بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وآله الطيبين الطاهرين
ان حقيقة العدالة ان يغلب العقل الذي هو خليفة الله على جميع قوى النفس ،فالعاجز على اصلاح نفسه
كيف يقدر على اصلاح غيره ، فان السراج الذي لا يضيء قربه كيف يضيء بعيده ،
فلو تصفحت في زماننا زوايا المدن والبلاد واطلعت على بواطن فرق العباد ،لم تجد من الالوف واحدا تمكن من
اصلاح نفسه ويكون يومه خيرا" من امسه بل لا تجد دينا" الا وهو باك على فقد الاسلام واهله ،فهذا هو
الزمان الذي اشار اليه سيد الانام وعترته الكرام (عليهم السلام) من انه
(لا يبقى من الاسلام الا اسمه ولا من القرآن الا رسمه )
فيجب علينا ان يؤدب كل فرد فينا نفسه بارتكاب ما يضاده ،ويشق عليها عقوبة بعد تعييرها وتوبيخها ،مثل
منعها من الشهوات بالصوم ( والصوم المقصود ليس الطعام والشراب بل ضبط النفس على ارتكاب الاهواء من شهوات مثل الزنا والكبر والعجب وجميع شهوات النفس الامارة ) ،واذا وقع عليها غضب مذموم يعاقبها بالصبر عليها او يعرضها لأهانات السفهاء حتى يكسر جاهه .
والكثير منا لا يستطيع ذلك بسبب الكسل، والكسل يؤدي الى انقطاع فيوضات عالم القدس والسعي يوجب ازدياد تجرد النفس وصفائها والانس بالحق ،فتصبح لديه ملكة الصدق لكي يمحي عنه الكذب والباطل حتى يتصاعد في مدارج الكمالات ومراتب السعادات حتى تنكشف له الاسرار الالهية والغوامض الربانية ويتشبه بالروحانيات القادسة وينخرط في سلك الملائكة المقدسة .
ويجب ان يكون سعيه في امور الدنيا بقدر الضرورة ويحرم على نفسه الزائد ، وان يتحرز على ما يهيج الشهوه
والغضب رؤية وسماع وتخيل ، وان يبحث عن الخفايا داخل نفسه ،واذا عثر عليها اجتهد في ازالتها .
مع تحياتي
عليوه