[color=black]شكراً أبو دريد العظيم على مساهماتك الرائعة ...
في الحقيقة ارتأيت ان أفرد للشاعر الكبير والمغمور بنفس الوقت ماني الموسوس موضوعاً خاصاً في محاولة مني لإنصافه والتعريف به .. كما ان مشاركاتك في موسوعة الأدباء العرب كانت تضم شعراء حديثين بينما شاعرنا هذا من شعراء العصر العباسي ,
من شعر ماني أيضاً (البحر الكامل):
نشرتْ غدائرَ شعرِها لتظلَّني
خوفَ العيونِ من الوشاةِ الرُّمقِ
فكأنَّهُ وكأنَّها وكأنَّني
صُبحان باتا تحت ليلٍ مُطبقِ
ومترِّفٍ عقدَ النعيمُ لسانه
فكلامه بالوحي والإيماءِ
وكأنما نهكتْ قوى أجفانه
بالرحِ أو شيبتْ من الإغفاءِ
لو صافحَ الماءَ القراح بكفِّهِ
لجرتْ أنامله كجري الماءِ
يرنو إلى نعمٍ بنيِّةِ مسعفٍ
ولسانه وقفٌ على لاءلاءِ
الله يعلمُ أنّني كمدُ
لا أستطيعُ أبثَ ما أجدُ
نفسان لي نفسٌ تضمنَّها
بلدٌ، وأخرى حازها بلدُ
وأرى المُقيمةَ ليس ينفعُها
صبرٌ وليس يُقيمها جلدُ
وأظنُّ غائبي كشاهدتي
بمكانها تجدُ الذي أجدُو
أيضاُ (البحر الوافر):
أرى غيماً تؤلفهُ جنوبٌ
اراهُ على مساءتنا حَريصا
فحزمُ الرَّأيِ أنْ تدعو برطلٍ
فتشربهُ وتكسوني قميصا
وما في الأرضِ أشقى من مُحبٍّ
وإنْ وجدَ الهوى عذبَ المذاقِ
تراهُ باكياً في كلِّ حينٍ
مخافةَ فُرقةٍ أو لاشتياقِ
فيبكي إنْ نأوا شوقاً إليهمْ
ويبكي إنْ دنوا خوفَ الفراقِ
فتسخنُ عينه عند التنائي
وتسخنُ عينُه عندَ التّلاقي
وفي البحر الخفيف:
[color:0060=black:0060]مشَ الماءُ جلدَه الرَّطب حتَّى
خلتهُ لابساًغلالةَ خمرِ
شعرُ حيٍّ أتاكَ منْ لفظ ميتٍ
صارَ بين الحياةِ والموتِ وقفا
قد برتْ جسمه الحوادثُ حتى
كادَ عنْ أعينِ البريّةِ يخفى
لو تأمّلتني لتبصرَ شخصي
لمْ تبينْ منَ المحاسنِ حرفا
زعموا أنَّ منْ تشاغلَ باللـ
ـذَّات عَنْ منْ يُحبهُ يتسلّى
كذبوا والذي تُساق له البـ
ـدن ومنْ عاذَ بالطّواف وصلّى
إنَّ نارَ الهوى أحرُّ من الجمْـ
ـرِ على قلبِ عاشقٍ يتقلّى
لي إلى الرَّيحِ حاجةٌ لوْ قضتها
كنتُ للريحِ ما حييتُ غُلاما
حجبوها عن الرياحِ لأنِّيْ
قلتُ يا ريحُ بلغيهَا السّلامَا
لو رضوا بالحجابِ هانَ ولكنْ
منعوها يومَ الرِّياحِ الكلامَا
فتنفَّسْتُ ثم قلتُ لطيفي
ويكَ إنْ زرتَ طيفها إلمامَا
حيِّها بالسَّلامِ سرَّاً وإلا
منعوها لشقوتي أنْ تناما
ظبيةٌ كالهلالِ لو تلحظُ الصخـ
ـرَ بطرفٍ لغادرتهُ هشيمَا
وإذا ما تبسمتْ خلتَ ما يبْـ
ـدْومن الثغرِ لؤلؤاً منظوما
ولقد قلتُ حين قبَّلتُ منه
مبسماً مثلَ نكهةِ النمَّام
ربّ إنْ كانَ ذا حراماً فإنِّي
أشتهي أنْ تخصَّني بالحرامِ
ربَّ ليلٍ أَمدُّ من نفسِ العا
شقِ طولاً قطعته بانتحابِ
وحديثٍ ألذُّ من نظرِ الوا
مقِ بُدلتهُ بسوءِ العتابِ
شادنٌ وجههُ من البدرِ أَوضا
بعضهُ في الجمالِ يعشقُ بعضا
بأبي منْ يزرفنُ الصَّدغ بالعنـ
ـبرِ في خدِّهِ المورَّدِ عرضا
أينَ للوردِ مثلُ وردٍ بخدَّيـ
ـيك إذا ما قطفتهُ صار غضَّا
ليسَ يعطيكَ ذاكَ منه سوى الشّـ
ـمِّ وهذا يُعطيكَ شمّاً وعضَّا
أتمنّى الذي إذا أنا أومأ
تُ إليه بطرفِ عينيْ تجنّى
أَهيفٌ كالقضيبِ لو أنَّ ريحاً
حركتْ هُدبَ ثوبهِ لتثنّى
عدمتُ جهالتي وفقدتُ حمقي
لقد أخطأتُ وجهَ طريق عشقي
كذبتُ على لساني في مزاحٍ
فقلتُ له ولمْ أنطقْ بحقِ
أنَا الصَّبُّ المُسهّد في هواكمْ
وجنبَّتُ المقالةَ محضَ صدقِ
فبادرَ، حين ملتُ، إلى اعتناقي
بوجه عظايّةٍ ونباحِ سلقِ
وساقيْ صعوةٍ وبخطمِ قردٍ
وريحِ كنائفٍ وبنتنِ شدقِ
ترى ما أخفتا شفتاهُ نحوي
كأنَّ لثاتهُ عُلّتْ بدبقِ
جعلتُ عنانَ ودِّي في يديكا
فلمْ أرَ ذاكَ ينفعني لديكا
وقدْ واللهِ ضِقتُ فليتَ ربّي
قضى أَجلي عليَّ ولا عليكا
فلمْ أرَ عاشِقاً قطّ كمثلي
أغارُ عليكَ مِنْ نظري إليكا
وما غاضتْ محاسِنهُ ولكنْ
بماءِ الحُسنِ أورق عراضاهُ
سمعتَ بهِ فهمتَ إليهِ شوقاً
فكيفَ لكَ التَّبصرُ لو تراه
بكتْ عينيْ غداةَ البينِ دمعَاً
وأخرى بالبكى بخلتْ علينا
فعاقبتُ التي بخلتْ علينا
بأنْ غمَّضتها يومَ التقينا
بنانُ يدٍ تشيرُ إلى بنانِ
تجاوبتا وما يتكلَّمانِ
جرى الإيماء بينهما رسولاً
فأحكمَ وحيهُ المتناجيانِ
فلو أبصرته لغضضتَ طرفاً
عنِ المُتناجيينِ بلا لسانِ