمراً إذا لم يأتوه عاقبهم عليه إن كان لا حاجة به إلى ذلك فالقول مستحيل لا توجبه حكمة.
وإن كان به إلى ذلك حاجة، واستغفر الله من هذا القول، فما يصنع بالتكليف، وهو بغير التكليف قادر أن يثبت من يريد ويعاقب من يريد، والتكليف أيضاً حشو لا توجبه حكمة، والحاجة نقص، والله سبحانه لا ينسب إلى نقص، وهو غني غير محتاج.
- والقول الثالث: إن الله تعالى كلف العباد الطاعة لينفعهم بها أتراه جل جلاله عجز أن ينفعهم بغير التكليف حتى احتاج إلى أن يكلفهم، ثم ينفعهم إن كان غرضه نفعهم.. فالتكليف ساقط وهو حشو، وإن كان يعجز عن ذلك إلا بالتكليف، فالقدرة ساقط والعجز ثابت وهذا محال جداً.
- والقول الرابع: إن الله جل ذكره لا يسأل عما يفعل، ولا يقال له لم فيما يأمر، فهذا باب يتحير فيه العقول.. هل يجوز أن يأمر حكيم بأمر يخرج عن الحكمة وينبو عنه العقل، ثم يحظر على العاقل البحث عنه أليس ضرباً من الجور والظلم.
وسنورد عليكم جواب هذه الشبهات بما يحل عقدة الأشكال، ويفك من ربقة سلاسله والأغلال فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن طهرت من الشبهات جيوبهم { والذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم}، والحمد لله مزيل صدأ القلوب بهداية الراسخين في العلم الذين اختارهم صفوة وزادهم بسطة في العلم والجسم وصلى الله على شمسهم البازغة من سماء التأييد محمد صاحب المقام المشهود والحوض المردود، وعلى وصيه علم الأعلام علي ابن أبي طالب فارس الكر والإقدام، وعلى الأئمة من ذريته نجوم الحق، المهتدي بأنوارهم في غربها والشرق، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:14 am

حسبنا الله ونعم الوكيلالمجلس العاشر
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مجلي غسق الشبهات بفلق أصباح علوم أئمة الهداة، والمفجر من بين أشداقهم ينابيع ماء الحياة، وصلى الله على المصطفى سيد السادات المبعوث بالسور والآيات، محمد المؤيد بالمعجزات، وعلى وصيه علي صاحب الآيات البينات، الكاشف عن وجه رسوله الكرب في الغمرات، وعلى الأئمة من ذريته السادة التقاة المرفوعة درجاتهم عند ذي العرش رفيع الدرجات.
معشر المؤمنين.. وفقكم الله للخيرات، وابتغاء الباقيات الصالحات.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من شبهات الثغورى في حديث التكليف وإظهار التعجب من إيجاب الله تعالى ذلك على خلقه، وهو غني عنهم وعن عبادتهم، وهو قادر على ن يثيبهم بلا تكليف، وذلك محير لنواقص الإفهام دون من خصه الله تعالى في إتباع الأدلة بوفور العلم والأحلام.
ونحن نسوق إليكم جواب داعينا بما فيه شفاء لما في الصدور، لمن أتاح الله له حسن القبول سعد المقدور، قوله أن التكليف عجب يتحير فيه المتحير لوقوع الاتفاق على كون الباري سبحانه غنياً عن كل شيء، غير محتاج إلى شيء، وإنه مع غناه كلف العبادة وأمر بها، فكيف يوجب العقل أن الغني يكلف تكليفاً هو مستغن عنه وعمن كلفه إياه.
فهذه القاعدة إذا اعتمدت قادت إلى ما هو أعجب من ذلك، أن الباري سبحانه كان غنياً عن خلق السماوات والأرض وما فيهما، فخلقهما مع الغني عن الجميع، والمثالة أن في هذا وفي التكليف واحدة.
فإن جاز خلق ذلك مع وقوع الغني عنه جاز وجوب التكليف مع الغني عنه، فله ما له وعليه ما عليه، فإن كان ذلك بحق كان التكليف أيضاً بحق، وإن كان ذلك عبثاً كان هذا أيضاً عبثاً، سبحانه من العبث.
وهذا جواب من نفس كلامه خارج من الأقسام التي قسمها من الأبواب الأربعة، التي هي بزعمه قصارى أجوبة المسؤولين عن هذه المسألة، وطريق معرفة ما سأل عنه خارج من الأبواب الأربعة المذكورة، وفرع على معرفة الأصول، إذ كان الواصف للباري سبحانه بكونه غنياً مقصراً فيما وصف، من حيث أنه وصفه بصفة خلقه، وهو جل اسمه بائن عن صفتهم.
وهذه صفة توجب المشاركة والمضادة، فقد يكون غير الباري سبحانه يدعى الغني، وليس كون قلة ذات يده وكثرتها للباري، ولا تقتضي ملته ودوامها للباري جل جلاله مخرجة من شرط الغنى، واستحقاق صفته فهو المشاركة .
ثم إن ضد الغني الفقر، وهو المضادة، وإذا نفينا هذه الخصلة التي جعلها الأصل، ثم وضع عليها موضوعه، وأنكرنا أن نسمي الباري سبحانه غنياً من حيث ذهب إليه، وهمه مما تهجنه المشاركة والمضادة، بل نسميه غنياً كما سمى نفسه، فعرفه الراسخون في العلم، فقد أبطلنا قوله، أصلاً، وفرعاً، والتكليف واجب من غير هذا القياس الذي قاسه، والوضع الذي وضعه، بل من حيث أن الإنسان مولود النفس الكلية باتفاق أهل المعرفة.
والدليل على ذلك انه حي، ناطق، موجود عن الأفلاك، والأنجم والأرض التي هي غير حية ولا ناطقة، فحلت الأفلاك والأنجم منه محل النطفة التي في قوتها الحي الناطق، وليست هي في ذاتها بحية، ولا ناطقة، وقامت الدلالة ضرورة على وجود الأفلاك، والأنجم التي مثلناها بالنطفة من حي ناطق، وهو النفس الكلية، فالصورة الإنسانية مولودها ومصور بصورتها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى خلق آدم على صورته ونفخ فيه من روحه).
وقال المسيح عليه السلام للحواريين : ( أنتم أبناء الله).
وقال الله تعالى في قصة آدم عليه السلام:{ فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}.
وقال في قصة المسيح عليه السلام: { إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وملته ألقاها إلى مريم وروح منه}.
وقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا}.
فتوافقت هذه الأقوال كلها من حيث الحقيقة، فلما كانت الحال هذه في كون الصورة الإنسانية مولود النفس على ما أقمنا البرهان به، وجب أن يكون مشبهة بها في أحوالها تشبه المولود بوالده.
ولما كانت النفس الكلية مكلفة عبادة الله سبحانه لتتوجه إلى من فوقها بالاستمداد، والقبول اللذين بهما يدوم وجودها، ويكمل شرفها، وجب أن تكون الصورة الإنسانية، التي هي بنائها مكلفات العبادة والطاعة التي بها يكمل شرفها ويصح بقائها في عالم النفس وخلودها.
وباقي الجواب نورده عليكم فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن نزهه عن الاغترار بالشبه، وصانه في دينه من العمى والعمه.
والحمد لله الذي جلا غسق الشبهات بعلوم الأئمة الهداة وصلى الله على بشير البشر، ونذير النذر، محمد المبعوث بالآيات والسور، وعلى وصيه صاحب البيان، علي ابن أبي طالب الضراب والطعان، وعلى الأئمة من ذريته النجوم الزهر، المهتدي بها في ظلمات البر والبحر، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:16 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الحادي عشر
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لسان قدرته ناطق، ولواء عزته خافق، وماء رحمته دافق، القائل سبحانه وهو بر صادق:{ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق} وصلى الله على من فخر به الذبيح وبشر بمبعثه المسيح، محمد المستملي عنه التمجيد والتسبيح، وعلى صنوه الذي هو يده البيضاء، الفاخر به السلم والهيجاء، علي ابن أبي طالب المختوم به الأوصياء، كما ختم بابن عمه الأنبياء، وعلى الأئمة من ذريته الذين هم تراجمة الكتاب، وممثول المسجد والمحراب، وسماء الحكمة المفتحة الأبواب.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله ممن هدى بطاعتهم لرشده، ووفق له صلاح قصده.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من جواب داعينا للثغوري، ونحن نسوق ما بقي منه زيادة في الإفادة، وقصداً لما يشملكم الله به في دينكم من السعاة.
قال: وإذا قلنا إن الصورة الإنسانية أبناء النفس الكلية، فيجب أن تكون متشبهة بها في الأخص بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم المهيأة لقبول المواد منها، وإيصالها إلى أهل العلم تهيؤ القلب لقبول مادة الحياة الطبيعية من الشمس وإشاعتها في الجوارح، والأعصاب، والعروق، والأعضال، فلما وجدناه قائماً بالتكليفات والعبادات القيام الذي لا نهوض لنا ببعضه وهو غاية المخلوقين المعتزين إليه في أبوة الدين.
استدللنا على كون قصده التشبه لمن فوقه في جنس التكليف، وإن لم يكن هناك جسم يلزمه ما يلزم الأجسام، وأن يتشبه به فيه أيضاً من دونه فيكون كل حد سافل متشبهاً بمن فوقه من حد عال وقاصداً قصده في العبادة والتكليف لتعم عبادة الله سبحانه الأسفل والأعلى، ولتشمل الأدنى والأقصى على نمط واحد.
ثم إنه لما كان مكلف من الناس التكليف وهو النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو نظيرهم في الجسمية والبشرية، وإن كان يستملي عن الوحي رجع في القصة ما أنكره الثغوري من قول من قال بالابتلاء والامتحان الذي ينتفي عن الله سبحانه لسابق علمه بالمطيع والعاصي كما زعم، فليس للنبي صلى الله عليه وسلم سابق علم يغني به عن الابتلاء والامتحان، وهو أحد الأقوال الأربعة، ورجع أيضاً ما أنكره من قول من قال إن الله سبحانه كلف العباد ليثبت من أطاع ويعاقب من عصى.
ثم رده بقوله: أي حاجة لله سبحانه إلى معاقبة خلقه حتى تدعوه إلى أن يكلفهم أمراً إذا خالفوه عاقبهم عليه، فلئن كان لا حاجة بالله سبحانه إلى ذلك لتعاليه عما يختص بذوي الأجسام، فبالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة إلى أن يتبعوا أمره ويطيعوه، فهو كالطبيب من الأطفال والمجانين الذي إن عصوا عليه كان فيه هلاكهم، ووقوف الأمر فيما بعث من أجله، وذلك هو الثاني من الأقوال الأربعة، ورجع أيضاً ما أنكره من قول من قال: إن الله سبحانه كلف العباد الطاعة لينفعهم بها.
ثم ورده بقوله: أتراه عجز عن أن ينفعهم بغير التكليف حتى احتاج أن يكلفهم وينفعهم، وقوله إن كان غرضه نفعهم فالتكليف ساقط، وإن كان يعجز إلا بالتكليف فالعجز ثابت، فيقال إن جميع هذه الأشراط ينتفي عن الله سبحانه كما ذكره، ويثبت للرسول صلى الله عليه وسلم على ما بيناه من القاعدة فيما تقدم.
وقيل أن بعض الناس قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله: يا رسول الله ادع الله لي أن يدخلني الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: أعنا بكثرة السجود، وذلك هو الثالث من الأقوال الأربعة التي ردها،وقد صدق أهلها عند وضعها في موضعها من حيث وصفناه، وكذبوا في القصد بها حين قصدوا مما أبطلناه ونفيناه، فهذه العلة في لزوم التكليف.
وباقي الجواب يساق إليكم فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن ينتفع بسمعه وبصره، ويجري في الدين على أحسن سيرة، والحمد لله الذي لا منتهى لقدره ولا غالب لقضائه وقدره وصلى الله على خير أنبياء الله ونذره محمد المستخلص من أشرف العناصر في عنصره، وعلى وصيه كشاف الأهوال وزلزال يوم النزال، علي ابن أبي طالب العالي قدره عند الكبير المتعال، وعلى الأئمة من ذريته الصاد في المقال الشريفي الحلال، الزاكي الأفعال، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:18 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الثاني عشر
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مبدع الإبداع الكل تاماً بالقوة تاماً بالفعل، مشار إليه بقوله سبحانه:{ وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا}.
وصلى الله على أشهر النبيين راية في الفخر والفضل، وأبهرهم آية في القول والفصل، والمعنى الجزل محمد المصطفى من الرسل، وعلى وصيه أمير النحل، وغيث المحل علي ابن أبي طالب ساعد الشريعة البعل، ذلك الضارب في نواصي الخيل وابن خال الليل، كما قال وهو الصادق في القول، وعلى الأئمة من ذريته أحداق الدين النجل، وصفوة غافر الذنب قابل التوبة شديد العقاب ذي الطول، وحبل الله الممدود بين سمائه، فطوبى لمن اعتم بالحبل.
معشر المؤمنين.. نفعكم الله بإيمانكم، وجعله نوراً يسعى بين أيديكم وبإيمانكم.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من جواب داعينا للثغوري في معنى التكليف.
واعلم أنه بقي فيه من البقية ما يقرأ عليكم، ويساق فائدته إليكم.
قال: معلوم أن فضيلة النفس الإنسانية، أن تكلف معرفة خالقها سبحانه وتعالى، لتتميز بذلك عن نفس البهائم، وتكتسب به من البقاء الدائم والنعيم المقيم ما تستعذبه.
فلو أنها منعت القوة القابلة صورة العلم والمعلمين من أهل الهداية عليهم السلام، لم تكن تعدم الفضيلة مثل نفوس البهائم عاجلاً، ويعرض لها التلاشي لتلاشها أجلاً، فتكون مظلومة من مانعها صريح الظلم.
فإذا وقع الاعتراف بذلك، ولا بد منه من كل عاقل يكون هذا خيراً سيق إليه، وأعظم خير.
فأي القسمين خير للهيكل الإنساني، الذي هو رباط هذه النفس العارفة بربها سبحانه والأعيان النورانية، المتعلق بوجودها وجودها كتعلق وجود الجسم بوجود الأرض والسماء.
وغير ذلك مما جعله الله تعالى سبباً لوجوده، أن يكون هذا الهيكل، موازياً لنفسه المسبحة المقدسة طهارة، وقياماً، وصياماً، وتنزهاً عن الخنا والرذائل البهيمية الشهوانية، أو مضاداً لها، فيكون إن سرحت نفسه في عالم الملكوت تسبيحاً وتحميداً، وإلا سلك هو في شعب البهيمية أكلاً وشرباً، والتذاذاً.هذا ما لا خفاء به على ذي عقل، إذاً التكليف فضيلة مفتقر إليها وإلى اكتسابها، فقد قام الدليل، ووضح السبيل بعون الله تعالى، والله أعلم، والراسخون في العلم، ولا قوة إلا بالله.
ونحن نسوق إليكم ما بقي فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله في دينكم أيقاظاً، ولحدوده حفاظاً، والحمد لله المتعالي عن الضد والشبيه، والمتنزه عن التعطيل والتشبيه، { جامع الناس ليوم لا ريب فيه}، وصلى الله على نبيه الذي جاء بالصدق محمد الذي أرسله{ بالهدى ودين الحق}، وعلى وصيه فالق أصباح الحقائق علي ابن أبي طالب صنو خير الخلائق، وعلى الأئمة من ذريته أعلام الساعة المأمونين من شيعتهم للشفاعة، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:19 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الثالث عشر
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ناظم عقد النبوة بدرر الإمامة، { وجعلها كلمة باقية} إلى يوم القيامة، وذخراً لمن أحله من فضله دار المقامة، وصلى الله على من اختصه بأجل البر والكرامة، وعممه من شرف النبوة أفخر العمامة محمد شفيع أمته في يوم القيامة، وعلى وصيه صاحب العلم والصمصامة، علي ابن أبي طالب معنى قسمه بالنفس اللوامة، وعلى الأئمة من ذريته الحالين من سقف الهدى محل الذمامة، المتوسل لهم إلى دار الأمن والسلامة.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله إلى فئة الحق متحيزين، وعن فئة الباطل متميزين.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من جواب داعينا للثغوري ما ارتسم في قلب من له قلب، فآثر بالخير في لب من له لب، وعدتم سياق الباقي من أسئلته وجوابها إليكم.
سأل عن الحجة في كون الإسلام خير ملة، قال: وأنا أستقصي الحال عليك في الإسلام الذي أنت مقتصر عليه، فإنك لم تتمسك بالإسلام عن بصيرة إن كنت من أهل العقل، وإن كنت تمسكت به تقليداً كنت عندي والجماعة من أهل الملل سواء، فأسألك أن تبين لي فضل الإسلام على سائر الأديان، ومن أين صح عند وبطل غيره مع إقرارك بدعوى المؤمنين وإنكار ما تدعيه، كيف تلزمهم الحجة وهم يجحدون دينك ويكذبون نبيك، وأنت تعترف بكتبهم وأنبياؤهم، وكيف تفلح عليهم بالحجة، بين لي ذلك إني إلى معرفته فقير.
وفي الإسلام مقالات مختلفة، ومذاهب متشعبة، وبين أهلها من التباين، والتلاعن أكثر مما هو بين سائر أهل الملل، فقل لي بأيها آخذ، وبأي شيء منها أدين لأتمثله إن شاء الله، الجواب عن ذلك وبالله التوفيق.
قد كان جواب هذه الأسئلة تقدم في الكلام، وقلنا أنه لما كان كمال الصورة الجسمية في الحد السادس من الحدود، التي أولها السلالة وآخرها اللحم، وجب أن يكون كمال النفس للدار الآخرة من حيث الديانات.
بمثل هذا العدد من الملل التي جعلها الله سبحانه سبباً لإنشاء النفوس النشأة الآخرة، فكان آخرها ملة الإسلام، فهي من الملل التي بها كمال النفوس البشرية بمنزلة اللحم الذي به كمال الأجسام البشرية، فليس يقبل بعده صورة.
فقد وضح بهذا أن ملة الإسلام هي أفضل الملل وأكملها، وأن محمد صلى الله عليه وسلم الذي أتى بها هو خاتم النبيين، وسوى هذا، فكما أن قوى السلالة والنطفة والعقلية وغيرها منتهية إلى المعنى الآخر، الذي هو اللحم، كذلك قوة الملل كلها منتهية إلى ملة الإسلام، فمن أجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نبي بعدي).
ووجه آخر.. إن كل جسم مهما صغر وكير لا يخلو من ست جهات باستقرائها استقراء ذلك الجسم، فأوجبت الحكمة أن تقوم آية وجود الكل ما يقع تحت رؤية العين من جسم ست جهات بها قوام الأجسام في دار دنياها، فحلت ملة الإسلام محل الجهة السادسة من الجهات.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( يشهد بنبوتي كل حجر ومدر)، وذلك أن كل حجر ومدر له ست جهات تدل على أمثالها مما يتعلق بالنفوس للدار الآخرة فمن ادعى بعد ملة الإسلام ديناً، وبعد النبي صلى الله عليه وسلم نبياً كذبته الجهات الست من كل حجر ومدر.
وبقي في الجواب ما يساق إليكم في المجلس الذي يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن يرتع في رياض العلم، وأولاكم من خير معاشكم ومعادكم أوفى القسم، والحمد لله مبلغ النعمة على الأمة بأولياء دينهم الأئمة والناشر فيهم ومنهم رياح الرحمة، وصلى الله على من حل منهم محل القطب من الرحى محمد الممثل بشمس الضحى، وعلى وصيه علي المرتضي وسيف دينه المنتضى، وعلى الأئمة من ذريته أعلام الدين ونجوم الهدى للمهتدين، وسلم تسليما.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:19 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الرابع عشر
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي إذا فكر المفكر فيه غرق من الحيرة في لجة، ثم لم يجد سوى نفي التشبيه عنه، والتعطيل واضح المحجة، وصلى الله على أصدق كل ذي لهجة وأقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى وصيه الآتي من ضيق الرموز والأمثال، بفرجة علي ابن أبي طالب المنبت من حكمة تأويله حدائق ذات بهجة، وعلى الأئمة من ذريته القوامين بتقويم النفوس المعوجة، سفينة النجاة التي تصدمها من بحر الضلالة موجة بعد موجة.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله ممن حبب إليهم الإيمان، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من جواب الداعي للثغوري ما قيل لكم أنه قد بقيت منه بقية تساق إليكم في المجلس الآتي.
ونحن نقول الآن قال الداعي ووجه آخر فيما يؤيد قولنا المتقدم:
إن كلمات الحقائق مفرقة بين أهل الملل والديانات المختلفة كتفرقة حروف الهجاء في أفواه الطيور والوحوش والأنعام وما يجري مجراها، فلكل منهم جزء معلوم لا ينتفع به ولا يعلم معناه حسبما أوضحناه من الأعمال والأقوال في المجوسية، واليهودية، والنصرانية، والإسلام التي أصحابها عليها مثابرون وهم عنها غافلون.
فإذا سئلوا عن شيء منها قالوا ليس يتعين علينا معرفة العلة فيه، ولا وجه الحكمة في مطاويه فهم في قلة الانتفاع بما وقع إليهم، كقلة انتفاع الطير والوحش، والانتفاع بما وقع إليهم من حروف الهجاء التي لا يدرون ما هي.
وفي ملة الإسلام الجمع بين متفرقات كلام الحقائق كلها والاطلاع على معانيها، والانتفاع بجميعها كما في الأشخاص البشرية استيفاء ما تفرق في ألسن الحيوان من حروف الهجاء التي لا معنى لها عنده، وتناول زبدها ومعانيها والانتفاع بها، والمحقون من أهل ملة الإسلام يعرفون من وجه الحكمة في الملل والمذاهب المختلفة ما لا يعرفه الدينون بها والمعتقدون لها.
كما أن الأشخاص البشرية تشرف من أحوال الحيوان في معرفة منافعها، وإحضارها على ما لا تشرف عليه الحيوان من أحوالها، فقد بان بجميع هذه البراهين فضل ملة الإسلام على جميع الملل والأديان، ووضح لعيان العقل الذي هو أوضح من العيان.
وأما سؤاله عمن يجب إتباعه من الفرق الإسلامية الذين يجمعهم العدد الكثير، فيلتبس الأمر من الأعمى منه ومن البصير، فكل من وازن بين الشرع والمعقول، وتأتى لمعرفة نفسه، فالحق الفروع بالأصول، ونزه الباري سبحانه عن سمة العلة والمعلول، كان نعم الدليل للمدلول.
جعلكم الله ممن اتبع أدلة دينه، الذين اصطفاهم من آل طه وياسينه، والحمد لله المتعالي عن أن يكون متوهماً، فدقيق الوهم عن بعض مبدعاته يدق الممتنع عن أن يسهو الفكر عنه، فإن السهو عنه لا يحق، وصلى الله على محمد خير رسول قامت به على الورى حجة ووضحت بمبعثه للهدى محجة، وعلى وصيه علي ابن أبي طالب ينبوع الحكمة ومسيح الأمة، والأئمة من ذريته المستملى منهم علم الكتاب والمأخوذ عنهم فصل الخطاب، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:21 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الخامس عشر
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ولي الحمد والشكر، الذي ضاق عن إدراكه قضاء الفكر، كما قصر عن الإبانة عنه لسان الذكر، وصلى الله على رسوله المبعوث بحكيم الذكر، محمد سيد البدو والحضر، وعلى وصيه العلي القدر، عليابن أبي طالب ممثول ليلة القدر، النازل فيه { يوفون بالنذر}، وعلى الأئمة من ذريته النجوم الزهر الميامين الغر، فحوى قسم الله سبحانه في قوله:{ والفجر* وليال عشر* والشفع والوتر* والليل إذا يسر* هل في ذلك قسم لذي حجر}.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله من أهل الخير المتعاونين على التقوى والبر خير كلام أطلق به اللسان ما صقله البيان، واستطلق بصدقه العنان.
وذلك الكلام درج في الإفادة تدريجاً، وخرج بالتربية تخريجاً، وكان مثله مثل الحمام، وأشباهها من الطيور التي تزق زقاً، وتكفل من جهة الوالدين إنشاءً وتربية، فهذا الجنس يشق أعطاف الجو بالطيران، وتبلغ مقاصدها بأهون الهوان، والطيور التي تفقس البيض عنها، فتقوم بذاتها تبحث وتلتقط حبها وتزلي نفسها، فإنها تكون معوجة الأجنحة قريبة المدى في الطيران، تطير شوطاً واحداً ثم تقع، كذلك حكم من أخذ العلم تربية، وحكم من أخذه رأياً وقياساً من دون الرجعى فيه إلى القوم الذين قال الله سبحانه فيهم: { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
فأصحاب الرأي والقياس هم المعتزلة، الذين يدعون أنه لو لم يبعث الله سبحانه الأنبياء عليهم السلام، لكانوا يعرفون بعقولهم وأحلامهم أن لهم صانعاً، و{ قد ضلوا ضلالاً بعيداً} وافتروا افتراءً عظيماً، والمقصود في بعث الرسول، هو معرفة الله سبحانه وتوحيده، وكل ما عدا ذلك فهو فرع، فإذا كانوا هم من تلقاء نفوسهم يستطيعون معرفة التوحيد، فأي حاجة بقيت إلى الرسل.
وكنا أوردنا في بعض مجالسنا المتقدمة، أن العقل أداة في الإنسان باطنه يبصر بها ما بطن، كما أن العين أداة فيه ظاهرة يبصر بها ما ظهر، لكن عمل هاتين الأداتين مقيد بشرط، وذلك الشرط أنه كما لا سبيل للعين على الإبصار إلا بنور خارج مثل الشمس، والقمر، والنجوم، والنار.
فكذلك لا سبيل للعقل على البصيرة إلا برسول، أو وصي، أو إمام، هم للعقل بمنزلة الشمس والقمر، والنجوم للبصر، وهذا الذي أوردناه لا ينكره إلا مغالط لنفسه، ودافع للحق بالراح ومما حرف المعتزلة فيه الكلم عن مواضعه.
إنهم قالوا في قوله تعالى:{ وجوه يومئذ ناضرة* إلى ربها ناظرة} الموجب لرؤية الله تعالى، أن ذلك مما يأباه العقل إذا كانت رؤية العين لا تقع إلا على الألوان التي هي أعراض على الأجسام الطويلة العريضة ذوات الجهات الستة.
وإذا ثبت ذلك ثبت أن الله تعالى جسم، وإذا ثبت أنه في محل ولزمه ما يلزم الجسام من الصفات، وقالوا أيضاً إن الرائي والمرئي يقتضي أن يكون بينهما فرجة خالية منهما جميعاً، ويستحيل أن يخلو من الله تعالى مكان.
قالوا: وإذا كانت الصورة هذه وجب أن يكون لهذه الآية، تأويل ينفي عن الله سبحانه مشابهة خلقه بالجسمية، وقالوا إن المعنى فيه إلى ثواب ربها ناظرة.
وقالوا أيضاً:{ إلى ربها} بمعنى نعمة ربها، وهي واحدة جمعها، فهذا نص كلامهم قد أحاطوا في هذا الباب لربهم، وسدوا خلل ظاهر قوله بزعمهم، غير أن فيه خصلة أهملوا مراعاتها في حالة لما عقدوه وناقضة لما أبرموه، وهي أنه ليس يخلوا من كون هذه الأقسام التي أبطلوا من أجلها الرؤية معلومة أو غير معلومة له، فاستدركوها، فإن كانت معلومة، فلقد كان الله سبحانه أولى منهم بأن يتقن قوله ويحميه مما يدخل النقيصة عليه، وإن كانت غير معلومة، فلقد نالوا من فضل العلم ما لم يعلمه الله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
فإن احتجوا أنه تعالى سلك فيه مسلك الاقتصار وتركه مهزاً للأفكار، ومكاناً للنظر والاعتبار، فلقد أضاع خلقه بهذا الاقتصار، وأوردهم به جهنم دار البوار.
فما الذي كان يضره أن يقول إلى ثواب ربها ناظرة، فيعصم عباده بهذه الكلمة من الشقوة والخسارة، وإن صبت محجوراً عليه لا يكاد يحجر عليه بأكثر مما حجرت المعتزلة على خالقها وباريها، إذ قال الله سبحانه:{إلى ربها نظرة}.
فقالوا، لا بل إلى ثواب ربها.
وقال سبحانه:{ وجاء ربك}.
فقالوا: لا بل { قد جاء أمر ربك}.
وقال الله تعالى حكاية عن إبراهيم: { إني ذاهب إلى ربي}.
فقالوا لا بل إلى حيث أمر ربي.
وقال: { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال}.
فقالوا: لا بل عرضها على أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال.
ويكذبهم قوله سبحانه: { تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن}.
ولو كانت رؤية الله سبحانه مستحيلة من حيث يوجبه النظر والمعقول، لكان بالحري أن يكون لموسى ابن عمران عليه السلام من بضاعة العقل والنظر والفضل مثل ما لهم، فكان يستحيي من طلب المحال من الله سبحانه إذ قال: { رب أرني أنظر إليك}.
وإنما الحرص عجله، فطلب ما يكون في الآخرة في دار الدنيا وضعاً على أنه سبحانه كلمه تكليماً في الدنيا، وظن أن الرؤية تجوز بجواز الكلام.
وسيتلى عليكم ما بقي من القول في المجلس الذي يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله من التابعين بإحسان، كما جعلكم الله ذرية إيمان، والحمد لله الذي لا يوازي في علو شأنه، ولا يجازي في البساط سلطانه، الذي من رام إدراكه رام ما هو خارج عن حد إمكانه، وصلى الله على بشير البشر، ونذير النذر، محمد المبعوث بالآيات والزبر، وعلى وصيه الصديق الأكبر، علي ابن أبي طالب ساقي الكوثر، وعلى الأئمة من ذريته عصرة أولي الألباب، الذين عندهم علم الكتاب، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:22 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس السادس عشر
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مؤتي الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وعليهم على الأمة سلطاناً، وواضعهم للقسط ميزاناً، وجاعل الدخول في دعوتهم للجنة التي { أعدت للمتقين} عنواناً، وصلى الله على أرفع الأنبياء في الرتبة شأناً، محمد الذي نزل عليه قرآناً، وعلى وصيه أعلى الأوصياء مكاناً، صنو من جعله في الآخرين للصدق لسانا، وعلى الأئمة من ذريته الذين جعلهم من جبال رحمته {أكناناً} صفوة { تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا}.
معشر المؤمنين .. جعلكم الله لهم أنصاراً وأعواناً، وزادكم على إيمانكم إيماناً.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من ذكر المعتزلة والتجائهم بزعمهم إلى العقل، وإدعائهم بذلك مقامات أهل الفضل، وأنهم أضاعوا الشرع ثم لم يحصلوا من العقل على محصول، بل تشبثوا بتسويل لنفوسهم، وتعليل وارد عليكم ما تأولوه في معنى الرؤية ونفيها، ووعدتم بتمام الكلام، وسوق الجواب على النظام.
فنقول: إن السواد الأعظم من الأمة يرجو رؤية الله، بدليل قوله: {إلى ربها نظرة}، ودليل قول نبيه صلى الله عليه وسلم: ( إنكم لترون ربكم يوم القيامة، كما ترون هذا القمر) ويقولون في معنى قوله:{ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} إن { الحسنى} هي الجنة.
وأن { الزيادة} هي النظر إلى وجه الله الكريم، وهو أفضل عندهم من الجنة يشتاقون إليه ما لا يشتاقون إلى الجنة، فترى أوتي هؤلاء القوم من فضل البصيرة.
والعلم ما خفي على الله سبحانه أولاً، وعلى موسى ثانياً، وعلى الأمة الذين تمسكوا بنص الكتاب، وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في وجوب الرؤية ثالثاً.
وهاهنا كلام آخر ليس يخلو من كون الله سبحانه قادراً على أن يمكن عباده من رؤيته أو غير قادر، فإن كان قادراً بطل تقاسيم المعتزلة في كون الرؤية لا تقع إلا على الجسم الطويل العريض العميق، وغير ذلك مما قدمناه.
وثبتت الرؤية بمقتضى ظاهر الآية، وبطلت الزيادة التي جاءوا بها من عندهم في ذكر الثواب واستقامت حال المنتظرين في الآخرة الفوز بلقاء ربهم، وإن قالوا أنه غير قادر على ذلك لكونه مما يمتنع وجوده في القدرة، فقد ألبسوا خالقهم من النقيصة في ضعف القدرة ما أخرجوه عن قدرة إبليس لعنه الله، الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: ( إن إبليس يتراءى للناس بصورة العلماء).
فإذا كان إبليس والشياطين لا تضعف قدرتهم عن أن يتصوروا بصور مختلفة غير صورهم، فأولى، وأولى أن يتجلى الباري سبحانه لخلقه بما شاء من الصور، كما يؤثر عن بعض الصالحين أنه كان يقول في تسبيحه: سبحان من تجلى لخلقه بخلقه.
وهاهي الأمة النصرانية تدعي في مسيحها عليه السلام، أن هو الله سبحانه، ولما أراد أن يستجر الناس إلى دار الصفاء، ويخلصهم من دار الكدر رأفة بهم ورحمة لهم.
وعلم أن السبيل إلى ذلك أن يتجسم بمثل أجسامنا ليقع المناسبة بينه وبينهم، تجسم فيهم فظهر بصورتهم ليقرب عليهم طريق الخلاص باقتباسهم منه.
وادعت فرقة في علي ابن أبي طالب عليه السلام مثل ذلك فقالوا، إن له في الأدوار كرة بعد كرة، وصورة بعد صورة، فما بال إله المعتزلة بهذه المثابة من ضعف القدرة حتى أن يعوزه في الآخرة ما لم يعوز غيره في الدنيا سبحان الله وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
وقول آخر: معلوم أن هؤلاء القوم معترفون بأن القرآن كلام الله، وكمثله التوراة والإنجيل.
وقد يلزم في الكلام من العهدة ما يلزم مثله في الرؤية، فكما أن الرؤية لا تقع إلا على الألوان على ما تقدم شرحه، فالكلام أيضاً لا يصح صدره إلا عن جوف بوساطة لهواة، ولسان، وشفتين، وغيرهما من الأدوات المعروفة.
فإن كان يصح كلام ولا شيء من هذه كلها، فلم لا تصح رؤية ولا شيء مما يقولونه كله.
وإن زعموا كما يزعمون أن القرآن لم يخرج من جوف، ولم يدر فيه لسان، فإنما خلق خلقاً فعروه من فضيلة كونه كلامه الله، فإنما يعز بكونه كلامه الله، فإما إذا كان خلقه فالحجر والمدر أيضاً خلقة.
فيقال لهم: اجعلوا الرؤية أيضاً مثل القرآن وزنوها، وكيلوها بذلك المكيال والميزان.
وإذا جاز أن تسموا شيئاً لم يتكلم الله به، وإنما خلقه كلام الله، فاجعلوا الرؤية مثله وسموه رؤية الله صدقاً بصدق، أو كذباً بكذب، ولا تفسدوا منصوص الكتاب وموضوع الشرع.
أعاذكم الله ممن يرد نص القرآن ويحمله على وجه الرأي والاستحسان.
والحمد لله الواسع الفضل والإحسان، لا إله إلا هو كل يوم هو في شأن، وصلى الله على رسوله المنزل عليه بالقرآن، محمد صفو الرحمن، وعلى وصيه أسد الضراب والطعان، علي ابن أبي طالب كشاف الكرب إذا التقى الجمعان، وعلى الأئمة من ذريته قوام دين الديان، ومنازل الإسلام والإيمان، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:23 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس السابع عشر
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المان على ذوي الاسترشاد، من أهل الرشاد الآحاد الأفراد، الذين أورثهم الكتاب إذا اصطفاهم من العباد، وجعلهم مطفئون بنور توحيده نار الإلحاد، وصلى الله على خير من مشى فوق الأرض المهاد، ونشأ تحت السبع الشداد، محمد مجد الأمجاد، وعلى وصيه علي الرفيع العماد الطويل النجاد، صفوة الركع السجاد، وعلى الأئمة من ذريته غيث البلاد، المشار إليه بقوله سبحانه: { إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} .
معشر المؤمنين.. جعلكم الله بعلائق الدين متعلقين، ومن خشية ربهم مشفقين.
إنه وقع إلى أحد دعاتنا تصنيف صنفه ابن الراوندي عن السنة البراهمة في رد النبوات، وإبطال مراتب من أقامهم الله لتبليغ كلامه ورد الرسالة، فأجاب عنه بما رماه بقاصمة الظهر إبطالاً لما أتى به من صريح الكفر.
ونحن نقرأه عليكم، ونسوق فائدته إليكم بمشيئة الله وعونه.
قال: بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله الناجي من استدل عليه بأنبيائه عليهم السلام، فهم له مسلمون، المستبصر من طلب الاستبصار من جهتهم إذ الملحدون عنهم عمون، الموضح سبيل الهداية بهم { ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون}، وصلى الله على من ختمت نبوتهم به خاصة، وعليهم عامة، وعلى التابعين لهم بإحسان الذين لهم ذرية إيمان.
أما بعد، فإن وقع إلينا رسالة عملها ابن الراوندي، وسماها الزمردة ونسبها إلى البراهمة في دفع النبوات، وذكر فيها حججاً يحتج بها مثبتوها في إثباتها، وحججاً يحتج بها نافوها في نفيها، فوقع الغنى عن إعادة قول المثبتين، الذين هم إخواننا في الدين، ووجب اقتصاص أقوال النافين، والإجابة عنهم بما نستمد التوفيق فيه من رب العالمين سبحانه.
ذكر أن البراهمة يقولون: إنه قد ثبت عندنا وعند خصومنا أن العقل أعظم نعم الله سبحانه على خلقه، وأنه هو الذي يعرف به الرب ونعمه، ومن أجله صح الأمر والنهي والترغيب والترهيب.
فإن كان الرسول يأتي مؤكداً لما فيه من التحسين، والتقبيح، والإيجاب، والحظر، فساقط عنا النظر في حجته وإجابة دعوته، إذ قد غنينا بما في العقل عنه، والإرسال على هذا الوجه خطأ، وإن كان قد جاءنا بخلاف ما في العقل من التحسين، والتقبيح، والإطلاق، والحظر، فحينئذ يسقط عنا الإقرار بنبوته، هذا نص كلامه، الجواب وبالله التوفيق.
أما قوله: ثبت عندنا وعند خصومنا أن العقل أعظم نعم الله سبحانه على خلقه، فنقول إن قطع على قول لم يحرره وذلك أن العقل الكامن في الصورة البشرية كمون النار في الزناد، فلو بقي ما بقي في مضماره عادماً لمن يستخرجه ويستدرجه لم يقع انتفاع به كالنار الكامنة في الحجر، والحديد لا يستنفع بها ولا يخطئ بطائل من خيرها ما عدمت القادح.
والذي يقع من العقل المكمن في الصورة الآدمية موقع قادح الزناد الأنبياء صلى الله عليهم الذين دفعهم هذا الدافع، وأنكر مقاماتهم، فهم أولى أن يسموا عقلاً لاستخلاصهم العقول من الصورة البشرية، وإخراجهم إياها من حد القوة، وهو نعم الله سبحانه على خلقه، والذين بهم يصل العبد إلى معرفة ربه، فليعكس المسألة يرى فيه خيراً كثيراً، وسوى هذا فيقال للمدعي أنه بجناح عقله يجد في آفاق المعارف مطاراً، أو يقيم لنفسه من المجد بمعرفة مغيبات الأمور مناراً.
معلوم أن صورتك الجسمية مخلوقة مهيأة للنطق، مقصود بها ما يقصده صانع البوق، والأشياء المصونة في صنعته من تجويف أو توسيع موضع وتضييق موضع، وتخليص الصوت من ضيقة الحلقوم، وتقبله باللهاة، والعبارة عنه باللسان، وتفصيله بالشفتين، وتصير الأسنان عوناً عليه.
فيا من أزيحت علته في هذه الأدوات كلها، ما منعك عن أن تقوم بعد ذلك من تلقاء نفسك متكلماً، وعن مستدرج الكلام الذي هو أقرب متناولاً إلا بمنهض، فكيف تنهض بعقلك إلى معرفة التوحيد ومعالم الدار الآخرة إلا بمنهض له، وذلك المنهض هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي تنكره وتجحد نبوته، وتقول في عقلك ما بغي عنه.
وكلام آخر معلوم، إن البصر صنع الله سبحانه في ظاهر الصورة يبصر به الإنسان مبصرات الدنيا، والعقل صنعه الله سبحانه في باطنها يبصر به الأمور المعقولة الغائبة عن الحس.
وتأملنا البصر إذا قام ليبصر لا ينهض بنفسه إلا بحامل يحمله خارج عنه من ضوء شمس، أو قمر، أو نار، وإذا عدم الحامل من هذه الأصناف المذكورة لم يبصر شيئاً، وإن كان في غاية الصحة والقوة، فوقع الحكم من ذلك، على أن العقل إذا نهض للمعالم الخفية عن الحس، احتاج كذلك إلى حامل يحمله، ونور خارج بإزاء الشمس، والقمر، والنجوم، والنار، وإلا لم يجد نفوذاً في أقطار سماء المعلومات، وإن كان العقل في غاية الصحة والقوة، فذلك النور الخارج الحامل للعقل، والمريش لسهمه والمنفذ له في أقطار السموات والأرض، هو النبي صلى الله عليه وسلم أنت له منكر وبه جاحد.
وسيتلى عليكم ما بقي فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله من التابعين للأدلة، كما جعلكم نخبة أهل الملة، والحمد لله الذي هدانا لقصد السبيل، وعصمنا من الضلال والتضليل، وصلى الله على رسوله المبعوث بالحق المبين، والكتاب المستبين، محمد الشافع في أمته يوم الدين، وعلى صنوه ابن عم الرسول، وزوج البتول علي ابن أبي طالب صاحب التأويل، وعلى الأئمة من ذريته الأبرار الرفيع الأقدار، وأعراف الله بين الجنة والنار، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:24 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الثامن عشر
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا بمحمد صلى الله عليه وسلم{ الصراط المستقيم}، وأتاه { سبعاً من المثاني والقرآن العظيم}، وجعله{ لسان صدق} أبيه إبراهيم، وأيده بوصي جعله لأمثال شرعه الترجمان، يتوجه نحوه معنى القول من { بسم الله الرحمن الرحيم* علم القرآن* خلق الإنسان* علمه البيان} علي ابن أبي طالب الذي هز أعطاف المنبر إذا أطلق من فرقه اللسان، وزلزل منكب الميدان إذا رفع الله لهم المكان، بوارثة جدهم العز والسلطان.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله ممن إذا استعان به أعان، وزادكم بصيرة بنور الإيمان.
قد أتاكم شعبان شهر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عظم الله شأنه، وأعلى على مكان الأنبياء مكانه، بشيراً بين شهر رمضان الذي هو شهر الله سبحانه، فظهروا أجسامكم في هذه الأشهر المباركة من دون المعاصي، وتحرزوا بالعبادتين العلمية والعملية لمرضاة مالك النواصي، ولا تمرن بكم ساعاتها ساعة إلا وقد طرزت أكمامها من طاعتكم طاعة.
وقد سمعتم ما قرأ عليكم من الجواب فيما احتج به ابن الراوندي في إبطال النبوات، وتعطيل المرسلات، ووعدتم بسوق باقيه إليكم، من الاغترار بفساد المفسدين، وإلحاد الملحدين، وتثبيتاً على ما تستوجبون به نعم الله تعالى الباطنة والظاهرة، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
قال المجيب: معلوم أن الناس متفاوتون في عقولهم تفاوتاً عظيماً، فقوم نسناس لهم من الإنسانية صورتها فقط، وقوم سكان جبال ومواضع غامضة ورعات غنم وبقر، وهم أصلح حالاً في قربهم من مسكت العقل، وقوم هم عامة البلدان، وهم اقرب حالاً في قربهم من خواص، وقوم علماء وأخيار، فلا يزال الشيء يخلص وينسيك حتى ينتهي إلى الصفوة التي لا يشوبها الكدر، وهم الأنبياء عليهم السلام الذين تنكرهم أيها الجاحد، وتجحد مقاماتهم، فهم يقبلون على تابعيهم في استخلاصهم من الكدر، وإحالتهم إلى جوهر الصفاء، ويؤثرون فيهم تأثير الجمر في الفحم الأسود المظلم، بإحالته إلى جوهره، وإفادته من نوره وتخليصه من سواده، وفي بعض هذا الجواب بلاغ لمن انتهج مناهج الطرد دون من طبع الله على قلبه، وجعل على بصره غشاوة.
وأما قوله :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بما كان منافراً للعقول مثل الصلاة و غسل الجنابة ورمي الجمار والطواف حول البيت لا يسمع ولا يبصر العدو بين حجرين لا ينفعان ولا يضران وهذا كله مما لا يقتضيه عقل فما الفرق بين الصفا والمروة إلا كالفرق بين أبي قبيس وحري وما الطواف على البيت إلا كالطواف على غيره من البيوت وقوله بعد ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم شهد للعقل برفعته وجلالته فلم أتى بما ينافره أن كان صادقا فنقول وبالله التوفيق.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه الله سبحانه لينشئ النشأة الآخرة، كما أن الوالدين ينشئان أولادهما النشأة الأولى فتعتبر أحوال الوالدين وأفعالهما بمواليدهم وتحمل قضية الرسول صلى الله عليه وسلم وزنها بميزانها .
وقد وجدنا الوالدين موضوعهما قطع الأولاد عن العادة البهيمية وكسبها الأخلاق الإنسانية استخلاصا للنطق منهما، وهو ما يقع الفرقان به بين البهائم وبينها وإفادة للحياء وحسن الشمائل التي لا قبل للبهائم بمثلها، ولو أنهم كفوا عن رياضتهم هذه الرياضة لخرجوا أشباه البقر والغنم .
ثم نقول : إن الأنبياء عليهم السلام، يسلكون بتابعيهم الذين ينشئونهم النشأة الثانية للدار الآخرة مسلك الآباء والأمهات بأولادهم، فيخرقون عليهم العادات الطبيعية، ويعلمونهم الأخلاق الملكوتية، ولما كان خارجا عن العادات الطبيعية أن يقوم أحد إلى الطهارة، ويتوجه إلى قبلة، ويقوم بصلاة، يقصد بجميعها عبادة ربه سبحانه .
أوجب الرسول صلى الله عليه وسلم، ذلك كله خرقا للعادات الطبيعية، وتمييزاً للصور البشرية، بأن تقوم كل يوم وليلة خمس أوقات لعبادة ربها،وللاعتراف بمعبودة معبودها، والاستمداد من رحمة ربها، وأوجب عليها زكاة مالها، ليعود بفضل ما عند غنيها على فقيرها خرقا للعادات البهيمية، وأوجب عليها أن تصوم شهر عبادة لربها، وخرقاً للعادات البهيمية العاكفة طول زمانها على علفها، وأوجب عليها حج بيت الله الحرام .
ومثل ذلك على من يريد الوصول إلى محبوبه، فيحتاج أن يقطع إليه الشقة، ويحتمل دون الوصول إليه المشقة، وجعل فيه الإحرام والإحلال، و الطواف، والسعي، والوقوف بعرفات، وغير ذلك أوضاعا حسنة حكمية يعرفها الراسخون في العلم، خلاف ما ظنه هذا الملحد فقال فيه ما قال، وفيما أوردناه كفاية لمن كان منصفا لنفسه، محكما لعقله.
وسنورد عليكم ما بقي من السؤال والجواب فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن يستعيذ به من الشيطان الرجيم، ويمشي بالاستدلال بأدلة دينه سويا على صراط المستقيم، والحمد لله الذي عز عن مسمى الأوهام، وعلا عن معرج الأفكار إليه والإفهام، وصلى الله على نبيه المختوم به النبوة أحسن الختام ،محمد خير الأنام، وعلى وصيه القرم الهام وكشاف الكرب العظام، وعلى الأئمة الصفوة الكرام، وسلم تسليما .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:25 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس التاسع عشر
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مبدع "ذو العرش المجيد"، الذي خرس اللسان عنه في تجريد التوحيد، إذا كان أحد ما ينعت به من نعوت العبيد، وصلى الله على أشرف من لاح له بأرق الوحي والتأييد، محمد صاحب المقام المحمود، وعلى صنوه العميد، وباعه المديد، وبأسه الشديد علي ابن أبي طالب صفوة العلي المجيد، وعلى الأئمة من ذريته السادة الصيد الأمجاد الأجاويد .
معشر المؤمنين .. جعلكم الله ممن وفقهم للقول السديد والفعل الرشيد .
قد سمعتم ما قرأ عليكم من أسئلة الملحد وأجوبتها ما يهتك أستار الملحدين، وينظم شمل أبناء الدين، المهتدين بالأنبياء عليهم السلام المؤيدين .
ونحن نتلو عليكم ما بقي من السؤال والجواب، بما نسأل الله تعالى الهداية فيه للرشاد والصواب .
قال الملحد في شأن المعجزات والدفع في وجوهها: إن المخاريق شتى وإن فيها ما يبعد الوصول إلى معرفته، ويدق عن المعارف لدقته، وإن ورود أخبارها بعد ذلك عن شر ذمة قليلة يجوز عليها الموطأة في الكذب .
فالجواب عن ذلك : إن المحقين لا يستصحوا النبوات الأمن المعجزات العلمية، دون تسبيح الحصى وكلام الذئب، وغير ذلك مما هو طلبة من قصر باع علمه وفهمه، مشفوعة تلك بالنصوص كما قال سبحانه حكاية عن المسيح عليه السلام : "ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد".
فهذا هو النص الجلي الذي كان ينتقل خبره من واحد إلى واحد، حتى انتهى إلى بحيراء الراهب، الذي كان التقى بأبي طالب وهو مسافر يومئذ إلى الشام، ومحمد صلى الله عليه وسلم في صحبته، فقال له ابن أخيك هذا هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي بشر به المسيح عليه السلام، فاحذر عليه من اليهود آن يغتالوه.
فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم.. تسرع إليه سلمان الفارسي من فارس مسلماً له، ومؤمناً به من دون معجزة أقامها، وآمنت به خديجة ابنة خويلد، وعلي ابن أبي طالب، وأبو بكر ابن قحافة، ولما أظهر يومئذ معجزاً وهذه عمدة النبوات وقانونها.
وأما تسبيح الحصى وكلام الذئب، وما يجري مجراهما، فلا ينكره العقول فإن كانت نفسه أشرف النفوس، فجسمه بمجاورة نفسه أشرف الأجسام، ومن كان في نفسه وجسمه بهذا الكمال في الشرف، لم يكن مستحيلاً أن يصدر عنه ما يخرق العادة من إعجاز لأقبل للبشر بمثله.
وأما قوله في القرآن أنه لا يمتنع أن تكون قبيلة من العرب أفصح من القبائل كلها، وتكون عدة من تلك القبيلة أفصح من في القبيلة، ويكون واحداً من تلك العدة أفصح من تلك العدة، إلى حيث قال وهب أن باع، فصاحته طالت على العرب، فما حكمه على العجم الذين لا يعرفون اللسان، وما حجته عليهم، فالجواب عن ذلك.
إن الكلام ألفاظ مقدرة على معان ملائمة لها، والكلام كالجسد، والمعنى فيه روحه، ومعلوم أن الأجساد من حيث كونها أجساداً لا تتفاوت تفاوتاً كبيراً، فإنها وإن رجح بعضها على بعض من حيث استقامة النظام، وحسن الهندام فهو أمر قريب.
وليس كذلك التفاوت من جهة النفوس التي هي المعاني، فإن نفساً واحدة تقع بوازن الخلق كلهم من حيث افتقار النفوس إليها والحاجة إلى الامتياز منها، والقرآن فهو كلام، هو بمثابة الجسد، ومعناه روحه الذي كنى الله سبحانه عنه بالحكمة، فلم يذكره في موضع من الكتاب إلا قرنه بالحكمة.
وقد قاربت أيها الخصم بالإقرار بكونه معجزاً من حيث لفظه للعرب الذين هم أهل اللسان ، ثم أردفته بقولك فما الحجة على العجم الذين ليسوا من اللسان في شيء.
فنقول إن في معناه المكني عنه بالحكمة التي قدمنا ذكرها، ما يقوم به الحجة على كل من تفتق بالكلام لسانه على جميع اللغات وسائر العبارات، والحجة فيه أن ما كان ظاهره الذي هو بمنزلة الجسد الذي لا يتفاوت بعضه على بعض كثير تفاوت بهذه المثابة من الإعجاز.
فما يقال في معناه الذي هو بمنزلة نفس شريفة تفتقر النفوس إليها كلها، فأين موقعها من الإعجاز.
وسيتلى عليكم ما بقي فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن انتفع بسمعه وبصره، وجرى من الدين على أحسن منهاجه وسيره.
والحمد لله الذي علا أن يكون موهوماً، وسمى عن أن يكون معلوماً أو موسوماً، وصلى الله على من جعله للعالمين نذيراً وأقامه في سماء الدين( سراجاً وقمراً منيراً)، محمد الشفيع لأمته يوم يجد كل امرأ كتاب عمله منشوراً، وعلى وصيه وترجمان دينه ومظهر حججه وبراهينه علي ابن أبي طالب، خارق الصفوف في يوم صفينه، وعلى الأئمة من ذريته الأطهار الذاكين الأخيار أعراف الله بين الجنة والنار، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:48 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس العشرون
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي اطلع بالأئمة من آل محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم، من سماء الرسالة نجوماً جعلهم لشياطين الملحدة والزنادقة رجوماً، فلا يغلب قدر الله تعالى في اصطفائهم غالب، فإن طلب إدراك شأوهم فيما لهم من المادة الآلهية تعب طالب{ لا يسمعون إلى الملاً ويقذفون من كل جانب* دحوراً ولهم عذاب واصب* إلا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب }.
وصلى الله على أبهر الأنبياء برهاناً، وأظهرهم شأناً وأرفعهم عند الله مكاناً، محمد الذي أنزل عليه قرآناً، وعلى وصيه سيف التنزيل، ولسان التأويل، علي ابن أبي طالب صنو الرسول، وكفو البتول، وعلى الأئمة من ذريته أعلام الشريعة، وشفعاء الشيعة، الذين اختصهم الله في الإمامة بالدرجات الرفيعة.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله للحق تبعاً، كما أبانكم عن الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعاً.
قد سمعتم ما قرأ ما ألقي إليكم من كلام الملحد والجواب عنه ما ينفي الشبه ويخلي العمى والعمه، ووعدتم بسوق ما بقي بعد ذلك إليكم وإفاضة العائدة عليكم.
قال الداعي في الجواب عن رد الملحد على آية المباهلة وأشباهها، ومعنى قوله سبحانه:{ فتمنوا الموت إن كنتم صادقين}، وما يجري هذا المجرى من الآيات التي ذكرها إن كانت معانيها مستقرة بينه وبين خصمه، كان له الطريق للرد عليها والدفع في وجهها.
فإن قال خصمه إن معانيها غير ما تضمنه لشرط حسابك بطل الرد كله وضاع تعبه، وكمثل ذلك حكم رده على قوله جل جلاله:{ وما كنت تتلو من قبله من كتاب} الآية، وما تعلقه بقوله:{ لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله}، فإن ذلك رجماً بالغيب لا قطعاً على ما يريد كونه، فمن حرص الخصم على الرد ساق تأويل المنامات في جملته غير معتبر، وموضع الغيب في ذلك ظاهر.
وأما قوله في رد المعجزات التي من جملتها حديث الميضأة، ومشاة أم معبد، وحديث سراقه، وكلام الذئب، وكلام الشاة المسمومة، وما قاله من أن النبي دفع في وجه ملتين عظيمتين متساويتين اتفقتا على صحة قتل المسيح عليه السلام وصلبه فكذبهما، وإذا كان سائغاً أن يبطل ذلك الجمهور العظيم المتكاثر العدد وينسبهما إلى الإفك والزور، وكان رد الشر ذمة القليلة من ناقلة هذه الأخبار عنه أمكن وأجوز بحجة الوضع الذي وضعه، والقانون الذي قننه في المباهتة والمكابرة، فالجواب عن ذلك.
إننا كنا سقنا إلى القول في شأن هذه الأمور وكونها مستغنى عنها عند خواص الناس، وأن سليمان الفارسي رحمة الله عليه شق إليه أعطاف الأرض لما كان عنده من الأعلام من دون أن طالبه بمعجزة، وأن خديجة ابنة خويلد، وورقة من نوفل، وعلي ابن أبي طالب، وأبا بكر ابن أبي قحافة، سبقوا إلى إجابة دعوته بلا سبب من هذه الأسباب كلها، وقد غنينا عن الارتكاض في تتبع كلامه في ذلك باباً باباَ، وإجابته عنه فقد أجبناه جملة واحدة.
وأما قوله: أنه دفع في وجه ملتين عظيمتين اتفقتا على تضادهما في صحة قتل المسيح عليه السلام وصلبه، وكذبهما على كثرة العدد، ووفور السواد فتكذيب مجمله الأخبار معجزاته أولى وأولى أخذاً على منهاجه وبناء على أساسه.
فالجواب عن ذلك قول القائل: وكم من عائب قولاً صحيحاً وافته من الفهم السقيم موضوع كلام المتكلم، كون المسيح بشراً يأكل الطعام في مضماره وجوب الموت والقتل عليه، وجميع ما يعرض للصورة البشرية.
قال القائل- ولم يقل في مضمار قول القائل- أنه كان إلهاً نفى الموت والقتل عنه، قال أم لم يقل، وقول الله تعالى: { وما قتلوه وما صلبوه} .
وأخبار عن حقيقة حاله، أن عبد الله سبحانه حي مرزوق، يوافق ذلك قوله في موضع آخر: { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون}.
وهو كما قدمنا ذكره عن أخبار عن حقيقة حالهم دون مجازهم، والعقلاء يطلقون القول على العالم الفاضل العاقل أنه حي، وإن كان ميتاً وعلى البليد الجاهل أنه ميت وإن كان حياً، إذا كانت الصورة هذه تعلق الملحد بما لا علاقة له به.
وسيتلى عليكم ما بقي فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن نزه عن الشبه دينه، وأخلص فيه يقينه.
والحمد لله الذي احتجب عن درك الأوهام، وقدرته في مصنوعاته خافقة الأعلام.
وصلى الله على رسوله خير الأنام محمد الآتي بدين الإسلام، الداعي إلى دار السلام، وعلى وصيه الصوام القوام، علي ابن أبي طالب أسد الله الضرغام، وعلى الأئمة من ولده الكرام عليه وعليهم وأفضل التحية والسلام، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 7:49 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الحادي والعشرون
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله خالق الإنسان، وفاتق اللسان منه بالبيان، فهو بجسمه مشقوق من طينة الأنعام، وبنفسه متجوهر بجواهر الملائكة الكرام، فإن صبا إلى الأعلى لحق بالأعلى، وإن آثر الحياة الدنيا لحق بالسفلى، يقول الله سبحانه ذاماً لمن نكس صورته من الجاهلين: { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم* ثم رددناه أسفل سافلين}.
وصلى الله على أشرف ذوي إحساس حساً، وأجل ذوي النفوس نفساً، محمد الطالع من سماء الرسالة شمساً، وعلى قمره المنير وصي دينه والوزير، علي ابن أبي طالب المفروضة طاعته في يوم الغدير، وعلى الأئمة من ذريته السادة القادة، الشهداء على الناس من قبل عالم الغيب والشهادة.
معشر المؤمنين.. حباكم الله من فضله بالزيادة، وختم أعمالكم بالسعادة.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من مناظرات الملحد والإجابة عنها بما يرميه{ بحجارة من سجيل}، و{ويجعل كيده في تضليل}، وأنتم تسمعون باقي أسئلته وأجوبتها.
قال الملحد: إن الملائكة الذين أنزلهم الله تعالى في يوم بدر لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، بزعمكم كانوا مغلول الشوكة، قليل البطشة على كثرة عددهم، واجتماع أيديهم وأيد المسلمين، فلم يقدروا على أن يقتلوا زيادة على سبعين رجلاً.
وقال بعد ذلك: أين كانت الملائكة في يوم أحد لما توارى النبي صلوات الله عليه من بين القتلى فزعاً، وما باله لم ينصروه في ذلك المقام.
فالجواب عن ذلك أن الكلام خاص وعام، وأن العوام الذين لا يعرفون غير الجسام والأشخاص إذا خوطبوا على جوهر الملائكة وتعريهم من الطين وتجردهم عن الأشخاص تخيلوا وتزلزلوا.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثاً إليهم ومندوباً لسياستهم، فلا بد له من أن يكلمهم بما يعرفون، وعلى حسبما تسعه قوة قبولهم وإحتمالهم، ويدرجهم قليلاً قليلاً إلى كلام الحقائق، وعلم الدقائق، وهذا من جلالة النبوة والنبي صلى الله عليه وسلم بأن يتكلم بلسان واحد، فيأخذ منه العاقل بنصيبه والجاهل بنصيبه، وقد رفعهم الملحد من حيث أراد أن يضيعهم، ليجعل{ الله كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا}.
وفي ذلك أعني من حديث الملائكة من أسرار الحكمة ما هو خاف عليه، ومعلوم أن القادر على قبض الأرواح مستغنٍ عن أسرار السرايا للمقابلة وإنما هذه رموز.
وأما قوله في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن البيت المقدس، وإعطائه علامته للناس أنه مخرق بذلك يمكن مسيره إليه من مكة ومشاهدته له، والعود من ليلة أقرب المسافة بين مكة وبينه، فالجواب، أن بصيرة الملحد في علومه مثل بصيرته بالطريق ما بين مكة وبين القدس، وكفى بذلك جهلاً وسخطة عين.
وأما حكايته عن بعض دافعي النبوات، إن الكلام مستملياً عن الوالدين صاعداً قرناً فقرناً إلى ما لا نهاية له، فليس للخلق أول، فهذا كلام من ترقى من حد دفع النبوات إلى القول بقدم العالم، ويشبه ذلك بأصوات الطيور وبلوغها أعراضها فيها، وأنه إذا كان موجوداً في الطيور ما يفعل ذلك كان في الناس أمكن وجوداً.
فهذا تشبيه باطل، لأن أصوات الطيور وسباحة الأوز، وتعلق الطفل المرضع بالثدي، مما ذكر جميعها طبيعة فيها، والكلام لا يصح إلا بمكلم ومفهم وهذا غلط كبير.
وأما قوله لمن يقول بالنبوة خبرونا عن الرسول كيف يفهم ما لم تفهمه الأمة.
فإن قلتم أنه بإلهام ففهم الأمة أيضاً بالإلهام، وإن قلتم بتوقيف فليس بالعقل توقيف عن ذلك، أن جسد الإنسان أكثره لحم، وقلبه لحم يجانس جملة جسده باللحمية، غير أن بيت الحياة والفضل وعنه تنتشر الحياة في الجسد كله، وهذا أمر مشهور، وكذلك مثابة الرسول صلى الله عليه وسلم في الناس محله محل تلك القطعة اللحم من الجسد كله التي هي أميره ورئيسه، وبيت حياته، ومستمدها من معدنها ومفرقها فيه، وفي أعضائه وأعضاله.
وأما قوله: في النجوم أن الناس هم الذين وضعوا الأرصاد عليها حتى عرفوا مطالعها ومغاربها، ولا حاجة بهم إلى الأنبياء في ذلك، فلو كان الناس قادرين على مثل ما قاله لما كانوا قاصري القدرة عن الكلام، فهم عن وضع الأرصاد على نجوم السماء أعجز، لولا أن النبي الذي يخبر عن السماء.
وسيتلى عليكم ما بقي فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن نزهه عن الشرك والشك، وفرق بينه وبين أهل الزور والإفك، والحمد لله الذي نزل بالحق قرآنه، ووضع للقسط ميزانه، وصلى الله على رسوله الذي شيد في الرسالة بنيانه محمد الذي رفع فوق مكان الأنبياء مكانه، وعلى وصيه الذي وقاه بنفسه في الكربات وصانه، علي ابن أبي طالب الذي أتاه الله من لدنه سلطانه، وجعله بين الحق والباطل فرقانه، وعلى الأئمة من ذريته الذين جعلهم فروع المجد وأغصانه، أئمة يلي كل منهم في زمانه زمان، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 9:47 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الثاني والعشرون
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل موضوع الدنيا على الصفو والإكدار، والتأليف بين الأطهار والأقذار، والمتقين والفجار، لعلة أوجبت تكونها في هذا المضمار، فلا يحيط بها علماً { أولي الأيدي والأبصار} المستمدون من مشكاة الأنوار، وصلى الله على أرفعهم قدراً في الأقدار محمد المصطفى المختار المبعوث بالأعذار والإنذار، علي الكرار قسيم الجنة والنار، وعلى الأئمة من ذريته الأبرار ذوي المجد المتعال المنار.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله من المقتفين منهم للآثار، والملتقين لأوامرهم بالإثمار.
ورد في الأخبار، أن الغول خلق يغتال الناس ويهلكهم ويرمي بهم في الأجراف والآبار، وأن كثرة باسه على الأعزاب والصبيان، وجاء في الخبر تصديق ذلك: لا تغول الغيلان إلا الأعزاب والصبيان، وقالوا إن السبب في ذلك أن تظهر في صورة المرأة الحسناء، وتعترض للأعزاب فتحركهم الشهوة فيتبعونها فتنكب بهم عن الطريق الجادة إلى المجاهل حتى ترميهم في البئر أو الجرف.
ويؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إذا تغولتكم الغيلان فآذنوا بالصلاة يهديكم إلى الطريق)، وهذه كلها أمثال مضروبة والمعني فيها أهل الإلحاد والزنذقة الذين يغتالون الناس بصدهم عن سواء السبيل ورميهم في أطباق جهنم، والمعنى في القول: ( إن أكثر سطوتهم على الأعزاب والصبيان أنه يتبع من لم يثبت له قدم من جهة العلم، فهو ذو صبوة وحداثة في دينه، وأما ما تمثله بالمرأة الحسناء، فإنه عنى به أن تمثل له صورة الدنيا التي تشبه بالمرأة الحسناء، والأعزاب طالبوها ومشتهون لها.
ويقال في الخبر أن المسيح عليه السلام اعترضت له الدنيا في صورة إمرأة حسناء، ذات حلل وحلي وجمال.
فقال لها: ما أنت؟.
قالت : أنا الدنيا.
قال: وما هذه الخرق؟.
قالت: هي زخار في أغربها أزواجي وخطابي.
قال لها: انظري هل أنا من جملة أزواجك وخطابك؟.
فقالت: لا.. ولكنه لابد لك من نظرة إلي.
قال المسيح عليه السلام قد طلقتك ثلاثاً.
قال أهل التفسير: عنت بقولها لا بد من نظرة إلي، عنت أن طعامك وشرابك وثيابك كله مني.
وكمثل ذلك فإن مولانا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام: ( يا دنيا طلقتك ثلاثاً)، أوردنا ذلك كله تأكيداً لقولنا: لا تغول الغيلان غير الأعزاب والصبيان.
فأما قول رسول الله صلى الله عليه وسلمSad إذا تغولتكم الغيلان فآذنوا بالصلاة تهتدوا للطريق).
فالمعنى فيه أنه إذا اعترض لكم ملحداً وزنديق واحد من رؤساء أهل الضلالة أن يبعدكم عن سواء السبيل فآذنوا بالصلاة، يعني عودوا إلى فناء الدعوة التي هي دعوة الحق، والمؤذنين الذين هم الدعاة إلى الله بإذنه والعلماء الربانيين، تهدوا إلى الطريق وترشدوا وتعصموا من كيد الشيطان.
وكان أورد عليكم من كلام الملحدين الرواندي، والجواب عنه ما بقيت منه بقية يسيرة، ووعدتم بسوقها إليكم، وإيرادها عليكم.
قال ابن الراوندي على سبيل الهزاء أن يلزم من يقوم بالنبوة أن ربهم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعلمهم صوت العيدان، وإلا فمن أين يعرف أن أمعاء الشاة إذا جفت وعلقت على خشبة، فضربت جاء منها صوت طيب، فالجواب عن ذلك، أن الغرض في هذا القول الشناعة القبيحة، وإلا فالشيء موضوع أصل قوي.
قال بعض الحكماء: لا يصح أن يحصل عندنا شيء، لما يكن له أصل موجود في الخلقة، فإنه لما كانت للحركات أصوات أوجب أن يكون حركات الأفلاك، التي هي أصل الحركات أطيب الأشياء أصواتاً، فإن الأغاني استنسخت منها، وقدرت على هيئتها بالحكمة المستفادة من الأنبياء عليهم السلام، وإلا فمن أين وقد سقنا جواب الرسالة الموسومة بالزمردة، وهي خزفة مكسوة، حسبما فتح الله لنا فيه.
ونحن نقول قولاً يشهد الله سبحانه على حقه وصدقه: أن الراوندي الذي عمل الرسالة مصيبة بعقله، أعظم من مصيبته بدينه فإنه تتبع الأنبياء عليهم السلام، الذين هم ملوك الديانات بالنقص، ومعلوم على أنهم لو كانوا على ما يقوله الملحدون مبطلين في النبوة لكان فيهم من المنفعة الظاهرة في سياسة الخلق، وتحصين دماءهم وأموالهم، ومنع قوتهم عن ضعيفهم ما يمنع عن تنقصهم وسلبهم، وتوكيل هذا الملحد عن البراهمة في هذا الباب بزعمه لا يوجب له منهم ثواباً في الدنيا ولا في الآخرة، بل المحصول منه إحداد شفار القتل لنفسه لو كان حياً، وألسن اللعن والخزي إليها ميتاً.
فإن الذي أتعب خاطره وسره في شيء يكون نتيجته في الحياة الذل والقتل، وفي الممات الخزي واللعن لخاسر الصفقة ظاهر الشقوة، {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً* الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً}.
جعلكم الله من الملحدين براء، ولأوليائه أولياء، والحمد لله الذي سمك للدين سماء، وشيد له بناء، وصلى الله على من حل في النبوة قرارة المشرف، وتبوأ من المجد في أمنع الكنف، محمد الآتي بمعان مؤتلفة في أقوال مختلفة، وعلى وصيه الذي عنده علم الكتاب وفصل الخطاب، علي ابن أبي طالب أسد يوم الطعان والضراب، وعلى الأئمة من ذريته كهف الولي، وعصرة النجي والنجوم المهتدي بها في ظلمات البحر اللجى، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 9:47 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الثالث والعشرون
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المتعالي عن أن يكون بتحاسين نعوت بريته متحسناً، وبتزاين صفاتهم متزيناً، الممتنع في العبارات ما يكون تناوله به ممكناً.
فالحي والعالم والقادر وما يجري معهم، مما يختص بنعوت خلقه ونعته بها تشبيه لزمهم، وتقصير لحقه، نحمده حمد النافين للصفات عنه، الذين هم من مداحض التشبيه والتعطيل، يحذرون المنافين لمن كنى الله سبحانه عنهم بقوله:{وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون} العارفين بأن الموحد من أخلص بنفي الصفات دينه، وأيقن أن كل موصوف ومتوهم دونه، ونسأله أن يصلي على محمد خير رسول، وصلى الله سبب النجاة بأسبابه، وأودع الحكمة وفصل الخطاب ما أنزله عليه من كتابه، وعلى وصيه علي وارث منبره ومحرابه، أسد الهيجاء في يوم طعانه وضرابه، وعلى الأئمة من ذريته أولي الأمر، المأمور بأن يطاعوا ولهم يسلموا أهل الذكر، المنصوص عليهم بالسؤال عما لا يعلم.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله لهم خير شيعة، وولائهم خير وسيلة إلى ربكم وذريعة.
اعلموا أنه لما كان شرف الإنسان بالحياة، والعلم، والقدرة، والحكمة، والملك، والعظمة، والعدل في القضية، والجود، والكرم وأشباه ذلك قام في نفوس من لم يطل في العلم باعه، ولم ينبسط في دقة الفهم ذراعه بدليل الكتاب والأخبار، إن مجموع هذه النعوت يصلح أن يكون صفة لرب العالمين وخالق سبحانه، وأنهم إذا حلوه هذه الحلي فقد أخلصوا في التوحيد، ووفوا شرط ما يجب على العد للمعبود، وفي ذلك من وصمة تشبيه المبدع الحق سبحانه بخلقه ما هم عنه رقود، ومنهل الشرك فيه مورود.
ونحن نعين على قباحة ما قام في نفوسهم حسنه، وبطلان ما ثبت في صدورهم حقه، ليكون طلبة توحيد الله سبحانه على وجه التنزيه عن مقتضى الضد والشبيه، مستعينين بحول الله وقوته، ومستمدين من علوم من أودعهم خزائن حكمته، فنقول:
إن الناس إلا من عصم الله تعالى أخذوا في معبودهم سبحانه الشبه والقياس من ملوكهم الذين لهم خزائن وأموال، وبلاد، وممالك وجيوش مختلفة، وأرزاق يعطونها على من يقوم لهم بالطاعة، وحبوس وأغلال يتناولون بها من يجاهرهم بالمعصية، وهذا قياس يبطله النقض وتدقيق الفكر، وذلك أن الملك هو من جنس رعيته وجيوشه وجنوده ونظير له في الجسمية والبشرية، فيكثر إعجابه بأن يستخر له عالم كبير، وخلق كثير من أبناء جنسه الذين هم على مثال صورته، وربما وجد فيهم من هو أمثل منه حسناً وبهجة، وحولاً وقوة، وليس خالق الخلق سبحانه من جنس خليقته، ولا الفرق ما بينه وبينهم فرق ما بين الملك ورعيته، ولا إعجاب عنده بتسخرنا له، ونحن بالنسبة إليه أضعف من الذر بالقياس إلينا، فهذا باطل.
ثم أن الملك يريد البلاد والمماليك للتوسع في المال الذي يقضي به شهوات نفسه، ويستكثر معه عدة جيوشه ليذلل بهم رقاب أعدائه، والله سبحانه مستغن عن ذلك، والملك يزخر عطاياه لمن انتفع بخدمته، ويبذل سيفه وسوطه فيمن استضر بعدائيته، والله تعالى منزه عن الانتفاع والاستضرار بأحد، وتشبيهه بالملوك باطل، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
ثم إن أول ما يقال فيه سبحانه، أنه فاعل للعالم وما فيه، والمعلوم من قضيته الفاعل للشيء أن تقوم في ذاته إرادة تؤدي إلى الفعل، وتلك آية النقص وشهوة بلوغ الكمال، وقيام إرادة في الباري سبحانه هي غيره إله ثان يتصرف على حكمه، وتلك الإرادة لا تخلو من كونها قديمة وحديثة، فإن كانت قديمة فهو وهي قديمان معاً، وإن كانت حديثة فهو سبحانه محل للحوادث وذلك يعلل الإلهية.
وقول من قال: أن إرادة الباري سبحانه عرض لا محل له، قول من بطل فروع دينه بأصله لقوله، أن الأعراض لا وجودها إلا في محل، فإذا جاءت إرادة الباري سبحانه التي بها قامت الجواهر والأعراض جعلها عرضاً في غير محل، وتلك سفسطة، وصدر الإرادة عن الباري تعالى التي زعم الزاعم أنها عرض في غير محل ليس تخلوا أنها قامت عن إرادة ثانية، اقتضت الثانية ثالثة، والثالثة رابعة، فتسلسلت إلى حيث لا تنتهي، وإن كانت عن غير إرادة فقد بطل الاختيار وصار الفعل منه طبعاً كالإحراق من النار، والبلل من الماء.
وسنورد عليكم ما بقي من الكلام فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله ممن لا تثلم الشبه في دينه، ولا يعتري الشك يقينه، والحمد لله مفضل أولي الألباب ومرشدهم إلى طريق الصواب، وصلى الله على محمد قبلة نفوسهم، ومنهم الاستضاءة بنوره رافعوا رؤوسهم، وعلى وصيه العالم العلم الحاكم الحكم علي كاسر الصنم، وعلى الأئمة من ذريته أحبار الدين، وقدوة المهتدين، وصمة النجاة للمقتدين، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
مشرف عام



عدد الرسائل : 4437
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/07/2008

3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Empty
مُساهمةموضوع: رد: 3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه    3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 08, 2010 9:48 am

حسبنا الله ونعم الوكيل
المجلس الرابع والعشرون
من المائة الخامسة من المجالس المؤيدية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جل عن نعت العلة والمعلول، وصفة المحسوس والمعقول، وتعالى أن تحكم عليه حاكمات العقول، وصلى الله على من حل في عالم الجسم بعلو قدره وارتفاعه، محل المبدع في دار إبداعه، وعلى صنوه ومطرح شعاعه، وقادح نور البيان من رموزه وأوضاعه، وعلى متفتقي نواره، ومتوقدي أنوره، وأحبار الورى، وأخيار من مر فوق الثرى.
معشر المؤمنين.. جعلكم الله ممن ألبسه لباس التقوى، وخاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى.
قد سمعتم ما قرأ عليكم من ذكر التوحيد، ووروده على صيغة إذا سمعها الذكي والبليد، كان معلوماً لهم، ومرتسماً في أفكارهم، لأنهم وجدوا نسخة ذلك في سلاطينهم الذين لهم البسط، والقبض، والأعطاف، والمنع، والثواب، والعقاب، وهذه المثالة سياسة من الأنبياء للخلق، وتدريج بهم إلى ما يراد من المعنى الصحيح، الذي إذا اعتبره المعتبر، ثم من اقتدى بإمام هاد، علم أن شيئاً مما يليق بصفة العباد، فإنه منتفٍ عن الله سبحانه، وقرآناً عليكم مجلساً في هذا المعنى، ووعدنا أن نسوق الباقي إليكم، وهو قولنا: أن الفاعل لا يفعل فعلاً إلا محتاجاً إلى الفعل وعابثاً، فالمحتاج ناقص، والعابث سفيه.
فلما ضاق خناق المتكلمين بزعمهم في هذه القصة جعلوا الفعل تفضلاً، فما خرجوا من العهدة إذ كان الفضل لا يستحق إلا بالتفضل وهو الحاجة كلها، وهبنا نسلم لهم أنه تفضل على الجنس الآدمي بخلقهم إذ جعل للمطيعين منهم جنة ونعيماً، وهم الأقل، أي تفضل له على النصيب الأكثر ممن علم أنهم يصيرون إلى نار جهنم بعصيانهم ، والتفضل كان على من عرف منهم ذلك أن لا يخلقهم أصلاً هذا ما يتعلق بالجنس الآدمي، ويبطل القول بالتفضل بخلق السماوات والأرض، وهي مما لا يفهم ولا يعقل، فأي تفضل عليهما، وهي عجماء، صماء خرساء.
ثم نعود إلى ذكر ما سموه تفضلاً على البشر، فنحل عقدة تصورهم لذلك ببرهان العقل ونقول، أي تفضل على من خلق مهدفاً لسهم كل بلية، فهو في حين سلامة واعتدال حال أمزجته مبتلي من فورة الجوع تارة والحر تارة، والبرد تارة، بما فيه بلاغ من العذاب فيا حسن حاله لو سلم من الداء فاستغنى عن الدواء.
فأي تفضل على من عيشه كله مرض تلقاه بالمداواة، وجب أننا عددنا ذلك على كون عيوبه شاخصة للأبصار تفضلاً.. أفي التفضل ارتجاع الهبات، والرجوع عن التفضل؟.. أليس المانع بالجمع بالجملة أرضى فعلاً عند الناس من المعطى السالب؟..
أم هل يقوم مقاساة حتى يوم واحد بملك الأرض كلها لو خير لواحد فضلاً عن التقلب في سكرات الموت، وتحمل حسرات الفوت، حاشا للمعبود سبحانه من أهل هذه الهجنة، فقد نفينا أن يتجمل سبحانه بكونه ملكاً، أو كونه فاعلاً، أو كونه متفضلاً،فإن تلك نعوت خلقه فلا يليق نعوت الخلائق بالخالق تعالى.
وأما النعت بالحي، فنقول: إن ذلك يقع على ذات حاملة للحياة، فإذا جمع بينهما كانا اثنين متلازمين، والمبدع سبحانه منزه عن ذلك، نفيت عنه نعت الحي، فقد أوجبت ضده إذ كان الشيء لا يخلو من كونه حياً أو ميتاً، يقال له مسلم إن الشيء لا يخلو من كونه حياً أو ميتاً.
فأما خالق الأشياء فهو منزه عن نعت ما خلقه، وإذا قلنا أن الله سبحانه حي، وأن الإنسان حي، والبهيمة حية فقد أوجبنا مشاركة الإنسان والبهيمة في جوهر الحياة، ولم يبق غير الترجيح بينهم في الكمية والكيفية.
كما أن قائلاً يقول: إني أملك من المال درهما، والملك يملك ألف ألف، فقد اشتركا في امتلاك جنس المال، ولم يبق غير التفاوت في القلة والكثرة، والله تعالى منزه عن الشريك، ثم إذا أطلقنا على الباري سبحانه أنه حي، وجدنا ضد الحي الميت، والله تعالى منزه عن الضد.
وسيتلى عليكم ما بقي فيما يلي هذا المجلس بمشيئة الله وعونه.
جعلكم الله مما نزه الحق سبحانه عن الضد والند، وسلك في سبيل الرشد والمنهج القصد، والحمد لله النافي بأولياء دينه ظلم الشبهات، ومؤيدهم بالآيات البينات، وصلى الله على المصطفى محمد أشرف من ارتدى رداء نبوة وأخذ الكتاب بقوة، وعلى من أخذه له وصياً علي ابن أبي طالب الذي رفعه مكاناً علياً، وعلى الأئمة من ذريته أعلام الهدى وبحار الندى وعصمة شيعتهم من الردى، وسلم تسليما.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
3-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 3انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» 1-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه
» 2-مما تركه أمانة لدي الأستاذ الكبيرهشام الحرك رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه
» الأستاذ هشام الحرك( يانار كوني بردا وسلاما على الاسماعيليين)
» كشف جزء كبير من تاريخ الحشاشين أثناء ترميم قلعة مصياف
» سؤال وجواب /7/ . في الحكم الغيابي بدعوى سند أمانة .

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الباحث الإسماعيلي :: تاريخ الدعوة الإسماعيلية-
انتقل الى: