نوار عضو فعال
عدد الرسائل : 19 تاريخ التسجيل : 03/03/2007
| موضوع: الحوار الثقافي الذي لا يقول شيئاً الخميس يناير 24, 2008 12:23 am | |
| «لن أقول لكم، أيها الاثينيون، إلا الحقيقة» سقراط لماذا لا نعرف كيف نتحاور؟.. لماذا لايمكننا اكمال حوار واحد، مع بعضنا البعض؟.. لماذا تبدو كل مناقشاتنا، كما لو اننا ننفخ في قربة مقطوعة، ولا نصل الى أي نتيجة تذكر؟... من المستفيد منا؟... ثم الى متى سنظل نرقع ذواتنا، بكل هذا الجهل المستحكم فينا كإرث ازلي؟... بهذه الاسئلة الاولية، افضل البدء في هذا الموضوع الحساس، والذي من جرائه وصل الانسان العربي، مثقفاً كان او متعلماً او شخصاً عادياً، الى خلق حالة مرضية من عدم الانصات والتواصل والفهم، في تطوير افكاره ورؤاه ومواضيعه المصيرية والخاصة، فما من جلسة او ندوة او أمسية، او نقاش حميمي بين رفاق درب واحد، إلا ويلاك- موضوع النقاش- ويمضغ ويبصق، وتفتح عليه الحنفية، لتجد نفسك فجأة كما لو انك قد اصبحت تتوسط حلبة سرك لمهرجين او مرضى فارغين من أي وفاض، الامر الذي يجعلك- في آخر الامر- ان تتخذ خيارا واحداً من خيارين، فإما ان تشاركهم وتصبح مهرجا او فوضوياً مثلهم، وذلك لتحقيق متع صغيرة تزول فور تحققها، وهذا ما لا ابتغيه لنفسي ابداً، وإما ان تربأ بنفسك تعتصم بعزلتك بعيداً عنهم، بحيث توفر على نفسك - على الاقل - الحوار الصامت والجدي مع ذاتك الشقية والمعذبة على الدوام، فالسجال هو ما يختارونه قمراً لأحاديثهم، وليس الحوار النبيل والحر والذي يفضي الى نتيجة معينة، معتقدين بذلك بأنهم يتحاورون او يقولون شيئاً مهما يحسب لصالحهم. إن ما يسود الشارع الثقافي العربي اليوم، وأنا اقول هذا الكلام آسفاً، هو ظاهرة المساجلة الثقافية الطنانة والرنانة، والتي لا تقول شيئاً سوى مدح نفسها المصابة بعقدة نقص فظيعة، فالمساجلة ليست- كما يعتقد البعض - بأنها الحوار، لأن الفرق ما بين الاثنين كبير جدا،ً فالاولى تعني المفاخرة بالشرف وبالتفوق على الخصم، من جري وسقي وكلام، اي انها أشبه باللعبة، و الحلية التي تستخدمها الجيوش عادة في حروبها، من أجل النصر واثبات التفوق على العدو، فإذا كانت اصل المساجلة لعبة، كما يفصح ابن بري، كانت تجري سقاءين يستقيان من بئر واحدة، فيحمل الواحد منهما«سجلا» اي الدلو العظيمة، فمن جبن منهما وضعف يكون مغلوبا، وهكذا صارت هذه اللعبة مثلاً يضرب للمفاخرة، ألم يقل العرب: بأن الحرب سجال ؟. بينما نجد بأن الحوار له مواصفات وشروط اخرى، غير التي يتصف بها الاول، فهو عندما يبدأ كنشاط ذهني صرف، فإنه لا يسعى الى نصر او ربح او تحقيق اغراض شخصية، وإلا لما شرب معلم الحوار الاول- سقراط- ومبتكر قوانينه الفلسفية، كأس الشوكران القاتلة وهو معدم وفقير،كما ان الحوار يفترض بألا يشوبه صراخ ومهاترات وفجاجة وفوضى، بل هو يأتي متأنياً وهادئاً ومتعقلاً، لأن الهدف من إجراء اي حوار هو الوصول الى معرفة حقيقة الموضوع المطروح، بدون عصبيات او نعرات او عنتريات او احكام مسبقة، فسقراط حينما كان يستوقف المارة ويحاورهم في شوارع اثينا، وجهاً لوجه، كان يقول لهم: إنه لا يعرف شيئاً ، اي أنه كان لا يطرح نفسه كمعلم يعرف كل شيء عن هذا العالم، بل كمتعلم يريد ان يستزيد بمعرفة ما يعرفه الآخر من علوم لهذا، ولهذا وحده كان يفحم الجميع بطريقة الاستدراج الشهيرة لديه، كاشفاً بذلك جهل محاوريه الواحد تلو الآخر. <<< إن الجهل الذي كان يبديه سقراط لمحاوره، لم يكن مصطنعاً ولا هو نوع من التواضع الفج والقميء، بل هو في اساسه ينطلق من جهله للوصول الى حقيقة الشيء المراد كشفه، فأنت عندما تريد ان تعرف شيئاً ما تجهله، عليك ان تعترف بجهلك اولاً، اذ انك باعترافك المباشر هذا تثبت حسن نيتك في استقبال معرفة الآخر، بعقل متحفز وبأعصاب باردة لا تتزعزع، لأن الحوار الذي يجري بينك وبين محاورك، لا يفترض الربح والخسارة، بل يفترض بأنكما- وعبر ما دار من نقاش بينكما- استطعتما الوصول الى نتيجة معينة، ربما قد تغير مجرى حياتك كلها بعد ذلك، فالجهل بالشيء واعترافك بذلك، هو المحفز اصلاً للمعرفة به وباعماقه الخفية. <<< لهذا ولكي يستوعب الفرد طبيعة الحوار، عليه اولاً ان يربي حواره الشخصي بينه وبين ذاته، بحيث لا يتورط في اطلاق احكام اعتباطية كيفما اتفق، بمناسبة او بدون، فمثلما يعمل المرء على بناء جسده بدنياً وصحياً، ونفسياً ومادياً، وذهنياً عليه ايضاً ان يهتم كثيراً بوصفه مثقفاً «عضوياً» يؤمن بشرعية الحوار كمحرك فعلي في بناء كل تغيير مجتمعي، او قومي او شخصي، ولعل من اهم الاسباب المؤدية الى اخفاقاتنا السياسية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية، عربياً تكمن في عدم قدرتنا- حتى هذه اللحظة- في ايجاد صيغة مثلى للحوار الديمقراطي النبيل مكتنزة بالمعرفة والطموح والأمل، لذا فإذا كان للدولة اليد الطولى في اشاعة جو التحاور والاختلاف بين افراد المجتمع الواحد، فإن للتربية الاسرية والمدرسية والجامعية ووسائل الاعلام المختلفة والمؤسسات الثقافية، دوراً لايقل شأناً عن ذلك في بلورة الوعي النقدي لديهم، والذي يؤدي بدوره الى خلق جو من التحاور الراقي والسليم والمعافى ما بين الفئات كلها. <<< ليس الحوار اذاً مجرد كلمة، او تقليعة، او مظهر من مظاهر الترف او الدلع الفكري ، او المراهقة السياسية، بل هو في الصميم سلوك استثنائي يلقى على عاتق كل مثقف حقيقي يؤمن بقضية ما تجاه وطنه وشعبه وأسرته، لأنه - ببساطة - العين المجهرية الكبرى التي ترى ما لايراه الانسان العادي ابداً. د. احمد غنام | |
|
فرح شيت مشرف عام
عدد الرسائل : 2380 العمر : 40 Localisation : syria - Salamieh زهرة البنفسج قلبي تاريخ التسجيل : 02/08/2007
| موضوع: رد: الحوار الثقافي الذي لا يقول شيئاً الخميس يناير 24, 2008 12:44 am | |
| شكرا لك اخ نوار على هذا الطرح للموضوع
ونتمنى ان يصل الحوار الى باب مفتوح وواسع تتوضح فيه المفاهيم المبهمة بالنسبة للاخرين والاهم طريقة الحوار يجب ان تكون بناءة مشكور | |
|
معتز عضو بلاتيني
عدد الرسائل : 182 تاريخ التسجيل : 07/03/2007
| موضوع: رد: الحوار الثقافي الذي لا يقول شيئاً الخميس يناير 24, 2008 9:47 pm | |
| أهلا بالعزيز نوار
أين كنت غائب عنا كل هذه المدة موضوع الحوار موضوع ذو جشون كما يقولون ولكن بدها طولة بال | |
|